نوافذ: هل كان لروسيا أطماعٌ في مسقط؟!
تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT
قرأنا كثيرًا في المراجع التاريخية المختلفة عن التنافس البريطاني الفرنسي على عُمان، منذ توقيع السيد سلطان بن أحمد أول معاهدة سياسية بين عُمان وبريطانيا عام 1798م، وهي - بالمناسبة - السنة التي بدأ فيها نابليون شّن حملته على مصر. أما روسيا القيصرية، ورغم تطلعاتها خلال مطلع القرن التاسع عشر للوصول إلى منطقة الخليج العربي وبلاد فارس؛ فإننا لم نقرأ إلا عن محاولات بسيطة لتعزيز نشاطها التجاري في المنطقة من خلال إرسالها سفنًا من أسطولها البحري إلى ميناء مسقط، الذي كان يشكّل أهمية كبيرة في تلك الفترة؛ لوقوعه في طريق التجارة بين الهند والبصرة.
يسرد البحراني حكاية وثيقة كانت مجهولة حتى وقت قريب، من مقتنيات الأرشيف الروسي في مدينة سان بطرسبرج؛ العاصمة السابقة للإمبراطورية الروسية، هي عبارة عن تقرير يعود إلى عام 1824م معنون بـ«اقتراح السيد سيرفبر للاستيلاء على مسقط في الجزيرة العربية من أجل ترويج تجارة رابحة، مرفوع إلى امبراطور روسيا ألكساندر الأول». يتحدث التقرير عن ضرورة سيطرة البحرية الروسية وكتائب الجيش الروسي على مسقط؛ نظرًا لموقع مينائها المهم للتجارة الروسية، وما له من فوائد متعددة ستعود على روسيا من جراء السيطرة عليه، مشيرًا إلى المكاسب السياسية التي ستعود على روسيا إن هي استولتْ على ميناء مسقط؛ «من أهمها أنه إذا نشبت حرب بين روسيا وكل من الدولة العثمانية وبلاد فارس، وكان هذا الميناء تحت سيطرتها، فيمكنها أن تمارس الضغط والابتزاز عليهما في الخليج العربي، وستزداد بذلك الإمبراطورية الروسية قوة في مجال اتصالاتها وعلاقاتها مع بريطانيا وفرنسا».
ويضيف التقرير أن «السيطرة على مسقط ستعطي روسيا نفوذًا على مناطق الجزيرة العربية بشكل عام، وستكسب روسيا إمكانية التوسع في الجزء الغربي للهند والمناطق الجنوبية من بلاد فارس، بالإضافة إلى أن الدخل الروسي سيزداد نظرًا لما تحتويه الأراضي المستهدفة من خامات المعادن من ذهب ورصاص وغيرهما».
وبعد أن أوضح التقرير أهمية المقترح بدأ باقتراح الخطوات العملية لتنفيذه وهي «إرسال أسطول روسي لاحتلال مسقط، على أن يكون مكونًا من طراد واحد وفرقاطة واحدة وسفينة شراعية بصاريين وناقلتين حربيتين أو ثلاث لنقل البحارة الروس والعتاد الحربي والذخائر من روسيا إلى مسقط، مع ضرورة الحفاظ على سرية العملية العسكرية وإخفائها، خاصة عن أعضاء الحكومة البريطانية أو عملائها»، وأوصى التقرير بـ«تركيز القوات الروسية في مسقط على القلعتين القديمتين الواقعتين على خليج مسقط (قلعتي الجلالي والميراني). ومن أجل نجاح هذه الحملة السياسية والعسكرية أوصى بإقامة اتصالات دبلوماسية وسياسية حميمة مع سلطان عُمان، وفتح سفارة روسية بمسقط، والتفاوض مع السلطات فيها من أجل إبقاء حرس وأسطول روسي بمسقط بصفة دائمة».
نقل البحراني هذه المعلومات المهمة من مقال للباحث الروسي سيرجي جريجوريف عنوانه «عُمان في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من خلال الوثائق الموجودة في الأرشيفات الرسمية لسان بطرسبرج»، منشور في مجلة «الوثيقة» البحرينية في أحد أعدادها الصادرة سنة 2002م. واللافت هنا، والجدير بالتأمل، أن التقرير المكون من اثنتي عشرة صفحة بالإضافة إلى خريطة توضيحية مفصلة لشبه الجزيرة العربية، مكتوب باللغة الفرنسية لا الروسية! وأن مُعِدَّه ومُرسِلَه إلى الإمبراطور - السيد سيرفبر - هو فرنسي لا روسيّ، ترك بلاده بعد حربها مع روسيّا عام 1812م، وأقام في مدينة سان بطرسبرج، وكان مجيدًا للغة العربية. وهذا ما يجعلني أجيب بالنفي عن السؤال الذي يطرحه عنوان مقالي: «هل كان لروسيا أطماع في مسقط؟»، فلا توجد أي إشارة في التقرير - حسبما نقله الباحث العُماني - إلى أن هذا التقرير جاء بطلب من الإمبراطور الروسي، بل على العكس، بدا أن الفرنسي هو الذي تبرع به محاولةً للتقرّب من الإمبراطور، وأن له مصلحة شخصية في ذلك، إذ طلب من الإمبراطور تعيينه سفيرًا لروسيا في بلاط سلطان عُمان، بحجة أنه زار مسقط متنكرًا كمسلم، وأنه يعرف السلطان شخصيًا (لم يذكر اسمه طوال التقرير، لكننا نعرف من تاريخ التقرير أنه السيد سعيد بن سلطان)، مُبديًا استعداده لإرسال أخيه لروسيا رهينة للدلالة على ولائه المطلق لروسيا وإمبراطورها! ولم يكتفِ بذلك بل طلب في ختام تقريره من الإمبراطور منحه رتبة عقيد فخري في الحرس الإمبراطوري الروسي، ووسامًا من أوسمة الإمبراطورية، وحق شراء وامتلاك الأراضي في روسيا، وذلك مقابل جهده في تقديم معلومات عن ميناء مسقط، وإقامة علاقات روسية مباشرة مع عُمان. ويبدو أن هذا الفرنسي لا يخلو من حماقة، إذ لم يتوقف لحظة ليسأل نفسه: لنفرض جدلًا أن الإمبراطور أعجبه المقترح، فلماذا يوكل مهمة تنفيذه إلى فرنسيّ غريب كانت روسيا قد حاربت بلاده قبل سنوات قليلة؟! ولماذا يختار سفيرَه فرنسيًّا أصلًا، لا روسيًّا من خاصته؟ وهل كانت روسيا خِلْوًا من الدبلوماسيين الملمين باللغة العربية في ذلك الوقت؟!
السبب الآخر الذي يجعلني أرجح إجابة عنوان مقالي بالنفي هو أن الإمبراطور نفسه لم يتسنّ له الاطلاع على هذا التقرير، كما يرجّح البحراني في ختام مقاله، مستندًا إلى أن الكتابات التي نشرت في الصحيفة اليومية «كاميرفوريير» التي نشرت قائمة بأسماء الأشخاص المخولين بعقد لقاءات رسمية مع الشخصيات البارزة نيابة عن الإمبراطور الروسي، أشارت إلى أن مقترح سيرفبر دخل ضمن هذه المقابلات، لكن الإمبراطور لم يتلقَّه سواء في العام الذي رفع فيه التقرير (1824م)، أو العام الذي يليه (1825م)، وهو العام الذي توفي فيه الإمبراطور الروسي، ويعضّد هذه الفرضية أن صفحات الوثيقة لم تحمل أي تعليق أو ملاحظات عليها من قبل الإمبراطور.
ليس دفاعًا عن روسيا إذن حين أنفي أطماعها في عُمان في تلك الفترة، فلعل لها أطماعًا بالفعل. لكن هذا التقرير بالذات، ليس كافيًا لاتهامها بذلك.
