معركة كرامة وإعلام أقل قامة – عمار العركي
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
• من اليوم الأول للحرب والناس، كل الناس في حالة صدمة وإندهاش ، وعلى مدار الشهرين الآوائل للحرب ، كانت هنالك إستجابة إعلامية تلقائية وفورية من قبل الإعلاميين والصحفيين والخبراء الوطنيين الذين تداعوا بحس وطني لسد فرقة الإعلام “المصدوم والمندهش” ، ولم يبارحوا الفضائيات بكل تصنيفاتها ومواقع التواصل الإجتماعي بكل تبايناته.
• أذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر، الخبراء الوطنيين د. اسماعيل محذوب ، د.ابراهيم الرشيد ، الفريق فتح الرحمن ، اللواء عبد الهادي عبد الباسط ،د. حسن سلمان د. محمد عبد الرحمن ومن الإعلاميين والكُتاب الصحفيين ابو هاجة ،ابراهيم الحوري، الطاهر ساتي ،عثمان ميرغني ، عمار عوض ، عبد الماجد عبد الحميد ، الصادق الرزيقي،خالد الإعيسر ، عادل سيد احمد ،…. الخ ، وبمختلف إنتماءاتهم ومنطلقاتهم، تنادوا من منطلق الحصة “إعلام وطن”، تنادي لم يكن مرتباٌ له او منسق إنما كان تلقائياً وبحس وطني مجرد إحساساٌ بخطورة الوضع في ظل غياب الإعلام الرسمي وضعف الحربي .
• وبعد مُضي الشهرين خبأت او تكاد تكون تلاشت تلك الأسماء لأن “الفرقة” اتسعت والحرب الإعلامية أصبحت أكبر من امكانياتهم “المادية والمعلوماتية”، وحضر في غيابهم إعلام العدو بعد تأكُد ويقين خسارته للمعركة العسكرية ، ليقود معركة إعلامية أشد ضراوةً وخطراً وأثراً لتعويض الفارق وقد نجح بجدارة في ذلك ليس بالامكانات المادية او الفنية المأهولة ، ولكن لتقاعس وتخلف الاعلام الأيجابي وتواضع الاعلام الحربي الميداني والمعنوي التوجيهي ، لدرجة أن صاحب الكوكتيل الإخباري المتخصص الإعلامي الوطنى “محمد الننقة” يبحث عن الخطوط والعناوين الاعلامية العريضة الإيجابية لكوكتيله ، كمن يبحث عن إبرة مُعقمة في كوم من الإبر “المسممة”.
• ظللنا في كل كتاباتنا ومقابلاتنا ننبه ونطالب بضرورة إعلان حالة الطواريء الإعلامية وضرورة أن تكون المعركة الإعلامية مُتقدمة او موازية للمعركة العسكرية والسياسية وليس العكس، حتى الإعلام الشخصى المناصر ومجتهد ، والذى بدأ فاعلاً ومؤثراً ، أصابه ما أصابه، لدرجة ترك المعركة الحقيقية والإنشغال بقضايا “إنصرافية” وتشاكسات وملاسنات داخل الإعلام المناصر والمساند لقواتنا المسلحة ، مثل أن الاعلامي الفلاني تخاذل والإعلامي الفرتكاني يريد شق الصف ، وآخر يخدم في أجندة العدو دون إدراك او تريث ……الخ.
فاختلط حابل الاعلام الوطني بنابل إعلام العدو المستعد والمتربص، وأصبح المواطن والمتلقي في حيرة من أمره ، ويدفع فاتورة الهزائم الإعلامية ، والإعلام “الإنصرافي” الغير “منصور” و “لا هادى” وأخشى ما أخشى أن يطرق جدار الثقة المتين “طارق” من طوارق سؤ الظن والفتن ، فى ظل غياب الأخبار والحقائق، التى في مجملها إيجابية ومنتجة وفي المتناول ، ولكن من يرسلها ؟ وكيف يرسلها ؟ لقطع الدرب أمام تغبيش وتشويش،وفبركات إعلام العدو ، وليطمئن قلب المواطن ، ويركز قلم الكاتب الوطني ، ويلعلع لسان الخبير والمحلل ، كما كان عليه الحال فى شهري الحرب الآوائل.
• خلاصة القول منتهاه:
• والحرب في شهرها السابع ، لا زال إعلام الحرب الرسمي والأمني والعسكري التوجيهي المعنوي محلك سر ، واصبح خصماٌ على انتصارات القوات التي تحقفت ، والمعنويات التي ارتفعت
• الحرب الإعلامية بانماطها الرسمية والأمنية والحربية التوجيهية ، غير مواكبة او واضحة وعاجزة عن مقارعة إعلام العدو رغم تراجعه وتقهقره.
• لابد من تدارك الوضع الإعلامي من خلال غرفة طواريء اعلامية متخصصة من كل المعنيين ، ووضع خطة إسعافية لعمل اعلامي اخباري توجيهي معنوي.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: كرامة معركة وإعلام إعلام العدو
إقرأ أيضاً:
الأعراف والأسلاف اليمنية والحرب الناعمة .. معركة على الهوية
يمانيون|خاص| عبدالحكيم عامر
الأسلاف والأعراف اليمنية، باعتبارها موروثًا اجتماعيًا تشكل عبر قرون، وأسهم في بناء مجتمع يمني متماسك قادر على إدارة ذاته، وحماية كرامته، بل هي منظومات اجتماعية راقية ومتقدمة في تنظيم حياة الناس، وتحقيق العدالة، وبناء التماسك الداخلي، والتكافل والضبط الاجتماعي، تشبه في كثير من خصائصها ما تصبو إليه الأنظمة القانونية والدينية الحديثة، إن إحياءها يعتبر تحصينًا للمجتمع أمام حرب ناعمة تحاول أن تفرغه من مضمونه الحضاري والثقافي.
في زمن تبدلت فيه الثوابت، وتُشن الحروب بأدوات ناعمة تخترق العقول والوجدان، تبدو المعركة على هوية المجتمعات أكثر شراسة من أي وقت مضى، هدفًا مركزيًا في سياق صراع يُراد له أن يقتلع الهوية، ويمحو معالم الأصالة العرفية والدينية، ويستبدلها بمفاهيم هجينة تغذّي الانسلاخ والتبعية، فإن الأعراف يمكن أن تتحول إلى “درع مجتمعي” يحصن الهوية، ويمنع الاختراق، ويغرس قيم الشهامة، الغيرة، العزة، والالتزام، وهي القيم نفسها التي تستهدفها حملات التفكيك الثقافي اليوم.
الحرب الناعمة ليست صواريخ تنهمر على الجبهات، بل هي اختراق ناعم يُشن على الجبهة الداخلية، يتسلل إلى العقول والأذواق واللغة والعلاقات الاجتماعية، أدواتها: الإعلام، التعليم، الفن، التكنولوجيا، ومنظمات تدّعي “حقوق الإنسان” بينما تنسف ما تبقى من الكرامة، هدفها: تدمير الهوية، وتحويل المجتمعات إلى نسخ مفرغة من محتواها، يسهل توجيهها والسيطرة عليها.
وفي ظل الحرب الكونية على اليمن يتعرض اليمن لغزو ثقافي مكثف، يحاول إعادة تشكيل المجتمع وفق قوالب مستوردة، تشجع التفاهة، والانفلات القيمي، وتحقّر الموروث المحلي، وخاصة الأعراف القبلية التي طالما شكّلت خط الدفاع الأول عن كرامة المجتمع اليمني وتماسكه.
وعلى مدى قرون، شكّلت الأعراف والأسلاف القبلية اليمنية منظومة حكم مجتمعي متكاملة، قامت على مبادئ الشرف، الإنصاف، الحماية، والصلح، وكانت بمثابة الدستور الشعبي قبل الدولة، بل هي منظومة قيمية حاكمة، من “العيب الأسود” إلى “الدخالة” و”التحكيم”، شكلت شبكة أمان أخلاقية واجتماعية.
ولم يكن المشروع القرآني الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي في تعارض مع الأعراف، بل على العكس، أوجد بينها وبين القيم الإيمانية تكاملًا عضويًا، وقد تمكّن السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، من تفعيل هذا التكامل، بتحويل القبيلة اليمنية تحت راية الهوية الإيمانية، من كيان اجتماعي إلى قوة اجتماعية وسياسية وثقافية، تدافع عن كرامتها ودينها، وتناهض العدوان بشتى أشكاله، ومنها الحرب الناعمة، بل وكانت القبائل في طليعة المدافعين عن فلسطين، والمناهضين للهيمنة الأمريكية والصهيونية، لأنه لامس شرفهم، وغيرتهم، وكرامتهم الأصيلة.
فالأعراف التي تحمي العرض وتجرّم الخيانة وتردع الظلم، ليست بعيدة عن روح الإسلام، بل هي انعكاس لتطبيق القيم القرآنية على الواقع الاجتماعي، ولذلك تحوّلت هذه المنظومة إلى حليف استراتيجي للمشروع القرآني في مواجهة الفوضى الأخلاقية والفكرية القادمة من الخارج في حرب ناعمة.
في زمن التكنولجيا المتوحشة، والتحلل القيمي، تبدو الأعراف اليمنية كجذور عميقة في يمن الوعي، لا تقتلعها العواصف، بل تتجدد مع كل تحدٍّ، وتزداد تماسكًا في وجه كل محاولة استلاب.
وإذا كانت الحروب العسكرية قد فشلت في كسر صمود اليمن، فإن الواجب الآن هو أن نفشل الحرب الأدهى: الحرب الناعمة… ولن يتم ذلك إلا بالعودة إلى أسلافنا، لا لنبكيهم، بل لنحمل رايتهم ونحمي هويتنا بهم ومعهم.