خمسة وسبعون عاما منذ تبنّي الغرب للكيان الإسرائيلي وزراعته في قلب الوطن العربي . 75 عاما من الرعاية والحماية والدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والإعلامي، حتى بدت دولة الكيان وكأنها القوة الإقليمية الأولى في المنطقة، أو هكذا كان يظنها الكثيرون إلى ما قبل السابع من أكتوبر 2023.
لكن طوفان الأقصى أثبت – بما لا يدع مجالا للشك – أن دولة الكيان ضعيفة .
في اليوم الأول لمعركة الطوفان، استنجد نتنياهو بأمريكا التي سارعت على الفور بتقديم الدعم العسكري والسياسي ولم يتورع قادة الدولة العظمى عن خلق الذرائع والكذب وتسويق الروايات المضللة عن المقاومة لتبرير جرائم الكيان المسعور .
أرسلت واشنطن البارجات العسكرية وانشأت جسرا جويا لنقل الدعم العسكري، وهرع وزير دفاعها وقبله وزير خارجيتها انتوني بلينكن – الذي خرج عن كل الأعراف السياسية والدبلوماسية والأخلاقية ولم يراع حتى مكانته ومسؤوليته كوزير خارجية الدولة الأعظم في العالم – وظهر كمرتزق وضيع وهو يقول للإسرائيليين : “جئتكم كيهودي … ” .
تهافت قادة أمريكا وأوروبا إلى تل أبيب لدعم الكيان والحؤول دون انهياره .
يحدث هذا بعد 75 عاما من إنشائهم دولة الكيان، وفي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تتأهب لمغادرة الشرق الأوسط وتسليم مهمة “الهيمنة والقيادة” لدولة الكيان . لكن طوفان الأقصى، كشف المستور، وأعاد الكيان اللقيط ورعاته إلى المربع الأول . اكد طوفان الأقصى أن دولة الكيان وبعد 75 عاما من عمرها، لا تزال في مرحلة الحضانة، لا تستطيع أن تقف أو تخطو على قدمين، ولا يمكن لها إخفاء عوراتها أو تنظيف قذاراتها دون مساعدة أمريكية أوروبية .
معركة طوفان الأقصى شكلت تهديدا وجوديا لكيان الاحتلال، وهي بالنسبة للفلسطينيين – وخلفهم محور المقاومة – تعتبر بوابة النصر والتحرير، أمام هذه الحقائق، يرتكب الإسرائيليون بدعم أمريكي غربي مطلق مجازر إبادة وجرائم تطهير عرقي لا تمت للحروب العسكرية بصلة .
في المقابل، يدرك الفلسطينيون ومحور المقاومة، أهمية المعركة كبوابة نصر يجب أن تظل مفتوحة، لأن إغلاقها سيكون له تداعيات سلبية كبيرة على مستقبل القضية الفلسطينية وعلى محور المقاومة أيضا .
سطرت حركة حماس في معركة طوفان الأقصى ملحمة بطولية أعادت الاعتبار للعرب والمسلمين.. دفنت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ودفنت معه كل الأعذار والمبررات التي تلوكها الأنظمة العربية الرسمية المتخاذلة وتتغطى بها، فبات كلاهما – اليهود المتغطرسون والعرب المتخاذلون – عُراة لا يقدرون بعد الآن على تغطية سوءاتهم .
في طوفان الأقصى اجترحت حماس المعجزات وطوعت المستحيل لأنها “فكرت خارج الصندوق “. وهذا ما دعا إليه رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في آخر كلمة متلفزة عشية الجمعة الماضية، حين دعا الشعوب العربية إلى النفير و ” التفكير خارج الصندوق ” .
وهذا يعني الخروج من الروتين المعتاد في إظهار التضامن والدعم لنصرة غزة والقضية الفلسطينية .
المعركة كبيرة وخطيرة والهجمة شرسة والمخطط خطير، وهنا لا يكفي أن تخرج المسيرات في المدن العربية، يصرخون ويرفعون اللافتات والأعلام، ثم يعودون إلى منازلهم .
يجب أن يكون الخروج فاعلا ومؤثرا، بما يؤدي إلى الضغط على الأنظمة العربية المتخاذلة وعلى الدول الداعمة للكيان المحتل .. وهذا يقتضي أيضا تبني المبادرات التي من شأنها استدامة التضامن والدعم الشعبي الفاعل لنصرة القضية الفلسطينية .
وعلى سبيل المثال، يعلن قادة العدو أن هدفهم الرئيسي من حربهم على غزة هو القضاء على حماس نهائيا، وهنا باستطاعة الشعوب العربية أن ترد على التهديد بالإعلان عن تأسيس معسكرات لحماس في البلدان العربية، تكون رديفا لحماس الداخل الفلسطيني وامتدادا لها .
