جمال عبد الرحيم صالح

لقد كرسنا الجزء الأول من مقالتنا هذه لوصف حال بلادنا في الشقين المدني والعسكري، باعتباره يمثل الخلفية التي يمكن على ضوء ما بها من حقائق تحديد الخيار الأنسب للخروج ببلادنا من محنتها الكارثية. سنتولى في هذا الجزء من المقالة تحليل وضع القوى الفاعلة على الأرض، ثم نستعرض الحلول المطروحة الآن وأسباب قصورها، ومن بعد ذلك نتناول رأينا في حتمية التدخل الدولي لحل الأزمة السودانية، ثم نعرج لتفصيل التحفظات المتوقعة على المقترح، وأخيراً نستعرض ردنا على تلك التحفظات المتوقعة.

أولاً – وضع القوى الفاعلة على الأرض:

*قوى الثورة (ونعني بها قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة): تمثل القوة التي لها مشروعية في قيادة الفترة الانتقالية وبناء جهاز الدولة من جديد. لقد فعلت قوى الحرية والتغيير حسناً بابتدارها الورش المتخصصة التي انعقدت قبل قيام الحرب، والتي من خلالها قيَّمَت أداءها وأداء حكومتها أثناء الفترة الانتقالية. يُشهَد لها بالرصانة والجدية في قيادتها للحراك السياسي الذي قاد للاتفاق الإطاري المُجهَض، كما يُحمد لها حراكها السياسي بعد الحرب الذي نجح في توسيع قاعدة قوى الانتقال الديمقراطي، إضافة لنشاطها في الجبهة الخارجية عبر التواصل مع القوى الإقليمية والدولية. ربما يمكن أن يكون النقد الأساسي الموجه لها يتمثل في انعدام أي نشاط مؤثر في الشارع، وهو أمر بالغ الصعوبة في ظروف استقطاب عسكري حاد وخطير للغاية، إضافة للنزوح الواسع النطاق الذي تصعب معه قيادة حراك في الشارع.

*قوى التغيير الجذري: لا خلاف في أنها إحدى الفصائل التي صنعت الثورة، بيد أنها تريد المضي بها إلى ابعد من طاقتها، وأبعد من أهداف قوى الثورة الأخرى، التي تتمركز حول إعادة بناء أجهزة الحكم نفسها، قبل التفكير في مسار التطور الاقتصادي الاجتماعي المستقبلي. في تقديرنا أن ما تطرحه من رؤية بعيد عن مزاج الشارع وأكبر من قدراته الحالية، وخير لها وللثورة أن تضع يدها في أيدي قوى الثورة الأخرى، التي تطرقنا لها أعلاه.

*قوى اتفاق جوبا: لا تملك وزناً عسكرياً أو سياسياً يسمح لها بالتأثير في مجريات الأحداث. يمكن اعتبارها قوة مساندة للقوى المتحركة الأخرى أكثر من كونها قوة أساسية. وفي الواقع، نرى أن على قوى التغيير إعادة النظر في اتفاق جوبا بما يتناسب مع الوزن والنفوذ الحقيقيين لهذه القوى. الأهم من ذلك، فإن الاتفاق نفسه فقد مشروعيته حيث انهار مع انهيار الوثيقة الدستورية نفسها، تلك التي استند عليها، كما أن الحركات الموقعة نفسها شاركت بفعالية غير مخفية في التحضير لانقلاب البرهان الذي أغلق المسارات السياسية التي كانت فاعلة حينها.

*الحركة الإسلامية (المؤتمر الوطني): تمثل الكتلة الرئيسية في معارضة التغيير. عداءها لكل القوى الأخرى (بمن في ذلك حلفاءها المؤقتين الحاليين من قادة الجيش) عداء جذري ولا يوجد أدنى احتمال في أن تركن للسلم وتترك البلاد تتطور في حالها، حيث أن بنيانها السياسي والتنظيمي يقوم على الانفراد المطلق بالحكم. لا تملك هذه الحركة رؤية أو استراتيجية للخروج بالبلاد من نفقها المظلم، كما تفتقد للحد الأدنى من العقل والأخلاق. عموماً ليس لديها سقوف عليا أو خطوط حمراء يمكن أن تعيقها عن الجلوس على دست الحكم المنشود.

*البرهان وقيادات جيشه: ليس لديهم رغبة في التنازل عن السلطة وترك خيار الدولة المدنية يسلك مساره الطبيعي. يفتقدون للحد الأدنى من المهنية والوطنية، ويتسمون بقدر غير مسبوق في الكذب والمراوغة ونقض العهود، كما يفتقدون للحد الأدنى من المصداقية الذي يسمح بتنازلهم عن السلطة لحكومة مدنية. يكفي دلالة على انعدام كفاءتهم ومهنيتهم سماحهم لقوات الدعم السريع بالتمدد أفقياً ورأسياً لدرجة أن تنتصر مليشيا عائلية على جيش يقوده خريجو مؤسسة عسكرية عمرها يزيد عن المائة عام؛ ويكفي افتقادهم للمصداقية تجاوزات البرهان الكثيفة لدوره المحدد في وثيقة دستورية شهد عليها العالم أجمع، منها على سبيل المثال اجتماعه مع الرئيس الإسرائيلي للاتفاق على مسائل ليست من مهام الفترة الانتقالية أصلاً، وليس آخرها انقلابه المشؤوم تفادياً لتصعيد أحد الأعضاء المدنيين بمجلس السيادة ليكون رئيساً وفقاً لما نصت عليه الوثيقة الدستورية.

*الدعم السريع: نشأ الدعم السريع كتنظيم ارتزاقي ليس له عقيدة عسكرية أو سياسية وطنية، ولم تمثل مشكلة المواطن السوداني، جزءاً من همومه وأهدافه، بل لم يمثل حتى جناحاً عسكرياً لقبيلة دع عنك أن يكون معبراً عن وطن بأكمله. معلوم للجميع مسئوليته المباشرة عن قتل واغتصاب آلاف السودانيين والسودانيات، سواء في دارفور، أو العاصمة نفسها، كما أنه مسئول بشكل مباشر عن انتهاكات حديثة واسعة النطاق من ضمنها الاستيلاء على بيوت المواطنين وسلب ممتلكاتهم بالعاصمة، وأعمال قتل وترويع، ذات طابع عرقي، واسعة النطاق أيضاً بدارفور.  اكتسب التنظيم قوته، إضافة لما وفرته له الدولة من سلاح، اكتسب قوته من تجيير موارد البلاد لتصبح في أيدي أفراد أسرة واحدة، بدون اعتبار للشعب.  اتسم سلوكه السياسي بعد ثورة ديسمبر بالتكالب المحموم للاستيلاء على منظومة الحكم. وفي هذا تم إرشاء آلاف القادة القبليين والروحيين ليشكلوا له حاضنة اجتماعية، مدفوعة الثمن، تمكنه من يسط سيطرته على الدولة حتى في ظل نظام ديمقراطي تعددي.

لقد شهدت  الفترة قبيل الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر 2022 تغييراً مفاجئاً في الخطاب السياسي للدعم السريع (ولا أقول الخط السياسي لعدم وجود ما يؤكد تحول ذلك الخطاب إلى سياسة أصيلة)، بشكل يبدو عليه التماهي والتعاطف مع شعارات الثورة وقوى التغيير ورؤيتها وقبول أطروحاتها حتى في تحديد مصير الدعم السريع نفسه، تلك القائمة على دمجه بالجيش النظامي وولاية وزارة المالية على المنشآت الاقتصادية للمؤسسات العسكرية؛ هذا إضافة إلى نقده الذاتي العلني فيما يخص موقفه من انقلاب 25 أكتوبر. يلاحظ المراقب السياسي أيضاً، تلك المثابرة في ترديد مستشاروه السياسيين وقياداتهم الميدانية بأن هدف جيشهم يتمثل في بناء دولة سودانية جديدة قائمة على الديمقراطية والدولة المدنية، وهو أمر رددته قيادتهم العسكرية كثيراً أيضاً، مثالاً عليه خطاب قائد ثاني الدعم السريع عند استلام قيادة الفرقة 20 بالضعين، وتكراره بأن هدفهم إنشاء دولة مدنية.

من الصعب تصور أن هذا التحول الجريء في الخطاب السياسي للدعم السريع جاء نتاجاً لتطور طبيعي في داخله، لذلك نميل إلى ترجيح  فرضية أن طبيعة صراعه مع التنظيم الإسلاموي والبرهان وجماعته، أملت عليه التماهي مع شعارات الثورة باعتبار أنها التيار الأقوى والأقدر على تحقيق الانتصار السياسي على خصوم الدعم السريع من الاسلامويين وقادة الجيش، وأيضاً باعتبار الاحترام والاعتبار الذي يكنه المجتمع الدولي لقوى الثورة؛ هذا إضافة إلى ثقته العالية في انتصاره في الحرب القائمة بشكل يسمح له بتحديد شكل ومهام الحكومة المدنية المحتملة.

لا بد أن نضع في الاعتبار، لتجنب الغفلة التي أودت ببلادنا لهذا القاع السحيق، أن الدعم السريع استثمر كثيراً في “تمدين” هيئته وشعاراته بمواظبة واهتمام بالغين، من خلال الاستعانة بعدد مقدر من المستشارين المدنيين الذين يتمتعون بمقدرات سياسية ومهنية معقولة، وأيضاً من خلال كسب ود القادة الاجتماعيين والروحيين خاصة بغرب البلاد. في تقديرنا أن عملية “التمدين” التي أشرنا إليها، يأتي في إطار تمكينه من السير في فكرة الدولة المدنية الديمقراطية التي تبناها مؤخراً من خلال هؤلاء المدنيين، سواء بالانفراد بالسلطة، أو عبر التحالف مع قوى مدنية أخرى، شريطة أن تكون له اليد العليا، التي سيفرضها من خلال انتصاره العسكري المُحتَمَل.

