قوات المليشيا المنتشرة على الضفة الشرقية من النيل والنيل الأرزق بالذات هي قوات محدودة من ناحية العدد والعتاد ومعزولة؛ تنقص ولا تزيد؛ لا يصلها إمداد بشري من الغرب ولا يصلها وقود ولا عتاد ولا أسلحة وهي تنتشر في بيئة معادية لا تعرف عنها الكثير. هذه كلها ميزات لصالح الجيش.

هذا هو أنسب وقت لخوص المعركة البرية المؤجلة مع المليشيات.

إن تم ضرب هذه القوات فلا يمكن تعويضها وستكون المليشيا قد انتهت في الخرطوم كلها. هذا هو أنسب وقت لإطلاق القوات المحبوسة في معسكرات الجيش في العاصمة، لتطارد هؤلاء الأوباش في بيئة جديدة عليهم لا يعرفون عنها شيئاً وفي ظروف كلها ضد الجنجويد. لا يجب أن يعود جنجويدي إلى الخرطوم ولا إلى دارفور.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

المليشيا حاولت تطبيق نفس استراتيجية الجيش، التضحية بالأرض مقابل الاحتفاظ بالقوة

بعد انتشار المليشيا ونقلها للحرب خارج العاصمة وتهديد عدد من الولايات في آن واحد، خصوصا ولايات الشرق والوسط، استطاعت استنزاف موارد الجيش في الدفاع عن المناطق المهددة وهي موراد كان يمكنه استخدامها في معركة الخرطوم ما أدى إلى تأخير تحرير الخرطوم.

التهديد بضرب عدد من المناطق بشكل متزامن يفرض على المدافع توفير الحماية لكل المناطق المهددة على الرغم من أن العدو لا يستطيع أن يشن هجوما متزامنا عليها بسبب محدودية موارده، ولكن المدافع مضطر للحماية كل المناطق المهددة كما لو كانت تتعرض لهجوم متزامن والسبب هو عدم معرفة نوايا العدو المهاجم. هكذا كان الجيش يحتاج أن يحمي شندي والقضارف والمناقل وسنار والنيل الأبيض رغم أن المليشيا لا تستطيع مهاجمة كل هذه المناطق في نفس الوقت، ولكنها قد تهاجم أيا منها أو بعضها. هنا تعرض الجيش لنوع من تجميد الموارد، قوات وسلاح وعتاد، اضطر أن يجمدها ولا يستخدمها في الهجوم على المليشيا، ولم يتمكن الجيش من بدء الهجوم إلا بعد استنزاف المليشيا وضربها وإفقادها المقدرة على الهجوم واحتاج إلى عدد كبير من القوات والمتحركات قبل أن يبدأ الهجوم الشامل.

الآن الآية معكوسة. الجيش أصبح في وضعية هجوم ويهدد عدد من المناطق التي تسيطر عليها المليشيا، وعلى المليشيا أن تحمي كل المحاور وكل النقاط على الرغم من أن الجيش لن يهاجمها جميعها في نفس الوقت. حماية كل المواقع المهددة من الجيش يعني تجميد وتشتيت موارد المليشيا، ويضعها أمام خيارات التضحية ببعض المناطق مقابل حماية مناطق أهم. يمكن أن نفهم الانسحابات وإعادة التموضع، بغض النظر عن كونها هزائم، في هذا الإطار. المليشيا حاولت تطبيق نفس استراتيجية الجيش، التضحية بالأرض مقابل الاحتفاظ بالقوة، وذلك على أمل تحطيم قوة الجيش ثم الهجوم مرة أخرى. ولكن مع التراجع والخسائر التي تتعرض لها وفشلها في منع هذه الخسائر وإيقاف تقدم الجيش، فإن هذه الاستراتيجية فاشلة، والمليشيا مليشيا في النهاية ولا تستطيع أن تحاكي الجيش والدولة. الجيش انكمش ودافع واستنزف المليشيا واستعد وجهز قواته وتسليحه ثم شن هجومه المضاد. إستطاع أن يفعل ذلك لأنه كان يملك العمق اللازم لذلك، يملك الدولة ومساحة جغرافية آمنة للحركة، يملك منفذا بحريا ومطارات، ويملك مؤسسات وعلاقات خارجية وحاضنة شعبية قوية. المليشيا لا تملك كل هذه المقومات، ولذلك ستفشل في الدفاع مثلما فشلت في الهجوم.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • المليشيا حاولت تطبيق نفس استراتيجية الجيش، التضحية بالأرض مقابل الاحتفاظ بالقوة
  • الجيش السوداني في قفص الاتهام.. واشنطن تعاقب الخرطوم بعد تقارير عن استخدام أسلحة كيميائية
  • المليشيا المتمردة قامت بتصفية المفتش العام للجيش السوداني منذ الشهر الأول
  • وهل يعود “قطار الغرب” التائه في الأرجاء؟!
  • الجيش السوداني يعلن العثور على مقابر جماعية في معتقل للدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بحرق 3 قرى في شمال دارفور
  • سكان الخرطوم سيضعوا لافتة أمام منزل أي جنجويدي، مكتوب عليها بالخط العريض “بيت حرامي لعين وجنجويدي غدار”
  • الجيش السوداني يعلن العثور على 465 جثة بمقابر جماعية في أم درمان (شاهد)
  • هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟
  • المليشيا المنسحبة من اطراف الخرطوم إستباحت كل من، امندرابه، ورهيد النوبة، وعد السدر