منذ الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري واهتمام العالم منصب بالكامل على الهجوم المتصاعد الذي يشنه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، دون أن يلتفت أحد إلى الاضطهاد السياسي المتزايد داخل إسرائيل ضد الفلسطينيين وبعض اليهود الذين يعارضون تدمير غزة وحصارها.

بهذه المقدمة بدأت مجلة "972" الإسرائيلية -تحقيقا مشتركا بين غصن بشارات وأورين زيف وبيكر زعبي- سلطوا فيه الضوء على ما يجري داخل إسرائيل، وسط انشغال العالم بأحداث غزة من إيقاف عن الدراسة وطرد من الوظائف واعتقالات ليلية، بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

واستعرضت المجلة -كمثال على مناخ القمع المتزايد في إسرائيل منذ بدء الحرب- رسالة موجهة إلى عضو يهودي إسرائيلي في هيئة تدريس في كلية وسط إسرائيل تؤنبه على تغيير صورة ملفه الشخصي على فيسبوك مع التعليق بأنه "سيتم تحرير غيتو غزة"، مختتمة بأنه "نظرا لخطورة منشوراتك تم إيقافك على ذمة التحقيق التأديبي الذي سيُجرى معك خلال الأيام المقبلة".


تزايد مناخ القمع

وأشارت المجلة إلى أن مكتب النائب العام طلب أول أمس الاثنين من رؤساء مؤسسات التعليم العالي -الذين اتصلوا به في أعقاب حالات طلاب نشروا كلمات تشيد بالإرهاب- بإرسال التفاصيل إلى الشرطة الإسرائيلية حتى يتم التحقيق في قضيتهم على المستوى الجنائي خارج المستوى التأديبي الذي تتعامل معه المؤسسة التعليمية.

لكن الاضطهاد المتزايد في الأيام الأخيرة لم يقتصر على المؤسسات الأكاديمية، إذ أفاد ائتلاف المجتمع المدني لحالات الطوارئ في المجتمع العربي بأن ما لا يقل عن 30 مواطنا فلسطينيا في إسرائيل قد تم فصلهم من وظائفهم، بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي يُنظر إليها على أنها تدعم هجوم حماس، كما أفصحت الشرطة الإسرائيلية عن اعتقال نحو 170 فلسطينيا أو تقديمهم للاستجواب، في وقت قال فيه مكتب النائب العام إنه "لا يتسامح مطلقا" مع من يعبرون عن "دعم العدو"، ومع من يرغبون في إيذاء الجنود الإسرائيليين "وهم يقاتلون العدو القاتل".

وقال مدير مركز عدالة حسن جبارين إن مركزه "تلقى تقارير عن اعتقالات غير قانونية تتم في كثير من الأحيان بوحشية وفي وقت متأخر من الليل دون مبرر، وكلها بناء على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي"، مما يعكس "اتجاها مثيرا للقلق من الاضطهاد المتعمد وحظر التعبير المشروع"، وبالفعل تلقى المركز تقارير عن استدعاء أشخاص لتحقيقات الشرطة أو استجوابهم لمجرد "الإعجاب" بمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.


مساعدة العدو

وفي حالة غريبة أخرى شوهدت الأسبوع الماضي تم اعتقال عامر الهزيل المرشح لمنصب رئيس بلدية مدينة رهط البدوية للاشتباه في "مساعدته العدو في زمن الحرب" على أساس تحليل سياسي موجز كتبه وشاركه على فيسبوك يعرض فيه تفسيره لاحتمالات إعادة احتلال إسرائيل قطاع غزة، وقال ممثل الشرطة محمد إبراهيم إن الهزيل "نشر منشورات عدة، بما في ذلك منشور نعتقد أنه يساعد العدو".

وفي السياق نفسه، اُعتقلت المغنية الفلسطينية الشهيرة دلال أبو آمنة -التي لديها أكثر من مليون متابع- بسبب منشور كتبت فيه "لا غالب إلا الله"، وذلك عندما كانت تقدم شكوى في مركز شرطة الناصرة من ناشطين يمينيين أرسلوا لها عدة رسائل تهديد، فاتصل بها أحد أطفالها ليخبرها بوجود ضباط شرطة يطرقون الباب ويطلبون رؤيتها، وبعد المكالمة عاد الضباط إلى مركز الشرطة وألقوا القبض عليها.

وتتجاوز هذه الحملة ضد حرية التعبير مستوى الدولة والمؤسسات الأكاديمية إلى المجتمع الأوسع كما تقول المجلة، إذ تعرض يسرائيل فراي الصحفي اليهودي اليساري والمنتقد الصريح للسياسة الإسرائيلية لحملة ترهيب في منزله قام بها اليمين المتطرف، وأطلق متظاهرون قنابل مضيئة على شقته وطاردوه أثناء فراره، وقد ذكر أن ضباط الشرطة الذين اقتادوه للتحقيق بصقوا عليه واعتدوا عليه جسديا واتهموه بـ"دعم حماس"، وهو ما نفته الشرطة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الدبلوماسي العاري.. من هو المبعوث الأممي توم فليتشر الذي يقف في وجه إسرائيل؟

في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، برز اسم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر، كأحد أبرز الأصوات الدولية المطالبة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين.

