عربي21:
2025-12-04@20:21:46 GMT

الحرب على غزة.. في تفسير الموقف الألماني

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

لم يحدث أن شهدت أوروبا منذ عقود انقساما حادا في المواقف السياسية تجاه القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي مثلما حدث مع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

السبب في ذلك عملية "طوفان الأقصى" الفريدة من نوعها من جهة والحرب الإسرائيلية على غزة ـ الفريدة من نوعها أيضا ـ ضمن سياق الحروب على القطاع من جهة أخرى.



غير أن ما يلفت الانتباه هذه المرة حدة المواقف الأوروبية وتعبيراتها الخطابية، سواء المؤيدة أم المناهضة لإسرائيل، ففي حين برزت إسبانيا عرابة المناهضين للحرب الإسرائيلية إضافة إلى ايرلندا وبلجيكا ولوكسمبورج والنرويج، برز موقف ألماني فج ملفت للانتباه في تأييده لإسرائيل دون مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يهتم به هذا المقال.

الموقف الألماني

بعد يومين من عملية "طوفان الأقصى" أصدرت ألمانيا مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا بيانا مشتركا أكدت فيه تضامنها مع إسرائيل.

وبعد عشرة أيام على عملية "طوفان الأقصى"، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز من تل أبيب أن أمن إسرائيل مصلحة وطنية عليا لبرلين.

ترجم هذا التصريح عمليا بتصدير ألمانية أسلحة ومعدات عسكرية إلى إسرائيل، فضلا عن السماح لإسرائيل باستخدام مسيرتين حربيتين تصنعهما إسرائيل، كانتا تحت تصرف ألمانيا في الهجوم على قطاع غزة، في وقت علقت ألمانيا المساعدات للأراضي الفلسطينية، وربطت استئنافها بما سماه المستشار الألماني تحقيق السلام لـ "الدولة الإسرائيلية".

ترجم الموقف الألماني الرسمي ليس بانحياز حاد لائتلاف الحكومة الألمانية بمختلف أحزابها ـ باستثناء أحزاب اليسار ـ في دعم إسرائيل فحسب، بل بتشديد الخناق على أي تصريح أو خطوة عملية من شأنها دعم الفلسطينيين، بحيث أصبحت ألمانيا مساعدة كاملة لدعم إسرائيل.

تفسير الموقف الألماني

ثمة سبعة أسباب تتفاوت في شدتها وتأثيرها تفسر الموقف الألماني الحاد في دعم إسرائيل:

أولا، عقدة الهولوكوست: نشأت هذه العقدة من مفهوم الفرادة، وهو مفهوم توصل إليه كثير من الباحثين الغربيين مفاده أن الهولوكوست حدث تاريخي متفرد، لم يحدث مثله في التاريخ.

ولما كانت له هذه الصفة، فإن معاناة الشعب اليهودي تختلف كثيرا عن معاناة أي شعب آخر، بما فيه الشعب الفلسطيني، بمعنى أن حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير لا ترقى أبدا إلى حقوق الشعب الإسرائيلي في الأمن والأمان، مع ما يتطلبه ذلك من نفي لحقوق الآخرين.. إن فرادة الهولوكوست كظاهرة تاريخية تتطلب مواقف فريدة من نوعها.

ثانيا، الارتباط العميق بين الاستعمار والصهيونية: في سعيها إلى بناء الدولة القومية الأوروبية، عملت النازية على تصفية القارة من اليهود عبر مسارين، الأولى التصفية الجسدية والثاني دعم الهجرة إلى فلسطين، وهذا ما يفسر الدعم الألماني المطلق بعد الحرب العالمية الثانية للكيان الإسرائيلي باعتباره كيانا استعماريا، وما يفسر التعاون الوثيق في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية بين ألمانيا والمنظمات الصهيونية في دعم الهجرة إلى فلسطين.

ثالثا، المنبت البروتستانتي للصهيونية: نشأت الصهيونية المسيحية من المذهب البروتستانتي بداية القرن الـ 16 في ألمانيا مع الإصلاح الديني بزعامة مارتن لوثر، خصوصا فيما يتعلق باعتقاد الكنيسة اللوثرية ـ البروتستانتية الجديدة بأن قيام دولة إسرائيل مسألة دينية، باعتبارها تجسيدا لنبوءات الكتاب المقدس، وتشكل المقدمة لمجيء المسيح المخلص إلى الأرض.

ومنذ ذاك التاريخ، وبخلاف الكنيسة الكاثوليكية، أكدت الكنيسة البروتستانتية أنه لم يعد بالإمكان فهم العهد الجديد (الإنجيل) دون العودة للعهد القديم (التوراة والكتب المقدسة الأخرى عند اليهود)، وقد كتب مارتن لوثر كتابا بعنوان "المسيح ولد يهوديا" أكد فيه أن المسيحيين واليهود ينحدرون من أصل واحد.

ويرى المؤرخ اليهودي وأستاذ التاريخ بجامعة مونتيريال يعقوب رابكن أن اليهود جاؤوا إلى الصهيونية بعد المسيحيين بمدة طويلة.

تشكل العوامل الثلاثة السابقة الأساس الهوياتي ـ الثقافي للدعم الألماني لإسرائيل، أما العوامل الأخرى فهي عوامل مؤقتة مساعدة.

رابعا، تزايد قوة اللوبي الصهيوني في ألمانيا: شهد اللوبي الصهيوني خلال العقود الثلاثة الماضية توسعا في نفوذه داخل الساحة الألمانية، خصوصا في المجتمع المدني، حيث أصبح لديه نفوذا قويا في وسائل الإعلام والحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية.

