غدا سيولد من يستولد الحق من رحم المستحيل
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
(75) عامًا مرَّت على النَّكبة الفلسطينيَّة ولا يزال الوضع على ما هو عَلَيْه؛ جرائم ومذابح ترتكبها العصابات الصهيونيَّة بشكلٍ علنَي وقِح، وعالَم غربي يدعم سرًّا وعلانيَّة، ويتشدَّق بشعارات عن السَّلام المرجوِّ القائم على حلِّ الدولتَيْنِ، وموقف عربي متَّفق ومتضامن مع القضيَّة الفلسطينيَّة، لكن دُونَ خطوات فعليَّة تُعِيد الحقوق الفلسطينيَّة الأصيلة المعترف بها بمجموعة من القرارات المرجعيَّة الأُمميَّة، وآخر متخاذل بفعل الانقسام الواضح في طُرق الحصول على تلك الحقوق، بالإضافة إلى الحصار الَّذي يرزح فيه عالَمنا العربي التعيس بَيْنَ معضلات وأزمات داخليَّة وضغوط خارجيَّة تحُولُ بَيْنَه وبَيْنَ تحقيق أهدافه الوطنيَّة قَبل القوميَّة، وواقع فلسطيني منقسم بالتبعيَّة يعيش وسط معاناة لَمْ يعرفها التاريخ الحديث.
الغريب رغم أنَّنا اعتدنا أن نعيشَ في ظلِّ هذا الواقع عربًا وفلسطينيِّين، فكَمْ من مذبحة عايشناها في تاريخنا الشخصي، وكَمْ من جرائم صهيونيَّة ارتُكبت على مرأى ومسمع من العالَم الَّذي يتواطأ بعضه، ويكتفي البعض الآخر بالشَّجب والاستنكار والعويل على الدماء الَّتي تنزف، دُونَ خطوة فعليَّة لمحاسبة تلك الدَّولة المتغطرسة المدعوَّة «إسرائيل»، لكن يظلُّ فينا وبَيْنَنا مَن لدَيْه أمل في تغيير هذا الواقع المظلم الَّذي نعيشه، أمل نستمدُّه من الأبناء الَّذين لَمْ يتجاوزوا سنَّ الطفولة بعد، والَّذين يردِّدون بإصرار في شوارع القاهرة وبغداد ومسقط والرياض وباقي العواصم العربيَّة الأغنية الأيقونيَّة «على عهدي فلسطيني»، وكأنَّ تكرار الجرائم الصهيونيَّة على ما تحمله من بشاعة وإرهاب، يظلُّ يزرع في النفوس الشَّابة جذور القضيَّة الَّتي ستظلُّ مركزيَّة لكُلِّ عربي ومُسلِم، مهما زادت المِحن. إنَّ التقاعس العربي وتوالي الانكسارات لَمْ يقضِ على أملٍ في حلٍّ عادل وشامل، بل يتجدَّد في نفوس أبناء المستقبل، فبدلَ أن تقضيَ الجرائم الإسرائيليَّة المتوالية على أيِّ أملٍ في حلٍّ، نجدها تبني الإصرار والعزيمة في النفوس الشَّابة، وتُعرِّف الجرائم أبناءنا الأطفال والشَّباب الحقيقة والقضيَّة، وتبني وعيَهم الفردي والجماعي على كُره هذا المسخ الَّذي زُرع في حيِّنا خلسة زمن الاحتلال، ولا يزال مزروعًا كنَبْتٍ شيطاني بفعل مَن زرعوه ولا يزالون يحرصون على حمايته ورعايته، لتظلَّ الجرائم الَّتي ترتكبها دَولة الاحتلال تحُولُ بَيْنَ محاولات البعض من بني جلدتنا الذَّهاب نَحْوَ التطبيع، والحديث عن تقبُّل وجود الكيان الصهيوني والتعامل معه، وتخلق في نفوس أبنائنا رفضًا كاملًا لِمَا رفضناه نحن وحاول البعض فرضه عَلَيْنا. ولعلَّ حديثي مع ابني الَّذي لمَّا يتجاوز 11 عامًا، وتأكيده أنَّه يحلم بتحرير فلسطين، وما أسمعه من أغانٍ وطنيَّة وشعارات تدعم القضيَّة الفلسطينيَّة من أطفال لَمْ يبلغوا الحلم بعد، يؤكِّد لديَّ مقولة الشَّاعر الكبير أمل دنقل عِندما أطلق صرخته العالية (لا تصالح)، فسوف يولَد مَن يلبس الدِّرع كاملةً، ويوقد النَّار شاملةً، يطلب الثأرَ، يستولد الحقَّ، من أَضْلُع المستحيل، فقَدْ تكُونُ حرب غزَّة وما يعانيه الفلسطينيون اليوم هو الشرارة الَّتي ستصنع هذا الجيل المنشود، بعد تخاذل جيلنا ومَن سبقوه. فالجرائم تُوثَّق الآن بشكلٍ آني، لتجعلَ دماء النخوة تجري في العروق اليابسة الَّتي يبست من الخنوع.
إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
وفاة اللاعب الفلسطيني مهند الليلي في غارة إسرائيلية
ماجد محمد
توفى اللاعب الفلسطيني مهند الليلي متأثرًا بجراحه جراء قصف من قوات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة .
وقال الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم عبر حسابه الرسمي بموقع “إكس” للتواصل الاجتماعي إن مهند الليلي لاعب كرة القدم الفلسطيني قد فارق الحياة بعد غارات جوية إسرائيلية في غزة.
وكان الليلي متواجد في منزل عائلته في مخيم المغازي للاجئين وسط غزة، حيث تعرض اللاعب لإصابة قبل عدة أيام فقد على إثرها حياته لاحقاً.