الخليج الجديد:
2024-06-02@19:47:20 GMT

قراءة في الموقف التونسي: الصوت الأعلى

تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT

قراءة في الموقف التونسي: الصوت الأعلى

قراءة في الموقف التونسي: الصوت الأعلى

اللافت أن الرئيس التونسي لم يسارع كما جرت العادة للاتصال بمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية للتشاور.

برز موقف تونس مختلفا عن بقية الدول العربية التي أصدرت بيانات في هذا الشأن، بما في ذلك الموقف الجزائري على أهميته.

رغم تحفظات سعيد على الحركات الإسلامية بما فيها حركتا حماس والجهاد، لم يمنعه ذلك من الإعلان عن موقف مساند بدون تحفظ سياسي أو أيديولوجي.

إصدار قانون لتجريم التطبيع، أصبحت واردا في القريب العاجل أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع تطور الأحداث القادمة التي ستفجرها تداعيات "طوفان الأقصى".

انحاز بيان الرئاسة كليا وبدون تحفظ إلى المقاومة؛ لم يذكر حماس والفصائل المسلحة، لكن أكد بوضوح "حق المقاومة المشروعة للاحتلال، ولا يعدّ ذلك اعتداء وتصعيدا".

* * *

كان الرئيس التونسي قيس سعيد سعيدا بما يجري على الساحة الفلسطينية منذ الساعات الأولى، وهو ما جعل موقف تونس مختلفا عن بقية الدول العربية التي أصدرت بيانات في هذا الشأن، بما في ذلك الموقف الجزائري على أهميته.

فالرئيس رفض في صياغة البيان مختلف الخطوط الحمراء التي تلتزم بها عادة الأنظمة العربية بما في ذلك الدبلوماسية التونسية، وذلك خشية اتهامها من قبل الدول الكبرى والمنتظم الأممي بالعداء لإسرائيل، ورفض حقها في الوجود.

بقطع النظر عن الحسابات الخاصة بالصراع الداخلي التونسي، لقي موقف الرئاسة استحسانا من قبل أغلب مكونات الطيف السياسي، بما في ذلك المعارضون لسياسات الرئيس. فتونس اليوم رئاسة وأحزابا ومنظمات مجتمع مدني؛ مثل النقابات والقضاة والمحامين والصحفيين وغيرهم؛ على قلب رجل واحد، تؤيد حق المقاومة في الخطة التي أعدتها وشرعت في تنفيذها.

رفض البيان مجاراة المفردات المستعملة إعلاميا مثل "غلاف غزة"، في إشارة إلى المستوطنات التي زرعت حولها، قائلا بأنها "أرض فلسطينية ترزح تحت الاحتلال الصهيوني".

وهو تصحيح مهم له دلالاته وأبعاده، فتنشيط الذاكرة أمر على غاية من الأهمية، خاصة ضمن السياق الراهن، لهذا أشار البيان إلى ضرورة التذكير بالجرائم السابقة؛ مثل مذابح دير ياسين وكفر قاسم وخان يونس.

فقيس سعيد يفضل الحديث عن الصهيونية، ويتجنب قدر الإمكان استعمال مصطلح إسرائيل ككيان سياسي معترف به دوليا، ويعتبره الرئيس التونسي كيانا غير شرعي.

الأهم من ذلك، إصرار البيان الرئاسي على حق الفلسطينيين في "استعادة كل أرض فلسطين"، وهو ما يعني ضمنيا أن الرئاسة التونسية لا تقر بشرعية الدولة الصهيونية التي تأسست عام 48.

انحاز بيان الرئاسة كليا وبدون تحفظ إلى المقاومة؛ صحيح أنه لم يذكر حماس وغيرها من الفصائل المسلحة، لكن أكد بوضوح لا لبس فيه "حق المقاومة المشروعة للاحتلال، ولا يعدّ ذلك اعتداء وتصعيدا".

أخيرا، تم تذكير المجتمع الدولي بحق الفلسطينيين في "إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس" على كل فلسطين، وهو المطلب الذي تجاهلته الدول بعد أن غيّرت إسرائيل الجغرافيا، وعادت القيادات الصهيونية، خاصة الدينية منها إلى خرائط "إسرائيل الكبرى"، التي خلت بالكامل من الوجود الفلسطيني.

هذا الموقف التونسي الرسمي الصادر هذه الأيام، جاء مختلفا في جوانب أساسية عن الرؤية التي تبناها الرئيس بورقيبة منذ 1965، حين شجع الفلسطينيين على القبول بقرار التقسيم، وإقامة دولتهم على ذلك الأساس.

