الدوحة- وسط ازدياد الضرورة العاجلة لمكافحة التغير المناخي، انطلقت اليوم الأحد النسخة الثالثة من حوار قطر الوطني حول تغير المناخ الذي يمتد ليومين على هامش فعاليات إكسبو قطر 2023، ليجمع مبادرات وأفكار الأطراف المجتمعية الفاعلة كافة بغية الوصول لحلول تساهم بالاستدامة البيئية والحد من التغير المناخي.

ويهدف الحوار الوطني إلى تشكيل نهج الدولة تجاه تغير المناخ، وتعزيز التعاون وتبادل المعرفة في نقاش مفتوح تكتشف خلاله الأطراف الفاعلة الابتكارات والفرص الحديثة لمعالجة تغير المناخ تُبنى على أساسها السياسات الوطنية حول مواضيع رئيسة مثل الأمنين المائي والغذائي والاقتصاد الأخضر والنقل المستدام.

ويقول مدير الاستدامة البيئية في وزارة البيئة والتغير المناخي، سعود خليفة آل ثاني، للجزيرة نت إن الحوار يربط بين القطاعات الأكاديمية والخاصة والحكومية، لينتج عن تبادلها للخبرات توجهات مستقبلية تعين متخذي القرارات.

ويجتمع الأكاديميون والناشطون البيئيون ومندوبو الشركات الكبرى والمسؤولون الحكوميون في 3 جلسات حوارية اليوم لمناقشة 3 قضايا مهمة، وهي الاكتشافات الحديثة التي يمكن أن تستفيد منها قطر في مكافحة تغير المناخ، والتحول الاقتصادي المستدام، والأمنان المائي والغذائي.

أما مناقشات غد، فتشمل أساليب النقل المستدام، واستخدام الذكاء الصناعي لإيجاد حلول لتغير المناخ، وطرق التمويل الأخضر.

ويرى جونزالو دي لا ماتا المدير التنفيذي لمركز "إرثنا" -المشارك في تنظيم الحوار الوطني بالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي ومؤسسة قطر- أن جهات مجتمعية وبحثية عدة تعمل في الدوحة من أجل بيئة أفضل، لكنها لا تعرف عن بعضها البعض، لذلك يعد الحوار الوطني مهما، باعتباره فرصة للتواصل تتيح بناء مستقبل مستدام يحتاج جهدا جماعيا.

دي لا ماتا شرح في الحوار الوطني أهمية التواصل بين القطاعات كافة للوصول إلى حلول مناخية (الجزيرة)

ويسعى حوار قطر الوطني حول تغير المناخ إلى تمكين الدوحة للقيام بدور دولي، ويوضح خليفة آل ثاني أنه ينتج عن النقاشات المتبادلة في الحوار ورقة سياسة تحدد الخطوط العريضة لمشاركة قطر في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" (COP28).

ويردف مدير الاستدامة البيئية أن حوار قطر الوطني من شأنه أن يوحّد الأصوات المعنية بالبيئة بالدوحة برؤية واحدة أمام المبادرات العالمية، مما يجعلها دولة ذات تأثير دولي بهذا الشأن.

من جهته، يشرح دي لا ماتا للجزيرة نت أن مكافحة التغير المناخي في قطر لا يقتصر على بيئتها فحسب، فهي تلعب دورا مهما على الساحة الدولية باعتبارها من كبار مصدري الغاز الطبيعي المسال بالعالم.

ويضيف خليفة آل ثاني أن مكانة قطر في سوق الطاقة العالمي يُمكّنها من ممارسة الضغط على الدول ذات الصناعات الكبرى التي لها دور ملموس على نطاق واسع لتتحمل مسؤوليتها بجدية في مكافحة التغير المناخي وخفض انبعاثات الكربون.

علينا الأ نعوّل على الحكومات فقط في التصدي للتغير المناخي، بل يجب أن نضطلع بدورنا في حل هذه المشكلة. لو بدأنا بالتغييرات التي بوسعنا صنعها كأفراد، سيتسنى لنا معاً أن نبنى مستقبلاً مستداماً. @alibintowar #حوار_قطر_الوطني_حول_تغير_المناخ_2023 pic.twitter.com/09PTknvAyh

— Earthna (@earthnaqa) October 15, 2023

تمويل المشاريع

ويُبيّن حوار قطر الوطني حول تغير المناخ ما يُعنى المجتمع المحلي به بما يتعلق بشؤون البيئة للاستفادة منه في وضع الخطط والإستراتيجيات، فالنسختان السابقتان له أظهرتا اهتمام القطاع البنكي في الدوحة بتمويل مشاريع الاستدامة، لذلك دُعي هذا القطاع للمشاركة بالحوار هذا العام، وفقا لخليفة آل ثاني.

ويذكر المدير التنفيذي لتمويل الأعمال في بنك قطر للتنمية علي المهندي- الذي شارك تجربته بالتمويل الأخضر بالحوار الوطني- للجزيرة نت أنهم موّلوا مشاريع بيئية بما يقارب 700 مليون ريال قطري خلال الأعوام السابقة، لكنهم اكتشفوا خلال تجاربهم ونقاشاتهم مع المعنيين بوزارة البيئة أن هذه المشاريع تحتاج إلى آليات تمويل مخصصة لها حتى تكون مؤثرة.

