أوزيريس-ريكس.. كيف نجحت ناسا في الحصول على عينات فضائية عمرها 4.5 مليارات سنة
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
لأول مرة في تاريخها، تنجح وكالة الفضاء والطيران الأمريكية ناسا في الحصول على عينات محفوظة جيدًا حصلت عليها أوزيريس-ريكس، وهي مهمة استهدفت دراسة وإرجاع عينات إلى الأرض من الكويكب 101955 بينو (101955 Bennu).
انطلقت أوزيريس ريكس من الأرض في سبتمبر/أيلول 2016 وحلقت أعلى كويكب بينو في ديسمبر/ كانون الأول 2018 وأمضت عدة أعوام في تحليل السطح للعثور على موقع مناسب لاستخراج عينة منه، ثم في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020 وقفت المركبة على ارتفاع حوالي 3 إلى 4 كيلومترات من الكويكب وهبطت لجمع العينات ثم صعدت للأعلى مرة أخرى، ونجحت في جمع عينة مقدارها يتراوح بين 400 غرام وأكثر من كيلوجرام.
ولا تقوم المركبة أوزيريس ريكس نفسها بتوصيل العينات للأرض، بل تمر بالقرب من الأرض لتطلق كبسولة محملة بالعينات فيستلمها المختصون من وكالة ناسا، بينما تكمل المهمة طريقها لدراسة كويكب آخر هو 99942 أبوفيس (99942 Apophis) وتصل إليه في عام 2029.
وبلغت تكلفة المهمة حوالي 800 مليون دولار أميركي، وتعد المهمة العلمية الثالثة لدراسة أجرام المجموعة الشمسية التي تم اختيارها في برنامج نيو فرونتيرز التابع للوكالة، بعد "جونو" التي أرسلت لدراسة المشتري، و"نيو هورايزنز"، التي انطلقت لدراسة بلوتو في 2006 ووصلت يوليو/تموز 2015.
بينو وأصل الحياةوتم استهداف بينو لسبب رئيسي، حيث يمثل الكويكب جزء من البقايا القديمة التي عاصرت الأيام الأولى لنظامنا الشمسي وخلال 10 مليون سنة فقط من نشأته، ولذلك فهو يمثل شكلا من أشكال اللبنات الأساسية التي كوّنت الكواكب الصخرية.
وتقدم صخور بينو نظرة ثاقبة لتاريخنا، وهو وقت مضى عليه حوالي 4.5 مليارات سنة عندما كانت الأرض تتشكل لأول مرة.
ويبلغ عرض الكويكب حوالي نصف كيلومتر فقط عند خط الاستواء، وهو بذلك صغير جدًا، ويحتمل العلماء أن يكون جزء من كويكب أكبر قبل مليار أو ملياري سنة، ثم لسبب ما انفصل عن هذا الكويكب في شكل شظية صخرية عاشت كبداية ضمن حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، ثم انجرفت بالقرب من الأرض منذ ذلك الحين.
ويتمتع بينو بسطح مظلم للغاية ويصنف على أنه كويكب من النوع ب، وهو نوع فرعي من الكويكبات الكربونية التي لم تشهد تغيرا جيولوجيا يذكر منذ نشأتها، وبذلك احتوت على مادة كربونية نقية، وهي عنصر أساسي في الجزيئات العضوية الضرورية للحياة.
وبالفعل سيبدأ باحثو ناسا في دراسة تلك العينات للبحث عن أي أثر للمركبات العضوية مثل الأحماض الأمينية أو قواعد الحمض النووي.
اليابان كانت الأولىولا تعد هذه العينات الجديدة هي الأولى من نوعها في نطاق مهام العودة بالعينات، فقد نجحت المركبة هايابوسا 2 التابعة لوكالة الفضاء اليابانية "جاكسا" في ديسمبر/كانون الأول عام 2020 في إعادة حوالي 5 غرامات إلى الأرض، حصلت عليها من الكويكب "162173 ريوغو".
