وكيل الأزهر: الدِّفاع عن الأرضِ والعرضِ والاستشهاد في سبيلِ الله حقٌّ وأمانةٌ
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
كتب - محمود مصطفى أبوطالب:
قال الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، إن الدِّفاع عن الأرضِ والعرضِ حقٌّ وأمانةٌ، والاستشهاد في سبيلِ الله حقٌّ وأمانةٌ، وإقامةُ كِيانٍ على زورٍ من التَّاريخِ باطلٌ وخيانةٌ، وقصف المدنيِّين الآمنين باطلٌ وخيانةٌ، وسكوت المؤسَّساتِ المعنيَّةِ باطلٌ وخيانةٌ.
وأضاف في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، نيابةً عن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب ناقلًا صادقَ دعواتِ الأزهرِ الشَّريفِ وإمامِه الأكبر إلى الشَّعبِ الفلسطينيِّ الصَّامدِ الَّذي يتمسَّكُ بأرضِه، ويقفُ بكلِّ بسالةٍ وبطولةٍ في وجهِ الآلةِ الصُّهيونيَّةِ المتغطرسةِ، وتأكيدَ فضيلتِه أنَّ استهدافَ المدنيِّين وقصفَ المؤسَّساتِ جريمةُ حربٍ مكتملةُ الأركانِ، ووصمةُ عارٍ يسجِّلها التَّاريخُ بأحرفٍ من خزيٍ على جبين الصَّهاينةِ.
وأهدى الحاضرين جميعًا تحيَّاتِ فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ شيخِ الأزهرِ الدُّكتورِ أحمد الطَّيِّب ورجاءَه الصَّادقَ لهذا المؤتمرِ الَّذي يحظى برعايةٍ كريمةٍ من الرَّئيسِ عبدِ الفتَّاحِ السِّيسي في إطارِ دعمِه الدَّائمِ للفكرِ المستنيرِ؛ أن يطرحَ بحوثًا جادَّةً ورصينةً، تكونُ دليلًا على مرونةِ الموروثِ الفقهيِّ والفكرِ الإسلاميِّ، وتجاوزِه لزمانِه، وتفاعلِه مع العصرِ الحاضرِ، وقدرتِه على الإسهامِ بنصيبٍ وافرٍ في حلِّ مشكلاتِ الواقعِ، والإفادةِ من معطياتِه بما يخدُمُ البشريَّةَ ويحقِّقُ تطلُّعاتِها المستقبليَّةَ.
وتقدَّم وكيل الأزهر بالشكر للأمانة العامَّة لدُورِ وهيئات الإفتاء على اختيارِها لموضوعِ المؤتمرِ، الَّذي يُشيرُ ابتداءً إلى ضرورةِ وجودِ تناغمٍ بين الأصولِ والثَّوابتِ وبين المتغيِّراتِ والمستجدَّاتِ، أو بحَسَبِ عنوانِ المؤتمرِ بين «الفتوى وتحدِّياتِ الألفيةِ الثَّالثةِ»، فيجمعُ بين الفتوى، وهي ركنٌ ركينٌ في الحياةِ، يبصرُ الإنسانُ بها طريقَه إلى اللهِ، ويلتمسُ الصَّوابَ في حركتِه مع النَّاسِ، ويدركُ إدراكًا واعيًا موقفَه من نفسِه، وبين النَّظرِ إلى المستقبلِ، ومحاولةِ تعرُّفِ ملامحِه، وما فيه من تحدِّيَاتٍ تعمُّ جنباتِ الحياةِ.
ولفت إلى أن هذا المؤتمر يأتي حَلْقةً في سلسلةِ الوعيِ الَّذي تعملُ عليه المؤسَّسةُ الدِّينيَّةُ في مصرَ؛ لمناقشةِ القضايا المعاصرةِ في إطارٍ شرعيٍّ يستجيب للواقعِ وفي الوقتِ نفسِه لا يخرجُ عن الثَّوابتِ، ويحفظُ على النَّاسِ الضَّروريَّاتِ الخمسَ، الَّتي تدورُ حولها أحكامُ الشَّريعةِ، والَّتي عدَّها الإمامُ الشَّاطبيُّ -رحمه الله- أُسسَ العمرانِ؛ بحيثُ لا يُتصوَّرُ عمرانُ مجتمعٍ ولا صلاحُ أمورِ أفرادِه إلَّا من خلالِ حفظِها.
وأكد أنه مِن المُسَلَّمِ به عند العقلاءِ أنَّ العالمَ المعاصرَ يواجهُ تحدِّيَاتٍ في كثيرٍ من مجالاتِ الحياةِ: اقتصادًا، وسياسةً، واجتماعًا، وغيرَ ذلك، وأنَّ هذه التَّحدياتِ ككرةِ الثَّلجِ كلَّما تحرَّكت زادَ حجمُها وتضاعفَ أثرُها، دون أن تتوقَّفَ عند مكانٍ بعينِه، وكأنَّما انتقلتْ نظريَّةُ «الأواني المستطرَقةِ» من مجالِ الفيزياءِ إلى مجالاتِ الحياةِ كافَّةً، فما تكادُ تسمعُ بأزْمةٍ في ناحيةٍ من نواحي الأرضِ إلَّا وتظهرُ آثارُها في نواحٍ أخرى؛ حيث تأتي هذه التَّحدِّيَات الاقتصاديَّةُ شديدةَ الوطأةِ؛ ينطقُ بآثارِها فقرٌ وجوعٌ وحرمانٌ وبِطالةٌ وفجوةٌ متزايدةٌ بين المُعدَمينَ والمُترَفينَ، وتحرِمُ آثارُها القاسيةُ بيئاتٍ كثيرةً من أقلِّ مقوِّماتِ الحياةِ، بسببِ نظريَّاتٍ وممارساتٍ اقتصاديَّةٍ منفلتةٍ من الضَّوابطِ الأخلاقيَّةِ، لا يجدُ المنظِّرون لها أيَّ حرجٍ في أن تَسعدَ قلَّةٌ من البشرِ على حسابِ الكثرةِ الكاثرةِ منهم، وأن تزدادَ بيئاتٌ غنًى وثراءً وتقدُّمًا ورخاءً، وأن تزدادَ بيئاتٌ أُخرُ فقرًا وجهلًا ومرضًا!.
وأوضح أنَّ التَّحدِّيَات الاجتماعيَّةَ لا تقلُّ خطرًا ولا أثرًا عن التَّحدِّيَاتِ الاقتصاديَّةِ؛ فإنَّ المجتمعَ الدَّوْليَّ يعاني من تفكُّكٍ واضطرابٍ في نَواتِه الصُّلبةِ، ألَا وهي الأسرةُ؛ فباسمِ الحقوقِ والحرِّيَّاتِ خرجتْ علينا أصواتٌ مُنكرَةٌ شرعًا وعقلًا، وراحت تنادي مرَّةً بِعَلَاقاتٍ تأباها الفطرةُ السَّويَّةُ، وتتناقضُ مع ناموسِ الكونِ الَّذي خلقَ اللهُ فيه كلَّ شيءٍ ذكرًا وأنثى، قال تعالى: «ومِن كلِّ شيءٍ خلقْنا زوجين لعلَّكم تذكَّرون»، وراحت تعلنُ مرَّاتٍ أُخرَ ما لا ينبغي إعلانُه فهدَّدت استقرارَ الأسرةِ، وكان ما كان ممَّا تعاني مجتمعاتُنا ويلاتِه من طلاقٍ وفِراقٍ وشِقاقٍ وسوءِ أخلاقٍ.
وتابع قائلًا: وفي الوقتِ الَّذي بُحَّتْ فيه أصواتُ المؤسَّساتِ الرَّشيدةِ -ومنها مؤسَّساتُنا الدِّينيَّةُ- وهي تنادي بضرورةِ هذا الكِيانِ وأهمِّيتِه بالنِّسبةِ للأفرادِ وللمجتمعاتِ على السَّواءِ، نرى مخطَّطاتٍ شيطانيَّةً خبيثةً ترفعُ شعاراتٍ برَّاقةً خادعةً تحاولُ نقضَ عُرَى هذا الميثاقِ الغليظِ.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: مستشفى المعمداني طوفان الأقصى نصر أكتوبر الانتخابات الرئاسية حريق مديرية أمن الإسماعيلية أسعار الذهب فانتازي الطقس مهرجان الجونة السينمائي أمازون سعر الدولار أحداث السودان سعر الفائدة الحوار الوطني محمد الضويني شيخ الأزهر طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
فضل الحج وثوابه.. 14 فائدة لمن يحج في الدنيا والآخرة |الأزهر يوضحها
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية، إن الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد رغب الشرع الحنيف في أداء فريضة الحج ترغيبًا أكيدًا، أوجبه على من استطاعه، فهو من أفضل الأعمال التي يُتقرب بها إلى الله: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْإِيمَانُ بِاللَّهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ أَوْ عُمْرَةٌ» [أخرجه النسائي]، والحج المبرور: هو الحج الذي لا يخالطه إثم.