لكن، وبشكل عام، ورغم رأينا في الدعم السريع، ينبغي الاعتراف إلى أنه يتفوق كثيراً على خصومه من الإسلاميين والجيش، من ناحية المصداقية ووضوح الخطاب، إذ أنه، وعلى الأقل، كان أكثر مبدئية في تعامله مع الاتفاق الإطاري. وبالطبع، عندما نقول أنه يتفوق على خصومه في المصداقية، فإننا نقصد أن الفرق بينهما فرق درجة وليس نوع، حيث أن ذات الدعم السريع الذي يدعي تماهيه مع قيم الديمقراطية ومناداته بالدولة المدنية، هو ذاته الذي أكدت جهات دولية ذات مصداقية لا يتطرق إليها الشك مسئوليته عن مجازر بشعة ارتكبتها مجموعاته بالجنينة وغيرها قبل أسابيع قليلة.

ثانياً – الحلول المطروحة وأسباب قصورها:

توجد حالياً آلية واحدة فاعلة في معالجة الأزمة السودانية بعد إنهاء تكليف بعثة اليونامتس، وهي منبر جدة، الذي بنيت فكرته الأساسية على قاعدة أن الحل يجب أن يكون سودانياً، وأن دور القوى الإقليمية والدولية المشاركة به لا يتعد دور المُسهل أو المُيسر، وأن غايته الأساسية لا تتجاوز الوصول لهُدَن يقف بموجبها العمل العسكري للجانبين وذلك لأجل توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين، ومن ثمَّ الوصول لوقف دائم لإطلاق النار، تعقبها مفاوضات بمشاركة المدنيين في اتجاه الوصول لاتفاق سياسي تنشأ بموجبه حكومة مدنية. ومنذ مطلع مايو المنصرم وحتى هذه اللحظة، لم ينجح المنبر إلا في تحقيق هدن قصيرة للغاية في أيامه الأولى، لا نعتقد أنها أدت دورها المنشود.

في تقديرنا أن هذا المنبر بالفرضيات التي بني عليها حتى الآن، والتي تفتقر حتى لوجود أظافر يمكن من خلالها التأثير على الأطراف المتحاربة، لن يوقف الحرب ويجلب السلام والاستقرار للبلاد عبر التفاوض، دعك عن أن يأتي بحل سياسي يضمن أولاً عدم تفتت الدولة، ثم تالياً إصلاح جهاز الدولة المدمر بالكامل. تحفظنا هذا ناتج عن جملة أسباب:

*القيادة الحالية للجيش فاقدة للمصداقية والموثوقية في أقوالها وأفعالها، وغير مهتمة أساساً بآلام مواطنيها ومصلحتهم. إضافة لذلك تفتقد للحس الوطني والشجاعة اللازمة لاتخاذ القرارات الصعبة. لقد أدرك العالم جميعه تقريباً هذه الحقيقة مما جعل حتى قادة الدول الصديقة لهم يبحثون عن حلول أخرى متجاوزة لهم.

*طموحات الدعم السريع في إضفاء سيطرته العسكرية الكاملة واضحة للعيان، كما أن طموحاته السياسية في الهيمنة وتحديد مسار تطور البلاد لا يمكن إخفاءها مهما تحدث قادته بغير ذلك.

*أحد الأطراف الرئيسية في الصراع القائم، وهم الإسلامويون أصحاب النفوذ القوي في الجيش، ليس لديهم استعداد مطلقاً لإيقاف الحرب، لأن ذلك يعني ببساطة فقدانهم للحكم، وهو امر غير وارد لديهم، وهو ما أثبتته تجربة 34 عاماً من وجودهم في السلطة. وحتى بافتراض توقف الحرب، فإنه من غير الوارد ضمان توقف محاولاتهم عن إفشال الانتقال المنشود وإصلاح حال الدولة.

*إن انتصار أحد القطبين المتقاتلين، سيجعل من الاستحالة إبعاده عن التأثير القوي على مآلات العملية السياسية وما ستفضي إليه، وإلا سنكون من الحالمين! وفقاً لهذا، ستكون الحكومة المدنية المفترض قيامها كناتج للتفاوض في إطار هذا المنبر، أضعف من أن تحقق أهداف الثورة المعلومة، حيث ببساطة يستحيل لحكومة مدنية ليس لها سلطان عسكري، خاصة في السياق السوداني المعروف، أن تنجز تحولاً جذرياً في جهاز الدولة، وبالذات في هيكلة الجناح العسكري له.

ثالثاً – حتمية التدخل الدولي لحل الأزمة السودانية:

استناداً على مجموع الحقائق والملاحظات التي تطرقنا لها أعلاه، وتجذُّر الفشل في بلادنا منذ الاستقلال، لا نرى بديلاً منطقياً لحل المسألة السودانية إلا بتدخل دولي سياسي وعسكري قوي، ويفضل تحت مظلة الأمم المتحدة، يمكن أن يأخذ صفة الوصاية أو غيرها من الآليات، فنحن يهمنا الجوهر أكثر من المظهر هنا. لقد استفاض مقترح بروفيسور مهدي حسن التوم الذي أشرنا إليه أعلاه في توضيح مهمة هذا التدخل وأهدافه وفترته الزمنية، حيث يمكن الرجوع للمقال في هذا. لكن يهمنا أن نبرز باختصار أهم القضايا العاجلة في التالي:

*إيقاف الحرب، بالقوة إن لزم ذلك، والقيام بالفصل بين القوات المتحاربة.

*الإشراف على تحديد متطلبات عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم.

*الإشراف على توفير متطلبات تلك العودة من مساعدات إنسانية وإصلاحات عاجلة في مؤسسات الإدارة المدنية.

*إعادة تشكيل القوات المسلحة وإنهاء حالة تعدد الجيوش.

*إصلاح الأجهزة الأمنية الأخرى من شرطة واستخبارات وتأهيلها لأداء أدوارها المعروفة عالمياً.

*باختصار إعادة بناء الدولة السودانية.

رابعاً – التحفظات المتوقعة على المقترح:

*التدخل الدولي سيكون خصماً على السيادة الوطنية، وأن الوطنية الحقة تشترط أن يكون الحل سودانياً خالصاً، وأن السودانيين قادرون على حل مشاكلهم بأنفسهم.

*الدعوة للتدخل الدولي دعوة حالمة، وغير محتملة الحدوث، حيث  أن الدول المقترح تدخلها غير مطروح في أجندتها الخارجية مثل هذه التدخلات.

*الدول المقترح تدخلها (كالولايات المتحدة) محكومة بمصالحها فقط، ولا تتدخل من أجل سواد عيوننا، وأن هنالك بوناً شاسعاً بين ما تفعله حقيقة وبين ما ترفعه من مبادئ وشعارات عظيمة.

*يجب أن تكون الأولوية الآن لإيقاف الحرب حيث أن أي أطروحات أخرى يجب أن تناقش في إطار المفاوضات المتوقعة بعد نهاية الحرب.

خامساً – ردنا على التحفظات المتوقعة:

*واقع الحال يقول أن هنالك مخاطر ماثلة تهدد وجود الوطن نفسه، عليه يصبح الحديث عن الوطنية والسيادة نوعاً من الترف الفكري والسياسي لا يناسب حال البلاد و مآلات أزمتها الحادة.

*من يقول أن الأولوية لإيقاف الحرب عليه أن يجيب عن كيف ستقف الحرب، ومن يضمن عدم اشتعالها مرة أخرى، وما الضمان لاستمرار أي حكومة مدنية يمكن أن تُكوَّن كنتيجة لأي مفاوضات والتاريخ الماثل مُشَبَّع بنماذج لا حصر لها من الكذب البواح والتآمر المفضوح لمن يملكون مفاتيح القوة العسكرية. بل تمضي تساؤلاتنا لأن نقول: أيّ رئيس مدني ذلك القادر على فرض الصيغة المثلى لإعادة هيكلة القوات النظامية مثلاً؟

*إن التأخر عن طلب التدخل الدولي بحجة أن الأولوية هي إيقاف الحرب يحمل في طياته خطراً يتمثل في احتمالية انتصار أحد طرفيها. إن حدوث ذلك يمثل كارثة حقيقية حيث كلا الطرفين لديه حاضنة سياسية واجتماعية جاهزة، ستكون منتشية بالنصر، وشرهة للانفراد بالحكم تحت مظلة حكومة مدنية يتولى الطرف المنتصر تشكيلها من حاضنته؛ وحيث ستجبر تلك النتيجة قوى الثورة للتحرك مجدداً من نقطة متأخرة للغاية، باعتبار أن الشارع نفسه سيكون منقسماً.

*الدعوة للتدخل الدولي نراها أقل (حالمية) من الحلم السائد بوجود أمل في أن تفلح العملية السياسية الجارية في الانتصار لشعارات وأهداف ثورة ديسمبر! لا أظن أننا نفتقد الدليل على أن القوى و الجهات المعادية للثورة السلمية، العسكرية منها والمدنية، تفتقد لأي وازع وطني أو أخلاقي يجعلها تستجيب لصوت العقل، أو مقترحات الوسطاء، أو رغبة الشعب، أو أحلام وطموحات الشباب الذي دفع أثماناً غالية للغاية ليراها مُتَحقَّقَة؛ فتلك الجهات المعادية تتحكم في القطاع العسكري بالكامل، إضافة لسيطرتها على مفاصل الجناح المدني للدولة بما في ذلك الجهاز العدلي. عليه فإن ضبط المعادلة لمصلحة ثورة التغيير يتطلب دعم قوى أخرى، وهي المجتمع  الدولي؛ إذ لا بد من أن نضع في الاعتبار دائماً أن ثورتنا المجيدة ليس لها سند عسكري.

*صحيح أن استجابة المجتمع الدولي للتدخل ليست سهلة، حيث أنها مرتبطة بالمصالح والحسابات والتقديرات السياسية للدول المعنية، لكن هنالك شواهد كافية تدعم إمكانية حدوثها، حيث يمكن الاستشهاد في ذلك بالحملة الجوية للناتو ضد جيش جمهورية الصرب في 1995، والتي فرضها الضمير العالمي تجاه ما كان يحدث في منطقة البلقان من مجازر مبنية على العرق والدين. لقد نجح ذلك التدخل الدولي في إخضاع الصرب للتفاوض ومن ثمَّ التوقيع على اتفاقية دايتون. كما نجح أيضاً في إنقاذ شعب كوسوفو من خطر الإبادة، ولا تزال كوسوفو، وبعد إعلانها استقلالها عام 2008، تحظى بالحماية من الأمم المتحدة والحلف الأطلسي رغم معارضة دول رئيسية، وتحديداً روسيا والصين. ولم نذهب بعيداً وأمامنا تجربة استجابة المجتمع الدولي في حماية سكان دارفور، والتي رغم قصورها وضعفها إلا أنها لعبت دورا في تحقيق قدراً من الاستقرار والأمان لضحايا حرب نظام الاسلامويين المشؤوم.

*المجتمع الدولي مصلحته في وجود سودان مستقر وآمن، حيث أن مآلات انهيار السودان كدولة سيكون له آثاراً خطيرة للغاية في أمن واستقرار العالم بأجمعه.

*في تقديرنا أن ثورة ديسمبر المجيدة خلقت احتراماً وقبولاً وتعاطفاً دولياً واسع النطاق، بل ينظر إليها المجتمع المدني والحكومات في العالم المتحضر باعتبارها نموذجاً رائعاً وملهماً للآخرين، وفي هذا يمكن تقديم نماذج لا حصر لها للتدليل على ذلك. يكفي الاحترام البالغ والحفاوة التي استقبل بها رئيس وزرائها دكتور حمدوك في المحافل الدولية المختلفة التي شارك فيها.

*لكل ذلك وغيره، نرى أن هناك احتمالاً قوياً في أن يستجيب المجتمع الدولي لأي دعوة للتدخل الإيجابي في الشأن السوداني.

*لذا نرى أن تتولى الدعوة لذلك التدخل، وتحديد شكله وملامحه والمشاركين فيه، أوسع جبهة ممكنة من قوى ثورة ديسمبر المجيدة. وأن تكون تلك الدعوة محور نشاطها السياسي والإعلامي، وأن توفر الحيثيات والشروط الملائمة في اتجاه إقناع المجتمع الدولي بصحة توجهها. وفي هذا يجب أن لا تقتصر دعوة الجبهة المقترحة على الحكومات فحسب، بل عليها أن تركز كذلك على منظمات المجتمع المدني والبرلمانيين وصناع الرأي في البلاد المناط بها قيادة، أو المشاركة، في التدخل الدولي المقترح.

*يدعم وجهة نظرنا هذه، والتفاؤل بإمكانية نجاحها، أن تدخل المجتمع الدولي لحماية سكان  كوسوفو من الألبان المسلمين تم بطلب مباشر من زعيم الألبان روغوفا وجهه للرئيس كلينتون إبان زيارته للولايات المتحدة. وبالطبع، فإنه، ومثلما تختلف قضية كوسوفو عن قضيتنا، فإن طلب التدخل المقترح من جانبنا لا يتم بالضرورة بذات الوسيلة ولذات الجهة.

*هناك حساسية غير مبررة، في تقديري، لدى كثير من قوى الثورة حول إشراك المجتمع الدولي في حلحلة الأزمة الراهنة، أو في الواقع لديها موقف من تدخله أصلاً. في رأيي أن ذلك الموقف ناتج عن رؤية مشحونة بحمولات أيديولوجية، أكثر منه موقفاً مبنياً على معطيات الواقع الراهن سواء على مستوى العالم أم على مستوى البلاد. إن قوى المجتمع الدولي المقصودة بالتدخل، سواءً الولايات المتحدة أو الايغاد كأمثلة، لها موقف إيجابي ومساند لثورة السودان، وحق الشعب السوداني في الحكم المدني الديمقراطي، والمؤشرات الدالة على مدى الإعجاب والاحترام الذي تكنَّه لشعبنا أكثر من أن نحتاج لذكره.

لا يخالجنا شك في أن هذه الدول تضع مصالحها الوطنية في المقدمة، إلا أن ذلك لا ينفي أن وجود نظام مدني ديمقراطي هو الخيار الأفضل لديها، كما أن الأفضل للسودان أن يكون شريكاً مستقبلياً لها بدون تعارض مع مصالحه الوطنية. في رأينا أن دور المجتمع الدولي الذي استعرضنا ملامحه، سيكون حاسماً لتعود بلادنا إلى المسار المطلوب، مسار إعادة البناء لدولتها. ولأصحاب المخاوف والتحفظات نقول: إن الحكومة التي تسعى لها الثورة، وما ستضعه من برامج وسياسات، ومن خلفها شعبها بشارعه، هي الضامن لاستفلال البلاد السياسي والاقتصادي، فمسألة السيادة أو التبعية في يدنا نحن وليس في يد المجتمع الدولي المعني.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المجتمع الدولی الدولة المدنیة التدخل الدولی الدعم السریع ثورة دیسمبر قوى الثورة أن یکون أکثر من من خلال یمکن أن حیث أن کما أن یجب أن فی هذا

إقرأ أيضاً:

فشل متكرر للتدخل الأمريكي في الخارج.. تجارب كارثية في تغيير الأنظمة

أظهرت تجارب طويلة للتدخل الأمريكي في إسقاط الحكومات الأجنبية كيف أن القوة العسكرية والسياسية لا تكفي لتحقيق السلام أو الاستقرار، بل كثيرًا ما تتحوّل إلى كوارث إنسانية، حيث يدفع المدنيون الثمن الأكبر من الحروب، الانقسامات الطائفية، والانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان.

ونشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لرئيسة مكتب غرب أفريقيا السابقة لوكالة أسوشيتد برس، ورئيسة مكتب بغداد السابقة لصحيفة واشنطن بوست، إيلين نكماير، قالت فيه إن الولايات المتحدة تعد رائدة العالم في تغيير الأنظمة، إذ أطاحت بـ 35 رئيسا أجنبيا على مدار 120 عاما الماضية، وفقا لأحد التقديرات، سجلٌّ مبنيٌّ على مزيج خطير من القوة العسكرية غير المسبوقة، ومجموعة كبيرة من الأعداء المُفترضين، وثقة مُشرقة بالنفس ثَبُتَ خطأها مرارا وتكرارا.

وأضافت أن أحدا لم يُبدِ انجذابا أكبرَ لقوةِ إطلاقِ العنانِ لأقوى جيش واقتصاد في العالم لكسبِ الحجج، والاستيلاءِ على الأراضي، وسحقِ الخصومِ، والحلفاءِ المُستضعفين من الرئيسِ دونالد ترامب. تقودُ واشنطن حملة عسكرية وسرية مُتنامية تستهدفُ الرئيسَ الفنزويلي نيكولاس مادورو، بعدَ أن ضربت إيرانَ واليمنَ بالفعل، وأصدرت تهديدات أخرى أكثرَ غموضا ضدَّ نيجيريا والمكسيك وبنما، وحتى الدنماركَ وكندا.

وذكرت أن الإطاحة بزعيم دولة أخرى تكتيك روتيني بما يكفي ليُطلق عليه الأكاديميون اختصارا خاصا: FIRC، أو تغيير النظام المفروض من الخارج.

وأضاف أنه وفقا لإحصاء أجراه ألكسندر داونز، الأستاذ المشارك وعالم السياسة في جامعة جورج واشنطن ومؤلف كتاب "النجاح الكارثي: لماذا يفشل تغيير النظام المفروض من الخارج"، نفذت الولايات المتحدة ما يقرب من ثلث عمليات الإطاحة القسرية لقادة أجانب حول العالم، والتي بلغ عددها حوالي 120 عملية، بين عامي 1816 و2011.


وأشارت إلى أنه نادرا ما تسير عمليات تغيير النظام وغيرها من التدخلات العنيفة كما هو مخطط لها، لكن بعض تلك التي يهدد بها ترامب، مثل شن هجوم "مكثف" على نيجيريا، بما فيها من متطرفين مسلحين وانقسامات عرقية وطائفية، تبدو كوارث واضحة. لكن ينبغي أن تُذكرنا إخفاقات الماضي بمدى كارثية عواقب الغطرسة - سواء على المستوى الإنساني الفردي أو الوطني.

وضربت على سبيل المثال "تغيير النظام الأجنبي الأمريكي رقم 34، العراق، وسلسلة الدوريات العسكرية التي رافقتها كمراسلة في بغداد في أيار/ مايو 2006".

وأشارت إلى أنه بعد ثلاث سنوات من إطاحة الولايات المتحدة بصدام حسين بناء على مزاعم كاذبة حول أسلحة الدمار الشامل، لم تكن هناك أي علامة على موجة الديمقراطية التي وعد فريق الرئيس جورج بوش الإبن باتباعها في الشرق الأوسط. بدلا من ذلك، تحولت دوريات الفرقة الجبلية العاشرة، عندما رافقتهم الصحفية، إلى خدمة فعلية لإزالة الجثث. كل ليلة، كانوا يلتقطون وينقلون جثث العراقيين التي كان عراقيون آخرون يرمونها في شوارع وأرصفة بغداد.

وأوضحت أن القتلى، ومعظمهم من الشباب، كان بعضهم بأيديهم قابضة على الهواء من الصدمة أو مقيدون بأسلاك خلف ظهورهم من قبل قاتليهم، ضحايا حرب أهلية طائفية لم تكن تتوقعها إدارة بوش. ثبت أن إسقاط حكومة صدام وقوات الأمن السنية سهل على الجيش الأمريكي لم يُفلح التعامل مع صراع السلطة الذي نشأ بعد ذلك بين الميليشيات الشيعية العراقية الشرسة المدعومة من إيران والجماعات السنية المتمردة، والذي نشأ في ظل الفراغ الأمني الذي أعقب ذلك. وكانت العواقب ستُمكّن إيران، وتُعزز تنظيم الدولة كتهديد عالمي، وتُبقي القوات الأمريكية في المنطقة حتى يومنا هذا.

وقالت إنه وبعد فترة طويلة من طرد القوات الأمريكية لصدام، كانت العواقب لا تزال تتراكم على العراقيين العاديين. فقد عانوا يوميا من سلسلة من عمليات الاختطاف والتعذيب والقتل، والسيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية، وغيرها من الهجمات.

وذكرت أنه في إحدى تلك الليالي في بغداد، تعرض الأمريكيون بالفعل لضربة من عبوة ناسفة بدائية الصنع. ترك الانفجار بعض الجنود الشباب يعرجون أو في حالة ذهول. كما تسبب الانفجار بمقتل سائق عراقي كان قريبا.

