جولة باسيل التشاورية.. كسر للجمود يفضي إلى تفاهم وطني!
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
في وقت يغيب أيّ حديث عن الاستحقاقات السياسية الداخلية، وفي مقدّمها انتخابات الرئاسة المجمَّدة، على وقع الحرب الإسرائيلية المتواصلة ضدّ قطاع غزة، وانعكاساتها اللبنانية على مستوى الحدود الجنوبية، وما تشهده من احتكاكاتٍ يومية يُخشى أن تفلت من السيطرة في أيّ لحظة، برز الحراك الذي أطلقه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، على شكل "جولة تشاورية" تشمل مختلف الفرقاء في هذا الظرف الدقيق.
وإذا كانت "مفارقة" بدء باسيل لجولته بزيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لافتة في الشكل والمضمون، فإنّ الاتصال "الآمن" الذي جمعه بالأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله بدا معبّرًا هو الآخر، مثله مثل اللقاء الذي عقده مع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط، الذي كان قد "سبقه" إلى المبادرة بالدعوة لتحصين الساحة الداخلية، ليخرج الرجلان متفائلين على وقع ما قالا إنّها "قواسم مشتركة كثيرة".
وفي وقتٍ اعلن "التيار" ان باسيل سيلتقي اليوم النائب السابق سليمان فرنجية والنائب فيصل كرامي وكتلة نواب الاعتدال الوطني، تعمّد باسيل الإشارة إلى ضرورة العمل على "تفاهم وطني يحفظ الوحدة الوطنية ويؤدي إلى إعادة تكوين السلطة بانتخاب رئيس للجمهورية أولاً، ومن ثمّ تأليف حكومة"، متحدّثًا عن حرب "أكبر من لبنان" يواجهها البلد اليوم. كما ان علامات استفهام طُرِحت عن فرص نجاح الحراك "الباسيليّ"، إن جاز التعبير، في تحقيق الحدّ الأدنى من هذا "التفاهم"، مع ما يتطلّبه ذلك من "تعالٍ" عن الخلافات السياسية، التي يبدو أنّ حرب غزة فاقمتها بدل أن تركنها جانبًا!
"كسر للجمود"
في الحدّ الأدنى، يقول العارفون إنّ الحراك الذي باشر به باسيل "كسر الجمود" الذي تشهده الساحة السياسية الداخلية منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأعاد الاعتبار للواقع الداخلي الذي لا يجوز تهميشه أو تجاهله، ولا سيما أنّ القاصي والداني يدرك أنّ مواجهة الظرف الناشئ عن حرب غزة، وما يمكن أن يترتّب عليه من معارك محسوبة أو غير محسوبة، تحتاج إلى "تحصين" الساحة الداخلية، بالدرجة الأولى، قبل أيّ تفصيل آخر.
ومع أنّ هناك من ينتقد باسيل نفسه على عدم القفز فوق الخلافات السياسية نتيجة المتغيّرات الحاصلة، نتيجة عدم كسره قرار "مقاطعة" الحكومة، عبر الوزراء المحسوبين عليه، رغم أنّ السيناريو "الحربي" المتداول اليوم تنطبق عليه بطبيعة الحال مواصفات "الوضع الطارئ"، فإن هناك من يسجّل له في المقابل الكلام الإيجابيّ الذي صدر عنه، كما افتتاحه جولته بزيارة رئيس الحكومة تحديدًا، وهو ما قد يشكّل مؤشّرًا جيّدًا إن استُكمِل بخطوات ملموسة.
ولعلّ أهمية "كسر الجمود" في حراك باسيل أيضًا أنّه جاء ليغطّي على واقع "مُرّ" ظهر في الأيام الأخيرة، حين بدا أنّ حرب غزة، واحتمالات تمدّدها إلى الداخل اللبناني من بوابة الجنوب، عزّزت الانقسام العموديّ بين اللبنانيين، والذي تجلّى بخطاب يجوز وصفه بـ"العنصريّ" عاد ليظهر في المكان الخاطئ، لدرجة أنّ هناك من أراد أن يستكثر على شريكه في الوطن، الخوف المشروع من الحرب، والرغبة المشروعة بالنزوح إلى مناطق يُعتقد أنّها "أكثر أمانًا".
