الحديد الأخضر.. «فتح بيئي» جديد
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
حسونة الطيب (أبوظبي)
أخبار ذات صلةيقترب فجر الحديد الأخضر من البزوغ.. وبحلول عام 2030 من المرجح أن تحتضن أوروبا لما يقارب 50 مشروعاً لإنتاج حديد يتميز بأقل انبعاثات كربونية، بينما تمتلك أميركا 2 من هذه المشاريع حالياً.
وبوصفه واحداً من أكثر الصناعات للحد من التلويث للبيئة في العالم، تبذل أوروبا جهوداً مقدرة، لإنتاج الحديد الأخضر. ومن ضمن العوامل التي تحفز القارة على إنتاج هذا النوع من الحديد، تبني سياسات تتضمن آلية الاتحاد الأوروبي لتعديل حدود الكربون، التي دخلت مرحلة التجربة في الأول من أكتوبر الماضي.
ومن المتوقع، أن يشكل الحديد الأخضر، 25% من حاجة أوروبا، بنهاية العقد الحالي، في حين لا تزيد النسبة عن 10% في أميركا. وبلغ إنتاج أوروبا من الحديد، 136 مليون طن متري، بالمقارنة مع 80 مليون طن لأميركا، في العام الماضي 2022، بحسب وول استريت جورنال.
وربما تكون أوروبا، أكثر حاجة للتحوّل لأنظمة تقليص الكربون، حيث يتم إنتاج 57% من الحديد عبر أفران تعمل بالفحم، بينما البقية باستخدام أفران القوس الكهربائي، في حين تقل النسبة في أميركا، عند 30% للفحم و70% لأفران القوس.
لكن ونظراً إلى أن معظم الطواحين في أميركا تعتمد في تشغيلها على الكهرباء المنتجة بالوقود الأحفوري، تساعد الاستثمارات الأوروبية، القارة في اعتلاء الصدارة في إنتاج الحديد الأخضر.
للإيفاء بأهداف المناخ، من الضروري نظافة هذا القطاع، خاصة وأن الحديد يتم استخدامه بكثافة في تطوير البُنى التحتية والتقنيات، المطلوبة لتحقيق تحول الطاقة. ويشكل قطاع الحديد، 7% من الانبعاثات الكربونية العالمية، بحسب وكالة الطاقة الدولية. وبينما تتوافر التقنيات المطلوبة لإنتاج الحديد الأخضر، ينبغي زيادة السعة الإنتاجية لتقليل التكلفة. وتسير الاستثمارات في أوروبا، بوتيرة متسارعة، نظراً لتسعير الكربون وصرامة سياسات الانبعاثات، فضلاً عن ارتفاع طلب المستهلك.
في غضون ذلك، وقعت شركة أتش2 جرين ستيل السويدية، اتفاقيات لتوريد حديد أخضر لكل من إيكيا وشركة سكانيا لصناعة الشاحنات. وتمكنت الشركة، من الحصول على تمويل بأكثر من 5 مليارات يورو (5.3 مليار دولار)، عبر الأسهم الخاصة ومصادر الدين.
ولتقليص الانبعاثات الكربونية، تستخدم أتش2، طاقتي الرياح والكهرومائية، لتوفير الكهرباء اللازمة لإنتاج الحديد، الذي من المتوقع أن يبدأ في نهاية العام 2025. ونجحت الشركة، في خفض انبعاثات صناعة الحديد، من 2.6 ألف كيلو من ثاني أكسيد الكربون للطن الواحد، إلى 400 كيلو للطن. كما شجعت الشركة، عملائها من صانعي السيارات وغيرهم، على خفض انبعاثات الإنتاج.
وتؤكد شركة مرسيدس بنز، على ضرورة استخدام الموارد الخضراء للحديد، لتحقيق أهدافها في صناعة أسطول جديد من السيارات خال من الكربون بحلول العام 2039. لكن من المتوقع، زيادة تكلفة إنتاج الحديد الأوروبي قليل الانبعاثات. وفي الوقت، الذي تحتل فيه أوروبا المقدمة، يوفر قانون خفض التضخم، حوافز ضريبية ضخمة، مقابل تأسيس مرافق لإنتاج الحديد الأخضر. كما يشجع القانون، استثمارات الحديد الأخضر، التي تُمكن من إنتاج 8 ملايين طن من الحديد منخفض الانبعاثات، أو ما يعادل 10% من الطلب الأميركي، بحلول العام 2030.
ربما تتحول البحيرات العظمى وولاية تكساس ومناطق شمال غرب المحيط الهادي، لمراكز لإنتاج الحديد الأخضر، بمساعدة استغلال الطاقة النظيفة. وبالمقارنة مع أميركا، من المتوقع أن يشكل ارتفاع تكلفة الطاقة، عبئاً على معدلات الإنتاج في أوروبا. وفي حين تعتبر أميركا وأوروبا، من المراكز الهامة لإنتاج الحديد في العالم، يأتي معظم الإنتاج العالمي، من الصين. وتعتمد الصين في الوقت الحالي، على الأفران التي تعمل بالفحم لإنتاج ما يزيد عن 90% من الحديد، النسبة التي من المتوقع تراجعها لنحو 75% بحلول العام 2030، ما يعني استمرار هيمنة الفحم والغاز.