ألم يدعم الغرب معسكرات لتنظيم القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات التكفيرية الإرهابية في بلداننا العربية ؟. أليست حماس والجهاد أولى بتلك المعسكرات ؟.
aassayed@gmail .com
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الدويري: صمود المقاومة دفع واشنطن لمفاوضات مباشرة مع حماس
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن صمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وقدرتها على الاستمرار في القتال رغم الظروف القاسية هو العامل الرئيس الذي دفع واشنطن للدخول في مباحثات مباشرة معها، في محاولة لإنهاء الحرب.
وأضاف الدويري -خلال فقرة التحليل العسكري- أن مبدأ المفاوضات ينطلق من فوّهة البندقية وينتهي عند الطاولة، ولولا وجود البندقية لما كان هناك تفاوض بين القوي والضعيف.
وأكد الدويري أن وجود المقاومة، خاصة في الفترات الأخيرة من عمليات "كسر السيف 1″، و"كسر السيف 2″، و"أبواب الجحيم"، ووقوع خسائر وظهور أصوات من قادة إسرائيليين يتحدثون عن عدم قدرة جيش الاحتلال على حسم المعركة؛ كلها عوامل جعلت واشنطن تتحرك نحو المباحثات المباشرة.
ولفت الخبير العسكري الدويري إلى المعادلة التي دفعت واشنطن للتحرك، موضحا أن أحد العوامل الرئيسة -إن لم يكن أهمها- هو صمود المقاومة وقدرتها على الاستمرار في القتال وإيقاع خسائر مؤلمة.
وأوضح أن هذا الأداء الميداني للمقاومة قابله تصعيد محموم من قبل جيش الاحتلال قد يفضي إلى قتل بقية الرهائن.
معادلة المفاوضات
وبيّن الدويري أن المعادلة الحالية تتمثل في الاستمرار في القتال، وعدم قتل الرهائن، وعدم منح الاحتلال القدرة على حسم المعركة، والدخول في دائرة مفرَغة، مما دفع باتجاه المباحثات.
إعلانواستدرك قائلا إن الأخبار لا تزال في بداياتها، ولا تعطي انطباعا كاملا، فهي تتحدث عن تواصل مباشر، ووقف إطلاق نار، وإدخال مساعدات، لكن تفاصيل طلبات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لمّا تتبين.
وفي تحليله لأوراق القوة التي تمتلكها المقاومة في المفاوضات، أشار الدويري إلى أن المقاومة لا تزال صامدة، رغم الآلام والتدمير والجوع وكل المعاناة.
وحدد الخبير العسكري أن المقاومة تملك ورقتين أساسيتين: ورقة السلاح وورقة الرهائن، ويستحيل أن تضحي بأي منهما دون الوصول إلى وقف إطلاق نار وانسحاب.
رسائل نتنياهو
وحول تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن توسيع العمليات العسكرية في غزة رغم المفاوضات الجارية، أوضح الدويري أن هذه التصريحات ليست موجهة للرئيس الأميركي دونالد ترامب أو الإدارة الأميركية، بل هي موجهة لقاعدته السياسية فقط.
وعلل ذلك بالقول إنه من غير المنطقي أن يكون لدى نتنياهو الجرأة ليتحدى ترامب في هذه الفترة بالذات، فترامب قادم إلى المنطقة ولديه رؤية معينة، وهو يأتي كرجل أعمال يسعى لتحقيق صفقات.
وأضاف الدويري أنه من غير المتصور أن يقوم نتنياهو باجتياح غزة قبل هبوط طائرة ترامب في المملكة العربية السعودية كما يدعي، ويمكن أن يحدُث ذلك على الأقل بعد مغادرة الرئيس الأميركي، إذا كان نتنياهو فعلا جازما في قراره، لكن الأرجح أن هذه مجرد رسائل موجهة للداخل الإسرائيلي.
تناقضات إسرائيلية
ولفت الدويري إلى التناقضات في الموقف الإسرائيلي، موضحا أنه رغم كل التحذيرات، فهناك دعوة لفِرق من قوات الاحتياط للذهاب إلى غزة وإلى الشمال، مع وعود بتجنيد 10 آلاف و500 جندي خلال عامين، وتقديم حوافز مالية وسكنية للاحتياط الذي يلتحق بالخدمة.
واعتبر الدويري أن هذه الإجراءات تمثل تهيئة للحرب، لكنه أكد في المقابل أن المقاومة لا تزال صامدة، مما يشير إلى استمرار المواجهة رغم المفاوضات الجارية.
إعلان