استهداف أقدم كنيسة بغزة.. عندما لا يميز القصف بين البشر والحجر
تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT
مدينة غزة- تلجأ عائلة إبراهيم جهشان إلى كنيسة القديس برفيريوس العريقة (أرثوذكسية شرقية) في مدينة غزة منذ بدء الحرب.
لم يراود إبراهيم -وهو واحد من 1000 مسيحي في غزة- الشك مطلقا في أن الكنيسة -التي بنيت للمرة الأولى قبل 16 قرنا- ستوفر مكانا آمنا له ولزوجته الحامل وطفليه، اللذين تتراوح أعمارهم بين 5 و6 أعوام.
فالكنيسة الأرثوذكسية اليونانية -الأقدم في المدينة، والواقعة في حي الزيتون- تعدّ ملاذا لكل من المسيحيين والمسلمين خلال حروب إسرائيل الدورية ضد غزة.
في هذه الحرب، آوت الكنيسة مئات الأشخاص قبل أن يستهدفها قصف إسرائيلي -مساء الخميس الماضي- ملحقا أضرارا جسيمة بأحد المباني الأربعة في مجمعها، مما أدى إلى انهيار سقفها وترك العشرات محاصرين تحت ألواح خرسانية، وفقا لشهود عيان تحدثوا لمراسلي الجزيرة الإنجليزية يلينيا غوستولي، وعبد الحكيم أبو رياش.
وبحلول بعد ظهر الجمعة، قالت البطريركية الأرثوذكسية في القدس للجزيرة، إنه تأكد مقتل 18 شخصا على الأقل، بينهم أطفال عدة.
ويعيش في غزة حاليا قرابة 1000 مسيحي من أصل 3500 قبل فرض الحصار الإسرائيلي في 2007، هاجر بعضهم إلى دول عربية وغربية، وانتقل آخرون للعيش في الضفة الغربية التي يقطنها نحو 85 ألف مسيحي، بينما يعيش حوالي 150 ألف مسيحي في مدن الداخل.
"كنا نظن أننا سنكون محميين""المبنى الذي قصفوه يقع بجانب الكنيسة.. ندعو الله فقط أن ينهي هذه الحرب"، هكذا قال إبراهيم جهشان الذي لا يزال يرتعش من تبعات الانفجار الهائل.
إبراهيم السوري، وهو ناج آخر آوته الكنيسة أيضا، يقول، إن نحو 200 طفل وامرأة ومسنّ ومريض، كانوا يحتمون بالكنيسة عندما استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية المبنى بغارتين.
"كنا نظن أن الكنيسة ستحمينا، ولكن مع الأسف الاحتلال الإسرائيلي الغاشم لا يفرق بيننا.. لقد استهدفوا الكنائس والمساجد والمستشفيات. لا يوجد مكان آمن".
إبراهيم السوري دعا الأحرار في كل أنحاء العالم إلى الضغط على حكوماتهم لوقف إراقة الدماء بحق الفلسطينيين.
"نحن نعلم أن زعماء العالم ضدنا، ولكن كما قال (الزعيم الفلسطيني الراحل) ياسر عرفات، نحن شعب عظيم.. وهذا هو الثمن الذي يتعين علينا أن ندفعه".
وحسب الأب عيسى مصلح، الناطق باسم بطريركية الروم الأرثوذكس في بيت لحم، فإن المبنى الذي انهار كان جزءا من مجمع الكنيسة، وأُخرج عشرات الجرحى بينما لا تزال جهود الإنقاذ جارية لإنقاذ ضحايا آخرين، لا يزالون تحت الأنقاض.
سيدة فلسطينية مسيحية -هي الأخرى- بكت في وداع 3 من حفدتها استشهدوا في قصف الاحتلال لكنسية الروم الأرثوذكس، وقالت، "حبايب قلبي أولاد ابني 3 كلهم راحوا، كيف سأعود إلى البيت من دونهم، إلى أين أذهب، لا أستطيع أن أرى المنزل، ولا أريد الذهاب إليه، ادفنوني معهم".