بهذا البيان الواضح وقطعي الدلالة، يكون الرئيس قد أكد عدم قبوله بمسألة التطبيع مهما كانت الضغوط. وموقفه هذا ستكون من نتائجه تعميق الفجوة بينه وبين جزء واسع من رؤساء دول العالم الغربي؛ الذين أكدوا بعد عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كونهم ملتزمين بالدفاع عن إسرائيل ضد ما وصفوه بـ"عدوان حماس الإرهابي".

ومن المتوقع في هذا السياق أن تتضاعف الضغوط على تونس، في محاولة من هذه الأطراف الدولية إضعاف قيس سعيد سياسيا واقتصاديا، وربما التفكير في التخلص منه بأي شكل من الأشكال، وهي فرضية قد تبدو مستبعدة وغير جدية، لكن بعد المنعرج الذي دخله الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والموقف الرسمي التونسي، فإن الدوائر الصهيونية، بعد أن تهدأ الأوضاع، ستراجع حساباتها وتعيد النظر في أكثر من ملف.

الأمر اللافت للنظر، أن الرئيس التونسي لم يسارع كما جرت العادة للاتصال بمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية للتشاور. ورغم تحفظات سعيد على الحركات الإسلامية عموما بما في ذلك حركتا حماس والجهاد، إلا أن ذلك لم يمنعه من الإعلان عن موقف مساند بدون تحفظ سياسي أو أيديولوجي.

إن إمكانية إصدار قانون لتجريم التطبيع، أصبحت واردة في القريب العاجل أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع تطور الأحداث القادمة التي ستفجرها تداعيات "طوفان الأقصى".

فعندما تحرك الولايات المتحدة مجموعة "حاملة طائرات هجومية"، وترسل 5000 جندي لمساعدة إسرائيل في حربها على الفلسطينيين، فذلك مؤشر على طبيعة المعارك التي ستدور رحاها؛ لأن الغرب الأمريكي والأوروبي بالذات غير مستعد للتخلي عن انحيازه المطلق للحركة الصهيونية، وعدم استعداده النظر بجدية في حجم الجرائم التي ترتكبها الدولة العبرية على مختلف الأصعدة.

إن غدا لناظره قريب.

*صلاح الدين الجورشي كاتب صحفي وناشط في المجتمع المدني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل فلسطين تونس التطبيع حماس الجهاد طوفان الاقصي الخطوط الحمراء الأنظمة العربية الدبلوماسية التونسية الرئیس التونسی بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

نائب: رسائل الرئيس السيسي في الصين تؤكد موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينة

أشاد زكي عباس عضو مجلس النواب، بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الصين، مؤكدا أنها بمثابة خطوة هامة  لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأضاف «عباس» في بيان، أن  المنتدى الصيني العربي يسهم في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين الدول العربية والصين، مما يدعم التفاهم السياسي والتعاون الدبلوماسي بين الجانبين، فضلا عن التعاون الاقتصادي والتجاري وتعظيم سبل الاقتصاديات الوطنية وخلق فرص عمل جديدة، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة، في تحقيق التنمية المستدام.

وأشار عضو مجلس النواب الي أن رسائل الرئيس خلال المنتدى، جاءت موجهة لعدد من الأطراف التي تحاول كل لحظة التشكيك في الموقف المصري الداعم والمؤيد للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والتأكيد على أن مصر لن تألوا أي جهدا في سبيل دعم وتأييد ونصرة الشعب الفلسطيني الشقيق في حربه الشنعاء أمام جيش الاحتلال.

واختتم النائب حديثه قائلا: «الدولة المصرية والقيادة السياسية حريصين كل الحرص على حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 والحفاظ على القضية الفلسطينية دون تصفيتها».

مقالات مشابهة

  • برئاسة أحمد بن سعيد.. الأعلى للطاقة يستعرض استراتيجية التنقل الأخضر في دبي
  • "شالوم" للعابرين على السجادة الحمراء
  • 4: قراءة الفيلم
  • قرن من الصّمود الفلسطيني المذهل.. قراءة في كتاب
  • كشف موقف تل أبيب من مقترح بايدن 
  • حماس ردا على مقترح بايدن: الموقف الأمريكي جاء نتاجا لصمود شعبنا ومقاومته
  • الإعلام التونسي بين شيطنة الجزيرة والاحتفاء بالدحدوح
  • نائب: رسائل الرئيس السيسي في الصين تؤكد موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينة
  • قيس سعيد يلتقي الرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين
  • الرئيس التونسي: يجب بناء تاريخ جديد يسوده العدل