بعد تجميد بري مبادرته.. هل تسقط فكرة الجلسات المتتالية؟!
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
بانتظار أن تتبلور "صورة" الحراك القطري الذي يكثر الحديث عنه، والذي قد لا يرقى لمستوى "المبادرة" في القريب العاجل، يبدو أنّ البلاد دخلت عمليًا مرحلة "ما بعد المبادرة الفرنسية"، ولو أنّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لم يُلغِ، أقلّه حتى الآن، زيارته الرابعة المفترضة الشهر الحالي، والتي لا يتوقّع أن تنجح في ما فشلت فيه زياراته السابقة، ولا سيما بعد "الفيتو" التي وُضِع في وجه أفكاره "الحواريّة" داخليًا وخارجيًا.
ولعلّ ما يزيد من "تعقيدات" هذا المشهد المتشابك، بصورة أو بأخرى، أنه تزامن مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري طيّ صفحة مبادرته الحوارية، أو بالحدّ الأدنى "تجميدها" كما يحلو للبعض توصيف الأمر، ولا سيما أنّ هذه المبادرة عُدّت برأي كثيرين "المَدخَل الوحيد" المُتاح لفتح كوّة في الجدار الرئاسي المغلق، سواء عبر شقّها الأول الحواريّ، أو شقّها الثاني "الملحق به"، والمتعلق بجلسات متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية.
وبمُعزَل عمّا إذا كان الرئيس بري "أدى قسطه للعلى" كما قال، أم لم يفعل كما يقول خصومه، ولا سيما الذين أفشلوا منهم مبادرتهم، ورفضوا مبدأ الحوار، أو فرضوا عليه من الشروط ما أفرغه من مضمونه، فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا بعد تجميد هذه المبادرة؟ هل سقطت فكرة الجلسات المتتالية التي كان ينبغي أن تعقب الحوار تلقائيًا؟ وما صحّة التكهّنات بجلسة انتخابية قريبة قد يدعو إليها بري في الأيام القليلة المقبلة؟
لا جلسة بلا حوار؟!
يبدو أنّ "ما بعد تجميد" الرئيس برّي لمبادرته لا يختلف في العمق عمّا "قبل إطلاقها"، إذ لا يزال الجدل القائم في البلاد على خطّ الاستحقاق الرئاسي يراوح نفسه، بين فريق يطالب بعقد جلسات نيابية مفتوحة ومتتالية لا تنتهي إلا بانتخاب الرئيس، على طريقة اختيار بابا الفاتيكان، وبين من يرى مثل هذه الخطوة "لزوم ما لا يلزم"، من دون تفاهم يسبقها، ويؤمّن لها عناصر النجاح، تفاديًا لتكرار سيناريو "المهزلة" الذي طبع الجلسات السابقة.
لعلّ الرأي الأخير هو الذي يمثّل وجهة نظر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يؤكد المحسوبون عليه، أنّ الدعوة إلى جلسة انتخابية ليس مطروحًا على "الأجندة" في الوقت الحاضر، طالما أن "موازين القوى" لا تزال نفسها، فالمرشحان المُعلَنان عاجزان عن الحصول على الأكثرية المطلوبة للوصول إلى قصر بعبدا، والخيار الثالث الذي يحلو لكثيرين الحديث عنه لم ينضج بعد، في حين لا يزال الفريقان قادرَين على التحكّم بـ"النصاب".
وإذا كان هؤلاء يشدّدون على أنّ معادلة "لا جلسة بلا حوار" تبقى قائمة قبل وبعد تجميد مبادرة الرئيس بري، لأنّها أساس "منطق الأمور"، فأيّ جلسة من دون تفاهم يسبقها لن تكون نافعة ولا مجدية، فإنّهم يشيرون إلى أنّ المعارضين "فوّتوا" الفرصة على أنفسهم، لأنّهم لو تجاوبوا مع مبادرة الرئيس بري منذ اليوم الأول، وشاركوا في حوار الأيام السبعة، لضمنوا الذهاب إلى الجلسات المتتالية، وربما لكان للبلد رئيس في هذا الوقت.
مبادرة بري "لم تسقط"؟!
في مقابل معادلة "لا جلسة بلا حوار"، التي يرفع لواءها المحسوبون على "الثنائي الشيعي"، يذهب المعارضون لرئيس مجلس النواب، والمتحفّظون على "منطق الحوار"، للسؤال عن سبب الإصرار على "عدم تجاوز" بري للشقّ الأول من مبادرته، ونعيها بالكامل، بدل الانتقال إلى شقّها الثاني، وبالتالي الافتراض أنّ الحوار فشل في الوصول إلى تفاهم، وبالتالي تحقيق "تعهّده" بالذهاب إلى جلسات متتالية لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس.
لكنّ هذا الرأي لا يجد "آذانًا صاغية" لدى رئيس مجلس النواب وفق ما يقول العارفون، الذين يلفتون إلى أنّ مبادرته "كلٌ لا يتجزأ"، وهي ليست عبارة عن "قائمة طعام" يمكن لكلّ فريق أن يختار منها ما يعجبه، ويرمي ما لا يعجبه، والسبب بكلّ بساطة أنّ الشق الأول هو الذي يفضي إلى الشق الثاني، ومن دون الحوار لا جلسات متتالية، علمًا أنّ الجلسات المتتالية لو كانت كافية، لدعا إليها بري من الأساس، ولم يتكبّد عناء إطلاق مبادرته.
ولعلّ ما يعزّز "القناعة" بأنّ الجلسات المتتالية بلا حوار بعيدة المنال، يكمن في "قناعة" أخرى تترسّخ لدى العارفين، بأنّ مبادرة رئيس مجلس النواب "جُمّدت ولم تسقط"، وأنّها ستعود إلى التداول عاجلاً أم آجلاً، لأنّ انتخاب الرئيس لا يمكن أن يتمّ بلا حوار، سواء جاء الأخير "على الساخن أو البارد"، وسواء اكتفى بالمظلّة الداخلية، أم احتاج إلى "كلمة السر الخارجية"، التي لا بدّ أن تأتي في نهاية المطاف، مع انسداد كلّ الأبواب الأخرى.
تبدو المعادلة التي قامت مبادرة الرئيس نبيه بري على أساسها، وهي "حوار تعقبه جلسات متتالية"، ثابتة حتى إشعار آخر، بمعزل عن "حظوظ" المبادرة، التي يقول البعض إنّها باتت "من الماضي"، مع "نعي" رئيس مجلس النواب لها. فحتى لو صحّت التكّهنات عن أنّ رئيسًا للجمهورية سيُنتخَب قبل منتصف تشرين الأول المقبل، يقول العارفون إنّ "شروط" الدعوة للجلسة تبقى نفسها: تفاهم مسبق يضمن النجاح، ويمنع "استنساخ" تجارب الماضي!
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس مجلس النواب جلسات متتالیة بعد تجمید
إقرأ أيضاً:
رئيس مجلس النواب يدعو إلى عدم توظيف ظاهرة الهجرة في التدافع السياسي
دعا الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب ونائب رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، اليوم الجمعة بمالقة، إلى عدم توظيف ظاهرة الهجرة في التدافع السياسي، نظرا لإسهامها الإيجابي في تنمية بلدان الاستقبال، داعيا في هذا الإطار، أيضا إلى تصحيح التمثلات الخاطئة عن الهجرة، نسبتها وعلاقتها ببعض المشكلات الاجتماعية في هذه البلدان، منوها في هذا الصدد بالمقاربة الإنسانية لقضية الهجرة، التي ينهجها المغرب.
كما شدد على ضرورة العمل على التوجه إلى جذور الظاهرة وأسبابها في البلدان الأصلية، وتقدير أدوار بلدان العبور والكلفة التي يتطلبها هذا التدبير.
واعتبر رئيس مجلس النواب، أن الحروب والنزاعات والاختلالات المناخية، إلى جانب ضعف التنمية تشكل الأسباب الرئيسية للهجرات والنزوح واللجوء، مع الكلفة الإنسانية والاجتماعية لذلك على المجتمعات مصدر الهجرة كما بلدان العبور والاستقبال.
وتابع قائلا « لقد سبق لنا في الدورات العامة للجمعية، وكما على مستوى أجهزتها وفي قمم الرؤساء، وخصوصا خلال منتدى غرناطة الأخير، أن شخصنا أسباب الظاهرة، من بينها وجود طلب متزايد على الهجرة النظامية والحاجة إليها في بلدان الاستقبال، فضلا عن الطبيعة التاريخية لهذه الظاهرة ».
وعاد العلمي خلال الجلسة العامة الثامنة عشرة لجمعية الاتحاد من أجل المتوسط، ليؤكد أن المقاربة التي ينهجها المغرب في مجال الهجرة تحترم حقوق الإنسان، وتنسجم تماما مع روح ميثاق مراكش حول الهجرة الآمنة والنظامية والمنتظمة، كما صادقت عليه الأمم المتحدة.
وأشار رئيس مجلس النواب، بهذه المناسبة، إلى التعاون النموذجي والتنسيق المحكم بين المغرب وإسبانيا في مجال تدبير تدفقات الهجرة القادمة من مختلف بلدان الجنوب.
كلمات دلالية اسبانيا الطالبي العلمي الهجرة مؤتمر مالقة