إسرائيل تختبر الاجتياح وتشتبك مع حماس.. تفاصيل ليلة غزة المرعبة
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
ساعات هي الأعنف على الإطلاق منذ انطلاق شرارة الحرب في السابع من أكتوبر، شهدها قطاع غزة خلال ساعات الليل الماضية التي وصفت بالمرعبة.
فقد شنت إسرائيل غارات عنيفة على مناطق متعددة في القطاع شمالاً وجنوباً، مع وتيرة أكثر فتكاً في المناطق الشمالية، شاركت فيها نحو 100 طائرة بحسب ما أكد الجيش الإسرائيلي، مستهدفة 150 هدفاً تحت الأرض.
كما توغلت مجموعات من قواتها البرية داخل القطاع، واشتبكت مع عناصر من كتائب القسام الجناح المسلح لحماس، في اختبار على ما يبدو "للاجتياح" المرتقب وفق ما رأى عدد من الخبراء والمحللين العسكريين.
وأوضح رياض قهوجي للشؤون العسكرية، اليوم السبت أن ما جرى أشبه بالامتحان الأول لوحدات الجيش الإسرائيلي، لمعرفة جهوزيتها، واختبار أيضا لمقاتلي حماس، ومواقع تمركزهم.
أما الهدف الأهم من هذا التوغل الكبير فالوصول إلى الأنفاق، حيث مراكز القيادة العسكرية لحماس والصواريخ والأسلحة الهجومية والبنى التحتية، بحسب قهوجي.
مستعدون للمواجهة فيما أكدت حركة حماس اليوم السبت أن مقاتليها في غزة مستعدون لمواجهة هجمات إسرائيل "بقوة كاملة" بعدما وسع الجيش الإسرائيلي هجماته الجوية والبرية. كما أشارت إلى أن "كتائب القسام تتصدى وتحبط التوغلات".
وكانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس أفادت في وقت متأخر أمس الجمعة أن مقاتليها اشتبكوا مع القوات الإسرائيلية في بلدة بيت حانون في شمال شرق غزة وفي البريج بوسط القطاع.
أتى ذلك، بعدما أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هاجاري في إفادة بثها التلفزيون مساء أمس أن القوات البرية وسعت عملياتها"، ما أثار تساؤلات بخصوص ما إن كان الاجتياح البري المرتقب منذ وقت طويل قد بدأ. وأضاف أن القوات الجوية نفذت ضربات مكثفة على الأنفاق التي حفرتها حماس وغيرها من البنية التحتية.
فيما احتشدت القوات الإسرائيلية خارج غزة حيث تشن إسرائيل حملة قصف جوي مكثفة منذ الهجوم الذي شنه المئات من مقاتلي حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة
في حين أفاد المركز الفلسطيني للإعلام في ساعة مبكرة من اليوم بأن الطائرات الإسرائيلية أطلقت قنابل الفسفور الأبيض على وسط غزة. وعلى وقع القصف العنيف جوا وبراً على غزة، أعلنت شركات الاتصالات وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن خدمات الإنترنت والهاتف انقطعت نتيجة القصف الإسرائيلي. وقال الهلال الأحمر إنه فقد تماما كافة الاتصالات مع غرفة عملياته في غزة وكذلك فرقه العاملة هناك.
فيما أعلنت الحكومة التي تديرها حماس في القطاع أن فرق الإنقاذ لا تستطيع تلقي اتصالات الطوارئ.
بدورها أكدت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، أكبر مزود للاتصالات السلكية واللاسلكية في غزة "انقطاع كامل لكافة خدمات الاتصالات والإنترنت مع القطاع ".
كذلك، أشارت منظمة أطباء بلا حدود إلى أنها لم تتمكن من الوصول إلى بعض الزملاء الفلسطينيين، وأعربت عن قلقها بشكل خاص على "المرضى والطاقم الطبي وآلاف العائلات التي لجأت إلى مستشفى الشفاء والمرافق الصحية الأخرى". "ليلة رعب" أيضا كشفت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن المنظمة لم تعد قادرة على التواصل مع موظفيها في غزة. وكتبت على موقع إكس "أنا قلقة للغاية بشأن سلامتهم وليلة أخرى من الرعب الذي لا يوصف لمليون طفل في غزة. يجب حماية جميع العاملين في المجال الإنساني والأطفال والأسر الذين يخدمونهم".
يذكر أنه إلى جانب القصف العنيف على قطاع محاصر ومكتظ بالسكان، قد يشكل قطع الاتصالات والإنترنت كارثة انسانية إذ يمنع التواصل بين الفرق الطبية والإسعاف لنقل الجرحى والمصابين، ما يفاقم معاناة الفلسطينيين في غزة، ويرفع عدد القتلى بحسب ما أكدت العديد من المنظمات الأممية والإنسانية.
كما يدفع بآلاف الفلسطينيين إلى قعر اليأس والقلق لعدم تمكنهم من التواصل فيما بينهم من أجل الاطمئنان على عائلاتهم. وتمنع تلك الخطوة كذلك، أو تحد من نشر المعلومات حول العالم عن التطورات التي تجري على الأرض داخل القطاع، وحجم الأضرار البشرية والمادية
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تختبر الصمت العربي والأقصى في خطر
تتوالى التحذيرات من شخصيات دينية وسياسية بشأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك، وسط صمت عربي وإسلامي شكّل محفزًا لتصعيد محاولات فرض واقع جديد على ثالث الحرمين الشريفين.
وتأتي هذه التحذيرات في وقتٍ تتسارع فيه التطورات على الأرض، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي خطواته لتغيير الوضع القائم في الأقصى، وازدياد المخاوف من فرض أمر واقع جديد.
فقد شهدت مدينة القدس أمس مظاهرات ومسيرة أعلام إسرائيلية استفزازية جابت البلدة القديمة ووصلت إلى أبواب المسجد، وسط حراسة مشددة من قوات الاحتلال وبمشاركة وزراء وأعضاء بالكنيست من اليمين المتطرف، وترافق ذلك مع اقتحامات واسعة لساحات الأقصى واعتداءات على المصلين والمرابطين.
وشكل ذلك كله مشهدا عدّته شخصيات دينية وسياسية -في مقابلات مع الجزيرة نت- حلقةً خطيرة من مسلسل التصعيد المستمر بحق المدينة ومقدساتها، مع تصاعد الدعوات المتجددة لتحمّل الأمة العربية والإسلامية مسؤولياتها، ووقف مسلسل الصمت تجاه "خطر التهويد الحقيقي" الذي بات يهدد الهوية والمقدسات الإسلامية في القدس.
ولا يمكن عزل هذا التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى عن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما يتعرض له سكان القطاع حاليا من حرب إبادة جماعية ومجاعة فعلية تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني يتعرضون لحصار إسرائيلي تام.
ويُجمع المتحدثون للجزيرة نت على أن الصمت العربي تجاه الانتهاكات المتصاعدة بحق المسجد الأقصى لم يعد مبرَّرًا، بل بات عاملا رئيسيًا في تشجيع الاحتلال على التمادي في تهويد الحرم القدسي.
إعلانفمدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني يقول "إن القدس عاصمة الإسلام والأقصى واجب عقيدي لكل مسلم، ولا يمكن اختزال الدفاع عنه في كونه مسؤولية الفلسطينيين فقط". مؤكدا أن "ما يحدث من اعتداءات ومحاولات لتغيير معالم البلدة القديمة والقصور الأموية والاقتحامات المتكررة هو استخفاف بالأمة جمعاء".
ويضيف مدير المسجد الأقصى أن "رابطتنا بالأقصى عقيدية، والصمت العربي والإسلامي إزاء ما يجري اليوم يُسقط هذا الواجب ويشكل خطورة كبيرة على هوية المسجد وأهله". مبينا أن "الأقصى حق خالص للمسلمين لا يقبل القسمة ولا الشراكة، والجميع حكومة وشعوبًا مطالبون بالقيام بمسؤولياتهم".
ويذهب رئيس لجنة القدس في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج حلمي البلبيسي إلى تحميل الأنظمة العربية المسؤولية المباشرة عما يجري من مخطط التهويد في المسجد الأقصى، وتمادي الاعتداءات على الشعب الفلسطيني.
ويضيف البلبيسي أن "الصمت العربي على انتهاكات الاحتلال هو ما شجّع العدو على التمادي، فالاعتداءات بدأت عام 1967 حين أُغلق الأقصى أمام المصلين ولم تصدر ردود فعل رسمية حازمة".
مشددا على أن "الأنظمة أذعنت لإملاءات العدو مقابل حماية مصالحها، أما الشعوب فما زالت قلوبها مع القدس، ويمنعها القمع من نصرة المقدسات، ولو فُتحت لها الأبواب لما ترددت في التضحية".
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي فيرى أن "الصمت نابع من الضعف والتفرق والهوان الذي أصاب معظم الدول العربية، إضافة إلى حب الدنيا وعبادة الكراسي والحرص على السلطة".
ويطرح القرة داغي سؤالا يقارن فيه بين ما يتردد عن وجود مقاومة مسلحة في غزة تمنع الأنظمة من التحرك وبين واقع الاحتلال في المسجد الأقصى، ويقول: "القدس اليوم بلا مقاومة مسلحة، ومع ذلك لا تتحرك الأنظمة! هناك أوراق ضغط هائلة بيد العرب: قطع العلاقات وإيقاف البترول وغيرهما، لكنها معطلة لغياب الإرادة".
إعلانلكن مدير عام أوقاف الخليل جمال أبو عرام يذهب إلى أن "المسؤولية جماعية، وليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم بل كل العرب والمسلمين"، مبينا أن الصمت يُضاعف شراسة العدوان ويجب فضح الانتهاكات على كل المستويات الدولية".
أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي هيثم أبو الغزلان فيقول "إن الصمت العربي والإسلامي مريب، خصوصًا في ظل استمرار الاعتداءات الصهيونية وتصاعدها ضد القدس والمسجد الأقصى، وضد أهلها؛ تهويدا واستيطانا واعتداءات مستمرة، واقتحامات متكررة، وعمل صهيوني جاد يهدد هوية المسجد الأقصى الإسلامية، والسعي الدائم لهدم المسجد الأقصى وبناء ما يسمى الهيكل المزعوم".
ولم تعد اقتحامات المسجد الأقصى فعلا عابرًا أو طقسًا دينيًا بحتًا، بل صارت أداة سياسية وإستراتيجية لاختبار صبر العرب والمسلمين وحدود ردة فعلهم.
واليوم الثلاثاء، حاول إسرائيليون عرقلة مرور شاحنات مساعدات في طريقها إلى قطاع غزة من ميناء أسدود.
وهذا ما ذهب إليه القيادي في الجهاد الإسلامي بأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية الحالية تمثل "اختبارا واضحا للصمت العربي والإسلامي، ومحاولة قياس رد الفعل على هذه الاعتداءات المستمرة، وهي جزء من العدوان المتواصل والمتصاعد ضد شعبنا وأهلنا في قطاع غزة والضفة المحتلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولذلك، فإن الاقتحامات بلغت درجات غير مسبوقة في عدد المشاركين ونوعية الطقوس الدينية المزعومة، كترديد التراتيل ومحاولات ذبح القربان داخل الساحات، خاصة بعد فشل الاحتلال في غزة، وهذا التصعيد جزء من مؤامرة جادة لتثبيت التهويد وتعويض إخفاقاتهم العسكرية، وفق ما صرح به البلبيسي.
ويوضح الكسواني أن "هذه الاقتحامات تجمع بين طقوس دينية متطرفة تمارس برعاية حكومة الاحتلال وبين محاولة فرض واقع جديد وجعل هذه الممارسات معتادة في المشهد اليومي.
إعلانوبيّن مدير المسجد الأقصى أن "الهدف من هذا واضح، وهو كسر هيبة المسجد الأقصى." مؤكدا أن "هذه الطقوس الشاذة تحدث بقوة الاحتلال والسلاح ولا تعطي أي شرعية، واستمرارها هو اختبار لاستكانة العالمين العربي والإسلامي، والدليل أن استمرار سفك الدماء في غزة قابله صمت مشابه تجاه الأقصى".
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فيرى أن "هذه ليست طقوسًا دينية فقط، بل هي موقف سياسي مقصود وجس نبض للأمة تمهيدًا لمشاريع أكبر؛ فكل المؤشرات تدل على أنهم يخططون لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، لا سيما مع التصريحات المتكررة لقادة اليمين الإسرائيلي."
ولا يبعد مدير الأوقاف في الخليل عن ذلك، ويقول إن "الاقتحامات اليومية وممارسات المستوطنين والجنود الإسرائيليين في الساحات وكل معالم الحرم القدسي تعكس حقدًا عقديًا، وتستفيد من ردة الفعل الضعيفة والصمت العربي والإسلامي".
ورغم هذه الممارسات، فإن الشيخ الكسواني يشير إلى أن حضور المصلين من أهل القدس وفلسطينيي الداخل يبعث رسالة قوية باستمرار التشبث بإسلامية الأقصى، رغم التضييق والمعاناة المستمرين على الحواجز.
ويتفق جميع المتحدثين للجزيرة نت على أن المسجد الأقصى في خطر حقيقي ومتفاقم منذ احتلاله عام 1967، لكن وتيرة الخطورة تصاعدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
فالدكتور القرة داغي اليوم يحذر من أن سلطات الاحتلال تتعامل مع ساحات الأقصى بوصفها حديقة عامة، وترفع دعوات علنية للسيطرة الكاملة عليه وعلى القدس، وكل هذا وسط صمت مطبق من الأنظمة العربية. مبينا أنه "إذا استمر هذا الصمت فقد نشهد كارثة كبرى".
ويلفت أبو عرام النظر إلى أن "مخاطر التقسيم الزماني والمكاني قائمة، ودائرة الاستهداف للأقصى تتسع يومًا بعد يوم، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة، والأمة مطالبة بتحمل مسؤولياتها قبل فوات الأوان".
إعلانويستشهد الكسواني بتاريخ الانتهاكات التي تعرض لها المسجد الأقصى، مشيرا إلى أنه "منذ عام 1967 والأقصى في خطر، أما الجديد الآن فأنه توجد كل يوم اقتحامات ومحاولات ممنهجة لتغيير الوضع القائم من خلال صلوات يهودية وتصريحات سياسية تهدف إلى التقسيم". مبينا أن "الخطر لم يعد مؤجلًا بل أصبح واقعا نعيشه يوميًا."
وهذا التقسيم يراه البلبيسي "الخطر الحقيقي الذي يكمن في احتمال تكرار تجربة المسجد الإبراهيمي بالخليل، حيث تم التقسيم الزماني والمكاني بحكم الأمر الواقع بعد الهجمة على الحرم.
مضيفا أن الأقصى اليوم "يشهد تصاعدًا في أدوات التهويد وسط انسحاب النظام العربي الرسمي من مسؤوليته، وهو ما يضعنا أمام احتمال الهدم الفعلي للأقصى."
والمسجد الأقصى يمر حاليا بأخطر مراحل العدوان الإسرائيلي المستمر، وهذا يتطلب موقفا عربيا وإسلاميًا يواجه هذه التحديات، ويعطي دفعا لمقاومة الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافها في صدّ العدوان وإنهاء المخاطر، حسب ما قاله أبو الغزلان.
وهكذا تتضافر شهادات المتحدثين في رسم مشهد بالغ الخطورة: صمت عربي رسمي وشعبي مكبل بالقمع وغياب الإرادة، في مقابل طقوس دينية متطرفة تتحول لأداة سياسية لاختبار العالم الإسلامي، في ظل تصاعد ملموس للخطر المحدق بمصير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.