سليمان المعمري كاتب وروائي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من الإمبراطور فی مسقط إلى أن
إقرأ أيضاً:
"الموج مسقط" يسلط الضوء على دور النماذج النسائية احتفاء بيوم المرأة العمانية
مسقط- الرؤية
يؤكد الموج مسقط- الوجهة الرائدة للحياة العصرية في السلطنة- أن يوم المرأة العمانية يتجاوز في قيمته مشاهد الاحتفال، بل يجسد ثقافة الشركة والمبادئ التي تؤمن بها قيادتها، والتي انعكست إيجابيًا على المسيرة المهنية والشخصية لمنتسبات الموج مسقط، إذ يأتي يوم المرأة هذا العام ليسلط الضوء على ما تحقق من إنجازات، إذ كان لموظفات الموج مسقط، من جميع الأقسام والتخصصات، دورًا أساسيًا في نجاح الشركة، ما يؤكد أن القيادة في مستقبل السلطنة تُحدد على رؤية المرء وإسهاماته.
ويعطي الموج مسقط أولوية كبيرة لتمكين المرأة في العمل، حيث تشغل النساء قرابة 40% من المناصب القيادية والمناصب الإدارية، وبغض النظر عن مستوياتهن الوظيفية، يشكلن معًا منظومة متكاملة من المواهب التي تتسم بالدينامكية وتعكس روح البذل العمانية.
وتشكل النساء 32% من إجمالي العاملين في الموج مسقط، بنسبة تعمين تصل إلى 91%، ما يعكس تبني الشركة لثقافة مؤسسية تركز على تقديم فرص حقيقية، فقد أثبتت المرأة قدرتها على تولي مختلف المهام والمسؤوليات، من بينها التخطيط الاستراتيجي وبناء العلامات التجارية، والعمليات التشغيلية والدعم التنفيذي، بل إن بعضهن كن أساسًا في مسيرة الموج مسقط منذ بدايتها.
كما أثبتت المرأة التزامًا راسخًا بعملها، حيث وُجد أن متوسط مدة خدمة الموظفة يبلغ تسع سنوات، ما يجعل الاستعانة بالمرأة استثمارًا ناجحًا، واستقبلت الشركة خلال السنوات الخمس الماضية 16 موظفة عمانية جديدة يحملن معهن أفكارًا جديدة وشغفًا للمساهمة في ترسيخ ثقافة قائمة على الاستقرار والابتكار.
ويدعم الموج مسقط التنمية المهنية للعاملين، ليس باعتبارها سياسة من سياسات الحوكمة فسحب، بل كمنظومة قائمة بذاتها تتضمن برامج للقيادة والشهادات المهنية والتدريب المالي بهدف تطوير المواهب، وعلاوة على ذلك، تطبق الشركة سياسات لدعم الأسرة، والإرشاد الوظيفي، وبرامج التنقلات الداخلية حتى توفر للموظفين بيئة عمل تدعم النمو المستدام.
وقال ناصر بن مسعود الشيباني الرئيس التنفيذي للموج مسقط: "الأرقام ليست هي ما يحدد مدى استدامة النمو من عدمه، بل الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الأرقام والأعمال، فلا يقتصر دور المرأة في الموج مسقط على دعم نجاحنا فحسب، بل تشارك بشكل فعّال في بناء مستقبلنا، ومستقبل القطاع الخاص في سلطنة عُمان. ونؤكد أننا سوف نستمر في تمكين نمو المرأة وتهيئة بيئة عمل تدعم الطموح والشمولية والأثر ليس باعتبارها مبادئ واجبة التطبيق، بل كأساس لنمونا".
ويفخر الموج بعدد من النماذج المشرفة لنساء يقفن خلف هذه الإنجازات بقصص نجاحهن الملهمة التي تكشف عما يمكن تحقيقه عندما تجد الموهبة ما تحتاج إليه من دعم وثقة.
ففي عام 2006، انضمت سميرة المالكية إلى الموج مسقط كاستشاري مبيعات، وبفضل طموحها وشغفها تدرجت بين العديد من المناصب الهامة التي أتاحت لها تنمية مهاراتها حتى تولت منصب مدير أول المبيعات، وتحظى سميرة بتقدير واسع ليس فقط لما حققته من نتائج وإنجازات، بل لنزاهتها أيضًا، فعلى مدى عشرين عامًا تقريبًا، أسهمت في إرساء الأسس التشغيلية لفريق المبيعات، بما في ذلك تحديد الأنظمة والإجراءات وتدريب الكوادر الشابة، كما تتميز بنهجها القيادي الذي يجمع بين الجانب الإنساني والتميز المهني، ما يجعلها نموذجًا للقيادة الناجحة التي تحقق أفضل النتائج مع مراعاة الجوانب الإنسانية.
كما أن بشائر البلوشية نجحت في تطوير مسيرة مهنية قوية بفضل قراراتها الجريئة وطموحها، فبعد أن بدأت بدراسة طب الأسنان، اكتشفت شغفها بالعمل في مجال أكثر مختلف وأكثر ديناميكية، ما دفعها لتحويل مسارها بالكامل والانتقال إلى عالم الهندسة المدنية. وانضمت بشائر إلى الموج مسقط كموظفة خدمة عملاء، وتدرجت بين عدّة وظائف حتى شغلت منصب مسؤولة ضبط الجودة بفريق تجربة العملاء، وهي وظيفة تتطلب منها العمل الميداني تحت ظروف طقس صعبة في بعض الأحيان وفي مجال لا يلقى إقبالاً من النساء في العادة، لكنها كانت ترى أن الظروف الصعبة تعتبر دافعًا للنمو، وكان عملها في الميدان نموذجًا يُحتذى به، حيث أسهمت بشكل مباشر في تطبيق المعايير العالمية التي ارتبط بها اسم الموج مسقط في ذهن المُلّاك.
واكتشفت جوخة الحارثية شغفها بتشكيل البيئة الحضرية في سنوات دراستها الجامعية، عندما التحقت بالموج مسقط كمتدربة، وفي عام 2019، عادت إلى الموج مسقط بعد حصولها على شهادة الماجستير في التنمية الحضرية، حيث تم تعيينها في وظيفة مصمم معماري، وكانت تسعى إلى تطبيق ما لديها من معرفة عالمية في السياق العماني. وتشغل جوخة حاليًا منصب مهندس مشاريع أول، فهي المسؤولة عن التصاميم المستدامة التي تركز على الإنسان، ويشمل سجل إنجازاتها عددًا من أهم مشاريع الموج مسقط، من بينها أول مبنى محايد كربونيًا في الموج مسقط.
ويطور الموج مسقط برامجه التدريبية بما يلبي احتياجات العمل والنمو المهني للموظفين، وذلك في مجالات مثل التمويل والتقنية العقارية وإدارة المشاريع والقيادة، كما تؤمن الشركة بأهمية الإرشاد والتوجيه على كافة المستويات، فكثير من القادة يرون أنهم مسؤولون عن تمكين الآخرين. ولتمكين النساء من اجتياز أي تحديات في مسيرتهن المهنية دون التضحية بطموحهن، تراعي الشركة سياسات تتسم بالشفافية في مجالات مثل التوظيف والتنقل الداخلي والعودة إلى العمل.
ويأتي التزام الموج مسقط بتنمية رأس المال البشري، وتنويع الاقتصاد، وتمكين المرأة في إطار إسهامه في تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"، فمن خلال إتاحة الفرص النساء العُمانيات لتولي المناصب القيادية والنجاح، تواصل الشركة دعمها لطموحات السلطنة من خلال تقديم حلول واقعية. ونتيجةً لهذه الجهود، أصبح الموج مسقط الوجهة المفضلة للباحثين عن عمل، كما قدّم نموذجًا يُحتذى به لدور القطاع الخاص في دعم مسيرة التنمية الوطنية.