"التفاهم الوطني"
قد يقود الحديث عن هذا الخطاب الذي انتشر في الأوساط السياسية في الأيام القليلة الماضية إلى "التشاؤم" بإمكانية الوصول إلى "التفاهم الوطني" الذي وضعه باسيل سقفًا لمبادرته، متلاقيًا بذلك مع كلام الكثيرين ممّن التقاهم، والذين قد لا يتناغم معهم سياسيًا بالمعنى الواسع للكلمة، كالرئيس نجيب ميقاتي، والنائب السابق وليد جنبلاط، الذي كان للمفارقة أول من دعا إلى وجوب "التفاهم" لمواجهة كل السيناريوهات، مع تفادي "الانجرار" إلى حرب غزة.
بهذا المعنى، قد تكون مقولة باسيل إنّ الحرب "أكبر من لبنان" أكثر من معبّرة، وفق ما يقول العارفون، الذين يعتبرون أنّ على مختلف الفرقاء، سواء اتفقوا مع باسيل أم لم يتفقوا، يجب أن يتلقّفوا "العبرة" من ذلك، فمثل هذه الحرب لا يمكن مواجهتها في ظلّ الواقع المتردّي الحالي، وفي ظلّ رفض بعض الأفرقاء مجرد الجلوس مع بعضهم البعض على طاولة واحدة، بل يفترض مقاربتها بأجواء مغايرة تمامًا، بعيدًا عن كل الحسابات السياسية الضيقة.
وإذا كان التفاهم الوطني الذي تحدّث عنه باسيل بعيد المنال، برأي المتابعين، بالنظر إلى المواقف المعلنة التي رُصِدت في الأيام الأخيرة، فإنّ حديثه عن وجوب إعادة إنتاج السلطة بدءًا من انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثمّ تأليف حكومة، قد يكون محلّ إجماع، إلا أنّه إجماع يصطدم مرّة أخرى بالمقاربات، ولا سيما أنّ هناك من يراهن على "متغيّرات" قد تنشأ عن الحرب الدائرة في المنطقة، لصالح هذا المرشح الرئاسيّ أو ذاك، ولو على حساب الوطن.
قد يغلب التشاؤم التفاؤل مرّة أخرى، فيسود الانطباع بأنّ حراك باسيل لن يجد أصداء أفضل من حراك جنبلاط قبله، ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وغيرهم. ثمّة من يذهب أبعد من ذلك ليقول إنّ باسيل الذي أسهم في "إسقاط" مبادرة الرئيس بري الحوارية قبل أسابيع، لا يمكنه إطلاق "المبادرات"، لكن بين هذا وذاك، يبقى الأكيد أنّ المطلوب أكثر من "كسر الجمود"، ليتيح فتح باب "التفاهم" على مصراعيه، من أجل لبنان! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
اتفاق غزة يهتزّ.. والولايات المتحدة تتحرك لمنع انهيار التفاهم
قال مسؤول أميركي إن واشنطن حثّت إسرائيل على "الرد بشكل متناسب مع إظهار ضبط النفس"، بحسب ما نقله موقع "أكسيوس". اعلان
أفاد موقع "أكسيوس" أن الإدارة الأميركية كثّفت جهودها الدبلوماسية لمنع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وذلك عقب تصعيد ميداني يوم الأحد، حين شنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على القطاع قال إنها جاءت ردًا على هجمات من جانب حماس، وهو ما نفته الحركة.
تصعيد ميدانيزعم الجيش الإسرائيلي أن الهجوم وقع صباح الأحد في منطقة رفح، حيث خرج مقاتلون من نفق وأطلقوا صاروخًا مضادًا للدروع على آلية عسكرية.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان أن حماس "انتهكت وقف إطلاق النار"، متوعدًا برد قوي.
موقف حماسمن جانبها، نفت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أي صلة لها بالحادث في رفح، مؤكدة في بيان أنها "ملتزمة بالكامل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار"، وأضافت أن رفح تقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي وأن الاتصال مقطوع مع المجموعات التابعة لها هناك منذ مارس/آذار الماضي.