View this post on InstagramA post shared by Ashraf Amra (@ashrafamra)
ومنذ بدء الحرب، تعرضت المساجد والمدارس والمستشفيات -التي لجأ إليها الناس بعد فرارهم من منازلهم- لقصف عنيف.
ويوم الثلاثاء الماضي، قُتل 6 أشخاص بعد أن أصابت غارة جوية إسرائيلية مدرسة تابعة للأونروا في مخيم المغازي للاجئين في غزة. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أدى انفجار هائل في المستشفى الأهلي العربي إلى مقتل مئات آخرين.
"الناس هناك -مسلمون ومسيحيون- اعتقدوا أنهم سيكونون آمنين داخل مبنى (الكنيسة). لأنها كنيسة، لم يعتقدوا أن إسرائيل ستقصفها "، يقول الأب عيسى مصلح للجزيرة.
لا أحد في مأمن
"لا أحد في مأمن والجميع في خطر، بغض الطرف عن دينه. يجب على الجميع التحرك لوقف هذا"، يقول أحد المسيحيين، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول فادي.
"هذه الرسالة موجهة إلى بايدن، رئيس الولايات المتحدة: المجتمع المسيحي في غزة مستهدف"، يضيف فادي البالغ من العمر 31 عاما، الذي ولد ونشأ في غزة.
وأثار القصف -كذلك- تساؤلات حول مصير المباني الأثرية العريقة في قطاع غزة، الذي يزخر بمناطق تحوي ثروة هائلة من الآثار التاريخية تمتد لقرون مضت، منذ العصر الكنعاني حتى العصر العثماني؛ مثل: المسجد العمري الكبير، وقلعة برقوق وغيرها.
ويبلغ عدد معالم غزة 145 معلما أثريا، حسب الدليل الأثري الذي أصدرته وزارة السياحة والآثار، موزعة على مدن مختلفة بقطاع غزة.
وبخلاف كنيسة القديس برفيريوس التي تأسست مطلع القرن الـ5 الميلادي، وجُدّدت منتصف القرن الـ11 الميلادي، يضم القطاع دير القديس هيلاريون الأثري، وهو عبارة عن تلة أثرية عثر فيها على أرضية فسيفسائية أثناء تسوية الرمال تعود إلى العصر البيزنطي.
ومن المناطق الأثرية العريقة -أيضا- "الكنيسة البيزنطية" في جباليا، التي تعدّ من أهم الكنائس في بلاد الشام.
وفي 2022 اكتشفت بقايا مقبرة رومانية عمرها 2000 سنة، بينما كان عمال يحفرون في ورشة بناء ضخمة في جباليا شمال القطاع.
البطريركية الأرثوذكسية: "هذه جريمة حرب"
وأدانت البطريركية الأرثوذكسية القصف الإسرائيلي، وأكدت في الوقت ذاته تمسكها والتزامها بتوفير المأوى للنازحين.
"إن استهداف الكنائس ومؤسساتها والملاجئ التي توفرها لحماية المواطنين الأبرياء، خاصة الأطفال والنساء الذين فقدوا منازلهم بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية على المناطق السكنية خلال الـ 13 يوما الماضية، يشكّل جريمة حرب لا يمكن إنكارها"، تقول البطريركية في بيانها.
في المقابل ادعى بيان الجيش الإسرائيلي أن الغارة الجوية استهدفت مركزا للقيادة والسيطرة، كان يشارك في إطلاق الصواريخ وقذائف "المورتر" باتجاه إسرائيل.
وقال، "نتيجة للضربة، تضرر جدار كنيسة في المنطقة"، وأضاف "نحن على علم بالتقارير عن وقوع ضحايا. الحادث قيد المراجعة".
وتظهر مقاطع مرئية والصور الخاصة بالحادثة، نقل الأشخاص، بينهم أطفال ونساء مسنات، إلى المستشفى، بالإضافة إلى مشاهد المبنى المتضرر الذي انهار طابقه الأول بالكامل.
"لن أغادر غزة إلا بالعودة إلى المجدل"، يقول إلياس الجلدة، الذي ينتمي لأسرة مسيحية لاجئة من مدينة المجدل داخل فلسطين المحتلة قبل نكبة 1948.
