أجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة:" ما حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية؟ حيث يسأل رجلٌ يصلِّي بالناس إمامًا: ما حكم قراءته آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية؟ وإذا جاز له ذلك فهل يسجد لها على الفور، أو يجوز له تأخيرها حتى الانتهاء مِن الصلاة؟".

وردت دار الافتاء  أن قراءة الإمام آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السِّرِّيَّةِ غير مكروهة عند الشافعية، ومكروهةٌ عند جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو المختار للفتوى، ومع ذلك يُشرَع السجود لها فَوْر قراءتها وجوبًا كما هو مذهب الحنفية، وسُنَّة أو فضيلة كما هو مذهب المالكية، ويُشرع تأخير السجود لها حتى يَفرغ مِن الصلاة استحبابًا كما هو مذهب الشافعية، ويُستحب عند إرادة السجود أثناء الصلاة الجَهرُ بآية السجود عملًا بمذهب المالكية؛ حتى يعلم المأمومون بسبب السجود وأنه للتلاوة فيتبعوه في ذلك.

ويُكره للرجل المذكور إذا كان يصلي بالناس إمامًا أن يقرأ آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية، فإذا قرأ فَلْيُؤَخِّر السجود لها إلى ما بعد الانتهاء مِن الصلاة؛ حتى لا يُشَوِّشَ على المأمومين.

حكم سجود التلاوة

مِن المقرر شرعًا أنَّ السجود للتلاوة مطلوبٌ في حق القارئ والمستَمِع، سواءٌ أكانت التلاوة في الصلاة أم خارجها؛ لما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدة نزل، فسَجد وسَجد الناسُ، حتى إذا كانت الجمعةُ القابِلَةُ قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ، فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»، ولَم يَسجد عمر رضي الله عنه. وزاد نافعٌ عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ، إِلَّا أَنْ نَشَاءَ".

والمختار للفتوى: أنَّ السجود للتلاوة سُنَّةٌ، يثاب فاعلُها، ولا يُؤاخَذ تاركُها، وهذا ما عليه جمهورُ الفقهاء مِن المالكية والشافعية والحنابلة. ينظر: "التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (2/ 361، ط. دار الكتب العلمية)، و"فتح العزيز" للإمام الرَّافِعِي الشافعي (4/ 185، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (1/ 446، ط. مكتبة القاهرة).

حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة تلاوة في الصلاة السرية وأقوال الفقهاء في ذلك
قراءة الإمام آيةً فيها سجدةٌ للتلاوة في الصلاة السرية وسجودُه لها -محلُّ خلافٍ بين الفقهاء.

فذهب فقهاء الحنفية إلى أنَّه لا ينبغي للإمام في الصلاة السرية قراءة آيةٍ لها سجود؛ لأنه إذا قرأها ولَم يسجد لها فقد تَرَك السجدة عقب التلاوة، وإن سجد لها لَم يَعلم المأمومون سببَ السجود، فيظنون أنه سَهَا عن الركوع، فيُسَبِّحُونَ له ولا يَتَّبِعُونَهُ في سجوده، مما قد يترتب عليه اختلاف كبير بين المصلين، إلا أنه يجب السجود لها عقب تلاوتها، ويسجد المأمومون معه؛ لتقرر سبب السجود في حق الإمام بالقراءة، وفي حق المأمومين بوجوب متابعة الإمام.

وذهب فقهاء الشافعية إلى أنَّ قراءة الإمام لآية سجدة في الصلاة السرية لا كراهة فيها؛ لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ «سَجَدَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ، فَرَأَيْنَا أَنَّهُ قَرَأَ تَنْزِيلَ السَّجْدَةِ» أخرجه الأئمة: أبو داود في "السنن" واللفظ له، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وعبد الرزاق في "المصنف".

إلا أنه يُستحبُّ للإمام في الصلاة السرية تأخير السجود للتلاوة إلى ما بَعْد الفراغ مِن الصلاة؛ حتى لا يُشَوِّشَ على المأمومين في صلاتهم بسجوده للتلاوة أثناء الصلاة.

قال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 59، ط. دار الفكر): [وإن كان المصلي إمامًا فهو كالمنفرد فيما ذكرناه، قال أصحابُنا: ولا يكره له قراءة آية السجدة في الصلاة، سواء كانت صلاةً جَهرِيَّةً أو سِرِّيَّةً، هذا مذهبنا] اهـ.

وقال في "روضة الطالبين" (1/ 324، ط. المكتب الإسلامي): [إذا قرأ الإمامُ السجدةَ في صلاةٍ سِرِّيَّةٍ، استُحب تأخير السجود إلى فراغه مِن الصلاة] اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الْهَيْتَمِي في "تحفة المحتاج" (2/ 213-214، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ولا يُكره لإمامٍ قراءةُ آيةِ سجدةٍ مطلقًا، لكن يُسَنُّ له في السرية تأخيرُ السجود إلى فراغه؛ لِئَلَّا يُشَوِّشَ على المأمومين] اهـ.

وذهب فقهاء الحنابلة إلى كراهة قراءة الإمام آيةً فيها سجودٌ للتلاوة في الصلاة السِّرِّيَّةِ، وكذلك يُكره السجود لها إن قرأها؛ لما في ذلك مِن التشويش والخلط على المصلين، وإذا سجد الإمام لها لا يَلزم المأمومَ متابعتُه في ذلك، إلا أنَّ متابعتَه أَوْلَى مِن مخالفته.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم سجود التلاوة سجود التلاوة دار الإفتاء المصرية فقهاء الحنفية فی الصلاة السریة م ن الصلاة ر السجود رضی الله الله ع فی ذلک

إقرأ أيضاً:

محمد شياع السوداني .. قراءة لعراق ما بعد الحرب !

بقلم : حسين الذكر ..

حسن الاداء واثبات قدرة الحركة مع جسامة الاحداث في خضم قرع الطبول وتراشق الاطراف تظهر جوهرية القيادة المتجلية بمرونة حراك الاذرع برغم شائكية المشهد وتعدد الاقطاب بما يجعل ضبط ايقاع الدولة ككتلة واطراف عصية السيطرة سيما بزلزال حرب مدوية.. من هنا يحق لنا كعراقيين ان نفخر بدور حكومتنا وضبط ايقاع القيادة الرسمية لدولة الرئيس محمد شياع السوداني في خضم احداث مزلزلة بل شبه عالمية !

(من لا يستطيع كسب الحرب ،لا يستطيع كسب السلام..) !
حكمة تستبطن الكثير من معان القتال وما يترتب عليه من خسائر وفدائح تعد جزء من تداعياتها وما مُنهج منها كصفحة من صفحاتها اللاحقة وان اتت بعنوان اسقاطات حربية .
يقول الفلاسفة : ( ان الحرب وسيلة من وسائل الدبلوماسية او بالاحرى انها نتيجة حتمية لفشل الدبلوماسية ) .. بمتابعات يومية لما جري من قصف متبادل في ( 12 ) يوم من الحرب الاسرائيلية الايرانية وتقديم اسرائيل هنا لانها المعتدية ومن بادر بشن الهجمات بغطاء استباقي .. ارتجت المواقع ووسائل الاعلام حد الهلع بعد نشر تغريدة للرئيس الامريكي ترامب جاء فيها : ( على سكان طهران اخلائها فورا ) .. في خبر لا يمكن وقوف سامعيه مكتوفي الايدي لما يكتنفه من خطر توسعي بادوات السجال القصفي المتبادل في خطوة تظهر حتمية التحول الى ما هو اشنع وان لم تطرح المفردة النووية حتى انتهاء الحرب كاداة للحرب مع ان الحرب حسب الادعاء الغربي قامت من اجل سلام نووي .
الحرب اندلعت رسميا كنتجية طبيعية لتوقف مسار المفاوضات بعقدة واضحة للطرفين الايراني والغربي ( ايران تريد ان تكون قوة نووية دون اسلحة نووية فيما الغرب يسعى لتجريدها من اي حيازة نووية وبالستية ) الفارق متباعد جدا والمعنى مختلف تماما وفقا للعقليتين الاستراتيجية .
الغرب لا يثق بهذه المعادلة .. وايران لا تمتلك اكثر من هذا التوضيح المستند الى حقوقها الطبيعة كدولة مستقلة في النظام العالمي .. من هذه النقطة تحديدا انطلقت شرارة الحرب .. التي ما زال ينظر اليها – اي الحرب – على انها كانت وسيلة اخرى لدبلوماسية الحوار الصاروخي المتتبع للمصالح الوطنية ..
الموقف العراقي كان حرجا جدا لما يعنيه على المستوى الرسمي في بلد تتقاذفه الاراء والمواقف المتباعدة والموقف الرسمي شديد الحراجة في ظل عدوان صهيوني على بلد جار مسلم تم ادانته من اغلب الدول الاسلامية حتى التي لا تكن الود لطهران .. مما جعل المهمة صعبة لكن دولة الرئيس محمد شياع السوداني والحكومة العراقية حتى بعض الاطراف التي لا تنطوي تحت عنوان ادارة الدولة – وفقا للظرف والبيئة العراقية الحاكمة وحال الشرق عامة – الا انهم جميعا التزموا بتعليمات ووصايا الحكومة بما يحفظ مصالح الدولة وهذا هو الاهم والاقدر على رسم ملامح العراق الجديد في ظل حكومة تعي واجباتها الرسمي المحلية ومقتضيات الدبلوماسية الدولية في تجلي جديد يستحق الاشادة والمضي قدما في بناء الدولة المدنية الحديثة !

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • انطلاق برنامج موهبة الإثرائي والأكاديمي 2025 في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
  • التسريبات (الشائعات) : قراءة في باب آخر
  • إسرائيل: قراءة الزمن الطويل
  • محمد شياع السوداني .. قراءة لعراق ما بعد الحرب !
  • هل سورة يس لما قرأت له؟.. الإفتاء تصحح خطأ شائعا عن فضلها
  • أصداء
  • أذكار المساء لتحصين المسلم.. كلمات تنجيك من كل شر
  • طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة
  • مؤسسة الإمام جابر الوقفية تنظم حلقة عمل حول الزواج السعيد
  • قداسة الانسان .. في حديقة الحيوان !