طوفان الأقصى .. شهادة من أجل الحياة .. ندوة سياسية فكرية بصنعاء
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
وفي افتتاح الندوة التي حضرها نائب رئيس مجلس الشورى ضيف الله رسام، ومستشار الرئاسة الدكتور عبدالعزيز الترب وعدد من أعضاء المجلس، أكد عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد شوكة، أن فلسطين ليست وحدها ولن تكون إلا في المحيط الجغرافي الذي يليق بها كدولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف.
وأشار إلى أهمية الندوة لاستذكار تضحيات الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي نفذت عملية "طوفان الأقصى"، للتنكيل بالعدو الصهيوني الغاصب .
وقال "إن اتخاذ القرار الوطني والصادق والشجاع في دخول اليمن مباشرة في معركة مع العدو الصهيوني، يجعل من الأعداء يتكالبون على اليمن ويستغلونها لدفع الثمن، من خلال افتعال المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن هيهات لهم ذلك".
وأضاف "إن الشعب اليمني الذي صمد وثبت ما يقارب من تسع سنوات، سيظل متماسكاً ولن يخضع لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي ".. مشيداً بصمود الشعب والمقاومة الفلسطينية في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب.
وقدّم شوكة لمحة عن القضية الفلسطينية والمؤامرات التي يُحيكها الأعداء وقوى الهيمنة والاستكبار بحق الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة، في محاولة لتصفية القضية والسعي لطمس هوية الشعب الفلسطيني، بدعم أمريكي بريطاني غربي وأنظمة الخيانة والعمالة.
ولفت إلى التضحيات التي يقدّمها الشعب اليمني من أجل القضية الفلسطينية، إنطلاقاً من القيم والمبادئ الثابتة والراسخة التي يحملها أهل اليمن تجاه فلسطين ولا يمكن التنازل عنها مهما كلفهم من ثمن ، مجدداً التأكيد على وقوف الشعب اليمني إلى جانب فلسطين وتقديم الغالي والرخيص من أجل القضية الفلسطينية التي ستبقى القضية الأولى والمركزية بالنسبة لليمنيين.
وفي الندوة التي أدارها رئيس تحالف الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان المهندس لطف الجرموزي، قُدمت ثلاث أوراق عمل، بحضور ممثلي حركات حماس باليمن معاذ أبو شمالة والجهاد الإسلامي في صنعاء أحمد بركة، والجبهة الديمقراطية خالد خلفية.
تناولت الورقة الأولى المقدمة من نائب رئيس تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان – القائم بأعمال رئيس حزب السلم والتنمية محمد الشرفي، محطات من الذكرى السنوية للشهيد .. مسيرة عطاء متجدد، لاستلهام الدروس والعبر في الوعي والبصيرة والاستعداد للتضحية ومواصلة التصدي للتحديات التي تواجه اليمن حتى تحقيق النصر.
وأشار إلى أن الذكرى السنوية للشهيد تأتي هذا العام في ظل متغيرات ومساع تصاعدية لصالح المظلومين والمستضعفين في اليمن ودول المنطقة كما هو حاصل حالياً في فلسطين، إذ يقّدم ذلك شاهداً واضحاً على قيمة وأثر وعطاء الشهادة وتضحيات الشهداء.
واستعرض الشرفي، مفهوم الشهادة وحتمية الصراع بين الحق والباطل وضرورة الإعداد والتحرك لنيل الشهادة في سبيل الله ، لافتاً إلى أبرز ما تحقق بفضل تضحيات الشهداء على مستوى اليمن والعالم العربي والإسلامي بتحرير القرار السياسي اليمني من الهيمنة الإقليمية والأمريكية وتحصين الجبهة الداخلية وبناء قدرات دفاعية عسكرية وإفشال مشاريع الهيمنة والتطبيع في المنطقة وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة وإفشال تصفيتها.
بدوره عرض رئيس الدائرة السياسية لحزب العدالة والتنمية الدكتور فرحان هاشم، ورقة العمل الثانية بعنوان "معركة طوفان الأقصى .. الأسباب والتداعيات".
وتناول الأسباب والسياقات قبل معركة طوفان الأقصى المتمثلة في الخذلان العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية واستمرار إحكام الحصار على غزة وتصاعد انتهاكات العدو اليومية على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية واقتحاماته للمدن والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية وشن حملات اعتقالات وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان.
وعرّج الدكتور هاشم على النتائج والتداعيات التي لحقت بالعدو الصهيوني بعد معركة "طوفان الأقصى"، من خسائر عسكرية واقتصادية غير مسبوقة للكيان الغاصب .. مؤكداً إسقاط أسطورة التفوق الأمني والعسكري للعدو الصهيوني وتعرضه للهجوم لأول مرة من الداخل الفلسطيني ونجاح العملية بإلحاق الهزيمة بالكيان الغاصب وقتل قرابة ألفي صهيوني وتدمير مدرعات وآليات وناقلات جنود صهاينة.
في حين قدّم نائب رئيس تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان سفيان العماري، وأمين عام حزب الوفاق الوطني عبدالوارث صلاح، ورقة العمل الثالثة بعنوان "رؤية تحليلية لمنطلقات وأسس موقف اليمن .. انطلاقة جديدة لثورة 21 سبتمبر المتجددة".
وأكدا أن موقف اليمن المبدئي والثابت من العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة والشعب الفلسطيني، لم يأت من فراغ أو من منطلقات سياسية بحتة أو نتيجة تعاطف لحظي أو مشاعر إنسانية وإنما متجذر ومتأصل في ذهنية القيادة والشعب اليمني يدفعها الواجب الشرعي والإنساني والأخلاقي والقومي والديني.
وأفاد العماري وصلاح، أن ثورة الـ21 من سبتمبر انطلقت من أسس متينة في مقدمتها التحول الفكري والوجداني الذي أفرزته هذه الثورة وولدت قناعات ورؤى جديدة على المستويين النخبوي والشعبي ووفق أسس دينية قرآنية خالصة ومتينة كرست الهوية الإيمانية للشعب اليمني فكراً وممارسة.
واعتبرا المعطيات المترتبة على المعركة مع قوى العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي منذ تسع سنوات، أكسبت المجتمع اليمني خبرة ورباطة جأش وقدرة على مواجهة الاستهداف العسكري والسياسي والاقتصادي والفكري وإفشال محاولات تفكيك الجبهة الداخلية.
كما أكد نائب رئيس تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان العماري، وأمين عام حزب الوفاق الوطني صلاح، أن معركة "طوفان الأقصى" وتداعيات العدوان على غزة والشعب الفلسطيني وما ترتب عليها من جرائم ومذابح وتنكيل وتهجير قسري وإبادة جماعية، جاءت ضمن مشروع نكبة جديدة للفلسطينيين وكان الشعب اليمني بكل ما تراكم لديه من دوافع جاهزاً للانخراط في معركة مشرفة لإسقاط مؤامرة قوى الهيمنة والاستكبار على عدة مسارات.
وأوضحا أن اليمن عمل مع دول محور المقاومة على المستويين الشعبي والسياسي على توعية شعوب المنطقة والعالم بأهمية سلاح المقاطعة المؤثر والمهم للبضائع والمنتجات الأمريكي الصهيونية الغربية والشركات الداعمة للكيان، باعتبارها وسائل ضغط على الحكومات واللوبيات الاقتصادية لوقف دعم أنشطة العدو الاستيطانية والعسكرية.
أثريت الندوة بمداخلات من قبل ممثلي الأحزاب والقوى السياسية وشخصيات سياسية وأكاديمية وعسكرية، أكدت في مجملها على الموقف المبدئي والثابت للشعب اليمني المناصر والداعم للشعب والقضية الفلسطينية والمقاومة الباسلة في مواجهة الكيان الصهيوني.
واعتبروا عملية "طوفان الأقصى"، ملحمة بطولية فريدة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، جسدت شعارات محور المقاومة وطبقّت مفهوم وحدة ساحة المقاومة من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: رئیس تحالف الأحزاب القضیة الفلسطینیة المناهضة للعدوان الشعب الفلسطینی طوفان الأقصى الشعب الیمنی نائب رئیس
إقرأ أيضاً:
أمة الأرق.. دراسة: كيف أثر طوفان الأقصى على نوم الإسرائليين؟
نشرت صحيفة “جيروزالم بوست”٬ عن دراسة إسرائيلية جديدة شملت أكثر من مئتي حلم في أثناء النوم جرى توثيقها منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أن الإسرائيليين ما زالوا يعيشون صدمة ذلك اليوم والحرب التي تلته حتى أثناء النوم، حيث تزدحم أحلامهم بصور الموت والشعور بالذنب والوحدة ومعاناة إعادة البناء.
ونشرت الدراسة في مجلة "البحوث التطبيقية في جودة الحياة" تحت عنوان "عندما تعجز اللغة، تتحدث الأحلام: البحث عن المعنى في أعقاب الصدمة الجماعية"، وشاركت في إعدادها الدكتورة بينيت روسو–نتزر من كلية أشفا الأكاديمية، والدكتورة هيليت إيريل–برودسكي، والبروفيسورة أوريت تاوبمان–بن–آري من جامعة بار إيلان.
واعتمد الباحثون منهجا نوعيا وظاهراتيا لتحليل 203 روايات أحلام جُمعت مباشرة بعد هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر والحرب الإسرائيلية التي تلته، بهدف تفكيك الطريقة التي يحاول بها الإسرائيليون فهم الصدمة الوطنية عبر أحلامهم.
وتصف الدراسة الأحلام بأنها "ساحة وجودية" يحاول فيها الأفراد التعامل مع ما تهدم داخلهم من افتراضات تتعلق بالأمان والأخلاق والانتماء، بعد صدمة جماعية هزت المجتمع الإسرائيلي بأكمله في لحظة واحدة.
وتظهر التحليلات أن كثيرا من الأحلام تتمحور حول التوتر بين الحياة والموت، إذ تحتوي بعض الأحلام على صور واضحة للتهديد والفقدان والضعف، تعكس أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر ومشاهد الحرب، فيما تحمل أحلام أخرى رموزا للبقاء والاستمرارية والتشبث بالحياة رغم كل شيء.
وتبرز كذلك في الأحلام مشاعر قوية من الذنب والمسؤولية؛ فبعض الحالمين يتصارعون مع أسئلة عما كان يمكنهم فعله أو ما كان ينبغي عليهم فعله في ذلك اليوم، بينما يواجه آخرون قضايا أخلاقية أوسع أثارتها الحرب والدمار. ويصف مؤلفو الدراسة وجود معركة نفسية مستمرة داخل تلك الأحلام تتعلق باستعادة الإحساس بالفعل والقدرة والسيطرة، في عالم أصبح فجأة غير آمن وغير قابل للتوقع.
وتشير روايات كثيرة إلى شعور عميق بالعزلة والوحدة، وهو ما يعكس أثر الصدمة العاطفية والاجتماعية التي أعقبت الهجمات، فيما تكشف روايات أخرى عن شوق شديد للارتباط والاعتراف والانتماء، وكأن أصحابها يبحثون عمن يرى آلامهم ويقف إلى جانبهم وسط عدم اليقين.
كما تكشف الدراسة تدرجا واضحا في بنية الأحلام بين الفوضى وإعادة بناء السردية، إذ تأتي بعض الأحلام مجزأة ومليئة بصور مبعثرة متصلة بالأخبار أو ساحات القتال أو مشاهد العنف، بينما تبدأ تلك الشظايا في أحلام أخرى بالترابط تدريجيا لتشكل قصة يمكن سردها، حتى وإن ظلت هشة وغير مكتملة، في محاولة لإعادة بناء عالم داخلي تفتت بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وتؤكد الدراسة أن الأحلام ليست نشاطا عشوائيا، بل مساحة رمزية تتوسط بين التجربة الفردية والسرديات الوطنية والثقافية، بما في ذلك التصورات الإسرائيلية واليهودية حول الهوية والمجتمع والإيمان والتضحية. وبالنظر عن قرب إلى هذه الأحلام، يمكن تتبع كيف يحاول الإسرائيليون إصلاح إحساسهم بالذات والغاية بعد كارثة وطنية هزت دعامات الحياة اليومية.
ومن منظور سريري، يدعو الباحثون المعالجين النفسيين الذين يعملون مع المتضررين من أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر والحرب إلى التعامل مع الأحلام بوصفها جزءا مركزيا من العلاج، إذ قد تظهر فيها للمرة الأولى أشكال من الضيق العميق مثل الأذى الأخلاقي، وانهيار النظرة إلى العالم، والأسئلة الوجودية المتعلقة بالحياة والموت، خصوصا حين تعجز اللغة في الحياة اليومية عن التعبير عنها.
ويرى الباحثون أن استكشاف محتوى الأحلام يمكن أن يساعد على تحقيق ما يصفونه بـ"الإصلاح الوجودي"، وهو عملية تدريجية تهدف إلى استعادة المعنى والاستقرار الداخلي.
وتأتي هذه الدراسة في ظل ما يصفه باحثون آخرون بأنه أزمة غير مسبوقة في الصحة النفسية في الاحتلال الإسرائيلي منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث تشير البيانات إلى ارتفاع حاد في اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق بين السكان، مع قلق متزايد بشأن الآثار طويلة الأمد على الجنود والناجين والنازحين وأسر الضحايا.
وفي هذا الإطار، تشير الورقة البحثية إلى أن الليل أصبح ساحة أخرى للصراع والشفاء المحتمل، إذ لم يعد النوم بالنسبة لكثير من الإسرائيليين ملاذا من قسوة الواقع، بل مسرحا يعاد فيه ما حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وما تلاه، وتطرح أسئلة مؤلمة حولها، وتنسج ببطء في محاولة—وإن كانت غير مكتملة—لبناء تصور جديد عن الذات والحياة.
ويخلص الباحثون إلى أن تفحص الأحلام بدقة قد يفتح أمام الأطباء والمرضى طريقا مختلفا إلى الجروح الأخلاقية والوجودية التي خلفتها الهجمات، ويساهم في العمل الطويل وغير المكتمل لإعادة بناء المعنى في ظل صدمة لم تزل آثارها حاضرة في اليقظة كما في الأحلام.