وبحسب المقال كان ويل شيلدز، الملازم الثاني البالغ من العمر 23 عاما، قائد الدورية، قد توجه في تلك الليلة نفسها إلى مركز لشرطة بغداد، إحدى قوات الأمن ذات الأغلبية الشيعية التي أنشأتها الولايات المتحدة لإعادة النظام إلى العراق. وبينما كان شيلدز يتبادل اللوم والمساومة، حثّ رجال الشرطة الشيعة الخائفين على الخروج من مكاتبهم، تحت الحماية الأمريكية، لفترة كافية لمساعدة الدورية الأمريكية في انتشال جثث القتلى.

سأل الملازم المحبط الشرطة العراقية تلك الليلة: "هل تدركون أن هذه مهمتكم؟.. كيف تتوقعون من الأمريكيين أن يفعلوا أي شيء، وأنتم لا تفعلون شيئا؟"

وأكدت أن جرائم القتل الطائفية الواسعة حرمت القتلى العراقيين من الأسماء والقصص، مكتفية بسلسلة من الملاحظات حول مداخل الجروح ومخارجها، التي سُجِّلت بينما كان الجنود يلقون بالجثث في مؤخرة المركبات.

وشددت أن فنزويلا ستكون عودة إلى تقليد أمريكي عريق في التدخل الإقليمي. وفقا لبحث داونز، وقع حوالي 20 من أصل 35 تغييرا للأنظمة بدعم أمريكي في أمريكا الوسطى والجنوبية أو منطقة البحر الكاريبي.

مشيرة إلى أنه في بعض هذه الدول، أزاحت الولايات المتحدة القادة واستبدلتهم مرارا وتكرارا، بتركيز شخص يركل آلة بيع للحصول على قطعة الحلوى المناسبة. في عام 1954 وحده، على سبيل المثال، أطاحت واشنطن بثلاثة قادة غواتيمالييين على التوالي.

وأن الباحث داونز وجد أن ثلث جميع عمليات تغيير الأنظمة القسرية التي تنفذها جميع الدول عالميا أدت إلى حروب أهلية في الدولة المستهدفة خلال 10 سنوات.

وقالت إن من المسارات الشائعة للكارثة انهيار الأنظمة تماما، تاركة قوات الأمن المسلحة والساخطة في مأزق. وقال داونز إن مسارا آخر هو عندما يجد القائد الجديد المُنصَّب من الخارج نفسه "مُتجاذبا مثل كالأبله"، بين رغبات شعبه المتضاربة والقوة الأجنبية التي نصَّبته.

وأضافت أن داونز قال لها: "المشكلة برمتها مع تغيير النظام هي أنك تميل إلى عدم التفكير فيما سيأتي بعد ذلك. مثل: ما هي الخطة هناك؟" وأضاف: "ومن المدهش مدى شيوع ذلك. فالدول تُصرّ على ذلك، إما أنها لا تُفكّر فيما سيحدث لاحقا، أو أنها تعتقد... إن ذلك لن يحدث لنا".

وأشارت إلى أنه مع ذلك أدت بعض التغييرات في الأنظمة إلى نتائج أفضل بكثير - لا سيما في اليابان وألمانيا ودول أخرى في أوروبا الغربية مع نهاية الحرب العالمية الثانية. كانت تلك، بالطبع، صراعات أُجبرت الولايات المتحدة على خوضها ولم تخترها.

وأن داونز وزملاؤه الباحثون وجدوا أن تغييرات الأنظمة تُحقق أفضل فرص النجاح في إرساء الديمقراطية عندما تحدث في دول لديها خبرة في الديمقراطية، واقتصاد مُيسور، وسكانها متجانسون نسبيا، مثل اليابان أو ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية مباشرة.

وأنه عندما لا تنطبق هذه المعايير، تُصبح هناك مواقف مثل عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان أو صعود الجمهورية الإسلامية في نهاية المطاف بعد أن ساعدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة شاه إيران بإزاحة خصمه السياسي.

وبعد عقدين من أعمال القتل والتمرد، وصل العراق إلى نوع من الاستقرار، لكن النتيجة النهائية كانت إبعاد دول أخرى في المنطقة عن التجارب الديمقراطية. ويرى الخبراء علامات تحذير لأي محاولة لتغيير النظام في فنزويلا، الدولة النفطية التي أدى سوء الحكم فيها من قبل المستبد الاشتراكي مادورو وسلفه هوغو تشافيز، إلى جانب العقوبات الدولية، إلى تدمير الاقتصاد وخلق ملايين اللاجئين.

ولفتت إلى أن إدارة ترامب اتهمت مادورو بالتواطؤ مع تجار المخدرات، على الرغم من أن الولايات المتحدة تبالغ في تقدير دور فنزويلا في تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة. نقلت واشنطن أكبر حاملة طائرات لها إلى المنطقة كجزء من تعزيزات عسكرية. وقد قتلت العشرات في ضربات على زوارق سريعة تقول الولايات المتحدة، دون دليل، إنها تحمل مخدرات.

