جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-05@02:20:48 GMT

تجليات الغثائية

تاريخ النشر: 22nd, October 2023 GMT

تجليات الغثائية

 

د. عبدالله الغيلاني

للأزمات الكبرى جوانب مضيئة كما أن لها جوانب مُظلمة، ولها تعبيرات نافعة رغم حمولتها من العذابات والآلام، وليست محنة غزة بدعاً من ذلك. والمحن الكبرى في تاريخ الأمم لها وظيفتان: الكشف والإنشاء!

فهي، من جهة، تكشف مواطن الضعف وتُنبئ عن مواضع العجز وتضيء مساحات الوهن التي بقيت حينًا من الدهر مناطق مُعتمة، ولكنها- أي الأزمات- في الوقت ذاته تهدم واقعًا وتنشئ على أنقاضه واقعًا مغايرًا، ويتخلق ذلك الواقع الناشئ أولًا في العقل الجمعي حتى إذا بلغ أشده واستوى تحول إلى فعل على الأرض، ولا يزال يعلو حتى يغدو مشروعا مكتمل الشروط.

غزة اليوم، بصرخات أطفالها وأوجاع شيوخها وشموخ رجالها وصمود شبابها، تكشف لنا ثلاث حقائق:

درجة متقدمة من الوعي السياسي والأصالة الوحدانية بلغتها الأمة في مجموعها. تفشي حركة النفاق وامتلاكها لأدوات التأثير. مستويات الغثائية السياسية؛ أي تلك التي بلغتها النظم السياسية الرسمية، وخاصة النظام العربي!!

حديثي في هذه المساحة عن الحقيقة الثالثة، وهي في ذاتها ليست جديدة، ولكن الجديد انكشاف دركات الانحدار التي بلغتها، فقد لامست القاع أو كادت. حتى على مستوى الخطاب السياسي بدت مترهلة واهنة، أما على مستوى الفعل والتأثير فقد هوت إلى قاع سحيق.

ليست هذه الغثائية وليدة البارحة؛ بل هي ضاربة الأطناب، عميقة الجذور، بعيدة الغور، فمنذ سقوط الخلافة الراشدة وسكوت الأمة عن ذلك التحول المريع من الحكم الرشيد إلى الملك العاض ثم الملك الجبري الذي تمثله الدولة الوطنية الراهنة، والغثائية تفتك بالمجتمعات المسلمة؛ إذ أدى ذلك الانقلاب على الحكم الراشد إلى تعطيل مقررات الشرع وإخراج الأمة من معادلة الحكم، والاستبداد بالأمر دونها والتحكم في مصيرها التاريخي.

نحن أمام حالة متجذرة من الخزي قلّ نظيرها في تاريخ المسلمين: شعب مسلم واقع تحت نيران تزداد كثافتها في كل ساعة وتحصد أعدادًا من أنفس بريئة، تستغيث ولا مغيث، وتستنجد ولا مجيب، ونستنصر ولا نصير!! وفي الطرف الآخر من المعادلة نظام عربي قد أصابه العطب وتفشت الغثائية في كل مفاصله، بل تجرد حتى من الحس الإنساني وأضحى بليدًا مقعدًا!!

ليت هؤلاء يعلمون أن إجلاء يهود بني قينقاع كان بسبب امرأة مسلمة اعتدوا عليها في سوقهم، وأن فتح مكة كان بسبب نفر من خزاعة اشتركت قريش في قتلهم غدرًا، وأن النبي-صلى الله عليه وآله- جرد جيشًا لحرب الروم ونصارى العرب في مؤتة لمّا قُتل رجل واحد من أصحابه (الحارث بن عمير الأزدي)!! ولكن أنىّ لهم أن يعلموا!!

هل من شيء يفعلونه إن هم عجزوا عن الفعل العسكري (وليسوا بعاجزين)؟

أدوات الحرب عديدة، وهم يمتلكون كثيرًا منها، ولكن مع الوهن والخور وغياب القصد، فإن تلك الأدوات لا تغني شيئا. حزمة من الخيارات الجيوستراتيجية يسعهم اللجوء إليها لوكانوا صادقين: دعم المقاومة، إدخال المعونات الغذائية والطبية إلى غزة قسرًا دون الالتفات إلى مواقف العدو، وتجميد العلاقة مع الولايات المتحدة أوالتهديد بذلك، وتجميد الشراكات التجارية مع داعمي إسرائيل.

لا يحسبن أحد أنه بمنأى عن تبعات هذه الغثائية، فما يجري لأهل غزة هو أنموذج للمُكن التاريخي؛ فالمعادلة واحدة وذات المقدمات تفرز ذات النتائج!

