سلطت المحللة بمعهد "نيولاينز"، كارولين روز، الضوء على اتجاه تركيا واليونان إلى إصلاح العلاقات بينهما، عبر لقاء يجمع كبار المسؤولين بالبلدين، في 7 ديسمبر/كانون الأول، بمن فيهم رئيس الوزراء اليوناني، كرياكوس ميتسوتاكيس، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مشيرة إلى أن جدول أعمال اللقاء "لا يستبعد شيئا على الطاولة".

وذكرت كارولين، في تحليل نشره موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن أثينا وأنقرة حاولتا عدة مرات في السنوات الأخيرة وضع علاقتهما على أساس أكثر استقرارا، ومع ذلك "ليس هناك سبب وجيه لتوقع تحقيق انفراجة مستدامة هذه المرة أيضا".

وعزت كارولين توقعها إلى الصراع التاريخي بين البلدين، ففي نصف القرن الماضي جرت مواجهات بين القوات المسلحة اليونانية والتركية، وكانت الحلقة الأكثر حدة تتعلق بجزيرة قبرص الصغيرة في البحر الأبيض المتوسط، حيث تدخلت القوات التركية في عام 1974 بعد أن نظمت اليونان انقلابًا عسكريًا، ليتم تقسيم الجزيرة إلى مناطق ناطقة باليونانية وأخرى ناطقة بالتركية، وتحكم الأخيرة جمهورية شمال قبرص التركية وتدعمها أنقرة.

ورغم أن الحكومة القبرصية واليونان والمجتمع الدولي لا تعترف بجمهورية شمال قبرص التركية، فقد استكشفت تركيا المياه الإقليمية المحيطة بقبرص بحثاً عن الغاز الطبيعي وتنشر بانتظام سفنها الحربية في المنطقة؛ للضغط على اليونان والاتحاد الأوروبي.

وفي عام 2010، جرى إنشاء مجلس تعاون رفيع المستوى للحد من التوترات بين الدول المعنية وحل خلافاتها، ولكن على الرغم من اجتماعه في الأعوام 2013 و2014 و2016، فقد فشل المجلس في تسوية الخلافات بشأن التجارة وحقوق استكشاف وتطوير اكتشافات الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، وعسكرة جزر بحر إيجه، وأزمة الهجرة عام 2015، إضافة إلى قضية قبرص، ولم يجتمع المجلس مرة أخرى بعد عام 2016.

ووصلت العلاقات بين تركيا واليونان إلى مستوى منخفض آخر في عام 2020، عندما أرسلت تركيا سفينة أبحاث زلزالية لاستكشاف حقل غاز في المياه المتنازع عليها قبالة الساحل الشمالي لقبرص. وخوفًا من وقوع أمر واقع تركي، أنشأت اليونان والدول المؤيدة لموقفها في البحر المتوسط، وهي: مصر وإسرائيل وفرنسا وإيطاليا، منتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط لتنسيق عمليات الاستكشاف والإنتاج والاستثمار دون مشاركة تركيا.

وفي الوقت نفسه، تحدت الحكومة التركية ذلك بتوقيع اتفاقية ثنائية مع إحدى الحكومتين المتنافستين في ليبيا لإعادة رسم حدودهما البحرية.

وفي الآونة الأخيرة، مارست اليونان ضغوطا على الكونجرس الأمريكي لعدم بيع طائرات مقاتلة متطورة، من طراز "إف-16" إلى تركيا، التي ظلت لسنوات حريصة على تحديث قواتها الجوية.

اقرأ أيضاً

بعد أعوام من التوتر.. بدء محادثات بين اليونان وتركيا في أثينا

عوامل التقارب

ورغم هذا التاريخ المضطرب، فإن الظروف تدفع اليونان وتركيا إلى إعطاء المصالحة فرصة أخرى، فبالنسبة لأنقرة: العامل الرئيسي هو الاقتصاد، بعدما ارتفع التضخم بشكل كبير، حيث توقع البنك المركزي أن يصل التضخم في نهاية العام إلى 65%.

ولم تنجح التغييرات في قيادة وزارة المالية والبنك المركزي والتحول الكبير نحو السياسة النقدية التقليدية في السيطرة على التضخم في تركيا بعد، بحسب كارولين، والنتيجة هي تزايد الضغوط السياسية على أردوغان وزيادة المخاطر التي تواجهها تركيا في الضغط على مطالباتها الإقليمية البحرية.

وبالنسبة لليونان، فقد توقف خط أنابيب "إيست ميد"، التابع لمنتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، إلى حد كبير بسبب ارتفاع التكاليف ونقص الزخم السياسي، وتعرض التعاون لمزيد من العراقيل بسبب المعارضة لسلوك إسرائيل وأهدافها في عدوانها على غزة.

وبدون الدعم الموحد من شركاء اليونان في منتدى الغاز، ستضعف قدرتها بشدة على تحدي التنقيب عن الغاز التركي وعسكرته في شرق البحر الأبيض المتوسط.

ومن ناحية أخرى، كانت التجربة المشتركة بين البلدين في التعامل مع الكوارث الطبيعية في عام 2023 بمثابة فرصة للعمل معا، ففي فبراير/شباط، أدى زلزال بقوة 7.8 درجة في تركيا إلى مقتل أكثر من 50 ألف شخص وتسبب في خسائر تقدر بنحو 84 مليار دولار، وفي الصيف، وسط واحدة من أطول موجات الحر في تاريخ اليونان، دمر 80 حريقا غابات في جميع أنحاء البلاد بمساحة تقدر بنحو 161 ألف هكتار، وقتل 28 شخصا، ما تسبب في أضرار تقدر بنحو ملياري دولار.