وأضاف مركز الازهر للفتوى فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه كما أن الحج سبب لغفران الذنوب: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». [أخرجه البخاري ومسلم]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجِّ الْمَبْرُورِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ». [أخرجه الترمذي]
والحج كالجهاد فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: إِنِّي جَبَانٌ، وَإِنِّي ضَعِيفٌ. قَالَ: «هَلُمَّ إِلَى جِهَادٍ لَا شَوْكَةَ فِيهِ، الْحَجُّ». [أخرجه عبد الرزاق، والطبراني]
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ» [أخرجه البخاري].
فوائد وفضائل الحج الدينية
1- تحقيق الإخلاص لله -عز وجل- في النفس الإنسانيّة؛ فحين يرتدي الحاجّ لباس الإحرام، ويتجنّب ما يُظهر الترف والتزيُّن، فإنّ معاني الخشوع، والخضوع، والتذلُّل لله -سبحانه- تظهر بذلك؛ لِينال رحمته، ومغفرته.
2- شُكْر الله -تعالى- على ما مَنّ به على عباده من النِّعَم التي لا تُحصى، ومِن أجلّها نعمتا الصحّة، والمال؛ فالحاجّ يُجهد نفسه، ويُنفق ماله؛ في سبيل تحقيق القُرب من الله -سبحانه-؛ ولهذا فإنّ شُكر الله واجبٌ على المسلم.
3- أداء ما أوجبته الشريعة على المسلم من الأركان والفرائض التي يحبّها الله ويرضاها لعباده؛ فالحجّ رُكنٌ من أركان الإسلام، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ».
4- التدريب على مجاهدة النفس؛ ولذلك عدّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الحجّ من الجهاد في سبيل الله، ويدلّ على ذلك ما ثبت في الصحيح من أنّه أجاب أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حينما سألته عن الجهاد في حَقّ المرأة: «نعَم، عليهنَّ جِهادٌ، لا قتالَ فيهِ: الحجُّ والعُمرَةُ»
5- نَيْل الأجر العظيم على أداء الحجّ المَبرور المُؤدّى على الوجه المشروع، إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: «سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ».
6- إظهار شعائر الله -سبحانه-، وتعظيمه بأعمال الحجّ، كالتلبية، والذِّكْر، والطواف، والوقوف بعرفة، والسَّعي بين الصفا والمروة، وغير ذلك من المَناسك.
7- تربية النفس الإنسانيّة، وتهذيبها، وتجديد الإيمان فيها، وتجديد العهد مع الله -سبحانه-؛ بالتزام أوامره، والتوبة إليه من الذنوب والمعاصي.
8- أداء أحبّ الأعمال إلى الله، كما ثبت في الصحيح عن الصحابيّ أبي هريرة -رضي الله عنه-: «سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: جِهَادٌ في سَبيلِ اللَّهِ قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ».
9- مغفرة جميع الذنوب والمعاصي، وإزالة ما عَلِق بالنفس منها؛ إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه أنّ النبيّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: «أما عَلِمْتَ أنَّ الإسْلامَ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟ وأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَها؟ وأنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ ما كانَ قَبْلَهُ؟»، كما ورد قوله - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: «تابعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذنوبَ كما يَنفي الكيرُ خَبَثَ الحديدِ والذهبِ والفضةِ وليسَ للحجَّةِ المبرورةِ ثوابٌ دونَ الجنةِ».
10- الدعوة إلى سبيل الله؛ فالحجّ من أعظم الوسائل لنَشر الدعوة الإسلاميّة، وفرصةٌ للدُّعاة في امتثالهم أفضل أساليب الدعوة، وأكثرها نَفْعاً، وتأثيراً.