الخليج الجديد:
2025-05-29@14:41:15 GMT

مسؤوليّة الدم المسفوك وأثمانه: لماذا نكرههم؟

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

مسؤوليّة الدم المسفوك وأثمانه: لماذا نكرههم؟

مسؤوليّة الدم المسفوك وأثمانه: لماذا نكرههم؟

لن ترضى قوى المقاومة بإبادة أهل غزة وستفعل ما بوسعها لمنع ذلك.

ما الذي يدفع «الغرب الجماعي»، بقيادة أميركا، إلى التورط في حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة؟

عملية «طوفان الأقصى» أفصحت عن تبدّل موازين القوى، هي مؤشّر وازن في اتجاه نهاية الهيمنة الأميركية.

الدماء العزيزة التي تُسفك في غزة ستؤسّس لجدار فولاذي من الكراهية، كفيل بصدّ قوة الغرب «الخشنة»، وتلك «الناعمة» النتنة.

حشد الأساطيل والتموضع هما المرحلة الأولى من الحرب، لكنّ الانتقال إلى أعلى مراحلها، أي إلى المواجهة العسكرية المباشرة، هو شأن آخر.

غايتهم الراهنة إلحاق نكبة جديدة بالشعب الفلسطيني تصفي مقاومته، التي يصعب الانتصار عليها في الميدان لو كانت الحرب منازلة حصرية مع الجيش الإسرائيلي.

حرب الإبادة الإسرائيلية الأميركية الغربية ضدّ غزة، وما ترافق معها من حشد للأساطيل محاولة يائسة لوقف مسار نهاية الهيمنة الغربية، واستعادة زمام المبادرة.

سعي غربي لإخضاع الخصوم و«الأصدقاء» لترميم منظومة الهيمنة عبر تطبيع يضمن السيطرة على الإقليم ويصدّ الباب أمام توسّع نفوذ «المنافسين الاستراتيجيين» فيه.

* * *

ما الذي يدفع «الغرب الجماعي»، بقيادة أميركا، إلى التورط في حرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة؟

هاتان السمتان، أي الإبادة والتطهير العرقي، تؤكدهما جميع مجريات الحرب، من المقتلة اليومية المتواصلة للسكان المدنيين، والتدمير المنهجي والواسع النطاق للأحياء والبنى التحتية، إلى استهداف المشافي واستباحتها. الأنكى أننا أمام عملية إبادة تُنقل وقائعها بالمباشر، أمام مرأى ومسمع شعوب الكوكب برمّته.

ما يُنقل بالمباشر أيضاً هي مواقف قادة «الغرب الجماعي» ومسؤوليه، من رفض لوقف إطلاق النار، إلى تبنٍّ كامل للسردية الإسرائيلية عن صيرورة المشافي مراكز قيادة لفصائل المقاومة. هؤلاء، وفي مقدّمهم جو بايدن، يتحمّلون، بنظر مئات الملايين من العرب والمسلمين، وكذلك من مواطني شعوب أخرى، بمن فيها شعوبهم، مسؤولية كلّ قطرة دم تُراق في غزة.

لن تنفع المناورات اللفظية، من نوع دعوة إسرائيل إلى الالتزام بـ«القانون الدولي الإنساني بالنسبة إلى المدنيين»، أو «عدم قصف النساء والأطفال والمسنّين»، كما فعل إيمانويل ماكرون، في الحدّ من هول هذه المسؤولية، وممّا سيترتّب عليها مهما طال الزمن!

كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لـ«اليونيسف»، قالت إن أكثر من 4600 طفل قتلوا في غزة حتى الآن، بينما أصيب 9000 آخرون. كون الجيش الإسرائيلي وقادة الكيان المتتالين، قتلةَ أطفال، حقيقة معروفة في هذا الجزء من المعمورة، لكن لائحة القتلة باتت تضمّ أيضاً أسماء قادة الغرب وأعضاء حكوماته.

لن يعود للسؤال الأبله، الذي طُرح بعد عمليات الحادي عشر من أيلول، «لماذا يكرهوننا؟»، أيّ معنى مع مجزرة غزة. ليس من قبيل المبالغة التأكيد كذلك أن خطاب الديموقراطيات الإمبريالية عن حقوق الإنسان وقيم التنوير تحوّل مع هذه المدبّرة إلى ممسحة للأحذية في أحسن الأحوال، وأن «قوتها الناعمة»، مع إطلاق العنان لـ«قوتها الصلبة»، ذهبت إلى غير رجعة.

ثلاثة أسباب رئيسة تفسّر قرار شنّ حرب الإبادة، والتي إنْ تكلّلت بهزيمة المعتدين ستفتح آفاقاً جديدة وواعدة لأمّتنا وللعالم، هي كالآتي:

1. الإجهاز على المقاومة في غزة أولاً، وعلى محورها في الإقليم تالياً

كشفت عملية «طوفان الأقصى» البطولية عن أن المسار التراكمي لبناء القدرات من قِبل أطراف محور المقاومة المختلفة، وإعداد العدّة لجولات متتالية من المواجهة مع العدو الصهيوني، بات ينعكس بالملموس على ميزان القوى في الإقليم، بما يهدّد الدور الوظيفي للكيان كحجر زاوية في منظومة الهيمنة الأميركية الغربية عليه.

من غير الممكن فهم التغيير الذي طرأ، ولو مؤقتاً، على جدول الأعمال الاستراتيجي الأميركي والغربي إذا لم يؤخذ هذا المُعطى في الحسبان.

لا فائدة حالياً من تسجيل النقاط على جميع الذين شكّكوا في جدوى جهود أطراف محور المقاومة في مقابل العدو، إن اعترفوا بأنها قوى مقاومة أصلاً! «الغرب الجماعي» يقرّ بهذه الجدوى، والدليل هو الحشد الهائل وغير المسبوق لأساطيله وحاملات طائراته وغواصّاته القاذفة لصواريخ نووية، وتموضعها في المتوسّط أو في جوار الخليج، في مقابل إيران، مع هدف معلن، وهو ردع المحور عن التدخّل في المعركة الجارية في غزة.

بكلام آخر، المطلوب هو منع المحور من الضغط لوقف حرب الإبادة، والسماح لإسرائيل باستكمالها. نسي قادة الغرب، وعلى رأسهم بايدن، أولوياتهم المكرورة بالتصدّي للصين وإلحاق هزيمة بروسيا في أوكرانيا وهرعوا لنجدة الوكيل الإسرائيلي مهما كلّف الأمر، وإن قاد إلى مجابهة في طول الإقليم وعرضه.

غايتهم الراهنة هي إلحاق نكبة جديدة بالشعب الفلسطيني تأتي على مقاومته، التي يصعب الانتصار عليها في الميدان لو الحرب تمثّلت بمنازلة حصرية بينها وبين الجيش الإسرائيلي.

المطروح بالنسبة إليهم هو إبادة الحاضنة الاجتماعية للإجهاز على المقاومة. ويعتقد هؤلاء القادة أن مثل هذا الإجهاز سيتيح الانتقال إلى هجوم متعدّد الأبعاد، عسكري وسياسي واقتصادي ضدّ مكوّنات محور المقاومة الأخرى، لإضعافه وتفكيكه إن كان ذلك ممكناً.

2. استعادة السيطرة على إقليم بدأ يتفلّت منها

لقد أفضى أكثر من عقدين من الصراع المحتدم بين الولايات المتحدة، باعتبارها زعيمة المعسكر الغربي، وإسرائيل، من جهة، وقوى المقاومة في الفضاء العربي الإسلامي، من جهة أخرى، إلى سلسلة هزائم للطرف الأول في العراق ولبنان وغزة وأفغانستان، توازت مع تصاعد حدّة «المنافسة الاستراتيجية» بينه وبين الصين وروسيا على الصعيد الدولي، ما فرض عليه تغييراً لجدول أعماله على قاعدة أولوية التصدّي لهاتين القوّتين.

نجم عن هذه المتغيرات انحسار واضح للنفوذ الأميركي في الإقليم، ليس في البلدان التي قاومته وحليفه الإسرائيلي فقط، بل كذلك في بعض البلدان المُصنّفة حليفة له أيضاً. شرعت هذه الأخيرة، كتركيا ومصر ودول خليجية، في تنويع شراكاتها وتعميقها مع الصين وروسيا، وأفسحت في المجال أمام «تسلّل» سياسي صيني إلى المنطقة من بوابة الوساطة، كما حصل عندما رعت بكين الاتفاق بين طهران والرياض.

تنامي قدرات أطراف محور المقاومة، وتوجّه الدول «الصديقة» إلى تنويع الشراكات، ودخول المنافسين الاستراتيجيين من الباب العريض إلى الإقليم، هي جميعها مؤشرات إلى أن مسار نهاية الهيمنة الأميركية على الشرق الأوسط، والذي تنبّأ به ريتشارد هاس منذ 2006 في مقال في «فورين أفيرز» بعنوان «شرق أوسط ما بعد أميركي»، آخذ في التسارع.

