جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-03@23:29:33 GMT

هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي متساوين؟

تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT

هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي متساوين؟

 

 

سعيد بن محمد الكلباني **

 

يُعد الذكاء الاصطناعي ذروة سنام التقدم التكنولوجي في وقتنا الحاضر بالنسبة لعامة المجتمع، وأصبح عنصرًا أساسيًا في الحياة اليومية والبيئة العملية سواء باستخدامنا المقصود الموجه له من دواخلنا أو كنتيجة لتقدم الآخرين وإدخاله في عناصر الحياة بهدف اختزال الجهد والوقت وإكساب الأعمال الجودة الفائقة والخروج بالإبداع الذي لا يضاهى.

يشهد العالم إذن تحولًا ثقافيًا ليست الكتب فرس رهانه كما كان سابقًا وإنما تحركه التقنيات التي اختزلت الكثير من النصوص في جملة أو صورة، واختصرت الكثير من النقرات في نقرة واحدة رافق ذلك تغيير في سلوكياتنا وأساليبنا وطرق تنفيذ أنشطتنا وحتمًا تأثرت أفكارنا ونظرتنا للواقع.

تكمن الإشكالية اليوم في مخاوف عامة الناس من إمكانية إقصائهم من وظائفهم نتيجة للدور أو الأدوار التي يلعبها الذكاء الاصطناعي في أتمتة المهام وتقليص الإجراءات والعمليات. كما أن هناك تساؤل هام جدا يبرز عن الجانب التفضيلي لفرد دون آخر في عملية توظيف هذا النوع الفائق الذكاء أو بمعنى آخر سبب نجاح البعض دون الآخر في نشاط ما رغم امتلاكهم جميعا لذات الأدوات التقنية والمستوى التعليمي المتماثل.

الحقيقة أن تلك المخاوف والتساؤلات لها ما يبررها ويدفع بها، إذ يشير موقع layoffs.fyi المهتم بمتابعة تسريح العمال إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم سرحت حوالي 235639 في عام 2023م مقابل 164769 في العام 2022م.

السؤال إذن لماذا يتم تسريح بعض الأفراد في المؤسسات مقابل الاحتفاظ بالبعض الآخر رغم أنهم يقومون بنفس المهام؟

للسير نحو إجابة هذا السؤال. والسؤال المعنون لهذه المقالة، نتطرق لنتائج دراسة حديثة لديل أكوا وآخرين (Dell'Acqua et al., 2023) والتي يؤكدون فيها إلى أن الذكاء الاصطناعي يصنع الفرق بين الموظفين حيث تظهر نتائج دراستهم أن المستشارين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي أنجزوا مهام أكثر بنسبة 12.2% في المتوسط، وأكملوا المهام بسرعة أكبر بنسبة 25.1%، وحققوا نتائج ذات جودة أعلى بنسبة 40% من أولئك الذين لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي وأدواته.

وبما أنَّ الأفراد يتمايزون نتيجة لخبراتهم وأفكارهم الإبداعية تسعى الشركات الكبرى وبشكل كبير وتعمل على استقطاب المبدعين والخبراء، حتى إذا استعصى الأمر عليها فإنها قد تشتري شركات صغيرة بأكملها بهدف الحصول على موظف واحد في هذه الشركة أو تلك. وهذا ما حدث فعلًا هذا العام عندما استحوذت شركة OpenAI على Global Illumination بهدف الحصول على خدمات Thomas Dimson العقل المبتكر والمساهم بالخبرات في تطوير Instagram وFacebook وYouTube وGoogle وغيرها.

يمكن القول إنَّ الأفراد مهما تساوت في أيديهم الأدوات والعوامل المساعدة على الإنتاج إلا أن هناك فوارق تصنعها الخبرة المعرفية والتطبيقية والمهارات التي تُنشئ الأفكار الإبداعية والمعتمد عليها في التمييز بين الأفراد عن بعضهم. فعلى سبيل المثال، في مجال التصميم ينادي الكثير من المعجبين والمنبهرين بالذكاء الاصطناعي بزوال وظيفة المصممين مع ظهور أدوات مثل Midjourney و Adobe Firefly و Microsoft Designer ، والملاحظ أن مجال التصميم أضحى أكثر قوة وتعقيدًا وأرقى مستوى، حيث تعمقت الأفكار وخرجت بمستوى مغاير عما سبق، وأنتجت أعمال إبداعية غير معهودة، وهذا ليس شاملًا لجميع المصممين وإنما محصور لفئة تمتلك الفكر الإبداعي والخبرة والمهارات التي تستطيع بها تطوير الإنتاج رغم أنه يمكن أن يكون بنفس الأدوات والظروف لدى الآخرين. يمكن القول إن القدرات العقلية والإبداع والخبرة وتعدد المهارات التي يمتلك الفرد تحقق له الفارق وتميزه. كما أن السعي المستمر نحو المعرفة وسبر المستحدثات في جميع جوانبها يعمق الفارق بين الأقران في المجال وترفع الساعي لمستوى يفوقهم درجة ودرجات.

وبشكل عام.. يمكن أن يرى البعض بمنطق نموذج تحيز الاختيار Selection bias أن الذكاء الاصطناعي هو من يقصي البشر، والحقيقة هي أن بعض البشر المميزين والمتصفين بالإبداع والتطوير المستمر تفضلهم الشركات وتبحث عنهم وتتمسك بهم، وهم بذلك من أقصوا نظراءهم وليس الذكاء الاصطناعي الأداة.

ختامًا.. نحن لسنا متساوين فكرًا قبل الذكاء الاصطناعي ولن نتساوى في وجود الذكاء الاصطناعي، ومسألة التساوي هي نتيجة البقاء في منطقة الراحة التي يخمل فيها البعض ويجمد ويسلم عقله للتقنية الحديثة. أما الوظائف فيخلقها البشر، ويتنافسون عليها بمهارات وأفكار وهؤلاء هم من يعول عليهم في فتح مجالات لوظائف جديدة في مستقبلنا القريب.

** أخصائي خدمات رقمية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«دي إتش إل»: تجارب الشراء تتجه نحو الذكاء الاصطناعي والتواصل الاجتماعي في الإمارات

دبي (الاتحاد)
 أصدرت مجموعة «دي إتش إل» نسخة العام 2025 من تقريرها «اتجاهات التسوق عبر الإنترنت»، الذي أشارت فيه إلى أن التسوق عبر منصات التواصل الاجتماعي يشهد تحولاً سريعاً نحو أن يصبح «التجارة الإلكترونية الجديدة»، إذ أفاد 86% من المستهلكين في دولة الإمارات بأنهم أجروا عملية شراء واحدة على الأقل عبر هذه المنصات، بينما يتوقع 96% منهم أن تصبح تلك المنصات وجهتهم الرئيسة للتسوق بحلول عام 2030 وقد استطلع التقرير آراء نحو 24 ألف متسوق عبر الإنترنت في 24 سوقاً عالمياً، من بينها السوق الإماراتي.

وأظهر التقرير أن المواقع التقليدية للتجارة الإلكترونية لم تعد الخيار الأول والمفضل للمستهلكين، الذين أصبحوا يتوجهون بوتيرة متنامية نحو عروض المنصات الاجتماعية، إذ يلجأ المستهلكون إلى منصات «تيك توك» و«إنستغرام» و«فيسبوك» لاستكشاف المنتجات وشرائها، كما يؤدي عامل التأثير دوراً حاسماً، فيؤكد 93% من المتسوقين أن الصيحات الرائجة والصخب الاجتماعي يؤثران في قرارات الشراء، وتقود منصتا «فيسبوك» و«إنستغرام» هذا التحول، ويذكر 69% و68% من المتسوقين على التوالي تجارب إتمام عمليات شراء عبر هذين التطبيقين الرقميين، ويرسم هذا التحول خريطة جديدة لتفاعل العلامات التجارية مع جمهورها، ويستدعي تبنيها تجارب تسوق سلسة تنتقل بالمتسوقين إلى تجربة مصممة لهم خصيصاً من خلال تطبيقات الهاتف الذكي.
وقال سامر قيسي، الرئيس التنفيذي لمنطقة الخليج في شركة «دي إتش إل جلوبال» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومديرها الإقليمي لدولة الإمارات: تناول تقريرنا اتجاهات التسوق عبر الإنترنت وتبين لنا أن المتسوقين في دولة الإمارات أصبحوا أوسع خبرة وأعمق دراية في ظل اعتمادهم المتزايد على التطبيقات الذكية لإتمام عمليات الشراء، لذلك ينبغي للقائمين على مواقع التجارة الإلكترونية الساعين لتحقيق النجاح في هذا السوق والذي يصنف بشديد التنافسية، يجب عليهم معرفة السُبل الكفيلة باجتذاب شرائح متنوعة من المتسوقين وتحويل الزوار والمتصفحين إلى مشترين وعملاء دائمين، كما يشير تزايد عدد المستهلكين الحريصين على توخي معايير الاستدامة إلى تحول جذري في سلوكيات الشراء، وبدرجة لا يملك معها التجار ترف تجاهلها.

أخبار ذات صلة «ديوا» و«جوجل كلاود» يتعاونان لتعزيز إنشاء المحتوى بالذكاء الاصطناعي الطلب على الرقائق يرفع صادرات كوريا الجنوبية 4.3% في يونيو

وأضاف: خدمات التوصيل هي العامل الأول في منع فقدان العملاء وهي الدافع الأساسي للتخلي عن سلة الشراء، إذ ذكر 84% من المستهلكين في دولة الإمارات بأنهم قد يتخلون عن قرار الشراء إذا لم يجدوا خيار التوصيل المفضل لديهم.

وبالقدر نفسه من الأهمية، يتخلى 85% منهم عن قرار الشراء عندما لا تتوافق إجراءات إعادة المنتج مع توقعاتهم، كما تؤدي الثقة دوراً حاسماً حيث يؤكد 67% من المتسوقين أنهم لن يشتروا من تاجر لا يثقون بمزود خدمات التوصيل والإرجاع لديه، وتبرز الاستدامة عاملاً إضافياً، إذ يأخذها 82% في الحسبان عند التسوق عبر الإنترنت، بينما تخلى 42% من المتسوقين فعلاً عن سلات الشراء بسبب مخاوف تتعلق بالاستدامة. وتؤكد هذه التوقعات أهمية تبني استراتيجيات لوجستية شفافة ومحورها خدمة العملاء، وبما يتجاوز كونها مسألة تشغيلية، إلى اعتبارها عنصراً جوهرياً في الحفاظ على العملاء واستبقائهم.
وتمثل ابتكارات كتجربة المنتجات افتراضياً، والاستعانة بمساعدي التسوق المدعومين بالذكاء الاصطناعي، وتوفر خدمة البحث الصوتي عن المنتجات، من أكثر التطورات التي يترقب المستهلكون توفيرها، ويشهد إتمام الشراء عبر الأوامر الصوتية نمواً متسارعاً، إذ يُجري 59% من المتسوقين في دولة الإمارات عمليات شراء من دون الحاجة لإدخال البيانات نصياً، وإضافةً إلى ذلك، يُبدي 68% من المتسوقين استعدادهم للمشاركة في برامج إعادة التدوير أو إعادة الشراء التي يقدمها التجار، وتعكس هذه السلوكيات توقعات المستهلكين المتزايدة بأن تسعى العلامات التجارية المفضلة لديهم على خفض بصمتها البيئية وتمكين عملائها من التسوق بأسلوب أكثر استدامة.

 

مقالات مشابهة

  • تعرف على خطة غوغل التي استغرقت 25 عاما للوصول إلى الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يكتب ملاحظات المجتمع في منصة إكس
  • العلماء قلقون: الذكاء الاصطناعي يتلاعب ويكذب
  • شراكة لتمكين الطلبة في الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يتوقع نسبة تأهل العراق لكأس العالم 2026
  • الذكاء الاصطناعي يتحول إلى فخ.. هجمات تنتحل صفة ChatGPT تستهدف الملايين
  • الخوف من الذكاء الاصطناعي
  • مظاهرات ضد غوغل بسبب الذكاء الاصطناعي
  • الجنسية البرتغالية ستصبح واحدة من أصعب الجنسيات التي يمكن الحصول عليها في أوروبا
  • «دي إتش إل»: تجارب الشراء تتجه نحو الذكاء الاصطناعي والتواصل الاجتماعي في الإمارات