وفي سبتمبر/أيلول، تسببت الفيضانات المفاجئة بكلا البلدين في مقتل عديد المواطنين، واستجاب صناع السياسات على الجانبين لمحاولة إحياء التعاون بشأن الكوارث المرتبطة بالمناخ.

كما ساعد إقرار الانتخابات في كلا البلدين على خفض حدة التوتر، وكان كل من أردوغان وميتسوتاكيس مرشحين لإعادة انتخابهما في عام 2023.

وكان السباق في انتخابات تركيا أكثر تنافسية، ولذا لم يشعر أي من الزعيمين بالثقة في مواصلة التقارب خلال حملاتهما الانتخابية، خوفا من أن يتفوق عليهما المنافسين.

ولكن مع انتهاء الانتخابات، باتت الفرصة سانحة لأنقرة وأثينا مرة أخرى استكشاف نهج جديد تجاه علاقتهما. وجاءت الخطوة الأولى في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي عقدت في الصيف بمدينة فيلنيوس، حيث التقى أردوغان وميتسوتاكيس على هامشها، واتفقا على خارطة طريق لإحياء المجلس الثنائي رفيع المستوى.

ومن المرجح أن يحاول الاجتماع الأول للمجلس، في 7 ديسمبر/كانون الأول، وضع تدابير لبناء الثقة لبناء الزخم للمحادثات اللاحقة حول القضايا الشائكة، ولكن الأدلة التاريخية تشير إلى أن التقدم "سينهار بمجرد طرح موضوع قبرص"، بحسب كارولين.

وأشارت المحللة إلى أن "اليونان وقبرص لن تعترفا رسميًا بجمهورية شمال قبرص التركية، ولن تقطع تركيا علاقاتها مع القبارصة الأتراك. وبدون المزيد من التغييرات الجوهرية في الوضع الراهن، فمن المرجح أن تسفر هذه المحاولة الأخيرة للمصالحة عن نجاح عابر".

اقرأ أيضاً

تركيا واليونان.. هذا مصير أغصان الزيتون أمام رياح مفاوضات الشتاء

المصدر | كارولين روز/جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا اليونان البحر المتوسط قبرص أردوغان شرق البحر الأبیض المتوسط ترکیا والیونان فی عام

إقرأ أيضاً:

سفن حربية روسية تجري مع البحرية المصرية تدريبات مشتركة في البحر المتوسط

أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن سفنا حربية روسية تابعة لأسطول المحيط الهادئ، أجرت تدريبات مشتركة في البحر الأبيض المتوسط مع قطع من القوات البحرية المصرية.

قبل ذلك، غادرت ميناء الإسكندرية مفرزة السفن الحربية الروسية المكونة من الطراد الصاروخي "فارياغ" والفرقاطة "المارشال شابوشنيكوف"، وذلك بعد زيارة عمل لهذا الميناء المصري.  

إقرأ المزيد ماذا يعني وصول قطع حربية روسية إلى مصر؟

وأكدت الوزارة أن هذا التدريب المشترك، كان خطوة عملية أخرى في تعزيز التعاون البحري الروسي- المصري.

وعن الجانب المصري شاركت في التدريبات، الفرقاطة "القدير" التي تعتبر من أحدث القطع البحرية المصرية وتتمتع بخصائص تقنية عالية وتحمل منظومات تسليح متطورة.

  الفرقاطة "القدير"

وتدرب المشاركون في التمرين، على تشكيل مجموعة مشتركة من السفن الحربية في منطقة محددة، وتنفيذ المناورات التكتيكية المشتركة في تشكيلات مختلفة، وإجراء تدريبات على الاتصالات، والتدرب على إقلاع المروحيات من سطح السفن والتحليق بها فوق مياه البحر.

وبعد إنجاز التدريبات المشتركة، افترقت السفن الروسية والمصرية في مسارين متعاكسين.

يشار إلى أن المجموعة البحرية الروسية، كانت قد غادرت في نهاية يناير عام 2024، القاعدة الرئيسية لأسطول المحيط الهادئ - مدينة فلاديفوستوك. وخلال رحلتها البحرية الطويلة، قامت سفن المجموعة بزيارات ودية إلى ميناء فيساخاباتنام الهندي وأجرت التمرين المشترك "ميلان 2024"، ثم زارت ميناء كولومبو بجمهورية سريلانكا، وزاروا ميناء حمد بدولة قطر. وشاركت السفن الروسية في المناورات البحرية المتعددة الأطراف "الحزام الأمني ​​البحري - 2024" بالتعاون مع القوات البحرية الصينية والإيرانية، بعد أن قامت قبل ذلك بزيارة إلى ميناء تشاهبهار الإيراني.

المصدر: وزارة الدفاع الروسية

 

مقالات مشابهة

  • سفن حربية روسية تجري مع البحرية المصرية تدريبات مشتركة في البحر المتوسط
  • مالديني وجيرارد ومبابي الأبرز.. نجوم فشلوا في صناعة المجد ب «يورو»
  • موجة حارة شديدة تضرب اليونان.. إغلاق المدارس والسماح بالعمل من المنزل
  • بايدن: حماس "العائق الأكبر" أمام وقف إطلاق النار
  •  بايدن: حماس تظل العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف النار في غزة
  •  بايدن: حماس لا تزال العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف النار في غزة
  • بايدن يحدد العائق الأكبر أمام تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة
  • وفد فرنسي يقترح إقامة مؤتمر لدعم الإسكندرية في ملف البحر الأبيض المتوسط
  • مسؤول إيرانيّ كبير: وصلنا إلى البحر المتوسط بواسطة حزب الله
  • وفد فرنسي يقترح إقامة مؤتمر لدعم الإسكندرية في ملف البحر الأبيض (صور)