وفسر المهندي أن دعم الأعمال التي تتعلق بالاستدامة تحتاج إلى تمويل مختلف عن الذي يمنحونه للمشاريع الأخرى، لأن التقنيات التي تستخدمها تكلّف أصحاب المشاريع كلفة مضاعفة، مما يدفعهم للعزوف عنها، لذلك طوروا برنامج التمويل ليتيح لأصحاب المشاريع فترة سداد أطول مع تخفيض نسبة أرباح البنك لتحقيق المصلحة المجتمعية.

وشارك المهندي مع حضور الحوار الوطني أنهم يموّلون حاليا مشاريعا محلية مختصة بإعادة التدوير، ومعالجة المياه، ومعالجة النفايات كافة، والصناعات المنتجة للطاقة المتطورة مثل الخلايا الشمسية.

المهندي شرح أهمية التمويل الأخضر لتحقيق المصلحة المجتمعية (الجزيرة) وضع إستراتيجيات

ويستفيد القطاعان الحكومي والخاص من استشارات حول الاستدامة لبناء إستراتيجيات عملهم، وفق ما بيّنت آمنة آل ثاني الرئيسة التنفيذية لشركة "إستراتيجي هب" (Strategy Hub) أثناء مشاركتها بالحوار الوطني.

وقالت آل ثاني إن الحوار الوطني حول تغير المناخ يمنحهم الفرصة للتعرف على من يفهم البيئة القطرية، مضيفة أنه عبر التعاون معهم يمكن بناء إستراتيجيات تتعامل مع الأطر الدولية التي تُعنى بالاستدامة بالأخذ بعين الاعتبار الخصوصية القطرية.

ويرتكز اهتمام آل ثاني بالاستدامة على رؤية قطر الوطنية 2030 التي تهدف إلى جعل الدوحة مجتمعا مستداما جيلا بعد جيل، وتؤكد الرئيسة التنفيذية على أن قطر تتطور اقتصاديا ومعماريا، وتضع إدارة الموارد حجر أساس لإستراتيجيات الاستدامة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: التغیر المناخی الحوار الوطنی آل ثانی

إقرأ أيضاً:

التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشرية

على مدى العقود القليلة الماضية، عانى التنوع البيولوجي العالمي من أزمة، وبينما يحتفل العالم باليوم الدولي للتنوع البيولوجي في 22 مايو/أيار تحت شعار "الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة"، تبرز تحذيرات من فقدان نظم بيئية كثيرة فاقم من المخاطر على الكوكب.

وتشير منظمة الأمم المتحدة إلى أن الاتجاهات الراهنة السلبية في ما يتصل بالتنوع البيولوجي والنُظُم البيئية تُقوّض التقدم المُحرز في نحو 80% من الأهداف التي تم تقييمها ضمن 8 من أهداف التنمية المستدامة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4في يومها العالمي: هل قضية البيئة مهمة في عالمنا العربي رغم الحروب والمآسي؟list 2 of 4التصحر في العراق تحدٍ بيئي متنامٍlist 3 of 4التعليم البيئي: أساليب فعالة لتعزيز الوعي والالتزام بالمستقبلlist 4 of 4جهود مجتمعية في قطر لحماية البيئة وتنوعهاend of list

وتؤكد تقارير المنظمة، أن ثلاثة أرباع النُظُم البيئية الأرضية ونحو 66% من النُظُم البحرية طالها التغيير الجسيم بفعل النشاط البشري، كما أن ما يقارب مليون نوع من الحيوانات والنباتات يواجه خطر الانقراض.

ويُظهر تقرير الكوكب الحي الصادر عن الصندوق العالمي للحياة البريّة، أن أعداد الحيوانات البرية تراجعت بمعدل 69% منذ العام 1970، وخصوصا في المناطق الاستوائية.

وأدرج الصندوق العالمي للحياة البرية أكثر من 150 ألف نوع على القائمة الحمراء للأنواع المهدّدة بالانقراض، منها أكثر من 42 ألفا معرضة لخطر الانقراض في البريّة.

كما يؤكد تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة، أن ما يقارب من ثلث مخزونات الأسماك يتعرض للصيد الجائر، وأن ثلث أنواع الأسماك في المياه العذبة التي تم تقييمها تعتبر مهددة بالانقراض. ويشمل ذلك أيضا 26% من سلالات الماشية.

الغابات المطيرة في الأمازون بالبرازيل تعد مصدرا للتوازن المناخي للكوكب (شترستوك)

نظام حيوي
غالبا ما يُفهم التنوع البيولوجي بوصفه تنوعا في الكائنات النباتية والحيوانية والكائنات الدقيقة، من العوالق إلى الشعاب المرجانية، لكنه يشمل أيضا الفروق الجينية داخل كل نوع، كما هو الحال بين أصناف المحاصيل وسلالات الماشية، إضافة إلى تنوع النُظُم البيئية من البحيرات والغابات والصحارى والأراضي الزراعية، حيث تتشابك أنماط الحياة وتتفاعل بين الإنسان والنبات والحيوان.

