أين العالم من الهولوكوست الفلسطينى؟!
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
أعتقد أن العالم الذى يدعى التحضر الآن أدرك بما لا يدع مجالا للشك أن ما يجرى الآن فى فلسطين المحتلة هو هولوكوست جديد، ينتقم به صهاينة اسرائيل ممن لا ذنب له فيما تعرضوا له من مآسٍ فى أواخر الثلاثينيات من القرن الماضى، حيث قرر الألمان والأوربيون التخلص من اليهود ومن أفعالهم المشينة إما بالمقاطعة أو بالقتل والتهجير والتشريد وأخيرا بالحرق على يد النازيين الألمان!
إن الانسانية الحقة تكاد تتبرأ منهما معا؛ تتبرأ من المحرقة الأوربية القديمة التى كادت تمحو اليهود من الوجود على ظهر الأرض، كما تتبرأ اليوم من أولئك اليهود الصهاينة الذين يفعلون نفس الشىء مع الفلسطينيين، وان كان ما يتم الآن أكثر شناعة وظلما مما كان من قبل؛ فالصهاينة الاسرائيليون قد تغافلوا عن حقيقة أنهم هم المحتلون للأرض النهابون للثروات، وأنه إذا كان لأحد أن يخرج من هذه الأرض فهو المحتل الغاصب لها وليس صاحب الأرض الحقيقى! إن هؤلاء المحتلين المغتصبين لم يحترموا أبسط حقوق أصحاب الأرض الحقيقيين طوال الخمسين عاما الماضية وعلى مدار هذه السنوات ظلوا يضغطون عليهم ويضيقون عليهم الخناق ويسوفون ويضيعون فرص حل المشكلة حتى فرصة حل اقامة الدولتين الذى ارتضاه جل الفلسطينيين والعرب! فماذا كانوا ينتظرون من شعب أهدرت كرامته واحتلت أرضه وتنتهك مقدساته وحرماته كل يوم! أيمكن لأى شعب أن يعيش طوال حياته تحت هذا القهر والظلم أبد الدهر؟! أيمكن لأى شعب أن يقبل هذا الاذلال اليومى دون أن يرى أفقا لنيل الحقوق ورفع الظلم؟!
أيها القساة الملاعين يبدو أنكم لم تستفيدوا من دروس التاريخ منذ موسى عليه السلام حتى الآن! وأنتم أيها الأوروبيون والأمريكيون الذين تدعون الانسانية والتحضر وهما منكم ومن أفعالكم على مر تاريخكم الاستعمارى البغيض براء! إن حضارة بنيت على الاستعلاء والعنصرية ليست حضارة وانما هى – مهما امتلكت من آليات التقدم التقنى والثراء المادى – مجرد تجمعات بشرية تحكمها تبادل المصالح والمنافع المادية دون قيم عليا ودون قواعد أخلاقية تحترم الانسان كقيمة فى ذاته بصرف النظر عن عرقه ولونه ومكان اقامته ودرجة ثرائه!
إن الانسان الغربى اذا أعمل بالفعل عقله العلمى الموضوعى وواجه نفسه بالحقائق مجردة لاكتشف أنه عالة على من بنوا الحضارات الحقيقية قديما ووسيطا وحديثا، وأن كل آليات هيمنته انما هى مسروقة من غيره، وربما يكون ذلك هو سر أسرار رعب الغرب من تقدم وتفوق الشرق سواء الشرق العربى الاسلامى أو حتى الشرق الأسيوى! ولاشك أن ذلك هو سر اصرار الغربيين على تمزيق وتفتيت العالمين الاسلامى والعربى وعرقلة أى خطوة جادة لهم نحو تجاوز التخلف وتحقيق التقدم! إن القليل من فلاسفة التاريخ والحضارة الغربيين هم من أدركوا ذلك جيدا، وقد صدق روجيه جارودى حينما قال «إن الغرب عرض طارئ فى تاريخ البشرية» ولقد كثرت كتابات بعضهم عن انهيار الحضارة الغربية وحذروا من ذلك محاولين توجيه دفة الصراع نحو الشرق عامة والعالم الاسلامى خاصة!
ولعل العماء الحضارى الذى أصاب الغربيين فى اللحظة الحضارية الراهنة هو ما يجعلهم يتناسون أنهم هم مشعلو الحروب والحرائق حول العالم، ومن ثم لم يعودوا يميزون عن عمد بين المعتدى الحقيقى والمتعدى عليه! بين صاحب الأرض ومغتصبها! ولذلك فقد سارعوا ولايزالون يؤيدون ويدعمون اسرائيل فى محرقتها التى نصبتها لأكثر من مليونى فلسطينى داخل غزة، ناسين أنهم بذلك إنما يكررون بهذا التأييد الواضح للمحرقة أفعالهم الدنيئة القديمة قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية! ولاعزاء للانسانية وحقوق الانسان والدفاع عن النفس والوطن!!
والحقيقة أن الدهشة الحقيقية لما نعيشه من أحداث هى للموقف العربى المتخاذل حتى الآن، وقد دخلت محرقة الفلسطينيين شهرها الثانى! فلا موقف عربيا موحدا ولا مؤتمر قمة عربى يدين ما يحدث ويعلن ضرورة وقف هذه المحرقة حتى ولو كان ذرا للرماد فى العيون!! عاشت فلسطين ويحيا شعبها الحر البطل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أين العالم نحو المستقبل فلسطين المحتلة صهاينة اسرائيل
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الحواشي…)
قلنا إن الغرب هو المتحف الأعظم للعقل المختلط،
والجيفة لا تنتظر من يشير إليها… الجيفة تعلن عن نفسها.
وأهل العقل المختلط يخاطبون الحواس الخمسة.
أول القرن، الكتابات الأعظم هي (يوليسيز)،
وهي الأعظم لأنها ترسم.
وجيمس جويس ينجح لأنه في جملة واحدة يرسم صوت القطار ورائحة القهوة وصراخ عجوز يتبول وتاريخ داخل كتاب لن يقرأه أحد… ونفس بيكاسو، واللحمة في سوق تنبول،
والألغام التي أغرقت سفن فرنسا في البسفور،
وصبي فورستر الذي يُقتل وهو يقرع الطبل وسط المعركة… و…
وعند أهل الطب وصف يشبه ذلك،
فالأطباء يسوقون العيون إلى الفتاة هذه،
والفتاة هذه التي تنظر إليك بأجفان ثقيلة وخدود متوردة، وشفاه ممتلئة، وبين الشفتين انفراجة صغيرة، كأنها ابتسامة ناقصة… الفتاة هذه التي تبدو مثيرة هي في الحقيقة ـ بالمواصفات هذه ـ هي فتاة تكامل فيها مرض السل.
الجمال في العالم الغربي هو هذا.
والفن الحديث… الخلط، الخلط… هو نسخة أخرى ترسم النفوس.
الأغاني… السينما… و… هي نسخة ترسم العالم الذي هو نوع من القيء.
الكتابات، ما يشتهر منها منذ ربع قرن، هي كتابات أمريكا الجنوبية،
والكتابات هذه تشتهر لأنها تُكتب بالكوريق،
وهي خلط بين: العسكر + السحر + الاضطهاد + الهلوسة + الجنس الذي يصبح نوعًا من الموت… ومن يضاجع فتاة يجد أنه يضاجع جثة ميتة من يومين + … + … + …
وفي السياسة، ما تحمله الأخبار معروف.
ثم حرب على امتداد العالم بين الإسلام والأديان،
والحرب هذه فيها كل عفونات الأرض.
وبعض ما يقولونه عن الكبار الآن أنهم يقولون:
:: هل لاحظتم أن كبار الساسة يظل كل واحد منهم متورد الخدود والعنق؟
قالوا: ما يحدث هو أن الطب يستخرج الآن عصيرًا من الأطفال الذين يولدون حديثًا… (ويشرحون كيف يحدث هذا)، وأن الشيوخ هؤلاء تُجرى معالجتهم بالعصير هذا…
تخريف؟
لا… فالعالم الآن يتجاوز كل ما يعرفه الشيطان…
أما نحن، فالصورة تلك التي نقلتها الكاميرا في حرب رواندا تكفي.
وفي حرب رواندا، الكاميرا تسجل مشهدًا عجيبًا.
وفي المشهد، أحد الهوتو يحمل ساطورًا وحوله آخرون،
وصف من التوتسي يقفون للذبح،
وهم يتقدمون واحدًا واحدًا،
وواحد من هؤلاء، لما كان يمشي ليُذبح، كان يحمل عمامته ـ كأنه سوداني ـ في يده…
والحديث هذا، عن الكتابة والحرب والزمن والجنون والقهوة والرسم والسحر، هو جزء من لوحة الجنون هذه.
كيف ينجو السودان من الجنون هذا؟
عندنا الإسلام والسلاح… الإسلام الذي يجب أن يعرفه العالم…
العالم الذي إن تركناه لم يتركنا…
قاتلوا.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب