تعليق على بيان وزارة الخارجية تعليقا على البيان الختامي لقمة الإيقاد
تاريخ النشر: 12th, December 2023 GMT
تعليق على بيان وزارة الخارجية تعليقا على البيان الختامي لقمة الإيقاد
فيصل محمد صالح
صدر بيان من وزارة الخارجية السودانية يعترض على البيان الختامي للقمة ويقول إنه لم يستجب لبعض ملاحظات وفد السودان، وسنناقشها هنا بالترتيب
لكن البداية بملاحظة، من خلال تجربة محدودة ومتواضعة، دائما في مثل هذه الاجتماعات يكون البيان الختامي موضع اهتمام السكرتارية التنفيذية والدولة التي ترأس القمة، لكن من حق كل الدول الأعضاء أن تكلف بعض الدبلوماسيين بالحضور والمتابعة وابداء الرأي.
من خلال تجربة محدودة، كما ذكرت، شاركت في قمة واحدة للإيقاد، وكان رئيس المنظمة في تلك الدورة الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، وتم تكليفي بمتابعة مسودة البيان الختامي مع السكرتارية التنفيذية ومعي زميلي الأستاذ عمر قمر الدين وزير الخارجية. وكانت هناك ملاحظات على قضايا حساسة استدعت تأجيل البيان 24 ساعة وإجراء مكالمات واتصالات مع رؤساء الدول، بعد مغادرتهم جيبوتي، ومراجعة المسودة أكثر من مرة، حتى صدرت متضمنة ما تم الاتفاق عليه بالضبط.
لست ملما بما حدث بالضبط، لكن من المؤكد أن هناك تقصير ما قد حدث. وليس في مصلحة البلاد وشعبها، وبالذات الذين يتمنون وقف الحرب بأسرع ما يمكن، أن يحدث ما يعرقل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وحمل بشارات جيدة للنازحين واللاجئين وضحايا الحرب وويلاتها.
نرجع لبيان الخارجية والنقاط التي وردت فيه، وهي ستة نقاط، واحدة فقط يمكن اعتبارها مهمة وتستحق التوقف عندها، أما بقية النقاط الخمس الأخر في عبارة سفسطة لا طائل من ورائها، ويعرف دبلوماسيو الخارجية أن دول الإيقاد لن يخضعوا لمزاجاتهم هذه.
النقطة الأولى المتعلقة بأن البرهان اشترط وقف اطلاق النار قبل ملاقاة حميدتي، وخروج قوات التمرد من العاصمة وتجميعها في مناطق خارجها.. لا أعلم حقيقة إن كان الأمر قد ورد بهذا الشكل أم لا، معظم المراقبين لم يقولوا إنه كان هناك شرط مثل هذا، لكن على كل حال، لو كان قد ورد بشكل واضح وبإصرار، فإن من الواجب تضمينه في البيان الختامي بالشكل الذي ورد به.
– نأتي للنقاط الخمس الباقية بدءا من مسألة الإشارة لمشاركة وزير الدولة للخارجية الإماراتي. والحقيقة أن البيان لم يقل إن الوزير شارك في اجتماعات الإيقاد، لكن قال بوضوح، وهنا أنا أترجم مباشرة من النص الإنجليزي الذي قد يكون الأكثر دقة..
“ويشكر وفد دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير الدولة بوزارة الخارجية للدعم والإضافات للنقاشات التي دارت مع رؤساء دول وحكومات دول الإيقاد فيما يتعلق بعملية تحقيق السلام في جمهورية السودان، على هامش القمة غير العادية رقم 41”.
على ماذا تعترض وزارة الخارجية..؟ الرجل لم يشارك في الاجتماع والبيان لم يقل ذلك، قال إنه أجرى لقاءات وحوارات على هامش القمة، فهل هذا الأمر غير صحيح والرجل لم يكن موجودا– على الهامش- ولم يلتق رؤساء الدول..؟ هذا الأمر حدث فعلا، وليس بالضرورة أن يكون قد قابل الجميع.
– حذف الإشارة إلى إجراء رؤساء دول وحكومات الإيقاد مشاورات مع وفد الدعم السريع، لأن الرئيس البرهان لم يجتمع معهم ولم يسمع بالمشاورات معهم..! طبعا الرئيس البرهان لم يجتمع معهم هذا مفهوم، وكل هذه الهيلمانة هدفها إيجاد طريقة لجمع الطرفين في لقاء مباشر. ووجودهم على هامش الاجتماعات أمر طبيعي ومهم لسماع وجهة نظرهم طالما أنهم يمثلون الطرف الثاني
أما لو كان البرهان لم يسمع بوجود الوفد، فمن المفترض أن يقوم فورا بفصل كل أعضاء الوفد، وكل أعضاء سفارة السودان في جيبوتي، وتسريح قيادات وضباط جهازي الأمن والاستخبارات.
هذه مزحة طبعا، ومزحة سخيفة اعتذر عنها، لكن مثل السخافة الواردة في البيان لا يمكن ملاقاتها بالابتسامة.
– “حذف الفقرة التي تشير لمكالمة هاتفية بين رؤساء الإيقاد وقائد التمرد، إذ أن هذه المكالمة تمت بين الرئيس الكيني وقائد التمرد، وبعد انتهاء القمة، ولا تعد من أعمال القمة”.
هذه ليست قمة عادية، وإنما قمة غير عادية، طلبها البرهان عند زيارته لجيبوتي، وموضوعها الأساسي التوسط بين طرفي الحرب في السودان، وليس أي موضوع آخر، وقيادة طرفي الحرب هما البرهان وحميدتي، بغض النظر عن أي رأي فيهما أو في أحدهما، ومثلما تحدثوا مع البرهان مباشرة، فهم سيتحدثون مع حميدتي بالوسائل المتاحة. هذه بديهيات، بل ما قبل البديهيات، لو لم تكن تقبلها فقد كان المفترض ألا يحضر البرهان ووفده.
فهل تقول الدبلوماسية السودانية لقيادة الإيقاد “حميدتي نحن مخاصمنو.. فما تجيبوا سيرته”….
– “تعديل الفقرة الخاصة التي تدين التدخلات الخارجية بحيث لا تتضمن المساواة بين القوات المسلحة والتمرد”.
كل المؤسسات الاقليمية والدولية تتعامل معكما باعتباركما طرفي الحرب، هذا معروف ومفهوم، وقد جلست في جدة بهذا الفهم، وسوف تجلس في مبادرة الإيقاد بهذا الفهم، وأنت لم تنتصر في الحرب لتفرض شروطك، مثلما لم ينتصر حميدتي، ولن ينتصر أحدكما، لكن تنهزم بلادنا وشعبنا كل يوم.
ثم هل يعني هذا أن هناك تدخلا خارجيا لمصلحتك وتعتقد أن ذلك من حقك لكن ليس من حق “ناس حميدتي” أن يكون هناك تدخل خارجي لمصلحتهم..؟!
– “تضمين الإشارة إلى تقديم جمهورية مصر العربية مبادرة “دول جوار السودان” في الفقرة التي تتحدث عن المبادرات لحل الأزمة في السودان”
تمت الإشارة لمبادرة دول جوار السودان في البيان الختامي، لكن لا بأس، يمكن الإشارة لدور جمهورية مصر، فهم حبايبنا
عموما البيان فضيحة دبلوماسية كاملة الدسم، وهي، مع الأسف الشديد، دليل جديد على التدهور الذي ضرب كل جوانب حياتنا، ووصل لمعقل الدبلوماسية السودانية العريق
لعنة الله على كل من يطفئ نور الأمل بوقف هذه الحرب اللعينة.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: وزارة الخارجیة البیان الختامی فی الحرب
إقرأ أيضاً:
ما قصة علم الاستقلال الذي اقترح البرهان إعادته؟ ولماذا انقسم السودانيون؟
شهدت منصات التواصل الاجتماعي السودانية، أمس الاثنين، حالة من الجدل والانقسام، عقب اقتراح رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، تغيير علم السودان الحالي إلى علم الاستقلال.
جاء ذلك خلال خطاب ألقاه البرهان في مدينة بورتسودان (شرق البلاد)، أثناء مشاركته في مراسم "تأبين شهداء" حركة جيش تحرير السودان بقيادة حاكم إقليم دارفور (غرب) مني أركو مناوي، الذين قُتلوا في الحرب ضد قوات الدعم السريع.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليلة عربية بامتياز في قطر… افتتاح كأس العرب يلفت الأنظارlist 2 of 2لقطات اعتقال مقاوم جريح في رفح تهز المنصاتend of listوما إن انتشر اقتراح البرهان حتى اشتعلت منصات التواصل بنقاش حاد، بين مؤيدين يرون في الفكرة خطوة مهمة، ومعارضين يرفضونها رفضا قاطعا.