"الفلسطيني المسيحي هو جزء أصيل من هذه الأرض المقدسة، ولا أرى نفسي إلا في وطني، رغم كل الآلام الناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي، وما يرتكب من جرائم بحقنا كلنا: فلسطينيين مسلمين ومسيحيين"، يضيف إلياس للجزيرة نت.
وعلى الرغم من الرعب، فإن إبراهيم جهشان وعائلته سيواصلون الاحتماء بالكنيسة. "هنا تعمدنا وسنموت هنا" يختم كلامه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: کنیسة القدیس برفیریوس فی غزة
إقرأ أيضاً:
"كبسولة صينية" لإطالة عمر الإنسان إلى 150 عامًا!
الرؤية- كريم الدسوقي
بينما يتسابق العلماء حول العالم لإيجاد طرق تبطئ الشيخوخة وتطيل عمر الإنسان، جاء إعلان شركة Lonvi Biosciences الصينية ليشعل جدلًا واسعًا، بعدما كشفت عن كبسولة تقول إنها قد تدفع بمتوسط العمر البشري ليصل إلى150 عامًا.
الشركة، التي تتخذ من شينزن مقرًا لها، تعمل في مجال أبحاث طول العمر، وأعلنت بثقة أن منتجها الجديد يستهدف ما تسميه "الخلايا الزومبي"، وهي خلايا هرمة لا تموت ولا تنقسم، لكنها تستمر في بث الالتهابات داخل الجسم.
وداخل مختبرات Lonvi، يقول المدير التنفيذي إيب تشو، إن الأمر يتجاوز مجرد دواء جديد؛ فهو يعتبره "الكأس المُقدَّسة" لأبحاث الشيخوخة، على حد تعبيره، مُفسِّرًا ذلك بأن المكون الأساسي للكبسولة قادر على دعم صحة الخلايا وتحسين مقاومتها للأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر، وهو ما يجعل فكرة بلوغ 150 عامًا ليست مجرد خيال علمي؛ بل احتمال واقعي.
وتعتمد التركيبة على مركّب "بروسيانيدين C1 (PCC1) " المستخلص من بذور العنب، وقد أظهرت تجارب سابقة أن هذا المركب أطال عمر القوارض من قبل، فيما كشفت اختبارات الشركة الصينية أن الفئران التي تناولت المستحضر عاشت 9.4% أطول بشكل عام، وارتفعت نسبة النجاة لديها بنسبة 64.2% بعد بدء العلاج.
هذه الأرقام دفعت ليو تشينغهوا، المدير التقني في الشركة، إلى التصريح لصحيفة "نيويورك تايمز" بأن "الوصول إلى 150 عاما أمر واقعي تماما"، ومع أن مثل هذه الوعود أثارت الحماس لدى البعض، فإنها أثارت أيضا تساؤلات حول مدى دقة النتائج، وعما إذا كانت هذه التجارب ستثبت فعاليتها على البشر كما حدث مع القوارض.
اللافت أن الاهتمام المتزايد في الصين بأبحاث إطالة العمر يأتي في وقت تشهد فيه البلاد ارتفاعًا ملحوظًا في متوسط الأعمار؛ إذ وصل متوسط عمر الفرد في الصين عام 2024 إلى 79 عامًا، أي أعلى بخمس سنوات من المتوسط العالمي، وهو ما يعكس توجها عاما نحو الاستثمار في هذا المجال؛ سواء من جانب الحكومة أو من قبل فئة متنامية من المواطنين القادرين على تحمل كلفة مثل هذه العلاجات.
ويصف غان يو، الشريك المؤسس لشركة Time Pie المتخصصة في علوم طول العمر، هذا التحول بأنه "ثورة في نظرة المجتمع الصيني للشيخوخة"، مشيرا إلى أن الحديث عن إطالة العمر كان يوما ما حكرا على أثرياء الغرب، لكنه أصبح اليوم موضوعا حيويا داخل الصين نفسها.
ومع أن الطريق لا يزال طويلا قبل التأكد من فعالية هذه الكبسولة على البشر، فإن الإعلان عنها أعاد إشعال النقاش العالمي حول حدود العلم، وما إذا كان البشر حقا قادرين على التأثير بساعة أجسادهم البيولوجية.