في وقت يغيب أيّ حديث عن الاستحقاقات السياسية الداخلية، وفي مقدّمها انتخابات الرئاسة المجمَّدة، على وقع الحرب الإسرائيلية المتواصلة ضدّ قطاع غزة، وانعكاساتها اللبنانية على مستوى الحدود الجنوبية، وما تشهده من احتكاكاتٍ يومية يُخشى أن تفلت من السيطرة في أيّ لحظة، برز الحراك الذي أطلقه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، على شكل "جولة تشاورية" تشمل مختلف الفرقاء في هذا الظرف الدقيق.


 
وإذا كانت "مفارقة" بدء باسيل لجولته بزيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لافتة في الشكل والمضمون، فإنّ الاتصال "الآمن" الذي جمعه بالأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله بدا معبّرًا هو الآخر، مثله مثل اللقاء الذي عقده مع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط، الذي كان قد "سبقه" إلى المبادرة بالدعوة لتحصين الساحة الداخلية، ليخرج الرجلان متفائلين على وقع ما قالا إنّها "قواسم مشتركة كثيرة".
 
وفي وقتٍ اعلن "التيار" ان باسيل سيلتقي اليوم النائب السابق سليمان فرنجية والنائب فيصل كرامي وكتلة نواب الاعتدال الوطني، تعمّد باسيل الإشارة إلى ضرورة العمل على "تفاهم وطني يحفظ الوحدة الوطنية ويؤدي إلى إعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس للجمهورية أولاً، ومن ثمّ تأليف حكومة"، متحدّثًا عن حرب "أكبر من لبنان" يواجهها البلد اليوم. كما ان علامات استفهام طُرِحت عن فرص نجاح الحراك "الباسيليّ"، إن جاز التعبير، في تحقيق الحدّ الأدنى من هذا "التفاهم"، مع ما يتطلّبه ذلك من "تعالٍ" عن الخلافات السياسية، التي يبدو أنّ حرب غزة فاقمتها بدل أن تركنها جانبًا!
 
"كسر للجمود"
 
في الحدّ الأدنى، يقول العارفون إنّ الحراك الذي باشر به باسيل "كسر الجمود" الذي تشهده الساحة السياسية الداخلية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأعاد الاعتبار للواقع الداخلي الذي لا يجوز تهميشه أو تجاهله، ولا سيما أنّ القاصي والداني يدرك أنّ مواجهة الظرف الناشئ عن حرب غزة، وما يمكن أن يترتّب عليه من معارك محسوبة أو غير محسوبة، تحتاج إلى "تحصين" الساحة الداخلية، بالدرجة الأولى، قبل أيّ تفصيل آخر.
 
ومع أنّ هناك من ينتقد باسيل نفسه على عدم القفز فوق الخلافات السياسية نتيجة المتغيّرات الحاصلة، نتيجة عدم كسره قرار "مقاطعة" الحكومة، عبر الوزراء المحسوبين عليه، رغم أنّ السيناريو "الحربي" المتداول اليوم تنطبق عليه بطبيعة الحال مواصفات "الوضع الطارئ"، فإن هناك من يسجّل له في المقابل الكلام الإيجابيّ الذي صدر عنه، كما افتتاحه جولته بزيارة رئيس الحكومة تحديدًا، وهو ما قد يشكّل مؤشّرًا جيّدًا إن استُكمِل بخطوات ملموسة.
 
ولعلّ أهمية "كسر الجمود" في حراك باسيل أيضًا أنّه جاء ليغطّي على واقع "مُرّ" ظهر في الأيام الأخيرة، حين بدا أنّ حرب غزة، واحتمالات تمدّدها إلى الداخل اللبناني من بوابة الجنوب، عزّزت الانقسام العموديّ بين اللبنانيين، والذي تجلّى بخطاب يجوز وصفه بـ"العنصريّ" عاد ليظهر في المكان الخاطئ، لدرجة أنّ هناك من أراد أن يستكثر على شريكه في الوطن، الخوف المشروع من الحرب، والرغبة المشروعة بالنزوح إلى مناطق يُعتقد أنّها "أكثر أمانًا".
 
"التفاهم الوطني"
 
قد يقود الحديث عن هذا الخطاب الذي انتشر في الأوساط السياسية في الأيام القليلة الماضية إلى "التشاؤم" بإمكانية الوصول إلى "التفاهم الوطني" الذي وضعه باسيل سقفًا لمبادرته، متلاقيًا بذلك مع كلام الكثيرين ممّن التقاهم، والذين قد لا يتناغم معهم سياسيًا بالمعنى الواسع للكلمة، كالرئيس نجيب ميقاتي، والنائب السابق وليد جنبلاط، الذي كان للمفارقة أول من دعا إلى وجوب "التفاهم" لمواجهة كل السيناريوهات، مع تفادي "الانجرار" إلى حرب غزة.
 
بهذا المعنى، قد تكون مقولة باسيل إنّ الحرب "أكبر من لبنان" أكثر من معبّرة، وفق ما يقول العارفون، الذين يعتبرون أنّ على مختلف الفرقاء، سواء اتفقوا مع باسيل أم لم يتفقوا، يجب أن يتلقّفوا "العبرة" من ذلك، فمثل هذه الحرب لا يمكن مواجهتها في ظلّ الواقع المتردّي الحالي، وفي ظلّ رفض بعض الأفرقاء مجرد الجلوس مع بعضهم البعض على طاولة واحدة، بل يفترض مقاربتها بأجواء مغايرة تمامًا، بعيدًا عن كل الحسابات السياسية الضيقة.
 
وإذا كان التفاهم الوطني الذي تحدّث عنه باسيل بعيد المنال، برأي المتابعين، بالنظر إلى المواقف المعلنة التي رُصِدت في الأيام الأخيرة، فإنّ حديثه عن وجوب إعادة إنتاج السلطة بدءًا من انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثمّ تأليف حكومة، قد يكون محلّ إجماع، إلا أنّه إجماع يصطدم مرّة أخرى بالمقاربات، ولا سيما أنّ هناك من يراهن على "متغيّرات" قد تنشأ عن الحرب الدائرة في المنطقة، لصالح هذا المرشح الرئاسيّ أو ذاك، ولو على حساب الوطن.
 
قد يغلب التشاؤم التفاؤل مرّة أخرى، فيسود الانطباع بأنّ حراك باسيل لن يجد أصداء أفضل من حراك جنبلاط قبله، ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وغيرهم. ثمّة من يذهب أبعد من ذلك ليقول إنّ باسيل الذي أسهم في "إسقاط" مبادرة الرئيس بري الحوارية قبل أسابيع، لا يمكنه إطلاق "المبادرات"، لكن بين هذا وذاك، يبقى الأكيد أنّ المطلوب أكثر من "كسر الجمود"، ليتيح فتح باب "التفاهم" على مصراعيه، من أجل لبنان!  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هناک من حرب غزة

إقرأ أيضاً:

عاجل: رئيس هيئة الأركان: قبيلة أرحب في طليعة الصفوف دفاعًا عن الجمهورية.. وصمودها نموذج وطني في حماية الأرض والهوية

أشاد رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق الركن صغير بن عزيز بتضحيات وبطولات قبيلة أرحب، مؤكدا أنها كانت ولا تزال في مقدمة الصفوف دفاعًا عن الجمهورية والثوابت الوطنية، وقدّمت خيرة أبنائها شهداء في سبيل الحرية والكرامة، لتجسّد نموذجًا وطنيا مشرفا في الصمود والإباء.

 

جاء ذلك خلال فعالية أقامها أبناء قبيلة أرحب بمدينة مأرب، اليوم، إحياء للذكرى الحادية عشرة لنكبة أ، التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق أبناء المديرية في13ديسمبر2014م وراح ضحيتها أكثر من70شهيدا، وذلك تحت شعار "ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل"، بمشاركة واسعة من القيادات القبلية والشخصيات الاجتماعية وأسر الشهداء والجرحى.

 

كما أكد بن عزيز، أن صمود أبناء مديرية أرحب يمثل نموذجًا وطنيًا مشرفًا في الثبات والدفاع عن الأرض والهوية ومواجهة مليشيا الحوثي الإرهابية، حيث داعيا إلى قراءة الفاتحة على أرواح شهداء القوات المسلحة، مؤكدًا أن أرحب حملت شرف الدفاع عن الإنسان اليمني وقدمت نموذجًا مضيئًا في الوفاء للوطن عبر مختلف المراحل التاريخية.

 

وأشار الفريق بن عزيز إلى أن قبائل أرحب أثبتت عبر المنعطفات الوطنية المتعاقبة أنها ركيزة أساسية من ركائز الاستقرار الاجتماعي، وصوت للحكمة والاتزان، وسند صلب في حماية الأرض وصون الكرامة. وأوضح أن صمودها لم يكن موقفًا عابرًا، بل تجسيدًا لقيم القبيلة اليمنية الأصيلة القائمة على الشهامة والوفاء ورفض الظلم، وإسهامًا فاعلًا في الحفاظ على النسيج الاجتماعي ونبذ الفتنة وتعزيز السلم المجتمعي رغم قسوة الظروف.

 

وجدد رئيس هيئة الأركان التأكيد على أن النكبات التي تسببت بها مليشيا الحوثي الإرهابية زادت من إصرار أبناء أرحب على التمسك بثوابتهم الوطنية، مؤكدًا أن الشعوب الحية لا تُهزم مهما طال ليل المعاناة، لافتا إلى أن القبائل اليمنية، وفي مقدمتها قبيلة أرحب، ستظل سدا منيعا في وجه محاولات النيل من وحدة اليمن، داعيا في ختام كلمته بالرحمة للشهداء والشفاء للجرحى، وأن يحفظ الله اليمن وأهله ويكلل جهود أبنائه بالأمن والسلام والاستقرار.

  

من جهته أكد رئيس مجلس مقاومة صنعاء وعضو مجلس النواب الشيخ منصور الحنق في كلمة له، أن قبيلة أرحب كانت وستظل في طليعة القبائل المدافعة عن الجمهورية والثوابت الوطنية، مشيرا إلى أن ما تعرضت له المديرية من انتهاكات وجرائم لن يسقط بالتقادم.

 

وأوضح الحنق أن الذكرى الحادية عشرة لنكبة أرحب تأتي تذكيرا للأجيال بمرحلة مظلمة من تاريخ اليمن، وإحياء لتضحيات رجال القبيلة الذين واجهوا آلة الحرب الحوثية وقاوموا مشروعها السلالي بكل ثبات وشجاعة مجددا التأكيد على أن القبيلة ستبقى سندا للدولة ومشروعها الوطني، داعيا إلى وحدة الصف ورفض محاولات تفكيك الجبهة الوطنية المناهضة للانقلاب.

 

من جانبه نوه وكيل أول محافظة صنعاء عبدالخالق الجندبي أن ذكرى نكبة أرحب تمثل مناسبة لاستحضار الجرائم التي ارتكبتها مليشيات الحوثي منذ ديسمبر 2014، عقب نقضها للاتفاقات واستهدافها المدنيين والمشايخ ودور العبادة، موضحًا أن المليشيات بدأت جرائمها بقتل أول شهيد أثناء رفع الأذان، وتبعتها انتهاكات جسيمة طالت النساء والأطفال والمساجد ،مشيرا إلى أن إحياء الذكرى يأتي لتجديد العهد بمواصلة النضال، مؤكدًا أن دماء الشهداء لن تذهب هدرًا، وأن أبناء أرحب قدموا نماذج مشرفة في الصمود والتضحية.

 

وجدد الجندبي التأكيد على حتمية النصر وعودة أبناء أرحب إلى مناطقهم واستعادة صنعاء، بعزيمة أبطال القوات المسلحة والجيش الوطني، مشيدًا بتضحيات الشهداء. كما دعا القيادة السياسية والعسكرية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي إلى سرعة اتخاذ القرار الحاسم لإنهاء معاناة الشعب، معربًا عن شكره لمقاومة مأرب والسلطة المحلية وقيادتها على مواقفهم الداعمة.

 

 

تخلل الفعالية عدد من الأناشيد الوطنية والقصائد الشعرية نالت الاستحسان وأذكت مشاعر الحاضرين.

مقالات مشابهة

  • ما الذي تخشاه أوروبا من انهيار السودان؟
  • باسيل: المشهد الذي رأيناه الاسبوع الماضي هو نوع من احتلال جديد للبنان
  • إيران للبنانيين: للتركيز على التفاهم
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • رئيس شؤون البيئة: المحميات الطبيعية في مصر كنز وطني وتراث بيئي عالمي
  • مجلس النواب المغربي والجمعية الوطنية لمالاوي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون البرلماني
  • حرس شرف وسلام وطني.. تفاصيل زيارة رئيس الأركان إلى إيطاليا
  • عاجل: رئيس هيئة الأركان: قبيلة أرحب في طليعة الصفوف دفاعًا عن الجمهورية.. وصمودها نموذج وطني في حماية الأرض والهوية
  • رئيس اليمن الأسبق يكشف أسرار القصر المشؤوم والخلافات السياسية في جنوب اليمن
  • الجزائر وتونس.. توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم وبرامج التعاون