وأوضح مغردون أن علم الاستقلال الذي أشار إليه البرهان يتكون من 3 ألوان: الأزرق والأصفر والأخضر، وقد تم اعتماده في الأول من يناير/ كانون الثاني عام 1956، حيث يرمز الأزرق إلى نهر النيل، والأصفر إلى الصحراء، والأخضر إلى الزراعة.
واعتبر بعض المعلقين أن البرهان كثيرا ما يطلق تصريحات غير مدروسة، خاصة عندما يكون في حالة من "نشوة المجاملة".
ورأوا أن اقتراحه في هذا الخطاب مجرد لفتة عاطفية تجاه حركة مناوي التي تجعل من ألوان علم الاستقلال رمزاً لها.
وأكدوا أن قضية تغيير علم دولة لا يمكن طرحها بهذه البساطة، فهي تمس رمزية الدولة وهويتها، وتشكل مؤشرا على وحدتها أو انقسامها، ولا تحتمل الارتجال أو المزاجية.
أؤيد بقوة مقترح البرهان بالعودة لعلم السودان القديم ، فهذه ليست خطوة رمزية فقط، بل إعادة ضبط لهوية الدولة في لحظة فرز تاريخية.
1️⃣ علم الاستقلال هو الراية الوحيدة التي اتفقت عليها إرادة السودانيين قبل تدخلات المحاور.
2️⃣ ومع حجم الخذلان الذي واجهه السودان من الجامعة العربية وبعض… https://t.co/jmpS6kLBxy pic.twitter.com/vmcH8jFMDX
— MyOpinion (@talk2world2know) December 1, 2025
وطالب مدونون بعدم فتح أي باب للجدل في الظروف الراهنة، مع استمرار الحرب، مشددين على ضرورة الحفاظ على رموز السودان كما هي، وأوضحوا أن أي خطوة لتغيير العلم أو غيره في هذا التوقيت ستصب في صالح رواية المتمردين حول تغيير دولة 1956، وتعتبر نصرا لهم.
إعلانوأضافوا أن هذا سيؤدي إلى ارتباك للمجتمع الدولي الداعم لقضية السودان، إذ قد يجد نفسه أمام دولة برموز مختلفة عما اعتاد عليها.
الحرب انتهت وانتصرنا يعني . ياخي ما تسيب الفارغة . وقلل الصرف الحكومي وادعم القوات النظامية بي أسلحة حديثة .
— ahmed (@01432626) December 1, 2025
في المقابل، عبر بعض السودانيين عن اتفاقهم مع البرهان، مؤكدين أن العلم القديم يمثل أصالة السودان وهويته المستمدة من أرضه وتراث أجداده، وأنه فكرة سودانية خالصة صنعت بأيد وطنية.
ويرى ناشطون أن هذه الخطوة ليست رمزية فحسب، بل هي إعادة ضبط لهوية الدولة في لحظة فارقة تاريخيا، إذ إن علم الاستقلال كان الراية الوحيدة التي اتفقت عليها إرادة السودانيين قبل تدخلات القوى الإقليمية والدولية.
خطوة تاريخية للعودة إلى الهوية السودانية، دون مواربة.
— Alhadi Abdalla (@alhadia61) December 1, 2025
وأضاف هؤلاء أنه مع حجم الخذلان الذي واجهه السودان من الجامعة العربية وبعض الدول العربية خلال حربه مع قوات الدعم السريع، يصبح التمسك بالرموز الوطنية الخالصة ضرورة، لا ترفاً.
وأكدوا أن العودة لعلم الاستقلال تعني ببساطة: "لا وصاية، لا أجندات، ولا ألوان فُرضت بتوازنات خارجية"، وأنها إعلان هادئ وواضح بأن السودان يعيد بناء نفسه برايته التي رُفعت لأول مرة بقرار سوداني خالص.
هذه أمور يقررها برلمان منتخب ولا تخضع للأهواء الشخصية ، على البرهان التركيز على استرداد الأرض وحماية الشعب، فنحن في أتون معركة ولسنا في حالةٍ تجعلنا نفكر في تغيير علم أو نحو ذلك من صوارف الأمور.
— Muhammad Alamin (@Muhamma08922530) December 1, 2025