هل القرآن نزل لزمان وقوم معينين وما معنى حمال أوجه؟.. علي جمعة يجيب
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إن القرآن الكريم فيه من الإجمال ما جعله الله صالحا لكل زمان ومكان، وبذلك نراه حمال أوجه، كما وصفه سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه وأرضاه) عندما قال لعبد الله بن عباس رضي الله عنه وهو يفاوض الخوارج : (لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمّال ذو وجوه، تقول ويقولون) [نهج البلاغة].
وكما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه علي بن أبي طالب أن عنه قال: (إنها ستكون فتنة، قال : قلت فما المخرج ؟ قال : كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، من ابتغى الهدى (أو قال العلم) من غيره أضله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي تناهى الجن إذ سمعته حتى قالوا : (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد) من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعى إليه هدي إلى صرط مستقيم) [رواه البيهقي في الشعب]
وتابع من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: نحن نرى في القرآن دساتير كثيرة تنظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بوضع المبادئ والأسس لهذه المناحي من مناحي الحياة، ولكنها لا تدخل في التفاصيل الجزئية، لمرونتها وهي التي في هذا المقام يمكن أن نسميها (بنسبية جزئية) أي أنها ليست نسبية مطلقة تصل إلى حد اختلاف التضاد، بل هي نسبية جزئية، تشتمل على اختلاف التنوع الذي نقدر معه على تحصيل تلك المرونة.
حثَّ الشرع الشريف على تعلم القرآن وتعليمه، وتظاهرت الأدلة الشرعية على ذلك:
فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن متعلمَ القرآن ومعلِّمَه خيرُ الأمة؛ فقال: «خَيْرُكُمْ -وفي رواية: إِنَّ أَفْضَلَكُمْ- مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» رواه البخاري من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
قال الإمام أبو الحسن بن بطال في "شرح البخاري" (10/ 256، ط. مكتبة الرشد): [حديث عثمان يدل أن قراءة القرآن أفضل أعمال البر كلها؛ لأنه لما كان مَن تعلم القرآن أو علَّمه أفضلَ الناس وخيرَهم دلَّ ذلك على ما قلناه؛ لأنه إنما وجبت له الخيريةُ والفضلُ مِن أجل القرآن، وكان له فضلُ التعليم جاريًا ما دام كلُّ مَن علَّمه تاليًا] اهـ.
وبيَّن النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن حافظ القرآن وقارئَه مع الملائكة في المنزلة؛ فقال: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، فَلَهُ أَجْرَانِ» رواه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وحافظ القرآن لا تمسه النار؛ فروى الإمام أحمد في "مسنده" والدارمي في "سننه" عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ جُعِلَ فِي إِهَابٍ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ مَا احْتَرَقَ»، قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: [«في إهابٍ» يعني: في قلب رجل، هذا يُرْجَى لمَن القرآنُ في قلبه أن لا تمسه النار] اهـ. نقلًا عن "الآداب الشرعية" للعلامة ابن مفلح (2/ 33، ط. عالم الكتب).
تعلُّم القرآن الكريم وتعليمه من الأمور المطلوبة طلبًا مؤكَّدًا في الشريعة الإسلامية؛ على مستوى الأمة، وعلى مستوى الفرد:
فأمَّا على مستوى الأمة والجماعة: فقد أجمع العلماء على أنه يجب على المسلمين القيام على حفظ القرآن الكريم حفظًا ونقلًا وتعلُّمًا وتعليمًا، وأن حفظَ القرآنِ كلِّه وضبطَه فرضُ كفاية على جماعة المسلمين؛ إن قام به بعضهم سقط الإثم عن باقيهم، وإن تركوه جميعًا أثموا جميعًا؛ قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 156، ط. دار الكتب العلمية): [وَاتَّفَقُوا على اسْتِحْسَان حفظ جَمِيعه وَأَن ضبط جَمِيعه على جَمِيع الْأمة وَاجِب على الْكِفَايَة لَا مُتَعَيَّنًا] اهـ.
وأما على مستوى الفرد: فقد أجمعوا على أنه يجب على المكلف أن يحفظ من القرآن ما يقيم به صلاته وفرضه؛ قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: [الذي يجب على الإنسان من تعليم القرآن والعلم: ما لا بد له منه في صلاته وإقامة عينه] اهـ. نقلًا عن ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (2/ 33).
وقال ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 156): [وَاتَّفَقُوا على أَن حفظ شَيْء من الْقُرْآن وَاجِب، وَلم يتفقوا على مَاهِيَّة ذَلِك الشَّيْء وَلَا كميته بِمَا يُمكن ضبط إجماع فِيهِ، إلا أَنهم اتَّفقُوا على أَنَّ مَن حفظ أمَّ الْقُرْآن ببِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم كلهَا وَسورَة أُخْرَى مَعهَا فقد أدَّى فرض الْحِفْظ، وَأَنه لَا يلْزمه حفظ أَكثر من ذَلِك] اهـ.
والكتابة من أكثر الوسائل مساعدة على حفظ القرآن الكريم وتعلمه، ولذلك كانت هي أنجع وسيلة للحفظ في مكاتب تحفيظ القرآن الكريم للطلبة عبر الأجيال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القرآن القران الكريم الدكتور علي جمعة الخوارج علي بن أبي طالب القرآن الکریم صلى الله علیه رضی الله عنه قال الإمام على مستوى م القرآن ن القرآن ال ق ر آن ب على ال
إقرأ أيضاً:
هل تأخذ الحائض ثواب الصائمين يوم عرفة؟.. 10 عبادات تستطيع فعلها
هل تأخذ الحائض ثواب الصائمين يوم عرفة ؟.. سؤال يتبادر لأذهان الفتيات اللائي لم يحالفهن الحظ لصوم يوم عرفة بعد أن فاجأهن الحيض، فهو اليوم الذي يكفر الله فيه ذنوب سنة ماضية وذنوب سنة مقبلة.
ويقدم موقع صدى البلد، تقريرا، يجيب عن سؤال: هل تأخذ الحائض ثواب الصائمين في يوم عرفة؟.
يكتب الله- تعالى- «ثواب الأعمال» التي يعزم المرء على القيام بها ثمّ منعه مانعٌ عن أدائها، قال الرسول- صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن سألَ اللَّهَ الشَّهادةَ بِصِدقٍ من قلبِهِ، بلَّغَهُ اللَّهُ مَنازلَ الشُّهداءِ، وإن ماتَ على فراشِهِ)، فإن كانت لدى المرأة نيّةٌ وعزيمةٌ صادقةٌ على العمل الصالح في رمضان لن يضيّعها الله، والمرأة الحائض تمنع من الصلاة والصيام ودخول المسجد، ولكنّ هناك العديد من الأعمال التي باستطاعتها أن تقوم بها؛ فتستطيع الحائض ذكر الله بالتسبيح، والتهليل، والحمد، والتكبير، الدعاء، الاستغفار، الصلاة على النبي، الصدقة، صلة الرحم ، تحضير الطعام، والاستعداد للعيد.
وتستطيع الحائض الدعاء لله، ومن الدعاء في رمضان قول: (اللهم إنّك عفوٌ تحبّ العفو فاعف عنّي)، وتجوز لها قراءة القرآن الكريم على مذهب الإمام مالك، وهو ما اختاره جماعةٌ من العلماء؛ كابن تيمية، على ألّا تمسّه إلّا بحائلٍ، كأن تلبس قفّازاتٍ أو أن تقرأه من الأجهزة الإلكترونيّة أو من مصاحفٍ تحتوي على تفسيرٍ لآيات القرآن الكريم.
ويمكن للحائض أيضًا الصلاة على النبي والاستغفار، وقراءة الكتب النافعة والتي تعمل على زيادة العلم والإيمان وخصوصًا الكتب الدينيّة، كما أن بإمكانها أداء الصدقة أو صلة الأرحام أو زيارة المرضى، وتحضير طعام الإفطار للصائمين فى هذا اليوم، والاستعداد للعيد بتحضير أمورٍ جالبةٍ للفرح واحتساب الأجر في كلّ ذلك، وبإمكانها الإكثار من التوبة والاستغفار والندم على السيّئات، ولا يجوز للمرأة الحائض أن تتكلّف بأن تصوم أو تصلّي؛ فذلك منهيٌّ عنه ويعتبر من الإحداث في الدين؛ لأنّه مخالفٌ لسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلتعزم المرأة ولتجتهد.
هل تأخذ الحائض ثواب الصائمين يوم عرفة ؟قال الشيخ محمد عبدالسميع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من أرادت أن تصوم يوم عرفة، ولكنها كانت حائضا فتأخذ ثواب هذا اليوم بنيتها ولا حرج في ذلك.
وأضاف عبدالسميع، فى إجابته عن سؤال «حكم من نوت صيام يوم عرفة ولكن فاجأها الحيض؟»، أنكِ ما دمتِ حريصة على صيام الأيام المذكورة بما فيها يوم عرفة وطرأ عليك عذر مانع من الصيام كالحيض مثلا؛ فلكِ الأجر والمثوبة على هذه النية الطيبة، وأنتِ بمثابة من صام الصيام المذكور.
وتابع: "رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من كان يقيم الليل وطرأ عليه المرض فمنعه من قيام الليل فإن الله يكتب له ثواب قيام الليل ونومه عليه صدقة".
عبادات تستطيع الحائض فعلها في يوم عرفةقال الدكتور على فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن المرأة إذا كانت حائضا فى العشر الأوائل من ذي الحجة لها أن تفعل كل العبادات ما عدا الصلاة.
وأضاف "فخر" خلال لقائه بفيديو منشور له عبر موقع الفيديوهات “يوتيوب”، فى إجابته « ماذا تفعل الحائض فى العشر الأوائل من ذي الحجة وهل يصح لها قراءة القرآن ؟»، أن تلاوة القرآن للحائض فيها خلاف بين الفقهاء فقال الجمهور إنه ليس للحائض مس المصحف ولا قراءة القرآن، ولكن المالكية يقولون إنه يجوز للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن ولكن من الأفضل أن نأخذ برأى الجمهور.
وأشار إلى أنه إذا ما امتنعت عن قراءة القرآن لوجود هذا العذر فلها أن تستمع الى القرآن تلاوة ولها أن تتعبد الى الله سبحانه وتعالى من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وتشغل نفسها بذكر الله، فذكر الله مع التزامها بعدم قراءة القرآن رغم تعلق قلبها بقراءة القرآن فلولا هذا العذر لها به ثواب وأجر عظيم عند الله.