حالات رد الهدية في الإسلام وعدم قبولها.. 4 مواقف اعتذر عنها
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "ما حكم رد الهدية؟ وهل رد الهدية ينافي الهدي النبوي مطلقًا؟ وهل هناك حالات يجوز فيها عدم قبول الهدية؟
قبول الهديةوقالت دار الإفتاء، إنه يُستحب قبول الهدية؛ لما في ذلك من إظهار المودة والمحبة بين الناس، ورد الهدية يخالف الهدي النَّبوي إلا إذا وُجد مانع من قبولها؛ كأن كانت الهدية شيئًا محرمًا، أو كانت رشوة، أو كانت مُهداة لأخذ أكثر منها، أو كانت بمثابة الدَّيْن، أو على سبيل المَنِّ، ويستحب لمَن امتنع عن قبول هدية لعذرٍ أن يُبَيِّن عذره للمُهدي؛ تطييبًا لقلبه وجبرًا لخاطره.
كما حثَّ الشرع الشريف على التهادي؛ لأنَّه من بواعث المحبة وزيادتها، وإثبات المودة والوئام بين الناس، وإذهاب الضغائن، وتأليف القلوب، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحضُّ على التهادي ويقبل الهدايا.
رَوى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ» كما رَوى أيضًا عَن أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا".
قد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن رد الهدية إذا لم يكن هناك سبب يدعو لذلك؛ فرَوى الإمام أحمد في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه" أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَجِيبُوا الدَّاعِيَ، وَلَا تَرُدُّوا الْهَدِيَّةَ، وَلَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ».
ورَوى الإمام أحمد في "المسند" عن خالد بن عدي الجهني رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ فَلْيَقْبَلْهُ، وَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ».
حالات رد الهديةوأوضحت دار الإفتاء، أنه لا يجوز شرعًا رد الهديّة إلا لسببٍ شرعيٍّ؛ كما في الأسباب الآتية:
1- أن تكون الهدية شيئًا مُحرمًا؛ كالخمر مثلًا، فيحرُم قبولها؛ لما في ذلك من تناول الحرام، وهو من المعاونة على الإثم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: إِنَّ رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟» قَالَ: لَا، فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «بِمَ سَارَرْتَهُ؟»، فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: «إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا»، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا. رواه مسلم في "صحيحه".
2- أن تكون الهدية بمثابة الرشوة؛ لإبطال حق، أو إثبات باطل؛ كالهدية لبعض الموظفين ونحوهم؛ لقضاء حاجة الـمُهدي أو لتمكينه من شيء ليس من حقه، أو التجاوز عن شيءٍ لا يحق لهم التجاوز عنه، فحينئذٍ يحرُم الإهداء، ويحرم على المتلقى قبول الهدية؛ روى الإمام أحمد في " مسنده" عَن عَبْدِ اللهِ بن عمرٍو رضي الله عنهما قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ".
3- إذا كان الـمُهدي أهداها لأخذ أكثر منها ممَّن أهديت إليه مستقبلًا، فيُكره قبولها؛ ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد في "مسنده" عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَكْرَةً، فَعَوَّضَهُ مِنْهَا سِتَّ بَكَرَاتٍ، فَتَسَخَّطَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ فُلَانًا أَهْدَى إِلَيَّ نَاقَةً، وَهِيَ نَاقَتِي أَعْرِفُهَا كَمَا أَعْرِفُ بَعْضَ أَهْلِي، ذَهَبَتْ مِنِّي يَوْمَ زَغَابَاتٍ، فَعَوَّضْتُهُ سِتَّ بَكَرَاتٍ، فَظَلَّ سَاخِطًا، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ، أَوْ أَنْصَارِيٍّ، أَوْ ثَقَفِيٍّ، أَوْ دَوْسِيٍّ».
4- إذا كان المُهدي يعتبر هديته بمثابة الدَّين على المهدى إليه، إلا ما جرت به بعض الأعراف، أو أن يكون منَّانًا يمنُّ بهديته ويتحدث بها، ففي هاتين الحالتين يُكره قبول الهدية.
وذكرت دار الإفتاء، أنه مما لا ينبغي الغفلة عنه أنَّه إذا وُجد سبب شرعي يدعو لرد الهديّة، فإنَّه ينبغي تطييب قلب المهدي ببيان العذر في عدم قبول هديته؛ ويدل على ذلك ما ورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» متفق عليه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الهدية دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم الإمام أحمد فی رضی الله عنه دار الإفتاء وآله و س ل ه وآله ی الله ع ى الله ع
إقرأ أيضاً:
ما أقصى عدد للمشتركين في شراء الأضحية ونصيب الفرد الواحد؟..الأزهر يجيب
مع اقتراب عيد الأضحى 2025، يتساءل محبو شراء الأضحية ونيل ثواب توزيع لحومها على الفقراء كم شخصًا يجوز له الاشتراك لشراء بقرة كأضحية في العيد المقبل.
وفي هذا السياق، قالت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، إنه لا مانع شرعًا من الاشتراك في البقرة كأضحية ولكن بشرط ألا يزيد عدد المشتركين عن 7 أفراد، وألا يقل نصيب الفرد عن السبع.
كم شخصا يجوز له الاشتراك في الأضحية؟واستشهدت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، بحديث النبي الكريم الذي بما جاء عن جابر قال: (نحرنا مع رسول الله ﷺ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة) رواه مسلم، كما استدلت لجنة الفتوى بحديث آخر عن النبي الكريم لما رواه أحد الصحابة، قائلا: (خرجنا مع رسول الله ﷺ مهلين بالحج فأمرنا رسول الله ﷺ أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة) رواه مسلم.
هل الأخذ من الشعر أو الأظافر بالعشر الأوائل من ذى الحجة يبطل الأضحية؟
هل تجزيء الأضحية بكبش واحد عن الرجل وأهل بيته؟.. الإفتاء تجيب
الأزهر للفتوى يكشف عن عيوب يجب الابتعاد عنها عند شراء الأضحية
كل ما تريد معرفته عن الأضحية في الإسلام.. الأحكام والشروط
قبل الشراء.. الأزهر للفتوى يحذر من 4 عيوب لا تجوز في الأضاحي
دار الإفتاء تحدد أفضل أنواع الأضحية للعيد من الأنعام
أما الكتاب: فقال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 218، ط. دار الكتب المصرية): [قال قتادة وعطاء وعكرمة: فَصَلِّ لِرَبِّكَ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَانْحَرْ نُسُكَكَ. وقال أنس: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْحَرُ ثُمَّ يُصَلِّي، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ ثُمَّ يَنْحَرَ] اهـ.
وأما السنة: فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يضحي وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم فمن ذلك: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا" متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ثُمَّ ضَحَّى بِهِ. رواه مسلم.