تحركات دبلوماسية عاجلةبحسب ما نقله الموقع عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، فقد أبلغت تل أبيب واشنطن مسبقًا بنيتها تنفيذ الضربات عبر مركز القيادة الأميركي المكلّف بمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار. كما أجرى مبعوثا الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، اتصالًا مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ومسؤولين آخرين لتنسيق الخطوات المقبلة.
وقال مسؤول أميركي إن واشنطن حثت إسرائيل على "الرد بشكل متناسب مع إظهار ضبط النفس"، مع التشديد على ضرورة التركيز على "عزل حماس بسبب خروقاتها" بدلًا من العودة إلى الحرب.
Related بعد وقف الحرب على غزة.. هل تغيّر المزاج الأمريكي تجاه ترامب؟هل تصلح تجربة أيرلندا الشمالية نموذجًا لغزة في فترة ما بعد الحرب وبناء السلام؟الغارديان: مشروع مدعوم من أوروبا وأمريكا في مجلس الأمن لتفويض قوة دولية في غزة تحت قيادة مصر أهمية الاتفاقيشكل الاتفاق لوقف الحرب في غزة إنجازًا دبلوماسيًا مهمًا لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويؤكد مسؤولون أميركيون أن الوضع "هش للغاية" ويتطلب رقابة دقيقة لضمان استمراره. وقال مسؤول أميركي إن "الأيام الثلاثين المقبلة ستكون حاسمة.. نحن من يقود تنفيذ الاتفاق على الأرض".
"خلفيات مقلقة"أوضح مسؤولون أميركيون أن حماس وإسرائيل اتخذتا خطوات أثارت القلق منذ زيارة ترامب الأخيرة إلى المنطقة، إذ بدأت حماس بإعادة تنظيم قوتها داخل غزة، بينما هددت إسرائيل بتعليق تنفيذ الاتفاق بسبب ما وصفته بـ "تباطؤ" الحركة في تسليم جثامين الرهائن. كما وقعت حوادث قتل فيها مدنيون فلسطينيون قرب خطوط التماس.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن "كل طرف تصرف وكأن الأمور عادت إلى ما كانت عليه، ونحن نحاول منعهم من الفشل. ودول الخليج تشاطرنا هذا الموقف".
تحركات أميركية مرتقبةمن المقرر أن يصل نائب الرئيس الأميركي مايك فانس، برفقة ويتكوف وكوشنر، إلى إسرائيل قريبا للدفع نحو تنفيذ المرحلة التالية من الاتفاق، والتي تشمل:
تثبيت وقف إطلاق النار تمهيدًا للمرحلة المقبلة. استكمال تسليم جثامين الرهائن. تنظيم إدخال المساعدات الإنسانية وضمان عدم استغلالها من قبل حماس. نشر قوة دولية للمساعدة في حفظ الأمن داخل القطاع. البدء في مشروع "رفح الجديدة" كنموذج لغزة من دون حكم حماس، إلى جانب خطة لنزع سلاح الحركة. تحديات ميدانيةقال أحد كبار المسؤولين الأميركيين إن "العمل الحقيقي يبدأ الآن"، مشيرًا إلى أن تنفيذ الاتفاق يتطلب كوادر خبيرة بإدارة البلديات وتشغيل البنى التحتية، في وقت يواجه القطاع دمارًا واسعًا يجعل مجرد إزالة الركام "مهمة شاقة".
وأشار مسؤول آخر إلى تحدٍّ أساسي يتمثل في إدخال مواد البناء، ولا سيما الإسمنت، مع منع وقوعها في يد حماس التي استخدمتها سابقًا في حفر الأنفاق.
"دعم خطوات إسرائيل"أكد أحد المسؤولين الأميركيين أن "أي خرق إضافي" من جانب حماس قد يدفع واشنطن إلى دعم خطوات إسرائيلية لاستعادة السيطرة على أجزاء من غزة، بهدف تقليص نفوذ الحركة وتوسيع المناطق الخارجة عن سيطرتها.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة