مع تواتر التقارير التي تؤكد تجدد القتال في نحو سبع جبهات في بعض مواقع التماس بين طرفي الصراع في اليمن خلال هذا الأسبوع، بعد عام ونصف من التهدئة، حذّرت الحكومة اليمنية المعترف بها مما اعتبرته “التصعيد الخطير” لجماعة الحوثيين خلال الأيام الماضية في محافظات مأرب/شرق، وتعز/جنوب غرب، والضالع/جنوبي اليمن. واتهمت الحكومة الجماعة بمواصلة “حشدها للمقاتلين والعربات والعتاد من مختلف أنواع الأسلحة والذخائر إلى مواقع تمركزها في مختلف الجبهات”.

 

ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الأرياني، قوله: “إن المعلومات الميدانية تؤكد أن الحوثيين دفعوا بتعزيزات عسكرية خلال الفترة الماضية باتجاه مديرية نهم، ومحيط مناطق التماس” في جبهات عدة، و”قصفوا تجمعات للنازحين في محافظة مأرب وغرب محافظة تعز”، وفق وكالة الأنباء الحكومية”.

 

وأشار الأرياني إلى أن الحوثيين “استهدفوا خلال الثلاثاء والإثنين مواقع الجيش الوطني” في جبهات عدة.

 

وتداولت وسائل إعلام محلية خبر تشييع 11 جثماناً لمقاتلين من صفوف القوات الحكومية سقطوا في معارك مع الحوثيين خلال اليومين الماضيين في شمال غربي محافظة مأرب.

 

يأتي التصعيد في ظل ما تشهده المحادثات بين السعودية والحوثيين من جمود حاليًا. وتتحدث تقارير عن تصعيد للحوثيين شهدته الأيام القليلة الماضية على الحدود مع السعودية قتل خلالها الحوثيون خمسة جنود سعوديين.

 

وانتقل التصعيد وبصورة أكثر وضوحًا، خلال الأسبوع الجاري، إلى عدد من الجبهات، وظهرت بصورة أشد في محافظتي تعز ومأرب. وقالت مصادر حكومية إن الحوثيين شنوا هجمات مباغتة على مواقع للقوات الحكومية سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين. ووفق مراقبين، فإن التصعيد الأخير يأتي في سياق ضغط الحوثيين لتحقيق مزيد من المكاسب في المحادثات مع الرياض. السؤال الذي يطرح نفسه: في ظل هذا التصعيد، ما احتمالات انزلاق اليمن لجولة أخرى من الصراع؟

 

وفق مصادر إعلامية غربية، فإن السعودية حريصة على عدم تجدد القتال في اليمن، في سياق جهود تبذلها للوصول إلى حافة الاتفاق الذي يفضي على تسوية تعزز من ضمان أمنها وتفرغها لرؤية 2030، وهو ما دفع بها للدخول في محادثات مباشرة مع الحوثيين بتيسير عُماني. لكن مازالت سماء هذه المحادثات ملبدة بالغيوم، التي يصعب معها قراءة آفاقها في الوقت الراهن.

 

وقالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، الأربعاء، إن الحوثيين يهددون بالعودة إلى ساحة المعركة مع استمرار المحادثات الحوثية السعودية، لكنها أشارت إلى أن ما اعتبرته “تهميش اللاعبين الغربيين” في هذه المحادثات، “يمكن أن يُشكّل تحديات مستقبلية للرياض والغرب”.

 

وأشارت إلى أن الرياض أنفقت على حملتها في اليمن ما يقدر بأكثر من 265 مليار دولار، لافتة إلى أن السعودية تريد الآن تحويل تركيزها إلى رؤية 2030. لكنها قالت “إن الحوثيين يمكنهم أن يفسدوا هذه الخطة بإطلاق الصواريخ عبر الحدود على المملكة العربية السعودية، كما فعلوا طوال الحرب، وتحتاج الرياض إلى انتهاء القتال في اليمن لضمان أمنها”.

 

وعلى صعيد المحادثات بين الجانبين، رجحت المجلة أن “الإطار العام للاتفاق الحوثي السعودي قد أصبح قائماً، على الرغم من أن بعض التفاصيل الصغيرة لا تزال بحاجة إلى حل”.

 

وقالت: “لم يتنازل الحوثيون عن شروطهم لإنهاء الحرب. وتشمل مطالبهم رفع جميع القيود المفروضة على الحركة في مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون وضمان دفع رواتب جميع موظفي الدولة، ومنهم العسكريون والأمنيون، من عائدات النفط الحكومية”.

وأشارت إلى أن “الجماعة لن تفكر في الدخول في محادثات يمنية مع خصومها إلا بعد استيفاء هذه الشروط. وتشمل مطالبهم الإضافية انسحاب جميع القوات الأجنبية من اليمن وعلى المملكة العربية السعودية تغطية تكاليف إعادة الإعمار”.

 

وترى الكاتبة فينا علي خان، أن “الرياض مستعدة للاستجابة لمعظم مطالب الحوثيين إذا وافقت الجماعة على وقف دائم لإطلاق النار، إلا أنها تريد من الحوثيين الالتزام بالمشاركة في المحادثات المستقبلية التي تقودها الأمم المتحدة مع إيران”.

 

وتعتقد خان أن “دفع الرواتب” يمثل إحدى النقاط الشائكة الرئيسية أو بمعنى آخر الآلية التي سيتم من خلالها توزيع دفعات الرواتب. وقالت: “يصرّ الحوثيون على أن يحصل موظفو الدولة في المناطق التي يسيطرون عليها على رواتبهم من أرباح صادرات النفط الحكومية. ويشكّل هذا تحديًا كبيرًا للحكومة، حيث تشكل تلك الأرباح غالبية إجمالي إيراداتها”. وأضافت: “يريد الحوثيون مصدرًا مستدامًا للإيرادات لضمان استقلالهم الاقتصادي وضمان قدرتهم على الحكم بغض النظر عن نتيجة الصراع”.

 

وترى خان، أن “الجانبين قد وجدا حلاً بديلاً لمسألة دفع الرواتب. وافقت المملكة العربية السعودية على تغطية رواتب الحوثيين لمدة عام، على أن يتم دفعها على قسطين. خلال هذه الفترة، ستقوم كل من الحكومة اليمنية والحوثيين بتشكيل لجان اقتصادية للتفاوض وتحديد الجوانب الفنية لاتفاق دائم لتقاسم الإيرادات بين الجانبين”.

 

وأشارت إلى ما اعتبرته “عقبة أخرى تتمثل في أن الرياض تريد أن يعترف بها الحوثيون كوسيط وليس طرفاً في الصراع، في محاولة محتملة لتجنب تحمل تكاليف إعادة الإعمار”. كما أشارت إلى أن “الرياض تعمل على افتراض أنها إذا رضخت لمطالب الحوثيين، فسوف تشارك الجماعة في محادثات يمنية داخلية للتوصل إلى تسوية. لكن الحكومة اليمنية تخشى أنه إذا تنازلت الرياض بالكامل للحوثيين وبالتالي خرجت من الصراع، فقد يحاول الحوثيون الاستيلاء على البلاد بأكملها”.

 

وفيما يتعلق بإمكانية التدخل العسكري السعودي في اليمن في حال انزلق اليمن للصراع مرة أخرى، قالت إنه من غير المؤكد أن السعودية ستقدم الدعم العسكري، لكنها ترى أن الحكومة اليمنية سترد على هجمات الحوثيين، لكن نجاحها سيتوقف على ما إذا كانت الرياض ستقدم دعمًا جويًا حاسمًا أو تتخلى عنها في سيناريو على غرار أفغانستان، حد تعبيرها.

 

وأشارت إلى أن عودة الصراع المحلي الذي يمكن أن يغير الخطوط الأمامية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الأمني الهش “وهو أمر لن تتجاهله السعودية، باعتبارها جارة اليمن”، حد قولها.

 

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد خلال اتصال بنظيره العُماني بدر البوسعيدي، أهمية إطلاق حوار سياسي يمني- يمني برعاية الأمم المتحدة. وذكر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، الأربعاء، أن بلينكن رحب “بالجهود التي تبذلها السلطنة للتوصل إلى اتفاق سلام دائم في اليمن من خلال إطلاق حوار سياسي يمني- يمني برعاية الأمم المتحدة، ولضمان مواصلة تركيز الجهات الفاعلة اليمنية على هذا الجهد”.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحكومة اليمنية الحوثي الهدنة الحکومة الیمنیة وأشارت إلى فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

اليمن أمام مجلس الأمن: استمرار تهريب الأسلحة إلى الحوثيين يهدد السلم والأمن العالمي

أكدت الجمهورية اليمنية، أن استمرار تهريب الأسلحة إلى جماعة الحوثي لا يشكل تهديداً على اليمن فحسب، بل على السلم والأمن والإقليمي والدولي، داعية لدعم الحكومة اليمنية لبسط سيطرتها على كل التراب اليمني لمنع التهديدات الحوثية للملاحة الدولية.

 

جاء ذلك في بيان الجمهورية اليمنية الذي ألقاه مندوب اليمن الدائم لدى الامم المتحدة السفير عبدالله السعدي، أمام مجلس الأمن في جلسة النقاش المفتوحة حول (تعزيز الأمن البحري من خلال التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار العالمي).

 

وشدد السعدي، على أهمية تبني المجتمع الدولي إستراتيجية شاملة وفعّالة تتكامل فيها الجهود الوطنية مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين لمواجهة التحديات المشتركة وضمان حماية ممرات الملاحة الدولية والأمن والسلم الدوليين.

 

وقال السفير السعدي "إن الجمهورية اليمنية تؤمن ان أحد ركائز تحقيق الأمن والاستقرار وازدهار دولنا جميعاً يعتمد على أمن وسلامة ممرات الملاحة الدولية، وكما تؤمن بأهمية وجود تعاون وتنسيق على كافة المستويات في هذا الجانب، ومن هذا المنطلق، تشارك الجمهورية اليمنية بشكل فاعل في كل المحافل الدولية والإقليمية لتحقيق هذا النوع من التعاون والتنسيق، وترى انه لا يمكن لدولة بعينها ان تواجه كل التحديات في البيئة البحرية بمفردها دون ان تعمل ضمن منظومة تعاون".

 

وطالب بدعم الحكومة اليمنية لبسط سيطرتها على كامل التراب اليمني، وتمكينها من القيام بواجبها في حماية مياهها الإقليمية وضمان أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وتحويله من مصدر تهديد إلى جسر للسلام كما كان عبر التاريخ.

 

وأشار لأهمية امتثال جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لالتزاماتها والتنفيذ الكامل للقرار 2216 (2015) وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بحظر الأسلحة المستهدف، مؤكدا أن استمرار تهريب الأسلحة إلى جماعة الحوثي، لا يشكل تهديداً على اليمن فحسب، بل على السلم والأمن والإقليمي والدولي، وعلى أمن وسلامة الملاحة الدولية ككل.

 

ودعا السفير السعدي، إلى تعزيز التعاون العملي، بما في ذلك مع الحكومة اليمنية، لمنع جماعة الحوثي من الحصول على الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية المستخدمة في تنفيذ المزيد من الهجمات ضد الملاحة الدولية وتهديد دول المنطقة.

 

ولفت لأهمية تفعيل الدور الحاسم لآلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (أونفم) وتمويلها وتعزيز قدراتها بشكل كافي، وأهمية استجابة المجتمع الدولي لتهديدات الأمن البحري من خلال التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار العالمي والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

 

وأوضح أن الهجمات والتصعيد من قبل جماعة الحوثي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب أظهر "مدى أهمية هذا الممر المائي للاقتصاد العالمي وكيف تؤثر الاضطرابات على التجارة الدولية والاستقرار الاقتصادي العالمي والبيئة البحرية".

 

وأشار إلى أن هذه الهجمات أدت إلى أضرار بشرية ومادية والإضرار بالبيئة البحرية، ومثالاً على ذلك، ما تعرضت له السفينة "روبيمار" التي غرقت في المياه اليمنية مطلع العام الماضي على بُعد 15 ميلاً من ميناء المخا والتي كانت تحمل على متنها 22 ألف طن من فوسفات الامونيا، وحوالي 180 طناً من وقود وزيوت السفن التي ستتسرب حتماً إلى البيئة البحرية، بالإضافة إلى تنامي علاقة التعاون والتنسيق بين جماعة الحوثي والجماعات الإرهابية الأخرى، واستهداف البنية التحتية المدنية في اليمن، بما في ذلك المنشآت النفطية وموانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة.

 

وثمّن جهود المملكة المتحدة الصديقة في دعم مصلحة خفر السواحل اليمنية، معبّراً عن التطلع إلى إطلاق شراكة الأمن البحري اليمنية بالشراكة مع حكومة المملكة المتحدة والشركاء الدوليين في شهر يونيو القادم.

 

وأبدى تطلع الحكومة اليمنية، لدعم الهيئة العامة للشؤون البحرية بالوسائل اللازمة لمكافحة تلوث البيئة البحرية، بما في ذلك مكافحة التلوث الناجم عن تسرّب مخلفات وزيوت السفن، والتلوّث الناجم عن السفن المنكوبة التي تتعرض للهجمات الحوثية، وتمكينها من الاستجابة لنداءات الاستغاثة من السفن وتقديم الدعم اللازم للحفاظ على أرواح طواقم السفن عند الحاجة.

 


مقالات مشابهة

  • توقيف أكثر من 13 الف شخص في السعودية خلال أسبوع
  • الحوثيون والصحافة في اليمن.. عقد من القمع الممنهج وتكميم الأفواه
  • تصاعد انتهاكات الحوثيين ضد الصحفيين والناشطين في اليمن
  • الكوليرا تجتاح اليمن مجددًا: أكثر من 12 ألف إصابة و10 وفيات خلال 4 أشهر فقط!
  • اليابان تجدد طلبها للولايات المتحدة الأمريكية بضرورة إلغاء الرسوم الجمركية
  • “توبي” السعودية تجدد تسهيلات مصرفية بـ70.6 مليون دولار مع “الراجحي”
  • اليمن أمام مجلس الأمن: استمرار تهريب الأسلحة إلى الحوثيين يهدد السلم والأمن العالمي
  • جيش الاحتلال: إصابة قائد دبابة اليوم بجروح خطيرة خلال المعارك في شمال غزة
  • ضبط اكثر من مليون ونصف قرص مخدر في الرياض (صورة)
  • العراق يسلّم لبنان أكثر من مليون ونصف وجبة غذائية