خامسا، الحكومة الألمانية الحالية: وهي حكومة ائتلافية (الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب الخضر، الديمقراطي الحر) تعلن دعمها لإسرائيل.

سادسا، التقارب الألماني ـ الأمريكي مؤخرا بسبب طبيعة الحكومة الألمانية الحالية، وبسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

سابعا، الضعف العربي ـ الإسلامي على الصعيد الدولي، ما يجعل انعدام وجود أي تكلفة اقتصادية وسياسية تترتب على دعم إسرائيل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الحرب غزة موقف المانيا فلسطين غزة حرب موقف مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دعم إسرائیل

إقرأ أيضاً:

ألمانيا تواجه أعمق أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية

نبّه "اتحاد الصناعات الألمانية" من دخول اقتصاد البلاد في "أعمق أزمة" منذ الحرب العالمية الثانية، مطالبا حكومة فريدريش ميرتس بالتحرك العاجل، فيما تشير تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى إمكانية عودة النمو خلال الفترة المقبلة.

بدأ الاتحاد في عرض موقفه عبر تصريحات لرئيسه بيتر لايبنغر الذي اعتبر أن أكبر اقتصاد في أوروبا "في حالة سقوط حر"، لافتا إلى أن الحكومة الألمانية "لا تستجيب بشكل حاسم بما يكفي". ووفق الاتحاد، يتجه الإنتاج الصناعي إلى التراجع في 2025 للعام الرابع على التوالي، في وضع وصفه بأنه "تراجع هيكلي وليس مؤقتا".



وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن مجموعة من العوامل تضغط على الاقتصاد الألماني، من بينها ارتفاع تكاليف الطاقة، وضعف الطلب على الصادرات في الأسواق الرئيسية، إضافة إلى منافسة الصين وتصاعد الرسوم الجمركية الأمريكية، كما مر الاقتصاد الألماني بعامين من الركود، فيما يُتوقع أن يحقق نموا محدودا خلال 2025.

وتواصل الحكومة الألمانية بدورها التعامل مع هذه الأزمة رغم الانتقادات، حيث تعهد المستشار فريدريش ميرتس، الذي وصل إلى السلطة في أيار/ مايو الماضي، بإعادة إنعاش الاقتصاد، غير أنه يواجه اتهامات بأن وتيرة الإصلاحات بطيئة وغير فعالة.

وأوضح لايبنغر أن الائتلاف الحاكم "لا يتحلى بما يكفي من التصميم"، مؤكدا أن ألمانيا بحاجة إلى "تحول في سياستها الاقتصادية مع أولويات واضحة للمنافسة والنمو".

توقعات اقتصادية أكثر تفاؤلا
وتقابل هذه التحذيرات توقعات أكثر إيجابية من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي رجحت تسجيل الاقتصاد الألماني نموا طفيفا في 2025، على أن يرتفع إلى 1 بالمئة في 2026، وفق تقريرها الصادر الثلاثاء.



وخفضت المنظمة توقعاتها للعام 2026 بمقدار 0.1 نقطة مقارنة بتقديرات أيلول/ سبتمبر الماضي، بسبب استمرار التحديات التي تواجه أكبر اقتصاد في أوروبا بعد ركود 2023 و2024.

ويُنتظر، بحسب المنظمة، أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 0.3 بالمئة هذا العام، ثم 1 بالمئة في 2026، وصولا إلى 1.5 بالمئة في 2027، وذكرت أن "الاستهلاك الخاص سيزداد بفضل انخفاض التضخم وارتفاع الأجور الاسمية وتراجع حالة عدم اليقين في السياسة الداخلية".

ومع ذلك، تتوقع المنظمة استمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية والرسوم الأمريكية، بما يؤثر سلبا على الطلب على الصادرات وعلى الاستثمارات في الصناعات الموجهة للتصدير.

وفي المقابل، ترجح أن تشهد الاستثمارات الخاصة انتعاشا "مدعوما بارتفاع مدخرات الشركات، وتراجع أسعار الفائدة، وانخفاض حالة عدم اليقين في السياسات الداخلية".



وتقدر المؤسسة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي على مستوى دول المنظمة جميعا بنسبة 3.2 بالمئة هذا العام، على أن يتراجع النمو إلى 2.9 بالمئة في 2026 ثم يرتفع مجددا إلى 1.3% بالمئة في 2027.

وبحسب الوكالة، أوضح الخبراء أن "الاقتصاد العالمي أثبت مرونة أكبر مما كان متوقعا هذا العام، بفضل تحسن الأوضاع المالية، وزيادة الاستثمارات والتجارة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والسياسات الاقتصادية الكلية".

مقالات مشابهة

  • ألمانيا تواجه أعمق أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية
  • الشرطة الإسرائيلية تعتقل شابا بتهمة التحضير لتنفيذ عملية تفجيرية
  • الاقتصاد الألماني يواجه أعمق أزماته منذ الحرب العالمية الثانية
  • حماية مقابل 3.3 مليار: ألمانيا تفعّل منظومة آرو 3 الدفاعية الإسرائيلية لحماية أجوائها
  • جشي: الحرب الإسرائيلية فشلت في كسر إرادة اللبنانيين وصمودهم
  • الاقتصاد الألماني يواجه أعمق أزماته بعد الحرب العالمية الثانية
  • وزير الخارجية الألماني: نصف مليون طالب مصري يتعلمون اللغة الألمانية
  • الضفة الغربية.. القوات الإسرائيلية تنفذ عملية إنزال جوي جنوب جنين
  • روبيو يبحث هاتفيا مع نظيره الألماني الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: قوات الجيش تقتل منفذ عملية الدهس التي وقعت قرب الخليل وأدت إلى إصابة مجندة