وفي يونيو/حزيران 2010، أعاد مسبار هايابوسا التابع لنفس الوكالة عينات من الكويكب "إيتوكاوا 24143" إلى الأرض، وعلى الرغم من فشل جهاز أخذ العينات، إلا أن المسبار استعاد ميكروغرامات من الغبار الخاصة بالكويكب، وهي أول عينات تمت إعادتها إلى الأرض في حالتها الأصلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من الکویکب إلى الأرض
إقرأ أيضاً:
دانماركية عمرها 80 عاما وتتظاهر من أجل فلسطين.. تعرف على قصتها
في شوارع كوبنهاغن الباردة لا تتأخر الناشطة الدانماركية أنابيث كرستنسن عن المشاركة في أي مظاهرة تنظم من أجل مناصرة القضية الفلسطينية والتضامن مع قطاع غزة، حيث تجدها في كل فعالية تحمل العلم الفلسطيني وتردد بصوت لا يعرف التعب "فلسطين حرة".
كرستنسن امرأة في الـ80 من عمرها، وظهرت في مقابلة مع الجزيرة نت وهي تعتمر قبعة صوفية بألوان العلم الفلسطيني، ولكن لم تنس أن تضع الكوفية الفلسطينية حول عنقها، مرتدية نظارة طبية تظهر من خلفها عينان تحملان بريق عزيمة لا تخبو رغم السنين.
لكن القصة لم تبدأ في كوبنهاغن، بل في مزارع الزيتون بمدينة نابلس، حيث قضت أنابيث 15 عاما في الضفة الغربية، وهناك عملت متطوعة ضمن فريق الصليب الأحمر الدانماركي، وفي المدارس الخاصة باللاجئين الفلسطينيين، وضمن فرق مساعدات الكنيسة الشعبية والتعاون الدولي.
وتقول عن هذه الفترة أنابيث وكأنها تستعيد كل لحظة عاشتها هناك: "زرعت أشجار الزيتون وقطفته في المنطقة (ج)، حيث لم يتمكن المزارعون المحليون من القيام بذلك بسبب هجمات ومضايقات المستوطنين الإسرائيليين في نابلس".
والمنطقة (ج) تعد أكبر مناطق الضفة الغربية، وتشكلت وفق التقسيم الذي أفرزته اتفاقية أوسلو الثانية عام 1995، وتمثل 61% من مجموع أراضي الضفة، وتسيطر السلطات الإسرائيلية على الإدارة المدنية والأمنية فيها، الأمر الذي مكنها من استغلال المنطقة من أجل التوسع في مشاريعها الاستيطانية، والتضييق على التجمعات السكانية الفلسطينية.
وكانت كرستنسن شاهدة على المعاناة الفلسطينية، حيث لا يستطيع أصحاب الأرض الوصول إليها، فكانت هي تزرع وتقطف نيابة عنهم. ولذلك تقول للجزيرة نت "شهدت كيف يُجبر الفلسطينيون على العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي". وفي كل مرة كانت تعود فيها إلى الدانمارك كانت تحمل معها قصصًا من الظلم اليومي الذي يعيشه الفلسطينيون، وهي قصص حُفرت في ذاكرتها وقلبها.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على قطاع غزة استمر عامين، وأسفر عن استشهاد أكثر من 70 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفًا، وتدمير 90% من البنية التحتية بالقطاع، مما أثار الرأي العام العالمي، وخرجت مظاهرات واحتجاجات عديدة تناصر الشعب الفلسطيني وتدعو إلى وقف الحرب.
إعلانومنذ ذلك التاريخ، لم تُتح لأنابيث فرصة العودة إلى فلسطين، ومع ذلك تؤكد بحزم "لكن التزامي بقضية الفلسطينيين قد تعزز".
وعلى فيسبوك، لدى أنابيث صفحة يتابعها 100 ألف دانماركي من أجل وقف إطلاق النار في غزة، حيث يتبادل المتضامنون المعرفة والنقاش ويعلنون عن الفعاليات التي ينظمونها تضامنا مع فلسطين، كما تتابع منصة "نبض 48" التي تنشر الأخبار المهمة المتعلقة بفلسطين.
وتقول بإصرار واضح "أنا أتابع كل ذلك". وهذه الصفحات أصبحت نافذتها اليومية على فلسطين التي لا تستطيع العودة إليها، لكنها تعيش في قلبها كل لحظة.
