شهدت فعاليات معرض الشرق الأوسط الزراعي، المعرض الأضخم والأكثر تطوراً في قطاع الزراعة على مستوى المنطقة، والتي انطلقت أمس في مركز دبي التجاري العالمي، نقاشات هامة حول الاتجاهات التي تشكل المشهد العام للقطاع، في الوقت الذي تستعد فيه دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “COP28” خلال شهر نوفمبر المقبل، وتم استعراض أحدث الابتكارات الكفيلة بالارتقاء بمستقبل الأمن الغذائي.

وأكد سعادة المهندس محمد موسى الأميري، الوكيل المساعد لقطاع التنوع الغذائي في وزارة التغير المناخي والبيئة، في كلمته خلال افتتاح المعرض الذي يقام على مدى يومين تحت رعاية وزارة التغير المناخي والبيئة بمشاركة جهات فاعلة في قطاع الزراعة إقليمياً وعالمياً، أن تعزيز الأمن الغذائي المستدام يعد واحداً من أهم الأهداف الاستراتيجية للإمارات، مشيراً إلى أن تعزيز نظم الزراعة والغذاء المستدامة تمثل أيضاً ركيزة لجهود الدولة خلال مؤتمر الأطراف COP28 المقرر انطلاقه في الإمارات الشهر المقبل.
وقال إن نظم الزراعة والغذاء المستدام أحد الحلول المبتكرة لتعزيز الأمن الغذائي إضافة إلى المساهمة في العمل المناخي في ظل تسبب نظم الغذاء التقليدية بحوالي ثلث الانبعاثات العالمية، لافتا إلى أن دولة الإمارات تعمل على هذا النهج في إطار الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي من خلال تطبيق تكنولوجيا الزراعة الحديثة التي تعمل على توفير الموارد الطبيعية من المياه ولا تحتاج في معظمها إلى تربة، وتمتلك الإمارات العديد من المبادرات والمشاريع الزراعية في هذا المجال”.
وأضاف سعادته: “أطلقنا في الإمارات مبادرة تعزيز استدامة المزارع الوطنية التي نهدف من خلالها إلى تعزيز الإنتاج المحلي من الغذاء وزيادة دخل المزارعين من خلال زيادة نسبة المشتريات الحكومية من تلك المزارع وصولاً إلى 100% بحلول عام 2030”.
وشهدت الجلسات الافتتاحية الرئيسية مشاركة بارزة من هنري جوردون سميث، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أجريتكتشر، الذي تطرق إلى آليات مواكبة الأعداد السكانية المتزايدة ونقص العمال المهرة في أحدث التقنيات وغيرها من مواضيع هامة أخرى، مؤكدا أهمية الزراعة المستدام والحفاظ على البيئة واستخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة.
ويستضيف معرض الشرق الأوسط الزراعي، بتنظيم من إنفورما كونكت، ما يزيد على 250 جهة عارضة من أكثر من 150 دولة على مساحة 8,280 مترا مربعا، بما فيها بعض الشركات الرائدة في القطاع؛ أمثال الظاهرة وكالتيفيتد وفلورا إنجينيرينج وفود تك فالي وأكوا بيوتك وماغ ومونتيل وإندور فارم كومباني ومصرف الإمارات للتنمية.
وتستعرض الفعالية أحدث التقنيات الزراعية والعمليات في الأراضي الصالحة للزراعة والبستنة وتربية الأحياء المائية وتربية الحيوانات، كما تجمع أكثر من 250 من رواد القطاع في مكان واحد.

من جانبه، قال برنت كروزبي، مدير معرض الشرق الأوسط الزراعي: “مع التركيز هذا العام على الاستدامة والأمن الغذائي، نشهد اجتماع الجهات الفاعلة إقليمياً ودولياً في القطاع لاستعراض أحدث ابتكاراتها والتعاون وإجراء مناقشات هادفة حول الموضوعات الملحة التي ستُترجم بلا شك على أرض الواقع بينما تستعد دولة الإمارات لاستضافة COP28 الشهر المقبل. ويُعد هذا العام دليلاً على جهود القطاع الرامية إلى التصدي لتحديات الأمن الغذائي وإقامة شراكات طويلة الأمد نأمل أن تُحدث تغييراً حقيقياً في السنوات القادمة”.
وينعقد معرض الشرق الأوسط الزراعي بالتزامن مع ثلاث فعاليات رئيسية أخرى تغطي مختلف جوانب القطاع، وهي معرض تربية الأحياء المائية، الفعالية الأولى في المنطقة للمتخصصين في تربية الأحياء المائية؛ ومعرض ومؤتمر الشرق الأوسط للبستنة، الفعالية الأولى من نوعها في مجال الزراعة العمودية والبيوت الزجاجية، والتي تركز للمرة الأولى على المنتجات والتقنيات المستخدمة في قطاع البستنة والبيئة المضبوطة؛ والمعرض التجاري للثروة الحيوانية، أكبر معرض للماشية في الشرق الأوسط.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الأمن الغذائی

إقرأ أيضاً:

د. ثروت إمبابي يكتب: الزراعة تتغير: كيف تصنع سلاسل القيمة مستقبل مصر الغذائي

في عالمٍ تتزايد فيه التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي والضغوط الاقتصادية، لم تعد الزراعة مجرّد نشاط تقليدي، بل غدت محورًا استراتيجيًا للنمو والتنمية المستدامة، خاصة في دول مثل مصر التي تجمع بين الموارد الطبيعية والطاقات البشرية. غير أن الزراعة في مصر، ورغم عراقتها، لا تزال رهينة أنماط إنتاجية تقليدية لا تواكب متغيرات العصر ولا تستغل كامل القيمة الكامنة في كل حبة قمح أو ثمرة طماطم. من هنا تبرز الحاجة إلى التفكير في الزراعة ليس بوصفها مجرد إنتاج للمحاصيل، بل كنظام متكامل يُعرف بـ”سلاسل القيمة الزراعية”.

سلاسل القيمة الزراعية تعني ببساطة أن ننظر إلى كل خطوة في الرحلة التي يقطعها المنتج الزراعي — من البذرة إلى المائدة — باعتبارها فرصة لتعظيم القيمة الاقتصادية والاجتماعية. حين يُزرع المحصول بكفاءة، ويُجمع في الوقت المناسب، ويُنقل ويُخزن ويُعالج ويُسوّق بطرق ذكية، فإننا لا نحصل فقط على طعام أكثر، بل على اقتصاد أقوى، ومزارع أغنى، ومستقبل أكثر أمنًا. وفي السياق المصري، هذه الرؤية ليست رفاهية، بل ضرورة.

رغم وفرة الموارد الزراعية وتنوع المحاصيل في مصر، إلا أن هناك فجوة كبيرة بين الإمكانيات المتاحة والنتائج المحققة فعليًا. كثير من المحاصيل، خصوصًا سريعة التلف، تُفقد في الطريق بسبب ضعف شبكات النقل والتبريد. الفلاحون غالبًا ما يبيعون منتجاتهم بسعر لا يعكس جهدهم، في ظل غياب أسواق منظمة أو عقود عادلة. على الجانب الآخر، تفتقر العديد من المناطق إلى مصانع صغيرة لتحويل المنتجات الزراعية إلى سلع جاهزة أو شبه جاهزة، مما يُهدر فرصًا هائلة للقيمة المضافة.

ومن واقع هذا التحدي، فإن تطوير سلاسل القيمة الزراعية يتطلب نهجًا متكاملاً. لا يكفي تحسين الإنتاج فقط، بل يجب أن يترافق ذلك مع تحديث البنية التحتية من طرق ومراكز تبريد، وإنشاء شبكات تسويق ذكية تضمن استقرار الأسعار وربط المنتج بالمستهلك مباشرة. كذلك، لا بد من إدماج التكنولوجيا الحديثة في الزراعة — من الزراعة الدقيقة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالإنتاج والمخاطر. ولا يقل أهمية عن ذلك تمكين التعاونيات الزراعية، التي تمثل حلاً فعالًا لدمج صغار المزارعين في سلسلة القيمة.

من وجهة نظري الشخصية، أرى أن الحل يبدأ من إرادة سياسية واضحة تتبنى مشروعًا وطنيًا لسلاسل القيمة الزراعية، يدمج بين وزارات الزراعة، التجارة، والنقل، ويمنح القطاع الخاص والمجتمع المدني دورًا قياديًا. كذلك أقترح البدء في مشروع تجريبي نموذجي في إحدى المحافظات، يشمل الزراعة والتجهيز والتسويق، كنموذج يحتذى به. الاستثمار في المعرفة لا يقل أهمية، فالتدريب المستمر للفلاحين على طرق الزراعة الحديثة والتخزين والتسويق أمر لا يمكن تأجيله.

ما سيحدث بعد ذلك ليس فقط تحسنًا في كمية الإنتاج، بل في نوعيته وجدواه الاقتصادية. فعندما نُحسن استخدام كل جزء من سلسلة القيمة، نقلل من الفاقد، ونخلق فرص عمل جديدة، ونعزز قدرتنا على التصدير، بل ونبني نموذجًا زراعيًا قادرًا على الصمود في وجه التغيرات المناخية والاقتصادية. وهذا ما يجعل تطوير سلاسل القيمة الزراعية أحد أهم مفاتيح المستقبل لمصر، ليس فقط كبلد زراعي، بل كقوة غذائية واقتصادية في المنطقة.

طباعة شارك الزراعة الموارد الطبيعية سلاسل القيمة الزراعية

مقالات مشابهة

  • د. ثروت إمبابي يكتب: الزراعة تتغير: كيف تصنع سلاسل القيمة مستقبل مصر الغذائي
  • منتدى المناخ يؤكد أهمية معالجة المخاطر المالية وتعزيز التمويل المستدام
  • محلل سياسي: مصر نادت بإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط
  • اتصال هاتفي بين وزيري خارجية مصر وبولندا لتعزيز التعاون الثنائي وبحث تطورات الشرق الأوسط
  • «معلومات الوزراء»: مصر تتصدر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جذب استثمارات الشركات الناشئة
  • الأممي المتحدة: استمرار الجفاف يهدد الموسم الزراعي والأمن الغذائي في اليمن
  • مصر تمنح المستثمرين إعفاءات جمركية وضريبية.. أبو العينين: الشرق الأوسط منبع الاستثمار الحقيقي
  • حرب الـ12 يوما.. هل تأثر القطاع السياحي في مصر بالمواجهات الإيرانية - الإسرائيلية؟
  • قمة الناتو في لاهاي.. اختبار لوحدة الحلف وسط تهديدات الشرق الأوسط وأوكرانيا
  • رئيس البنك الزراعي المصري يستقبل وفداً من أنجولا لبحث سبل التعاون