وما لم تغادر الأمة مرحلة الغثائية هذه فإنَّ سلسلة فواجعها لن تقف عند الحرب على غزة، واستذكر إن شئت سقوط بغداد أمام آلة التدمير المغولي وسقوط الأندلس-حاضرة الدنيا- أمام سنابك خيل الفرنجة، وردد إن شئت مرثية أبي البقاء الرندي:

لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ // إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تدشين فعاليات ذكرى استشهاد الإمام الحسين بمحافظة إب

الثورة نت /..

دّشنت بمحافظة إب، اليوم فعاليات ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام تحت شعار “هيهات منا الذلة”.

وفي الفعالية التي حضرها وكلاء المحافظة راكان النقيب وقاسم المساوى وحارث المليكي، ومحمد الشبيبي ومحمد المريسي، أكد رئيس هيئة رفع المظالم بالمحافظة يحيى القاسمي، أهمية إحياء ذكرى عاشوراء لاستلهام الدروس والعبر في تجسيد سيرة الإمام الحسين عليه السلام لمواجهة العدوان الأمريكي، الصهيوني على اليمن خاصة والأمة عامة.

ولفت الى أهمية الثبات على القيم الثورية التي حملها الإمام الحسين ودفع من أجلها حياته ثمناً لإعلاء كلمة الله ومقارعة الطغاة والمستكبرين، مشددًا على أهمية التعرف على شخصية الإمام الحسين والأسباب التي أدت الى خروجه لمواجهة طغاة بني أمية.

وبين القاسمي، أن مسار التضحية والصبر الذي يستلهمه الجميع من ذكرى عاشوراء يمثل تجديداً للعزم والصمود في مواجهة قوى الاستكبار العالمي، وتصحيح واقع الأمة وإصلاح المسار الذي يجب أن تسير عليه.

بدوره أكد مسؤول قطاع الإرشاد بالمحافظة أحمد المهاجر، ضرورة التمسك بنهج الإمام الحسين والذي مثل أنموذجاً في تاريخ الأمة والنظر إلى القصد والهدف لا إلى النتائج برغم الهزيمة التي كانت أهم أسبابها تخلي ضعاف النفوس عن قضيتهم بسبب الجهل والخوف والأطماع الشخصية والدنيوية.

واعتبر موقف الشعب اليمني المساند لغزة ولبنان وإيران صورة حقيقية للسير على نهج الإمام الحسين في التضحية والفداء دفاعًا عن قضايا الأمة، مؤكدًا السير على نهج الإمام الحسين والتضحية والجهاد في سبيل الله.

فيما أوضح عضو رابطة علماء اليمن العلامة مقبل الكدهي، أن مأساة كربلاء باستشهاد سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاجعة حلت بالأمة الإسلامية، ما يستدعي استلهام الدروس منها والثبات على موقف الحق ورفض الخضوع ومحاربة قوى الاستكبار.

وأشار إلى أن الإمام الحسين استشعر المسؤولية للخروج في وجه الظالمين لإعادة الأمة إلى المسار الصحيح بعد الانحراف اليزيدي، موضحًا أن ثورة الإمام الحسين تمثل منارة لكل ثوار وأحرار العالم في مواجهة الظالمين ونصرة المستضعفين في كل عصر.

حضر الفعالية نائب مسؤول التعبئة بالمحافظة عبدالله الوائلي، ومسؤولا قطاعي السياحة غانم عوسج، والتعليم الفني الدكتور بدر الفرح، ومديرو الجوازات العميد محمد الحارثي، وهيئة الكتاب ردمان الأديب، ومؤسسة المياه كمال القطني، والإحصاء يحيى العرامي، ومديريتي السبرة حميد المتوكل، والظهار فضل زيد، وشخصيات اجتماعية بالمحافظة.

مقالات مشابهة

  • ثورة الحسين وأثرها في الحاضر
  • النور: نخوض المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية من أجل البناء
  • عاشوراء في اليمن.. الإمام الحسين بين الوعي الثوري والامتداد المقاوم
  • السيد القائد يقدم رسالة عالمية ويكشف الحقائق .. العدو يذبح الأمة ولا عذر للساكتين
  • غزّة .. كربلاء العصر
  • عاشوراء في اليمن.. روح الحسين تتجدد في صمود شعب يواجه طغاة العصر
  • من كربلاء الى غزة… يتكرر الحسين في وجه الطغيان
  • علماء وخطباء الضالع يؤكدون وجوب اتحاد المسلمين لنصرة غزة
  • عرض مشروع قانون التعبئة العامة بمجلس الأمة
  • تدشين فعاليات ذكرى استشهاد الإمام الحسين بمحافظة إب