وكالة الطاقة الذرية تعتمد تسمية (دولة فلسطين) رسمياً
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
صوّتت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لصالح مشروع قرار لاعتماد تسمية (دولة فلسطين) بصورة رسمية لديها، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).
وذكرت الوكالة أنّ ذلك جاء خلال جلسة، یوم الخميس، ضمن أعمال الدورة الـ67 للمؤتمر العام للوكالة الدولية في مقرها بالعاصمة النمساوية فيينا.
وقالت إنّ المؤتمر صوّت یوم الخميس على القرار الذي تقدمت به مصر نيابة عن فلسطين لاعتماد تسمية “دولة فلسطين” بصورة رسمية في الوكالة، ومنحها المزيد من الامتيازات والحقوق المهمة.
وبحسب “وفا”، “صوتت 92 دولة لصالح مشروع القرار الذي حمل عنوان وضع فلسطين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل امتناع 21 دولة عن التصويت ومعارضة خمس دول فقط”.
وأشارت إلى أن “مشروع القرار الذي قدمته مصر، رعته دول عربية أخرى (لم تسمها) ومجموعة الـ77 والصين وتركيا”.
ولفتت إلى أن ذلك “يأتي في إطار جهود القيادة الفلسطينية لنيل العضوية الكاملة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وغيرها من الوكالات الدولية والأممية”.
ونقلت عن سفير دولة فلسطين لدى النمسا، ومندوبها الدائم لدى الوكالة، صلاح عبد الشافي، “شكره الدول التي صوتت لصالح القرار”، مطالباً الدول التي صوتت ضد القرار والتي امتنعت عن التصويت، “بمراجعة مواقفها واحترام قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
من جانبه، قال سفير مصر لدى النمسا مندوبها الدائم لدى الوكالة محمد الملا، بحسب “وفا”، إن “اعتماد هذا القرار التاريخي وبأغلبية ساحقة ورعاية من مجموعة الـ77 والصين، يؤكد أهمية مناصرة القضية الفلسطينية”.
وأضاف أن ذلك يؤكد كذلك “عدالة القضية التي ينادي بها القرار والذي يسعى لإعطاء الحقوق اللازمة لدولة فلسطين في الوكالة وضمان توافر التمثيل الملائم لها، وبما يسمح لها بالمشاركة بصورة أكثر فعالية وتقديم إسهامات مهمة لعمل الوكالة”.
وأشار الملا، إلى أن القرار “سيساهم في تعزيز تعاون دولة فلسطين مع الوكالة والدول الأخرى في مجال التكنولوجيا والعلوم النووية، وبما يخدم مصالح أبناء الشعب الفلسطيني”.
وأكد أن “الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبإقامة دولته وفق ما ورد بقرار الأمم المتحدة الذي اتخذته في عام 1947 ليس خيارا للمجتمع الدولي، بل هو واجب أخلاقي وسياسي واستراتيجي وقانوني”.
ویوم الجمعة، اعتبر المجلس الوطني الفلسطيني، في بيان نقلته “وفا”، أنّ هذا “التصويت الساحق إدانة واضحة للسياسة الاحتلالية الإسرائيلية المتمثلة في التوسع والضم غير المشروع المخالف للقوانين الدولية، ويعبر عن مدى صدق الرواية الفلسطينية وعدالة القضية، وكشف زيف محاولات وأكاذيب الرواية التي يروج لها الاحتلال الفاشي، والتي كان آخرها استعراض رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بالأمم المتحدة بإنكار اسم وخريطة فلسطين”.
واجتمع ممثلون من 177 دولة عضواً في الوكالة بين 25 و29 سبتمبر الجاري، في إطار الدورة الـ 67 للمؤتمر العام للوكالة بمقر الوكالة الرئيسي في فيينا.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
عربستان… الدولة التي أُطفئ نورها غدرًا: مئة عام على جريمة سياسية غيّرت وجه الخليج
#عربستان… #الدولة التي أُطفئ نورها غدرًا: مئة عام على #جريمة #سياسية غيّرت #وجه_الخليج
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة
يمرّ هذا العام قرن كامل على واحد من أكثر الأحداث إيلامًا في التاريخ العربي الحديث، الحدث الذي اختفت فيه دولة عربستان من على خارطة الوجود، ليس بفعل حرب أو ثورة أو كارثة طبيعية، بل بسبب صفقة استعمارية غادرة أعادت تشكيل الجغرافيا السياسية للخليج وغيّرت مساره لعقود طويلة. عربستان لم تكن كيانًا هامشيًا، بل دولة عربية واسعة وغنية، تمتد على مساحة 375 ألف كيلومتر مربع، وتضم أنهارًا وسواحل وثروات نفطية هائلة، وتقطنها قبائل عربية أصيلة حافظت على لغتها وثقافتها رغم تقلبات التاريخ.
