عربي21:
2025-05-24@21:15:24 GMT

في معنى الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن

تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT

جاء الفيتو الأمريكي الأخير على مشروع القرار الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزة تتويجاً لما بدأه الرئيس بايدن في السابع من تشرين الأول بالدعم غير المشروط لحرب إسرائيل الإبادية على قطاع غزة. كل التصريحات الأمريكية بشأن مطالبة إسرائيل بـ»التقليل من عدد الضحايا المدنيين» الفلسطينيين لا قيمة لها، فواشنطن تعرف أن المستهدفين بالقتل هم المدنيون أساساً، لأن مقاتلي حماس أو الفصائل لن يقفوا في العراء بانتظار سقوط القنابل عليهم، ولأن المباني والمستشفيات والمدارس التي يحتمي بها المدنيون هي التي تقصفها القوات الإسرائيلية كل يوم.



وتعرف إدارة بايدن أن الهدف المعلن لحرب إسرائيل، تدمير حماس، هو هدف لا يمكن تحقيقه إلا بتدمير القطاع مع جميع سكانه الذين تقول إسرائيل إن حماس تستخدمهم كدروع بشرية. وما الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن على وقف إطلاق النار إلا إجازة لآلة القتل الإسرائيلية لقتل كل ما ومن تجده في طريقها من «دروع بشرية» هي لحم أطفال غزة ومدنيوها عموما.

لم يفوّت نتنياهو هذه الفرصة التي منحها الفيتو الأمريكي ليعلن عن الخلاف مع المنظور الأمريكي لمرحلة «ما بعد حماس»الأسوأ من ذلك أن هذا الفيتو قد جاء بعد قلب إسرائيل لطاولة المفاوضات حول تحرير الأسرى وإنهاء الهدنة التي سمحت بتبادل قسم منهم، والعودة إلى الحرب من حيث توقفت. ذلك أن الهدنة، على محدوديتها الزمنية واشتراطاتها الإسرائيلية التعجيزية، كانت فسحة للسياسة في وسط الحرب، ونافذة يمكن البناء عليها لوقف الحرب وعودة إلى مفاوضات أكثر شمولاً تمنح الأمل لحل سياسي حقيقي هو وحده الكفيل بأن ينهي الهواجس الأمنية الإسرائيلية المزعومة مقابل قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة حتى لو لم تلبَّ كامل تطلعات الشعب الفلسطيني.

لم يفوّت نتنياهو هذه الفرصة التي منحها الفيتو الأمريكي ليعلن عن الخلاف مع المنظور الأمريكي لمرحلة «ما بعد حماس» أو ما يسمى باليوم التالي بعد انتهاء الحرب، فقال إنه لا يريد أن يرى في غزة، بعد الحرب، «لا حماسستان ولا فتحستان»! أي أنه يرفض تسليم الحكم في قطاع غزة للسلطة الفلسطينية التي من المفترض أن إسرائيل ترتبط معها باتفاق سلام. وكمن يريد شرح الأمر لمن لم يفهمه بعد أضاف أنه لن يعود إلى ارتكاب «غلطة أوسلو»! وهذا على أي حال هو إعلان ما هو معلن في الأفعال منذ سنوات، بالكلام الصريح هذه المرة. فنتنياهو بكلام أوضح لا يريد للفلسطينيين أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم. مع أنه يكرر القول، هو وأركان حكمه، بأنه لا يريد إعادة احتلال غزة. ليس لدى إسرائيل ما تقدمه إذن غير الحرب الدائمة بلا أي أفق سياسي. ففي الجينات الإسرائيلية إدراك بأنها كيان غير طبيعي مزروع بالقوة في هذه منطقةٍ لا يمكن لشعوبها القبول بوجودها، وهو ما يعني الحرب الدائمة مع التوسع في الاستيلاء على الأراضي المجاورة كلما سنحت الفرصة، والتخلص من العبء الديموغرافي للفلسطينيين بقدر المستطاع.

سواء أعلنت حكومة نتنياهو أو لم تعلن، من الواضح أن هذا القتل المهول للمدنيين له غاية لم تعد تخفى على أحد، ألا وهي تهجير الفلسطينيين إلى أي مكان خارج حدود القطاع (حالياً). تحدثت تقارير إعلامية متواترة، على أي حال، عن دراسات لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تدعو لانتهاز فرصة الحرب القائمة لتهجير أكبر عدد ممكن من سكان قطاع غزة في اتجاه الأراضي المصرية، وثمة وزراء يمينيون في حكومة نتنياهو يتحدثون علناً عن ذلك. وإذا نظرنا إلى مجريات الحرب منذ بدايتها سنلاحظ تطبيقاً تدريجياً لخطة التهجير بكل وضوح. في البداية طلب جيش الاحتلال من السكان النزوح جنوباً لتفادي القصف، ثم واصلت القوات البرية تقدمها جنوباً وصولاً إلى خان يونس، ويستمر القصف اليومي لمدينة رفح في أقصى الجنوب. أضف إلى ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود مع مصر، مع قطع الماء والكهرباء منذ بداية الحرب. هذه الشروط كفيلة بدفع السكان المدنيين للهروب عبر الحدود، وهي مقفلة في وجوههم إلى الآن.


يريد نتنياهو أن يصرخ الفلسطينيون مستسلمين ويطالبوا بالسماح لهم بعبور الحدود في اتجاه الأراضي المصرية. وبذلك ستتعرض مصر لضغوط كبيرة شعبية ودولية ليصبح التهجير حلاً للهروب من الموت قتلاً أو جوعاً. ثمة تسريبات عن «خطة بـ» للتهجير إذا استمرت مصر في رفضها لاستقبال النازحين، يتحدث بها أركان حكومة الحرب الإسرائيلية، وهي تهجيرهم إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وإذا طرح هذا «الحل» علناً في المداولات الأممية لا نستبعد أن تقبل بعض الدول الغربية باستقبال أعداد من النازحين الفلسطينيين من غزة، وهي تلك الدول التي أمضت سنواتها الأخيرة وهي تضع الجدران العالية أمام أفواج المهاجرين الهاربين من جحيم الحروب والأوضاع المستعصية كحال السوريين والعراقيين والليبيين وغيرهم.

إسرائيل لا تريد أن تصبح دولة طبيعية بعلاقات سلام مع جيرانها، حتى حين يقبل بعض هؤلاء الجيران بالتطبيع معها، لأنها تدرك في قرارة نفسها أنها لا يمكن أن تصبح كذلك.

الفيتو الأمريكي، في الخلاصة، ليس فقط إجازة للقتل والتدمير، بل كذلك لتهجير أكبر عدد من الفلسطينيين، أي للقضاء على أي فرصة مستقبلية للسلام.

المصدر: القدس العربي



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيين امريكا فلسطين غزة الاحتلال الإسرائيلي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفیتو الأمریکی

إقرأ أيضاً:

أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل

دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2000، وتمنح إسرائيل عددا من الامتيازات في الأسواق الأوروبية. وبلغ حجم التجارة بين الطرفين 46.8 مليار يورو عام 2022، مما جعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل.

توقيع الاتفاقية

وُقعت اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، بحضور وزير خارجية إسرائيل ونظرائه في دول الاتحاد، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا عام 2000 بعد أن صادقت عليها جميع البرلمانات الأوروبية والكنيست الإسرائيلي.

تهدف الاتفاقية إلى إرساء إطار قانوني ومؤسسي منظم لتطوير الحوار السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين. وتنص ديباجتها على التزام الأطراف بتعزيز اندماج الاقتصاد الإسرائيلي في الاقتصاد الأوروبي، بما يعكس التوجه نحو شراكة إستراتيجية طويلة الأمد.

عُقد أول اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يوم 13 يونيو/حزيران عام 2000 في لوكسمبورغ، بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي، ونظرائه من دول الاتحاد، إيذانا ببدء سريان الاتفاقية رسميا.

أهداف الاتفاقية إرساء إطار فعّال للحوار السياسي يتيح تطوير علاقات سياسية متينة ومستدامة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. دعم النمو المتوازن للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين عبر توسيع نطاق التجارة في السلع والخدمات والتحرير المتبادل لحق تأسيس الشركات، والتدرج في تحرير أسواق المشتريات الحكومية وتسهيل حركة رؤوس الأموال وتعزيز التعاون في مجالات العلم والتكنولوجيا، وذلك بما يسهم في تنشيط الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة والعمل وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستقرار المالي لدى الطرفين. تشجيع التعاون الإقليمي بما يعزز التعايش السلمي وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة. توسيع مجالات التعاون الثنائي في قضايا ومصالح مشتركة تخدم الطرفين. إعلان حقوق الإنسان وعلاقتها بالاتفاقية

تنص الاتفاقية على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يشكلان ركيزة أساسية للاتفاق، كما تقر بإنشاء مجلس شراكة يُعقد على مستوى وزراء الخارجية، مدعوما بلجنة شراكة متخصصة لضمان متابعة التنفيذ وتعزيز التعاون.

الإطار السياسي للاتفاقية

يهدف هذا الجانب من الاتفاقية إلى إضفاء الطابع المؤسسي والمنظم على الحوار السياسي القائم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتوسيعه ليشمل نطاقات جديدة للتعاون الثنائي.

وقد عُقد هذا الحوار في السابق على مستوى وزراء الخارجية بشكل غير رسمي ومتكرر على مدار العام، دون أن يستند إلى إطار قانوني ملزم.

