الجزيرة:
2025-05-11@18:54:42 GMT

أذربيجان.. خليط الحضارات والمتناقضات

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

أذربيجان.. خليط الحضارات والمتناقضات

باكو- في واحد من المطاعم الشهيرة بالعاصمة الأذربيجانية باكو، وقفت المطربة تؤدي بعض الأغاني بلغة بلادها القريبة إلى التركية، لكنها ما لبثت أن تحولت إلى الغناء بالروسية، ما بدا أنه تقليد معتاد في كثير من الأماكن السياحية، حتى إن قوائم الطعام تكتب باللغتين الأذرية والروسية، وأحيانا تضاف الإنجليزية.

ويلاحظ الزائر لأذربيجان، لا سيما إذا كانت زيارته الأولى، ملامح الماضي السوفياتي في هذا البلد الذي كان ضمن جمهوريات الاتحاد السوفياتي لأكثر من 70 عاما، قبل أن يستقل في 1991، بعد انهيار الاتحاد في عهد ميخائيل جورباتشوف.

ورغم أنها حسمت مؤخرا أكبر مشكلات هذا الإرث السوفياتي، بعد ضمها رسميا لإقليم ناغورني قره باغ، الذي تنازعته مع أرمينيا لأكثر من 30 عاما، وخاضت حربين سقط فيهما عشرات الآلاف؛ فإن الماضي السوفياتي يبدو حاضرا بقوة، في الشوارع والمباني، وحتى في المعاملات اليومية.

 

لم تخرج أذربيجان تماما من عباءة الإرث السوفياتي، وإن كانت تحاول، فالعديد من المباني لا تزال تحتفظ بالطراز السوفياتي، كما أن آثار الوجود الروسي السابق ورموزه وثقافته، ظاهرة بشكل ملحوظ في الشوارع، إلى جانب العمارة التي يغلب عليها الطابع الإسلامي، لا سيما في الجزء الذي يحمل اسم المدينة القديمة في العاصمة.

عدد غير قليل من الأذريين يتحدثون الروسية، في الفنادق والمطاعم والأماكن السياحية، كما أن الروس موجودون في كل مكان، وهناك القليل -أيضا- ممن يتحدثون اللغة العربية، حيث أصبحت هذه الدولة شاهدا على تعاقب وتفاعل العديد من الحضارات والثقافات التي مرّت عليها؛ مثل: الزرادشتية والساسانية والعربية والفارسية والعثمانية، وأخيرا الروسية.

أبراج اللهب أو الشعلة في باكو تتكون من 3 مبان شاهقة يصل ارتفاعها إلى 190 مترا (الجزيرة)

تحتوي باكو على مجموعة متنوعة من الأنماط المعمارية، يتقدمها برج "مايدن بن دافيد" الذي يعود تاريخه إلى القرن 12، إلى جانب المباني والقصور التابعة للعصر الإمبراطوري الروسي، كما أن هناك العديد من المباني التي بُنيت في باكو في مطلع القرن العشرين، التي تتميز بالتأثير الفيكتوري والغربي في تصاميمها.

والزائر للمدينة القديمة المسوّرة بحاراتها الضيقة، يلاحظ التشابه الكبير مع مدن عربية وإسلامية، حيث القصور المزخرفة والمزينة بآيات قرآنية مكتوبة بالخط العربي.


الاقتصاد والسياحة

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وإعلان أذربيجان استقلالها، تحولت إلى الاقتصاد النفطي، حيث تعدّ احتياطات النفط والغاز الضخمة عاملا رئيسا لازدهار الاقتصاد.

وحسب بيانات البنك الدولي، بلغ الناتج الإجمالي لأذربيجان في 2022 ما يزيد عن 78 مليار دولار، يبلغ نصيب الفرد منهم نحو 7700 دولار، بنسبة نمو 4.6%، بينما لا تزيد نسبة البطالة عن 5.5%.

طرز العمارة تتنوع في أذربيجان بين العصرية والتاريخية التي تعود إلى حضارات مختلفة (الجزيرة)

وتعمل الحكومة منذ سنوات على زيادة العائدات غير النفطية، من خلال تشجيع النهوض بقطاع السياحة، فأذربيجان التي لم تكن قبل سنوات قليلة على خريطة السياحة العالمية، أصبحت اليوم مقصدا للسياح من مناطق عديدة، لا سيما روسيا وتركيا والعالم العربي، بعد أن هيأت بنيتها التحتية لذلك، وشجعت على الاستثمار في هذا القطاع المهم.

وإلى جانب العديد من الأماكن التاريخية التي تمثل حضارات وثقافات عدة، سواء في العاصمة باكو أو في غيرها من المدن، تتمتع أذربيجان بطبيعة خلابة، حيث المساحات الشاسعة من السهول الخضراء في وسط البلاد والجبال الشاهقة في الشمال، فضلا عن العديد من الغابات والبحيرات والأنهار، وهي طبيعة منحها لها موقعها الجغرافي في منطقة جنوب القوقاز بين غرب آسيا وشرق أوروبا.

وتعدّ المناطق التي استعادتها باكو من أرمينيا -خاصة شوشا وكلبجار ولاتشين في إقليم ناغورني قره باغ الغني بالغابات وعيون الماء العلاجي- من أكثر وجهات الجذب السياحي.

لكن يلاحظ أن هذا الوضع الاقتصادي لم ينعكس بشكل كبير على حالة السكان، فرغم ثروتها الهائلة من النفط والغاز، واهتمامها خلال السنوات الأخيرة بجذب السياحة؛ فإنه يمكن رؤية بيوت الصفيح في مناطق عدة من العاصمة، كما أن البنية التحتية لا تعبّر عن هذا الثراء، حتى إن سائق الأجرة ضحك عندما سألته عن سر ذلك قائلا، "لدينا أماكن لو رأيتها لاستغربت أكثر من ذلك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العدید من کما أن

إقرأ أيضاً:

سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب

 

 

د. أحمد بن علي العمري

 

سلطنة عُمان… بلد الأمن والأمان والسلام والإسلام والاعتدال والحياد والأعراف والعادات والتقاليد وحسن التعامل والتسامح، حيث إن الأعراف والتقاليد لدى العُماني أقوى من أي قانون؛ الأمر الذي جعلها محل ثقة وتقدير واحترام العالم أجمع دون استثناء.
ومع ذلك؛ فالرأي مفتوح للجميع، وسقف الحرية مرتفع بحكم القانون العُماني. ولقد لفت انتباهي الانطباع الذي خرج به المشاركون في معرض مسقط الدولي للكتاب من زوار ومؤلفين وناشرين؛ حيث عبّروا عن الحرية التي وجدوها؛ فهناك الكثير من الكتب التي يُمنع نشرها في العديد من الدول وجدت حريتها في عُمان تنتظرها، وأكدوا أن في عُمان مجالًا رحبًا للرأي والرأي الآخر، وأفقًا للرأي الواسع، كما أشاروا إلى حفظ الحقوق واحترام وتقدير الآخرين.
لقد وجدوا التطبيق الفعلي لعدم مصادرة الفكر؛ بل حمايته وتهيئة الجو المناسب له، فقد قالها السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه -: "إننا لا نصادر الفكر.. أبدًا"، وأتت النهضة المتجددة لتؤكد على استمرارها ونموها وتوسعها؛ فأضحت عُمان بلا منازع محل تقدير ومركز تسامح وموقعًا لثقة الجميع.
المعروف أن الودق هو المطر الذي يُنهي الجفاف ويحيي الأرض، وفي السياق الأدبي أو الثقافي يُستخدم كرمز للخير والسلام، وعندما نقول إنه يطفئ الحروب، فهو تعبير مجازي عن دور عُمان التاريخيّ في إخماد النزاعات بالحكمة والدبلوماسية، كما فعلت عبر تاريخها في الوساطة بين الأطراف المتنازعة.
إن سلطنة عُمان معروفة بسياسة الاعتدال والحوار؛ سواء كان ذلك في محيطها الخليجي أو العربي أو على المستوى الدولي، مما جعلها صانعة للسلام بامتياز. وهكذا فإن الودق العُماني ليس مجرد مطر مادي، وإنما هو إشارة للغيث الأخلاقي في البوتقة السياسية الذي تقدمه عُمان لتهدئة الصراعات ومسبباتها ووأد الفتنة في مهدها.
لقد وقفت السلطنة كعادتها الدائمة والثابتة والراسخة على الحياد؛ فلم تقطع العلاقات مع جمهورية مصر العربية إبان اتفاقية كامب ديفيد، وكذلك الحياد في اتفاقيات مدريد وأوسلو ووادي عربة، وبقيت محايدة في الحرب العراقية الإيرانية، ولم تتدخل في الحروب التي تستعر هنا وهناك من حينٍ لآخر؛ فلم تتدخل في حرب ليبيا، ولا الصومال، ولا اليمن، ولا السودان؛ بل أغلقت أجواءها أمام الاستخدام العسكري لأي من الطرفين المتنازعين.
وقد كانت الوسيط لإطلاق عدد كبير من المحتجزين للعديد من الدول، كما إنها كانت وسيط الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، وحاليًا تقوم بالوساطة ذاتها بين أمريكا وإيران للوصول إلى اتفاقية ثابتة وملزمة ومحكمة.
ومؤخرًا تدخلت السلطنة لإطفاء الحرب الملتهبة بين أمريكا واليمن، والتوصل للاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين، وهي حرب بالغة في التعقيد، لكن الدبلوماسية العُمانية المعهودة كان لها التأثير السلس الذي يتواصل مع الفرقاء برقة النسيم، وعذوبة الودق، وشذى الياسمين.
كل ذلك بهدوء ودون صخب إعلامي أو ضجيج القنوات الفضائية أو جعجعة الحناجر، كعادتها عُمان تبتعد عن المنّ والأذى.
إن الطائر الميمون الذي يقلّ المقام السامي لحضرة مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بين العديد من عواصم العالم بين الحين والآخر، إنما يحمل على جناحيه غصن الزيتون ومرتكزاته وأهدافه، هو نشر السلام والتسامح؛ فعُمان تلتقي ولا تودع، وتجمع ولا تفرّق، وتلمّ ولا تشتّت، وتمُدّ يد السلام والوئام والتسامح والأُلفة للجميع.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب
  • " ناصر" الذي لَمْ يَمُتْ.. !! (٢-٢)
  • عراقجي: المفاوضات مع امريكا في تقدم وتم حل العديد من الخلافات
  • السفارة الروسية أحيت الذكرى الـ80 لانتصار الاتحاد السوفياتي على النازية
  • بعد اندلاعها في العديد من المحافظات.. ما أسباب الحرائق؟
  • فرق الإطفاء في الدفاع المدني تسيطر على العديد من بؤر الحريق بريف اللاذقية الشمالي
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • منتخب كرة القدم المصغرة يشارك في «مونديال أذربيجان»
  • نقيب الإعلاميين: الضمير والأخلاق أساس بناء الحضارات والتعايش السلمي بين الأمم والشعوب
  • رئيس الدولة ورئيس أذربيجان يبحثان هاتفياً علاقات التعاون بين البلدين وإمكانيات تنميتها