الجارديان: إسرائيل فشلت في إثبات مزاعم استخدام حماس لمجمع الشفاء كمقر عسكري
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
اللقطات التي عرضتها إسرائيل من داخل مستشفى الشفاء بقطاع غزة، لإثبات أن حركة "حماس" تستخدم المستشفى مقرا عسكريا لها، فشلت في إثبات زعمها.
هكذا يخلص تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، وترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن الأدلة المقدمة حتى الآن أقل بكثير مما كانت تزعمه إسرائيل بشأن المستشفى.
ولم تظهر مقاطع الفيديو التابعة لجيش الاحتلال سوى مجموعات متواضعة من الأسلحة الصغيرة، ومعظمها بنادق هجومية، تم استردادها من المجمع الطبي الواسع.
وقال التقرير، إن المقاطع تشير إلى وجود مسلح، ولكنه ليس ذلك الوجود الذي تم تصويره في الرسومات المتحركة المقدمة لوسائل الإعلام قبل الاستيلاء على الشفاء، التي تصوّر شبكة من الغرف الجوفية المجهزة تجهيزا جيدا.
وأضاف التقرير، أن مقاطع الفيديو التي أنتجها الجيش الإسرائيلي حتى الآن أثارت أسئلة قيد التدقيق، إذ وجد تحليل لهيئة الإذاعة البريطانية أن لقطات لمتحدث باسم جيش الاحتلال تظهر الاكتشاف الواضح لحقيبة تحتوي على مسدس خلف جهاز مسح بالرنين المغناطيسي، تم تسجيله قبل ساعات من وصول الصحفيين الذين كان من المفترض أن يُعرض عليهم.
وأشار إلى أنه في مقطع فيديو، تم عرضه لاحقا، تضاعف عدد البنادق في الحقيبة.
اقرأ أيضاً
تحت وقع التفجيرات والرصاص.. إسرائيل تخلي قسرا مجمع الشفاء في غزة
وادعى الجيش الإسرائيلي أن مقطع الفيديو الذي يصوّر ما وجده في المستشفى لم يتم تحريره، وتم تصويره في لقطة واحدة، لكن تحليل "بي بي سي" وجد أنه تعرض للتحرير.
وتعلق "الجارديان"، على ذلك بالقول إن "محاولة تقديم ما تم العثور عليه بالمستشفى لا بد أن تغذي الشكوك حول كل ما يتم تقديمه لاحقا".
وتقول إن هناك تساؤلات عن مدى استناد العرض الرسومي الإسرائيلي للشبكة في للمستشفى إلى ما كانت تعرفه إسرائيل من قبل، إذ قام مهندسوها المعماريون ببناء قبو واسع بالمستشفى في المرة الأخيرة التي احتلت فيها غزة مباشرة، حتى عام 2005.
وينقل التقرير عن مي السعدني المحامية والمديرة التنفيذية لـ"معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط" في واشنطن قولها، إن إسرائيل فشلت في تقديم أي شيء قريب حتى من مستوى الأدلة المطلوبة لتبرير الاستثناء الضيق الذي يمكن بموجبه استهداف المستشفيات بموجب قوانين الحرب.
وأضافت أنه في الحالة النادرة التي يتم فيها رفع الحماية عن المدنيين، سيتعين على إسرائيل، وفق الاستثناء المنصوص عليه في المادة 19 من اتفاقية جنيف الرابعة، أن توفر لهم فرصة حقيقية للإخلاء.
وحتى مع ذلك، فإن أي مدنيين يبقون في المستشفى بعد أمر الإخلاء سيظلون محميين بقواعد تناسب استخدام القوة، حسب السعدني.
اقرأ أيضاً
رايتس ووتش: إسرائيل لم تقدم أدلة على ادعاءاتها بشأن مستشفى الشفاء
وأضافت: "في كل مرحلة من هذا التقييم القانوني، فشلت إسرائيل إلى حد كبير. لقد قدمت صورًا ولقطات فيديو لا تتناسب على الإطلاق مع مطالباتها الأولية".
وتابعت: في مرحلة ما، يمكن تقديم هذه القضايا إلى المحكمة الجنائية.
ولا تعترف إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية، لكن المحكمة تعترف بفلسطين عضوا، وتجري تحقيقا في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية المحتملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2021.
ورغم أن أي حكم للمحكمة الجنائية سيكون بعد سنوات، فإن تفاصيل اقتحام الشفاء لها تأثير على المناخ الدولي الذي تخوض فيه "إسرائيل" حربها.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن بريطانيا وألمانيا والأهم من ذلك الولايات المتحدة رفضت الدعوات لوقف إطلاق النار على أساس أن تصرفات إسرائيل تشكل دفاعا مشروعا عن النفس من دون أدلة مقنعة.
ويضيف أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لم تدافع عن عمليات إسرائيل فحسب، بل قدمت ادعاءات مستقلة بناء على استخباراتها الخاصة بشأن المستشفى، إذ وصف جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض المستشفى بأنه مقر قيادة لحماس.
ويعيد التقرير إلى الأذهان أن غياب الأدلة حتى الآن بدأ يذكّر بإخفاقات المخابرات الأمريكية السابقة، والأكثر دراماتيكية تلك التي سبقت غزو العراق، كما أنه يعزل واشنطن عن المسرح العالمي، ويعمق الانقسامات الكبيرة بالفعل داخل الإدارة نفسها.
اقرأ أيضاً
لا أنفاق أسفل مستشفى الشفاء.. شهادة مراسل أمريكي اصطحبه الإسرائيليون
المصدر | الجارديان - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حماس مقر عسكري مجمع الشفاء إسرائيل مزاعم
إقرأ أيضاً:
عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
أستاذ وناشط حقوقي فلسطيني ولد عام 1994 في محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، عُرف بموقفه الثابت في الدفاع عن قريته ومناهضة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في منطقة مسافر يطا. ساهم عام 2019 في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي حاز جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل عام 2025، ووثق معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. واستشهد في 28 يوليو/تموز 2025 برصاص مستوطن إسرائيلي قرب منزله أثناء تصديه لعملية استيطانية.
المولد والنشأةوُلد عودة محمد خليل الهذالين عام 1994 في قرية أم الخير شرق بلدة يطا بمحافظة الخليل، في قلب الضفة الغربية المحتلة.
وتعود أصوله إلى قبيلة الهذالين، إحدى القبائل البدوية العريقة التي استقرت في المنطقة بعد أن أجبرها الاحتلال الإسرائيلي على النزوح من موطنها الأصلي في بئر السبع عام 1948.
نشأ في كنف أسرة بدوية تعتز بأرضها، وتربى على قيم الصمود والتشبث بالأرض وعدم الاستسلام.
كان محبا للرياضة لا سيما كرة القدم، وشارك في مباريات ودية أقيمت في قريته ضمن فرق محلية مثل نادي مسافر يطا ونادي سوسيا، وآمن بأن الرياضة تعزز الانتماء وتُنمّي روح التحدي.
تلقى عودة تعليمه الأساسي في مدارس مسافر يطا، والتحق بمدرسة أم الخير الابتدائية عام 2000، وواصل دراسته رغم ضعف البنية التحتية وصعوبة الوصول إلى المدارس بسبب مضايقات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
أظهر منذ صغره حبه لتعلم اللغات، وأبدى اهتماما خاصا باللغة الإنجليزية، مما دفعه لإكمال تعليمه الإعدادي والثانوي في مدرسة الصرايعة التي تخرج فيها عام 2012. وواصل دراسته الجامعية في جامعة الخليل، وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية عام 2016.
تزوج الهذالين وأنجب ثلاثة أطفال وهم وطن ومحمد وكنان.
المسيرة النضاليةعمل عودة بعد تخرجه مدرسا للغة الإنجليزية في مدرسة الصرايعة الثانوية الواقعة في البادية الفلسطينية، لكنه لم يكتف بالدور التعليمي، بل سرعان ما برز ناشطا في مجال حقوق الإنسان ومقاومة الاستيطان جنوب الضفة الغربية.
وعرفه المحليون والدوليون بأنه صوت قرية "أم الخير" والمدافع الأول عن سكانها، وأصبح المتحدث غير الرسمي باسمها، خاصة في الأوساط الحقوقية والإعلامية.
تولى لفترة طويلة مسؤولية المرافعة الميدانية، واستقبل الوفود الأجنبية من دبلوماسيين وصحفيين ونشطاء حقوقيين، وقادهم في جولات توثيقية داخل المناطق المهددة بالهدم، موضحا واقع البيوت التي أصبحت خياما، والأراضي التي صودرت لصالح التوسع الاستيطاني.
إعلانبالعربية والإنجليزية، قدّم الهذالين شهادات حية ومؤثرة نقلت معاناة قريته إلى العالم، مستخدما لغة بسيطة لكنها قادرة على النفاذ إلى الضمير الإنساني.
شارك الهذالين في إنتاج الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الذي صُوّر على مدى أربع سنوات (2019-2023) وانتهى العمل عليه قبل أيام قليلة من اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وهو إنتاج مشترك بين فلسطين والنرويج، حصد أصداء واسعة في الأوساط السينمائية والحقوقية، وفاز بجائزتي "أفضل فيلم وثائقي" و"جائزة الجمهور" في مهرجان برلين السينمائي عام 2024، ثم حقق إنجازا تاريخيا بفوزه بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل في الدورة الـ97 للأكاديمية، التي أُقيمت يوم 2 مارس/آذار 2025 على مسرح دولبي في هوليود.
وسلّط الفيلم الضوء على معاناة الفلسطينيين في قرية مسافر يطا جنوب محافظة الخليل، وركز على حياتهم التي يقضونها في المقاومة للبقاء والعيش في أرضهم رغم القمع والاستيطان.
وأثار فوز الفيلم بجائزة أوسكار موجة غضب كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، واعتبرته الحكومة الإسرائيلية "لحظة حزينة للسينما العالمية"، ذلك أنه جسّد حقيقة النكبة التي ترفض روايتها.
الاستشهاداستشهد عودة محمد خليل الهذالين مساء يوم الاثنين 28 يوليو/تموز 2025، وذلك بعدما أطلق مستوطن إسرائيلي النار مباشرة على رأسه أمام منزله في قرية أم الخير.
ووفقا لشهادات الأهالي، جاء الاعتداء في سياق اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي برفقة جرافة عسكرية أراضي القرية لتوسيع مستوطنة "كرميئيل" المقامة على الأراضي المصادرة.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن المستوطن المسؤول عن إطلاق النار هو ينون ليفي، أحد أبرز المستوطنين المعروفين بتورطهم في اعتداءات ممنهجة ضد الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية.
ويُذكر أن ليفي هذا مُدرج منذ عام 2023 في قوائم العقوبات الأميركية والبريطانية والأوروبية والكندية، ضمن حزمة شُرعت لمحاسبة المستوطنين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة (ج) من الضفة الغربية.
سياسات قمع إسرائيليةوفي 29 يوليو/تموز 2025، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي خيمة عزاء الشهيد عودة الهذالين في قرية أم الخير، واعتدت على عدد من النشطاء والصحفيين الأجانب ثم طردتهم بالقوة، وأعلنت المنطقة "عسكرية مغلقة"، في محاولة واضحة لمنع أي مظاهر للتضامن المحلي والدولي.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن القوات طردت المعزين بالقوة من العزاء واعتقلت ناشطتين أجنبيتين كانتا ضمن المتضامنين.