ولا شك في أن عملية «طوفان الأقصى»، بما أفصحت عنه من تبدّل في موازين القوى، هي مؤشّر وازن في الاتجاه نفسه. حرب الإبادة الإسرائيلية الأميركية الغربية ضدّ غزة، وما ترافق معها من حشد للأساطيل، هي محاولة يائسة لوقف المسار المشار إليه، واستعادة زمام المبادرة، والسعي لإخضاع الخصوم، وأيضاً «الأصدقاء»، لمشروع ترميم منظومة الهيمنة عبر التطبيع الذي يضمن السيطرة على الإقليم وثرواته وريوعه، ويصدّ الباب أمام توسّع نفوذ «المنافسين الاستراتيجيين» فيه.

3. الاستعداد لمعركة طويلة ولاحتمال الحرب المفتوحة

تدرك قيادة المعسكر الإسرائيلي - الأميركي - الغربي أن الحرب مع المقاومة في غزة، وهي حرب موازية لتلك التي تشنّها على المدنيين، ستكون طويلة وباهظة الكلفة، لأن فصائل المقاومة استعدّت لها منذ سنوات طويلة.

وهي موقنة تماماً بالتداعيات المصيرية لهذه الحرب بالنسبة إلى مستقبل المنطقة، وأن قوى كثيرة، دولتية وغير دولتية، من الإقليم ومن خارجه، ستكون بين الخاسرين، أو أقلّه بين المتضررين، من انتصارها فيها.

هذا يعني أن تقاطعات كثيرة ستنشأ بين المتضرّرين لإفشال هجومها أو للتسبّب بتعثّره والحؤول دون بلوغه غاياته. لن ترضى قوى المقاومة بإبادة أهل غزة وستفعل ما بوسعها لمنع ذلك، بما فيه رفع مستوى الاشتباك مع قوى العدوان الصهيو - أميركي في أنحاء المنطقة.

حشد الأساطيل والتموضع هما المرحلة الأولى من الحرب، لكن الانتقال إلى أعلى مراحلها، أي إلى المواجهة العسكرية المباشرة، هو شأن آخر. الأثمان الناتجة من مثل هذا الخيار قد تكون صعبة الاحتمال بالنسبة إلى حكومات مهتزة الشرعية الداخلية، كما هي حال قسم كبير من الحكومات الغربية، التي تعارض شعوبها التورّط في حروب عدوانية لا مبرّرات وجودية لها.

أما الأثمان التي ستدفعها تلك الحكومات من أرواح جنودها الموجودين في قواعد منتشرة في العالم العربي والإسلامي، وكذلك من مصالحها في هذه البقعة من العالم، فستتّضح مقاديرها في الأسابيع والأشهر والسنوات القادمة.

الدماء العزيزة التي تُسفك في غزة ستؤسّس لجدار فولاذي من الكراهية، كفيل بصدّ قوة الغرب «الخشنة»، وتلك «الناعمة» النتنة.

*وليد شرارة كاتب وباحث في العلاقات الدولية

المصدر | الأخبار

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أميركا الغرب غزة المقاومة الإبادة التطهير العرقي الهيمنة الأميركية العالم العربي والإسلامي العدو الصهيوني الغرب الجماعی محور المقاومة المقاومة فی حرب الإبادة التی ت فی غزة

إقرأ أيضاً:

600 يوم على الإبادة الجماعية في غزة .. واقع كارثي يفضح إجرام إسرائيل

#سواليف

تمرّ اليوم 600 يوم على بدء #الحرب #الإسرائيلية على قطاع #غزة، وسط استمرار العدوان العسكري المكثف، وغياب أي أفق لحل سياسي أو إنساني، في واحدة من أطول وأعنف #الحروب التي مرت في تاريخ #الصراع مع #الاحتلال.

في هذه المدة، تحوّلت غزة إلى #منطقة_منكوبة بكل المقاييس، لم تسلم البنية التحتية، ولا المؤسسات الصحية، ولا حتى السكان المدنيون، من عمليات القصف والتدمير المستمر.

وفق وزارة الصحة؛ ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 54,084 شهيدا و123,308 إصابات منذ السابع من أكتوبر للعام 2023، يضاف لهم أكثر من 10 آلاف مفقود.

مقالات ذات صلة تحذير من “أشباه الأجبان” في الأسواق ومطالب بتطبيق القانون على المنتج المحلي 2025/05/28

#دمار_هائل في البنية التحتية

تعرضت البنية التحتية في غزة لدمار شبه كامل، وفقاً لتقارير محلية ودولية.

وتشير تقديرات وزارة الأشغال العامة إلى أن نحو 80% من المباني السكنية إما دُمّرت كليًا أو تضررت جزئيًا.

كما تضررت شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي بشكل كبير، ما أدى إلى انهيار الخدمات الأساسية.

وتوقفت معظم محطات المياه والمرافق الخدمية عن العمل، في ظل استهداف مباشر للمرافق الحيوية ونفاد الوقود اللازم لتشغيلها.

“المدينة أصبحت غير صالحة للحياة، كل يوم نعيش بلا ماء، بلا كهرباء، وأحيانًا بلا طعام. لا شيء يعمل”، يقول أبو طارق، أحد سكان حي الزيتون شرق غزة.

القطاع الصحي.. انهيار كامل

تعاني المستشفيات من أوضاع كارثية، بعد استهداف مباشر أو غير مباشر لغالبية المستشفيات والمراكز الطبية العامة والخاصة وأخرجت أغلبها عن الخدمة.

وتعاني الكوادر الطبية من نقص حاد في المعدات والأدوية.

“نُجري عمليات جراحية في ظروف بدائية، بلا أدوات تعقيم، وبلا تخدير في بعض الأحيان”، يقول أطباء.

أزمة النزوح والمعيشة

تشير تقارير محلية ودولية إلى أن أكثر من مليوني فلسطيني أصبحوا نازحين داخليًا، يبيتون في مدارس متهالكة أو خيام مؤقتة دون مقومات أساسية للحياة.

وتعيش غالبية السكان على المساعدات الغذائية، التي لا تصل حالياً بفعل احكام الحصار، وتفشي المجاعة.

تقارير رسمية تحدثت عن وفاة 60 طفلاً بفعل سوء التغذية، في حين يتهدد المجاعة سوء التغذية الحاد مئات الآلاف من السكان.

كما أشارت إلى أن 41 % من مرضى الفشل الكلوي توفوا خلال الحرب وأن 477 مريضا توفوا ممن ينتظرون السفر للعلاج بالخارج.

التعليم مشلول بالكامل

توقفت العملية التعليمية في غزة منذ بداية الحرب، حيث تحولت غالبية المدارس إلى مراكز إيواء، بينما تعرّضت المئات منها لأضرار جسيمة.

وتشير إحصائيات وزارة التربية إلى أن أكثر من 600 ألف طالب حُرموا من حقهم في التعليم.

صمت دولي وتضاؤل الأمل

رغم حجم الكارثة، لم تُتخذ خطوات دولية حقيقية لوقف القتال أو محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة.

ومع تكرار استهداف المدنيين، يرى كثيرون أن ما يجري هو إبادة جماعية ممنهجة، وليس مجرد حرب.

“نحن لا نُقتل فقط، بل يُمحى كل أثر لحياتنا، من المستشفيات إلى المدارس وحتى الأحلام”، قالت ريم، طالبة ثانوية فقدت عائلتها بالكامل في غارة جوية.

غزة تصمد… رغم كل شيء

على الرغم من هذا الواقع المظلم، ما زالت غزة تقاوم. الأهالي يواجهون الدمار بالصبر، ويعيدون بناء الحياة في الخيام، ويصنعون من الألم إرادة لا تنكسر.

ستمائة يوم من الحرب، ولم تنكسر غزة. لكنها كشفت عُري العالم.

مقالات مشابهة

  • كتاب ومحللون إسرائيليون: لماذا لم ننتصر بعد 600 يوم من الحرب؟
  • صحف عالمية: غزة باتت فخا لإسرائيل ويجب وقف الإبادة فورا ومن دون شروط
  • 600 يوم من الجحيم في غزة والإبادة مستمرة وعالم أعمى
  • خوف وعضات قاتلة.. لماذا تتجاهل السلطات المغربية الكلاب الضالة التي تهاجم المواطنين؟
  • 10% من الغزاويين ضحايا للعدوان.. إحصائيات مفزعة بعد 600 يوم من الحرب
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • حزب الله وفـلسطين: وحــدة الدم والمصير
  • 600 يوم على الإبادة الجماعية في غزة .. واقع كارثي يفضح إجرام إسرائيل
  • روسيا.. لافروف يكشف شروط موسكو لوقف الحرب مع أوكرانيا
  • المحكمة العليا الإسرائيلية.. درع قانوني لحرب الإبادة في غزة