غير أن الاتفاقية نصّت على تنظيم هذا الحوار ضمن لقاءات سنوية منتظمة تُعقد على مختلف المستويات، بدءا من صُنّاع القرار في أعلى المستويات الوزارية، ووصولا إلى الخبراء والمسؤولين الإداريين.

الإطار التجاري

لا تقتصر الاتفاقية على الجانب السياسي فحسب، بل تنظم كذلك العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك عبر تحديد آليات تبادل السلع والخدمات بين الطرفين.

وقبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ كان هناك بالفعل حجم كبير من التجارة بين الجانبين، وصل عام 1999 إلى نحو 22 مليار دولار، فمنذ عام 1975 أُنشئت منطقة تجارة حرة بين الجانبين، سمحت بتبادل السلع دون فرض ضرائب جمركية مرتفعة، مما سهّل تدفّق المنتجات بين الأسواق الأوروبية والإسرائيلية.

وقد حافظت اتفاقية الشراكة الجديدة على هذه المنطقة الحرة، مع إدخال تحسينات إضافية تتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية، منها تقليص الروتين وخفض الرسوم.

حجم التبادل التجاري بين الأطراف

في 2024 بلغت حصة إسرائيل من إجمالي تجارة السلع للاتحاد الأوروبي نحو 0.8%، مما جعلها تحتل المرتبة 31 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد على المستوى العالمي. وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، جاءت إسرائيل في المرتبة الثالثة بين شركاء الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

إعلان

في المقابل، يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأبرز لإسرائيل، إذ بلغ حجم تجارة السلع بين الطرفين نحو 42.6 مليار يورو في العام ذاته، مما يُمثل 32% من إجمالي تجارة إسرائيل مع العالم.

بلغت قيمة الواردات الأوروبية من إسرائيل عام 2024 نحو 15.9 مليار يورو، وتوزعت على عدد من القطاعات الرئيسية، من ضمنها الآلات ومعدات النقل في الصدارة بقيمة 7 مليارات يورو، أي ما يعادل 43.9% من إجمالي الواردات، والمواد الكيميائية بقيمة 2.9 مليار يورو (18%)، إضافة للسلع المصنعة الأخرى بقيمة 1.9 مليار يورو (12.1%).

أما صادرات الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل فقد بلغت 26.7 مليار يورو، تتكون في معظمها من الآلات ومعدات النقل التي سجلت 11.5 مليار يورو، ما يمثل 43% من إجمالي الصادرات. كما شملت الصادرات مواد كيميائية بقيمة 4.8 مليارات يورو (18%)، إضافة إلى سلع مصنعة أخرى بقيمة 3.1 مليارات يورو (11.7%).

وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية في الخدمات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، فقد بلغ حجم التبادل عام 2023 نحو 25.6 مليار يورو. واستورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 10.5 مليارات يورو، بينما بلغت صادراته إلى إسرائيل 15.1 مليار يورو في العام ذاته.

مُساءلة حقوقية

في 20 مايو/أيار 2025 أعلنت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيباشر مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، وذلك في ضوء ما وصفته بـ"الوضع الكارثي" في قطاع غزة، وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل.

وأوضحت كالاس أن "أغلبية قوية" من وزراء الخارجية أيدوا هذه الخطوة، في إشارة إلى الدعم الواسع لمراجعة الاتفاقية.

وأكّد دبلوماسيون أن 17 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد دعمت هذه المراجعة، التي ستركز على تقييم مدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان المنصوص عليه في الاتفاقية. وقد جاء هذا الاقتراح بمبادرة من وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب.

إعلان

بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني إلى مراجعة الاتفاقية على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات.

وبعد إسبانيا وأيرلندا طالبت هولندا في وقت سابق أيضا بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي.

وتجدر الإشارة إلى أنه في 2002، صوّت البرلمان الأوروبي لصالح تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ردا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جنين ونابلس، إلا أن المفوضية الأوروبية آنذاك لم تتخذ أي خطوات عملية لتفعيل هذا القرار أو لمحاسبة إسرائيل على تلك الانتهاكات.

مقالات مشابهة

  • عائلة في غزة لا يدرك أبناؤها المعاقون معنى الحرب والمجاعة
  • كريم وزيري يكتب: أرباح الحروب التي لا نراها في نشرات الأخبار
  • تسريح العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي بشكل مفاجئ
  • بشكل مفاجئ.. طرد عشرات الموظفين بـ"الأمن القومي الأمريكي"
  • بعد فضيحة سيغنال.. إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي الأمريكي.. ومصادر تكشف لـCNN عن رسالة صادمة للعاملين
  • اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
  • أبرز الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثيين على إسرائيل عام 2025
  • صحة غزة: 16 ألفا و503 أطفال استشهدوا بالقطاع جراء الحرب الإسرائيلية
  • أول تعليق من الرئيس الأمريكي على حادث السفارة الإسرائيلية في واشنطن
  • أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل