هل يكفي اهتمام ترامب الشخصي لكي تتوقف الحرب في غزة؟
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" مقال رأي لكينث روث، المدير السابق لمنظمة هيومان رايتس ووتش، والأستاذ الزائر لكلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برنستون، تناول دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقف الحرب بغزة.
وقال ترامب إن دور دونالد ترامب في وقف الحرب بغزة دفعته المصالح الشخصية، وتساءل إن كان هذا الدافع كافيا لإنجاز المهمة، مضيفا أنه لا يسعنا إلا أن نعبر عن الفرحة لأن الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة قد توقفت، على الأقل في الوقت الحالي.
وتابع، "فقد توقف القتل وسمح بدخول الطعام بشكل سيخفف من وطأة المجاعة وعاد ويعود الفلسطينيون المهجرون قسرا من ديارهم إلى مدنهم إن لم يكن إلى منازلهم التي سحقت إسرائيل معظمها ومع ذلك، فما يخفف من فرحة الاحتفالات هو الواقع المؤلم المتمثل في أن شروط السلام الدائم، على غرار ما يحدث في الشرق الأوسط، تؤجل إلى أجل غير مسمى، هذا إن وجدت أصلا".
وأوضح روث، أنه "ربما كان هذا مدعاة للانزعاج، إلا أن ترامب يستحق الثناء لإنهاء تمويل الحكومة الأمريكية وتسليحها للإبادة الجماعية، ولي ذراع بنيامين نتنياهو لقبول خطته المكونة من 20 نقطة لغزة".
إلا أن هذا كما يقول روث لم يحدث ذلك في فراغ، فلو حاول جو بايدن تنفيذ الخطة نفسها، لتعرض بلا شك لانتقادات لاذعة من الحزب الجمهوري لعدم منحه نتنياهو كل ما أراد، أما ترامب فهو من يملك الحزب الجمهوري اليوم، وكما حدث عندما ذهب ريتشارد نيكسون إلى الصين، لم يكن هناك من هو على يمين ترامب ليتحداه.
وأضاف روث أن تغير مواقف ترامب عن تبني هدف اليمين الإسرائيلي المتطرف المتمثل في التطهير العرقي لغزة إلى قبول حق المدنيين الفلسطينيين في البقاء، ربما كان مدفوعا بتحول ملحوظ في المواقف الأمريكية تجاه إسرائيل.
فقد شعر الإنجيليون المسيحيون الشباب، وهم من ناخبي "ماغا" أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، الأساسيين، بالاشمئزاز من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل والتي كانت تهدف إلى التحريض على الترحيل القسري الذي أيده ترامب برؤيته لـ"ريفييرا" غزة.
وأشار روث إلى أنه كان دائما منشغلا بنفسه في المقام الأول، فقد استطاع ترامب أن يرى التكاليف السياسية للضوء الأخضر غير المشروط إلى حد كبير الذي منحه لنتنياهو وسعيه لحرب لا نهاية لها.
وهذا شيء كان نتنياهو في حاجة إليه للحفاظ على ائتلافه الحاكم وتجنب اتهامات الفساد المعلقة والمحاسبة السياسية عن الإخفاقات الاستخباراتية التي استغلتها حماس بلا رحمة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأردف الكاتب أن "القشة التي قصمت ظهر البعير" حصلت من اعتقاد نتنياهو بأنه، بعد أن أفلت من العقاب على الإبادة الجماعية، لن يجد صعوبة في مهاجمة ومحاولة قتل مفاوضي حماس في قطر.
وقد أثار ذلك غضب قادة الخليج، الذين يمثل مزيجهم من الثروة والاستبداد نقطة قوة لترامب، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي لكي يحاسب نتنياهو على عمله المخرب ويجبره على قبول خطة لوقف الحرب من 20 نقطة. وتطلبت من نتنياهو التخلي عن حلمه بغزة خالية من الفلسطينيين، تليها بلا شك ضفة غربية خالية من الفلسطينيين.
ولفت إلى أن هذا يعني عودة محتملة للأونروا، التي حاول نتنياهو تدميرها لأنه شعر أنها تساعد في تذكير اللاجئين الفلسطينيين بأنهم لاجئون بالفعل يطمحون إلى العودة إلى ديارهم في إسرائيل أو حتى الضفة الغربية المحتلة.
وفي الواقع، تمنح الخطة الفلسطينيين من غزة حق المغادرة و"العودة"، وهو حق لا يشاركه فيه مواطنوهم المنفيون في لبنان وسوريا والأردن.
وقال روث، إن المسكوت عنه، عندما يتعلق الأمر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قد يكون بنفس الخطورة لما يعلن عنه، ففي الوقت الذي أعلن فيه ترامب: "انتهت الحرب"، لم يلتزم نتنياهو حتى بالامتناع عن استئناف الحرب في غزة إذا لم تنزع حماس سلاحها بشكل كاف.
ومع أن قوة حماس العسكرية ليست مناسبة لقيادة غزة، لكن هذا لا يبرر تجدد الإبادة الجماعية، وهي الطريقة التي حارب بها نتنياهو.
كما انتقد روث ترامب الذي بعث برسالة معاكسة، فإلى جانب سعيه غير المبرر للحصول على عفو عن تهم الفساد الموجهة إلى نتنياهو خلال خطابه في الكنيست يوم الاثنين، فرض عقوبات سافرة على موظفي المحكمة الجنائية الدولية لأنهم اتهموا نتنياهو ووزير دفاعه السابق بارتكاب جريمة حرب تتمثل في تجويع المدنيين الفلسطينيين وحرمانهم.
وعلاوة على ذلك، فإن السبيل الأمثل لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفق الكاتب هو إقامة دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، تعيشان بسلام جنبا إلى جنب، لكن نتنياهو كرس مسيرته السياسية بأكملها لمنع حصول هذا الإحتمال.
وقد تجلى ذلك جليا يوم الاثنين. عندما طرد أيمن عودة، العضو العربي الإسرائيلي البارز في الكنيست، بالقوة من القاعة في أثناء إلقاء ترامب خطابه ولأنه حمل ورقة كتب عليها "اعترفوا بفلسطين!".
وعلى الرغم من إطلاق سراح ما يقرب من 2,000 أسيرا فلسطينيا، رفضت حكومة نتنياهو إطلاق سراح مروان البرغوثي، أبرز أسير في قائمة حماس، لأنه أكثر من أي شخص آخر قادر على توحيد الفصائل الفلسطينية وقيادة المفاوضات من أجل دولة فلسطينية.
ويقول روث إن ترامب لم يكن أفضل حالا، حيث تدعو خطته، إلى إصلاح السلطة الفلسطينية التي لم تجر أي انتخابات منذ أكثر من 15 عاما.
وبمجرد إصلاح السلطة الفلسطينية ونزع سلاح حماس، تقول خطة ترامب: "قد تتهيأ الظروف أخيرا لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة، وهو ما نعترف به كطموح الشعب الفلسطيني".
لكن لم يتم تحديد أي جدول زمني، على الرغم من أن محكمة العدل الدولية قضت بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وطالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالامتثال اعتبارا من الشهر الماضي.
ويعرف ترامب أن المضي قدما في إقامة الدولة يتطلب منه تشديد الخناق على الحكومة الإسرائيلية مجددا.
وبحسب الكاتب فإن هذا لا يبدو من عادات ترامب، ولكنه لم يتخل عن رؤيته لـ"ريفييرا غزة" إلا بعد أن أصبحت التكاليف السياسية باهظة جدا. ومن غير المرجح أن يمنح جائزة نوبل للسلام التي يطمح إليها طالما أن الصراع الكامن وراء آخر حلقة مدمرة في غزة لا يزال دون حل.
وعند هذه النقطة تضطلع دور الخليج بدور مهم، لأن ترامب يرغب منها تمويل إعادة إعمار غزة، حيث دمرت الهجمات الإسرائيلية 92% من منازلها، وآخرها تفجير أبراج غزة بشكل ممنهج.
ومع ذلك، أصرت الدول العربية على مسار واضح نحو دولة فلسطينية. ومن المفهوم أن تحجم هذه الحكومات عن تحمل النفقات الباهظة لإعادة إعمار غزة دون ضمانات بأن إسرائيل لن تفجرها مجددا، وعلى ترامب أن يصغي.
ولكن الاعتماد على ترامب لدعم القضية الفلسطينية يظل محلا للقلق وبخاصة بعدما وصفه نتنياهو بأنه "أعظم صديق لإسرائيل".
وختم قائلا، إن إطراء نتنياهو لا يمكن أن يخفي استعداد ترامب المتكرر للانفصال عن حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل وفرض سلوك أفضل، لقد اتخذ للتو خطوة كبيرة نحو إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني التي لا توصف. يجب أن نواصل الضغط عليه لإتمام المهمة، كما يقول روث.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية غزة نتنياهو خطة ترامب الاحتلال غزة نتنياهو الاحتلال خطة ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ارتفاع شهداء الإجرام الصهيونى فى عهد نتنياهو وبن غفير
ترتكب حكومة الاحتلال الصهيونية جرائم إبادة صامتة خلف الجدران الملطخة بدماء شهداء الحركة الفلسطينية الأسيرة ضربًا لكل الأعراف والقوانين والمواثيق الإنسانية الدولية
وفيما تتفاخر تل أبيب بعشرات السلخانات البشرية تحت الأرض كشفت إحصائيات إسرائيلية جديدة، عن تصاعد غير مسبوق فى أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين استشهدوا داخل سجون الاحتلال، منذ تولى المتطرف إيتمار بن غفير منصب وزير الأمن القومى فى حكومة الاحتلال.
وأكد موقع «والا» الإسرائيلى، أنّ 110 أسرى فلسطينيين استشهدوا خلال العامين ونصف العام من ولاية «ابن غفير»، وهو رقم يقارب ما يقرب من ضعف الشهداء خلال أربعة عقود كاملة بين عامَى 1967 و2007، حيث استُشهد 187 أسيرًا فقط خلال تلك الفترة.
وكانت 12 منظمة حقوقية إسرائيلية قد وثقت الأسبوع الماضى استشهاد 98 أسيرًا فلسطينيًا منذ بدء الحرب على غزة، نتيجة التعذيب، ومنع العلاج الطبى، والظروف اللاإنسانية داخل المعتقلات، مؤكدة أن سوء المعاملة بات ممارسة ممنهجة فى كل أجهزة الأمن الإسرائيلية
وكشف تقرير المنظمات أن حالات الاعتقال الإدارى ارتفعت من نحو ألف معتقل عام 2023 إلى 3,577 معتقلًا عام 2025، ما يؤكد تصاعد سياسة الاعتقال دون محاكمة.
ووفق «واللا»، فقد بلغ عدد الأسرى نحو 11 ألفًا فى أكتوبر الماضى، وما يزال ما لا يقل عن 10 آلاف أسير داخل سجون الاحتلال بعد اتفاق التبادل الأخير.
وأشار نادى الأسير الفلسطينى إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت حوالى 21 ألف فلسطينى من الضفة المحتلة والقدس منذ بداية الحرب على غزة، إلى جانب آلاف المدنيين الذين اعتُقلوا من القطاع خلال الاجتياحات البرية.
وأكد النادى أن هذه الأرقام تعكس ليس فقط الارتفاع الكبير فى أعداد المعتقلين، بل أيضًا تصاعد مستوى الجرائم المرافقة لعمليات الاعتقال، وعلى رأسها الإعدامات الميدانية خلال المداهمات العسكرية.
وكشف تقرير صادر عن هيئة الدفاع العام فى إسرائيل فى وقت سابق عن تدهور غير مسبوق فى ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب، موضحًا مجموعة من الانتهاكات التى تهدد حياتهم بشكل مباشر، أبرزها:
- حالات جوع حاد وفقدان كبير للوزن نتيجة تقليص كميات الطعام وإهمال الاحتياجات الأساسية.
- اعتماد قائمة غذاء شديدة الفقر والتقييد فرضتها مصلحة السجون بعد الحرب، ما أدى إلى تدهور صحى واسع بين الأسرى.
- ضعف جسدى عام وإغماءات متكررة بسبب الحرمان من الغذاء والعلاج، فى ظل ظروف اعتقال قاسية وغير إنسانية.
- نوم آلاف الأسرى دون أسرّة واضطرارهم إلى افتراش الأرض فى أماكن مكتظة تفتقر للحد الأدنى من شروط المعيشة.
- تفشّى واسع لمرض الجرَب داخل السجون، وصل إلى حد وصفه بأنه «وباء»، فى ظل غياب إجراءات وقائية أو طبية.
- اكتظاظ خانق إذ يحتجز نحو 90% من الأسرى فى مساحات تقل عن ثلاثة أمتار مربعة للفرد الواحد، وهو ما يخالف المعايير الدولية بشكل صارخ.
ومن المتوقع أن تصدّق لجنة الأمن القومى فى الكنيست، اليوم، على مشروع قانون فرض حكم الإعدام على أسرى فلسطينيين، وهو قانون يأتى بدفع مباشر من حزب «عوتسما يهوديت» بزعامة بن غفير، وكان أحد شروط انضمامه لائتلاف بنيامين نتنياهو.
وتضم سجون الاحتلال حاليا 115 أسيرا محكومين بالسجن المؤبد من مختلف المحافظات الفلسطينية، فى تجسيد لنهج العقوبة المفتوحة بلا أفق زمنى، يتصدرهم الأسير عبد الله غالب البرغوثى المحكوم بـ 67 مؤبدًا، يليه الأسير إبراهيم جميل حامد بـ 57 مؤبدًا. بينهم أقدم الأسرى هما محمود سالم أبو حربيش وجمعة إبراهيم آدم، المعتقلان منذ عام 1988.
وسجلت القدس المحتلة أعلى معدلات اعتقال للأطفال، إذ اعتُقل خلال عام 2023 وحده 1085 طفلًا، منهم 696 طفلا مقدسيا. ومن بين هؤلاء أطفال موقوفون، وآخرون محكومون، إضافة إلى أسيرات قاصرات، فى انتهاك فاضح لكافة الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل.
وقال مركز فلسطين لدراسات الأسرى إن عدد الأسرى من قطاع غزة الذين قضوا داخل مراكز الاعتقال الإسرائيلية والذين تم الكشف عن هوياتهم ارتفع إلى 50 أسيرًا، مشيرًا إلى أن ذلك يأتى فى ظل ما وصفه بـ«حرب الإبادة الجماعية» على القطاع.