بوابة الوفد:
2025-05-08@13:57:37 GMT

حكم الكسب المبني على الغش وخداع الناس

تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT

لقد أباح الله سبحانه وتعالى لنا الكسبَ المشروع الذي يكون مبنيًّا على الرضا وطيب النفس لَا على الغش والخيانة، وحَرَّم علينا اتخاذ الأسباب المحرَّمة في المكاسب، وأمر بالسعي في طلب الرزق الحلال والبعد عن الكسب الحرام، وأن يكون الإنسان حريصًا على إطابة ماله؛ لأنه مسئول أمام الله سبحانه وتعالى، فقد جاء من حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَمَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» أخرجه الترمذي في "سننه"؛ فالحديث يدل على أنَّ الإنسان مسئول عن ماله أهو من الحلال أو من الحرام.

 

وعليه: فالمكسب المقبول هو الذي أصله مشروع لا غشَّ فيه ولا خيانة ولا خداع، ولا شك في أنَّ المكسب المبني على الغش والكتمان واستخدام الحيل المنهي عنها التي يَسْتَغِلُّ بها احتياج الناس إلى السلع حرام شرعًا؛ لما فيه من الإضرار بالناس والتضييق عليهم.

ومَنْ يَسْتَغل ظروف الناس فقد ارتكب مُحرَّمًا؛ للضرر الناجم عن استغلاله احتياج الناس والتضييق عليهم، وهذا يؤدي إلى إيذائهم ماديًّا ومعنويًّا، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الإضرار.

 

حثَّ الشرع الشريف على العمل والإنتاج ورغَّب فيهما؛ فقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: ١٥].
قال الإمام النسفي في "تفسيره" (3/ 514، ط. دار الكلم): [﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ جوابها استدلالًا استرزاقًا أو جبالها أو طرقها ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ أي من رزق الله فيها] اهـ.
وروى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَحْتَطِب أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ».
وأكَّدت الشريعة الغراء على أنَّ من مقاصدها العمل والسعي والإنتاج؛ فروى الإمام البخاري في "الأدب المفرد" عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا».
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (4/ 241، ط. مكتبة دار السلام): [والحاصل أنَّه مبالغةٌ، وحثٌّ على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعلوم عند خالقها، فكما غرس غيرك ما شبعت به فاغرس لمَن يجيء بعدك] اهـ.

وفي سبيل ذلك دعت -الشريعة الإسلامية- إلى إتقان أي عمل يُقدم عليه الإنسان؛ فروى الإمام البيهقي في "شعب الإيمان" عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ».
قال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير" (3/ 378، ط. مكتبة دار السلام): [«إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا» دينيًّا أو دنيويًّا له تعلق بالدين «أَنْ يُتْقِنَهُ»، الإتقان الإحسان والتكميل؛ أي: يحسنه ويكمله] اهـ.
بل جعل الله تبارك وتعالى عمارة الكون -بالإنتاج والتقدم- مقصدًا من مقاصد خلق الإنسان؛ حيث قال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [هود: ٦١]، قال الإمام النسفي في "تفسيره" (2/ 69): [﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ وجعلكم عمَّارها وأراد منكم عمارتها] اهـ.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صلى الله علیه وآله وسلم

إقرأ أيضاً:

في ضاحية السيّد.. هنا اليمن!

ليلى عماشا

قال شهيدنا الأقدس، ذات يوم، إنّ أشرف ما فعله في حياته كان خطاب مؤازرة اليمن، حين فعّل الأميركي، في ليلة ظلماء، أدواته من “ذوي القربى” وشنّ حصارًا وحربًا ضدّ أرض الحبّ والعزّة اليمنية، وعاث فيها قتلًا ومجازر.. فصمدت وقاتلت باللحم الحيّ، ولم تنكسر.. وهل للعزّة في قلب وعقل أبناء الأصول أن تنكسر؟! سنون تراكمت فوق سنين.. واليمن ما يزال يقاتل باسم الحقّ الشّريف والأصالة الخالصة والعروبة، بمعناها الأعمق..

لذلك؛، ما كان غريبًا أن يستحيل الظلم الذي وقع على اليمن ذخيرة حيّة في قتال أعداء الله والإنسانية، وأن نرى أهل اليمن، وهم المنزّهون عن الترف وحبّ الدنيا، يستبسلون في نصرة الحق وكلّ المستضعفين.. ولذلك؛ كلّما أطلق أنصار الله في يمن الله صاروخًا في صدرِ العدا، يحلّ الخبر ماءً رويًّا في قلوب أهل المقاومة في كلّ أرض، وترى العيون تشعّ اعتزازًا وحبًّا هنا في الضاحية..

هنا في الضاحية؛ حيث لم يزل جرح اليتم في قلوب الناس طريًّا نازفًا، تأتي بيانات “القوّات المسلّحة اليمنية” كمسحة حبّ على القلوب الفاقدة.. هنا؛ صار صوت العميد يحيى سريع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة صوتًا يأنس به أهل المقاومة، ينتظرونه، وكلّهم يقين أنّه لا يأتي إلّا ليزفّ إليهم وإلى كلّ الأحرار في العالم خبرًا جميلًا فحواه طعنة في عنق الكيان الغاصب… وهنا؛ تستقبل الأرواح إطلالات السيد عبد الملك الحوثي بهتاف: “لبّيك يا سليل الأشراف والكريم ابن الكرام”.. “لبّيك يا ناصر الله والحق والمستضعفين”.. “لبّيك يا الصّابر الشهم، يا عزيز شهيدنا الأقدس، وعزيز كلّ الشهداء، من قضى نحبه ومن ينتظر”.. يا قائدًا شهمًا ما بدّل تبديلا..

يوم أمس؛ ومع زفّة بشرى استهداف مطار بن غوريون بصاروخ من أرض العزّة، أمكن أن يُرى الخبر في قلوب الناس، وينعكس في أصواتهم وهي تكبّر وتتلو الحبّ بالحمد وبالتشكّرات.. وحين أطلّ الأنيس العميد سريع ليعلن حصارًا جويًّا على كيان الإحتلال، بالإضافة إلى الحصار البحري، عاد أهل المقاومة إلى اللحظة التي قال لهم فيها شهيدهم الأقدس: “انظروا إليها تحترق”؛ موقنين أن “إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت”.

وكما في الفرح، كذلك في الألم، وفي تلقّي النار المعادية، وهي تستبيح كلّ المحرّمات الأخلاقية والإنسانية، حين تُرمى- أي النار المعادية- من الطائرات الأميركية والإسرائيلية وحتى “العربية” فوق رؤوس الآمنين في الحديدة وصنعاء وصعدة. كلّما يغير العدوّ الواحد على مدينة أو شارع أو مرفق يمنيّ، ينزف فينا، هنا، في الضاحية شريان في القلب، فالألم واحد أيضًا، وكذلك اليقين بأن صاع الغدر سيُردّ بألف صاع على رؤوس الأشهاد..سيُردّ في البحر الذي صار بإمرة أهل العزّة، ومنذ الآن سيُردّ حصارًا جويًّا يضيّق الخناق على الكيان الصهيوني أكثر بعد تماديه في عنجهيّته وإصراره على مواصلة العدوان على غزة ولبنان.

إعلان الحصار الجوي وقع كالصاعقة على العدو، فقد أشارت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن: “إعلان الحوثيين فرض الحصار الجوّي على “إسرائيل” سيؤدي إلى إعلان شركات طيران إضافية بإلغاء رحلاتها في الأيام المقبلة، وزيادة أقساط التأمين على شركات الطيران التي تسافر إلى إسرائيل”.. ووقع كالثلج على قلوب أهل المقاومة.

في الضاحية.. حيث كان يومًا انتخابيًا من المفترض أن يأسر اهتمامات الناس.. نسوا، في لحظة الإعلان، كلّ المحليّات، نظروا أقصى القوم وصاحوا ملء قلوبهم المعتزّة: عزيز يا يمن.

مقالات مشابهة

  • 12 ركعة واظب عليها النبي وتبني لك بيتًا في الجنة.. لا تفوت أجرها
  • دعاء زيادة الرزق .. احرص عليه في الثلث الأخير من الليل
  • هل يجوز دخول الحمام بخاتم عليه آية قرآنية؟.. الإفتاء توضح
  • قبل العيد.. تعرف على شروط الأضحية والمضحي
  • ما يجب فعله على المحرم إذا ارتكب محظورًا في العمرة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • إسلامية دبي تنظم درساً أسبوعياً في شرح «رياض الصالحين»
  • ما حكم صلاة المأموم منفردا خلف الإمام أو وراء الصف؟ دار الإفتاء تجيب
  • ذكر يغفر ذنوبك ولن يأخذ منك دقيقة.. ردده عن الاستيقاظ من النوم
  • في ضاحية السيّد.. هنا اليمن!
  • حكم الحج لشخص عليه ديون.. الإفتاء: يجوز بشروط