وقالت إن خطط إدارة ترامب غامضة، بما في ذلك ما إذا كانت تدرس استخدام القوة لإزاحة مادورو، الذي تلاعب بالانتخابات للبقاء في السلطة، أو ما إذا كانت الإجراءات الأمريكية، مثل الغارات الجوية، تهدف إلى تشجيع الفنزويليين على القيام بهذه المهمة بأنفسهم.

مشيرة إلى فشل نهج أمريكي أكثر سلمية في ولاية ترامب الأولى - فرض عقوبات مالية لزيادة الضغط على مادورو واقتراح اتفاق لتقاسم السلطة لتسهيل خروجه من السلطة - في تمكين المعارضة الفنزويلية كما كان مأمولا. فيلجأ ترامب هذه المرة إلى نشر قوات عسكرية وأخرى تابعة لوكالة المخابرات المركزية، إما لتخويف مادورو ودفعه للتنازل عن السلطة أو لإجباره على التنحي مباشرة.

قالت جاكلين هازلتون، المُدرِّسة السابقة في الآثار السياسية للقوة العسكرية في الكلية الحربية البحرية، والمحررة التنفيذية لمجلة "الأمن الدولي": "لقد شاهدنا هذا المشهد من قبل"، مُشيرة إلى أن النتيجة المُعتادة كانت عنفا فصائليا، بحسب المقال.

وذكرت أن فنزويلا تتمتع بمعارضة ديمقراطية كبيرة وحماسية، بقيادة ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل للسلام لهذا العام. لكن مادورو أمضى سنوات في تعزيز قبضته على مؤسسات البلاد وتنويعها. وأضافت هازلتون أن ماتشادو تفتقر إلى القدرة على كسر هذه القبضة وقمع مُنافسيه.

استشهد مُؤيدو التدخل الأمريكي في فنزويلا بالحالة رقم 31 في قائمة تغيير الأنظمة التي قادتها الولايات المتحدة - في بنما عام 1990، والتي استبدلت حاكما عسكريا بحكومة ديمقراطية، بحسب المقال.
وعلقت قائلة: لكن بنما تُمثل جزءا ضئيلا من مساحة فنزويلا وعدد سكانها، وكانت لديها قوة عسكرية أمريكية مُقيمة تفتقر إليها فنزويلا، كما أشار داونز.

وأشارت إلى أن مؤيدي التدخل في فنزويلا يعملون على تجاوز أي شكوك أمريكية من هذا القبيل. وقد رفض كاتب فنزويلي معارض ومؤيد للتدخل الأمريكي مصطلح "تغيير النظام" بحد ذاته عندما يتعلق الأمر ببلاده.

وقالت إن  والتر مولينا، الذي فرّ من فنزويلا في عهد مادورو ويعيش الآن في بوينس آيرس، أخبرها أن مادورو يترأس شبكة إجرامية لتهريب المخدرات، لذا لا توجد حكومة قائمة لإسقاطها. وقد جادل مولينا وآخرون بأن فنزويلا لديها حكومة منتخبة، بقيادة مرشح المعارضة الذي تقول الولايات المتحدة وجهات أخرى إنه فاز في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 التي ألغى مادورو نتائجها، وينتظر العودة.

وقال إن أي تدخل أمريكي سيكون "احتراما لإرادة الشعب الفنزويلي".
وعلقت على ذلك بالقول إن هذا قد يكون صحيحا، وقد يكون مزيج الاستياء من سوء حكم مادورو من داخل فنزويلا والهجوم الساحق من الخارج كافيا لإسقاط حاكم مستبد وبدء عهد الديمقراطية. لكن هذا الأمر غير مؤكد بما يكفي لتبرير الحذر، وقد سمع العالم هذا النوع من الحث من قبل، كما حدث عندما أعلن نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، ديك تشيني، أن القوات المسلحة الأمريكية ستُستقبل "كمحررين" في العراق.

وختمت باقتباس من داونز عن تغيير الأنظمة الأجنبية: "الإغراء هو مجرد القيام بذلك والقول: 'حسنا، ما يحدث لا يمكن أن يكون أسوأ مما كان عليه من قبل'. لكن هذا ليس صحيحا في بعض الأحيان".

مقالات مشابهة

  • وفد من مجلس الأمن الدولي يبدأ زيارة غير مسبوقة لسوريا
  • وفد مجلس الأمن الدولي يزور سوريا لأول مرة على الإطلاق
  • وفد مجلس الأمن الدولي يصل إلى سوريا
  • جوتيريش: يجب إنهاء الأزمة في أوكرانيا وفقاً للقانون الدولي
  • الإمارات تخصص 15 مليون دولار لدعم استجابة مفوضية اللاجئين لأزمة السودان
  • فشل متكرر للتدخل الأمريكي في الخارج.. تجارب كارثية في تغيير الأنظمة
  • عاجل | الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية
  • وزيرة التعاون الدولي القطرية: نواصل دعمنا الثابت لجهود الأمم المتحدة وبرامجها
  • فيينا: الأمم المتحدة تستضيف فعالية اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
  • الأمم المتحدة: الحرب على غزة الأكثر دموية للصحافة منذ عقود