من هو توم فليتشر؟
توم فليتشر هو دبلوماسي بريطاني مخضرم، وُلد عام 1975، وتلقى تعليمه في جامعة أوكسفورد حيث حصل على درجة الماجستير في التاريخ الحديث.

وبدأ مسيرته الدبلوماسية في وزارة الخارجية البريطانية، وشغل مناصب متعددة في نيروبي وباريس، وكان مستشارًا للسياسة الخارجية لثلاثة رؤساء وزراء بريطانيين: توني بلير، وغوردون براون، وديفيد كاميرون.

في عام 2011، عين سفيرا لبريطانيا في لبنان، حيث عرف بأسلوبه غير التقليدي في العمل الدبلوماسي، مما أكسبه لقب "الدبلوماسي العاري"، وهو أيضا عنوان كتابه الذي نشر عام 2016.

وبعد انتهاء مهمته في لبنان، شغل منصب عميد كلية هيرتفورد في جامعة أوكسفورد من 2020 حتى 2024.

توم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في #الأمم_المتحدة: 14 ألف رضيع مهددون بالموت في #غزة خلال الـ 48 ساعة المقبلة مالم نوصل الطعام إليهم pic.twitter.com/H5W6vJdBfO — Anadolu العربية (@aa_arabic) May 22, 2025


تعيينه في الأمم المتحدة
في تشرين الأول / أكتوبر 2024، عين فليتشر وكيلًا للأمين العام للأمم المتحدة ومنسقًا للإغاثة في حالات الطوارئ، خلفًا لمارتن غريفيث، حيث جاء تعيينه في وقت تواجه فيه الأمم المتحدة تحديات كبيرة في تلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة حول العالم، خاصة في مناطق النزاع مثل غزة والسودان.

موقفه من الأزمة في غزة
منذ توليه المنصب، كان فليتشر من أبرز المنتقدين لقيود الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على دخول المساعدات إلى غزة، في أيار/ مايو 2025، حذر في جلسة لمجلس الأمن من أن "نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة"، ودعا إلى "رفع الحصار فورًا" للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

كما انتقد فليتشر خطة "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تهدف إلى توزيع المساعدات عبر شركات خاصة، واصفًا إياها بأنها "محاولة لتهميش دور الأمم المتحدة" و"استخدام المساعدات كسلاح سياسي".

وأثارت تصريحات فليتشر ردود فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي، حيث اتهمه السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة بـ"تسييس العمل الإنساني" و"التحيز".


من جهته، دافع فليتشر عن موقفه، مؤكدا أن "واجب الأمم المتحدة هو تسليط الضوء على الأزمات الإنسانية أينما كانت، دون تحيز أو خوف".

وفي سياق مختلف يعرف فليتشر بنشاطه الأكاديمي والثقافي وبالإضافة إلى عمله الدبلوماسي، فقد أسس "مؤسسة الفرصة" لدعم الشباب وتمكينهم، وقدم سلسلة وثائقية عبر بي بي سي بعنوان "المعركة من أجل الديمقراطية الليبرالية"، كما نشر عدة كتب تناولت موضوعات الدبلوماسية والتغيير الاجتماعي.

ويعتبر فليتشر من الأصوات القليلة في الأمم المتحدة التي تتحدث بصراحة عن الأزمات الإنسانية، مما يجعله شخصية محورية في الجهود الدولية الرامية إلى تخفيف معاناة المدنيين في مناطق النزاع، وخاصة في غزة.

مقالات مشابهة

  • الدبلوماسي العاري.. من هو المبعوث الأممي توم فليتشر الذي يقف في وجه إسرائيل؟
  • حملة توعوية بصحم تعزز الوعي بتأثير وسائل التواصل على القيم العُمانية
  • نكف قبلي حاشد في مستبأ بحجة : لا تراجع في مواجهة الصهاينة وخونة الداخل
  • ماذا نعرف عن مطلق النار على موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن؟
  • واتساب يتصدر تطبيقات التواصل الاجتماعي الأكثر استخداما بالمملكة
  • أدوات تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي.. أداة أيم إنسايتس لزيادة التفاعل وتحسين الأداء
  • عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟
  • “واتساب ويوتيوب وسناب شات” في المقدمة.. تطبيقات التواصل الاجتماعي تتصدر الاستخدامات الرقمية في المملكة خلال 2024
  • تطبيقات التواصل الاجتماعي تتصدر مشهد الاستخدام الرقمي في المملكة
  • «واتساب» في المرتبة الأولى.. تطبيقات التواصل الاجتماعي تتصدر مشهد الاستخدام الرقمي في المملكة