تشير الوثائق التاريخية إلى أنّ عربستان تمتعت بحكم شبه مستقل منذ القرن السابع عشر، وتحديدًا في عهد أسرتها الحاكمة “آل كعب”، حتى بلغت ذروة قوتها في مطلع القرن العشرين تحت حكم الأمير خزعل الكعبي، الذي وصفته السجلات البريطانية بأنه “شيخ مشايخ الخليج” وأحد أبرز القادة الإقليميين في تلك المرحلة. فقد كانت قوة عربستان السياسية والاقتصادية مصدر قلق للقوى الكبرى، خصوصًا بعدما بدأت رائحة النفط تتصاعد من أعماق أرضها.
مقالات ذات صلةعندما اكتُشف النفط في بداية القرن العشرين، تغيّر كل شيء. أدركت بريطانيا، الدولة الاستعمارية الأقوى آنذاك، أنّ وجود دولة عربية قوية مستقلة تسيطر على بوابة الخليج سيمثل تهديدًا مباشرًا لنفوذها ومصالحها. ومع تصاعد قوة الأمير خزعل، بدأت بريطانيا تبحث عن مخرج يضمن استمرار نفوذها، فاختارت الطريق ذاته الذي سلكته في فلسطين والهند وأماكن أخرى: التحالف مع طرف قادر على خدمة مصالحها، ولو على حساب شعب وأرض وهوية.
في عام 1925، أبرمت بريطانيا وإيران صفقة سياسية سوداء، تم بموجبها التخلي عن عربستان وتسليمها إلى رضا شاه بهلوي. وتم اعتقال الأمير خزعل بعملية غادرة على متن طراد بريطاني، في مشهد يمثل ذروة الخيانة السياسية في تاريخ المنطقة. وبعد اختفاء الأمير، اختفت الدولة بأكملها في واحدة من أسرع عمليات المحو السياسي والجغرافي في القرن الماضي.
ما تلا ذلك كان حملة ممنهجة لطمس هوية عربستان العربية. أصدر رضا شاه قرارات بتغيير اسم عربستان إلى خوزستان، ومنع تدريس العربية في المدارس، وإغلاق المؤسسات الثقافية، وفرض تغيير ديموغرافي واسع عبر تهجير العرب وجلب غير العرب لإعادة صياغة التركيبة السكانية. كما مُنعت الرموز العربية وتعرضت العديد من القرى والقبائل لسياسات قمعية بهدف القضاء على الإرث العربي الممتد في المنطقة. وفي عام 1936، قُتل الأمير خزعل في سجن بطهران، منهياً بذلك آخر رموز الدولة العربية المختفية.
لو بقيت عربستان دولة مستقلة، لكان الخليج العربي اليوم مختلفًا تمامًا. كانت إيران ستكون محصورة داخل حدودها الطبيعية بلا منافذ بحرية واسعة، وكان مضيق هرمز سيخضع لسيطرة عربية كاملة، ما كان سيغيّر التوازن الاستراتيجي الإقليمي برمّته. إنّ غياب عربستان لم يكن حدثًا عابرًا، بل زلزالًا سياسيًا غيّر معادلة القوة والنفوذ في الشرق الأوسط.
ورغم ضخامة الحدث، فإن الذاكرة العربية الرسمية صمتت طويلاً. فالمدارس لا تذكر عربستان، والخرائط تتجاهلها، والإعلام لا يتعامل مع قصتها إلا نادرًا، وكأن اتفاقًا غير معلن جرى لدفن هذه القضية. لكنّ الشعوب لا تنسى، والحقائق التاريخية لا تموت، وشعب عربستان ما زال يعيش على أرضه، متمسكًا بعروبته رغم قرن من الاضطهاد والتمييز.
إنّ حق تقرير المصير لشعب عربستان ليس شعارًا سياسيًا، بل حق قانوني أصيل نصت عليه المواثيق الدولية، خاصة في ظل ما يتعرض له العرب هناك من تمييز لغوي وثقافي وقومي واقتصادي. ومع استمرار سياسات القمع، تصبح قضية عربستان أكثر إلحاحًا وإنسانية من أي وقت مضى.
عربستان ليست مجرد ذكرى من الماضي، بل قضية من الحاضر وإنذار للمستقبل. فإذا كانت دولة عربية كاملة قد اختفت بصفقة واحدة قبل مئة عام، فمن الذي يضمن ألّا يتكرر المشهد مع دول أخرى في عالم يعاد فيه رسم الخرائط وتغيير الموازين وفق مصالح القوى الكبرى؟ إنّ إحياء قصة عربستان هو استعادة للوعي العربي، وتذكير بحق شعب ما زال ينتظر يومًا ينال فيه حريته وحقه المشروع في تقرير مصيره.