وفي العديد من الأماكن في الدانمارك، تشكلت مجموعات صغيرة داعمة لفلسطين، تبذل جهدًا كبيرًا لزيادة الوعي وتحفيز المشاركة في القضية الفلسطينية، وتعددت المبادرات التي تشارك فيها كرستنسن، وتضرب مثلا بمجموعة "كلنا في الشارع من أجل فلسطين حرة"، أو "مجموعة أعلام" التي تقف كل أسبوعين في موقع مروري مزدحم حاملة الأعلام الفلسطينية واللافتات، أو مجموعة "أبواق من أجل فلسطين"، حيث تتفاعل جميع السيارات المارة بإطلاق نفيرها من أجل الإعلان عن التضامن مع القضية الفلسطينية.
ونتيجة لكل هذا النشاط والتفاعل المجتمعي تقول كرستنسن لقد "تمكن بعض أعضاء المجموعة من إقناع بلديتنا بسحب استثماراتها من الشركات التي تدعم الاستيطان والمستوطنين".
ولم يقف إبداع المجموعات التي تشارك فيها أنابيث، فهناك مجموعة "الأنشطة الصغيرة"، التي تهدف إلى لفت الانتباه إلى القضية الفلسطينية والتحدث إلى الناس العاديين. مبينة "نحن نرفع اللافتات ونقوم بعروض في الأماكن العامة ونتحدث مع المارة".
وتشرح ما تقوم به: "نصنع مقاطع فيديو قصيرة مليئة بروح الدعابة حول مشاكل خطيرة، ونروج للمبادرات الجيدة، مثل صندوق "حنظلة" الذي يساعد في إطلاق المشاريع، ونحدث الناس عن فلسطين، ونبحر بأعلام فلسطين إلى باقي أنحاء المدينة".
ثم تتوقف قليلا، وتضيف بنبرة يمتزج فيها الحزن بالأمل: نحن "نقرع القدور الفارغة لجذب الانتباه إلى القدور الفارغة في غزة". إنها صورة مؤلمة ورمزية في آن واحد؛ حيث قدور فارغة تقرع في شوارع كوبنهاغن الباردة، تذكيرًا بالجوع الذي يعتصر أهل غزة، مضيفة "نقوم بأشياء يمكن لأي شخص أن يقلدها، ونلمس تعاطفًا متزايدًا مع فلسطين".
ومن المبادرات التي تثير إعجاب أنابيث بشكل خاص "حركة السلام في الدانمارك من أجل فلسطين". حيث يشارك الحمام في المظاهرات، ويُسمح للمشاركين بالتقاط الصور معه، ثم يُطيّرونه بعيدا ناقلين رسالة عن فلسطين الحرة.
وفي غرفة معيشتها البسيطة تتراصّ خلفها الملصقات واللافتات، مثل: "فلسطين حرة"، و"حنظلة"، و"أعيدوهم إلى بيوتهم". وأثناء المقابلة تحمل أنابيث مجسمًا صغيرًا لحمامة بيضاء مزينة بألوان العلم الفلسطيني.
ما تفعله أنابيث ورفاقها في الدانمارك هو جزء من موجة عالمية غير مسبوقة، إذ وثّق المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (إيبال) أكثر من 45 ألف مظاهرة وفعالية في نحو 800 مدينة في 25 دولة أوروبية، وذلك خلال عامين من الإبادة الجماعية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
إعلانوتقول أنابيث بصوت يرتجف قليلًا من الانفعال "عندما أشارك في فعاليات صغيرة أو كبيرة أشعر بأنني جزء من حركة أكبر لدعم فلسطين". مضيفة "وأؤمن بأن جهودي وجهود الآخرين تُحدث فرقًا". ولعل هذا الإيمان هو ما يدفعها للخروج في كل مظاهرة رغم البرد القارس أو المطر الشديد، ورغم 80 عامًا التي ربما تثقل جسدها لكنها لا تثقل الروح الساكنة فيه.
وعن موقف الحكومة في الدنمارك الرسمي تقول أنابيث "للأسف، الحكومة ومعظم السياسيين لا يقفون في نفس الصف بشأن قضية فلسطين كما يفعل جزء كبير من الشعب الدانماركي. لكنها لا تعرف اليأس، وتضيف "احتجاجاتنا تحدث فرقا، نحن لا نستسلم أبدا، ونستمر في دعمنا". ثم ترفع قبضتها وتردد بصوت عالٍ: "فلسطين حرة! فلسطين حرة!"