إعلان

يؤثر التغير المناخي بشكل كبير على التنوع البيولوجي، لكن الأنشطة البشرية التي يعمقها النمو السكاني وطغيان النزعة الاستهلاكية والتنافس على الموارد على حساب الطبيعة النمو السكاني فاقمت التعدي على النظم البيئية، ما تسبب في تدهور تنوعها البيولوجي الغني وتوازنها الدقيق، مما حد بدوره من قدرتها على تقديم خدمات حيوية للبشرية.

يعتمد كل جزء في النظام البيئي على الآخرين مثل لعبة تركيب الصور المقطوعة، ويعتمد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بشكل معتدل أو كبير، على الطبيعة وخدماتها وتنوعها. من الغابات إلى المحيطات، فالتنوع البيولوجي هو أساس وجود الإنسان واستمراره.

كما تعتمد أنظمتنا الغذائية على غنى الطبيعة. يعتمد أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية العالمية على الملقحات، مما يُسهم بمئات المليارات في الإنتاج الزراعي سنويًا، وسيكون للتغيير في درجة حرارة النظام البيئي تأثيرات قاسية على أشياء أخرى، مثل النباتات والحيوانات التي يمكن أن تنمو وتعيش هناك.

إزالة الغابات تشكل خطرا كبيرا على المناخ والتنوع البيئي على الكوكب (شترستوك)

مخاطر وتحديات
ويعاني التنوع البيولوجي من عدة مخاطر رئيسية، محكومة بالأنشطة البشرية ومنها استخراج الوقود الأحفوريّ واستخدامه و بالتغيرات المناخية الناجمة أيضا عن الغازات الدفيئة التي تطلق في الغلاف الجوي وأدت إلى الاحترار العالمي، ومن أبرز هذه المخاطر:

ارتفاع درجة حرارة الأرض وتغير أنماط هطول الأمطار وارتفاع مستوى سطح البحر والتصحر والجفاف. الاستغلال المفرط لموارد الطبيعة وتدمير الموائل وقطع الغابات التي تضم تنوعا بيئيا فريدا ومتشابكا. التلوث البيئي بما يشمل التلوث الكيميائي وانتشار البلاستيك والتلوث الضوضائي. الصيد الجائر والتجارة غير المشروعة في الأنواع. الأنواع الغازية بسبب التغيرات المناخية أو الأنشطة البشرية والتي تقضي على الأنواع الأصلية. إعلان

ورغم أن التغير المناخي يفاقم التدهور البيئي ويقضي على الأنواع. يعتبر التنوع البيولوجي ضروريا للحد من تغير المناخ، فعندما تنتج الأنشطة البشرية غازات الدفيئة، يبقى نحو نصف الانبعاثات في الغلاف الجوي، بينما تمتص الأرض والمحيطات النصف الآخر، وتصبح هذه النظم البيئية، والتنوع البيولوجي الذي تحتويه، بالوعة طبيعية للكربون توفر ما يسمى بالحلول القائمة على الطبيعة لتغير المناخ.

وفي إطار الحد من التدهور في الأنواع والحفاظ على التنوع البيولوجي وضعت الأمم المتحدة في ديسمبر /كانون الأول 2022، خطة عالمية تعيد صياغة علاقة البشر بالطبيعة، باعتماد "إطار كونمينغ – مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي" الذي وضع 23 هدفا لعام 2030 و5 أهداف عالمية لعام 2050 من أجل وقف التدهور البيئي وعكس مساره خلال 25 عاما.

ومن هذه الأهداف التي يتعين تحقيقها في إطار العمل العالمي، استعادة 20% من النظم البيئية المتدهورة، والحد من دخول أو استقرار الأنواع الغريبة الغازية بنسبة 50%. ورغم عوامل القلق من تدهور التنوع البيولوجي تبرز نقاط إيجابية، منها العمل الدولي المشترك والاستغلال الواسع للتكنولوجيا في كشف مواطن الضرر وتلافيها.

مقالات مشابهة

  • اليسار أصبح يمينيًا.. كيف تغير وجه السياسة الإسرائيلية منذ عهد باراك؟
  • اليونسكو تؤكد دعمها للعراق في مواجهة التغير المناخي
  • ثلاثة مواعيد لبدء الصيف: المسند يوضح الفروق بين المناخي والفلكي والمحلي
  • سياسي ليبي لـعربي21: وجهنا دعوة لبعثة الأمم المتحدة للمشاركة في حوار تونس
  • استشاري علاقات أسرية: تغير دور المرأة أربك هوية الرجل
  • التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشرية
  • إنارة شوارع العباسيين وشرقي التجارة بدمشق بمبادرات مجتمعية تعكس روح التعاون
  • دهوك تسجل ثاني إصابة بالحمى النزفية
  • مؤسسة التعليم فوق الجميع تغير حياة آلاف اللاجئين بكينيا
  • إشاعة تغير لون طائرات الخطوط الملكية المغربية