المنطقة العربيةً
المنطقة العربية مؤهلة لقيادة سوق الحديد الأخضر عالمياً، بفضل إمكاناتها في إنتاج الغاز والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، إحدى الطرق الأساسية في إنتاج ذلك النوع منخفض الكربون، وتمتلك الدول العربية، مع نجاحها في ضخ وجذب استثمارات ضخمة، مشروعات عديدة لإنتاج الطاقة النظيفة تدعم موقفها عالمياً في تأدية دور رئيس بسلاسل توريد الحديد الأخضر، بالإضافة إلى امتلاكها احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي، ذلك الوقود الأحفوري الذي يُصنَّف بأنه انتقالي نحو التقنيات النظيفة.
الإمارات وعمان
تأتي الإمارات وعمان في مقدمة الدول العربية، التي تتنافس على إنتاج الحديد الأخضر، مع سعي كل منهما في أداء دور رئيس بسلاسل توريد الحديد منخفض الانبعاثات عالمياً، وجاءت نقطة البداية للحديد الأخضر في الإمارات مع توقيع شركة «حديد الإمارات أركان»، خلال سبتمبر 2022.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: المناخ التغير المناخي تغير المناخ الانبعاثات الكربونية انبعاثات الكربون خفض انبعاثات الكربون من المتوقع من الحدید
إقرأ أيضاً:
الرقابة المالية تستعرض تجربتها الرائدة في إطلاق أول سوق كربون طوعي
استقبل معهد الخدمات المالية – الذراع التدريبي للهيئة العامة للرقابة المالية – وفدًا ليبيًا برئاسة السيد نوري امحمد الكشريو، مستشار الطاقة وتغير المناخ ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا، وبمشاركة ممثلين عن وزارة الصناعة والمعادن، ومركز الطاقات المتجددة، والشركة الليبية للحديد والصلب، وذلك بهدف الاطلاع على التجربة المصرية الرائدة في إنشاء وتنظيم سوق الكربون الطوعي وتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية.
وشارك في اللقاء من الجانب المصري نخبة من الخبراء، من بينهم الدكتور طارق سيف المدير التنفيذي لمعهد الخدمات المالية والمهندسة إكرام سعيد، رئيس وحدة الأداء البيئي بالهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، وآية علي، مدير عام التنمية المستدامة بالهيئة العامة للرقابة المالية، وعدد من قيادات وخبراء الهيئة وهيئة المواصفات والجودة.
وفي مستهل اللقاء، قدم الدكتور طارق سيف، المدير التنفيذي لمعهد الخدمات المالية، عرضًا تقديميًا تناول مراحل إطلاق أول سوق كربون طوعي منظم ومراقب في مصر، والدور الريادي للهيئة في دعم جهود الدولة لتحقيق الحياد الكربوني. وأوضح أن هذه الخطوة جاءت عقب صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، لاعتبار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية أدوات مالية قابلة للتداول، ثم إنشاء منصة التداول من قبل البورصة المصرية.
كما تم تشكيل أول لجنة للإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية برئاسة الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة، وواصلت الهيئة جهودها بإصدار قواعد ومعايير قيد جهات التحقق والمصادقة للمشروعات، إلى جانب وضع قواعد قيد وشطب شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، ومعايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية المحلية.
عقب ذلك شهد اللقاء عرض تقديمي من المهندسة إكرام سعيد، رئيس وحدة الأداء البيئي بالهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة، ومناقشات من جانب الحضور تناولت المفاهيم الأساسية المتعلقة بالبصمة الكربونية، والمؤشرات البيئية، وعلاقتها بالتغيرات المناخية، إضافة إلى الأساليب والبرمجيات المستخدمة في حساب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مع تدريب عملي على إعداد تقارير البصمة الكربونية وآليات التحقق منها.
من جانبه، أعرب السيد نوري امحمد الكشريو عن خالص شكره وتقديره لمعهد الخدمات المالية على تنظيم اللقاء، مؤكدًا أن التجربة المصرية تمثل نموذجًا ملهمًا يدعم جهود ليبيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية، كما قدم عرضا تقديميا عن تجربة الدولة الليبية في التعامل مع تحديات التغير المناخي.
ويأتي هذا اللقاء في إطار تعزيز التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات مع الدول الشقيقة، والاستفادة من التجربة المصرية في مجال الكربون الطوعي، بما يسهم في نقل المعرفة وتحديد فرص التعاون المشترك في قضايا المناخ والتنمية المستدامة.
يُذكر أن معهد الخدمات المالية يضم المركز الإقليمي للتمويل المستدام، الذي يعمل على نشر الوعي وتعزيز المعرفة بموضوعات التمويل المستدام والاقتصاد الأخضر، بما يشمل تقديم الدعم الفني والتدريب وبناء القدرات داخل القطاع المالي غير المصرفي، في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، ودعم الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ.