قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الأصل في العادات الإباحة ما دامت لا تتعارض مع الشرع؛ فيُستصحب الحِلُّ فيها.

جاء ذلك في لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس خلال استكماله الحديثَ عن الفتوى الترانسفالية للإمام محمد عبده، التي أجاب فيها عن بعض الأسئلة لمستفتٍ من بلد تسمَّى ترانسفال بجنوب أفريقيا.

 

وأضاف أن التشبه لا يُسمَّى تَشبُّهًا بمجرد حصول المشابهة، بل لا بدَّ من القصد والتوجه لحصول الشبه؛ لأن التشبه: تَفَعُّل، وهذه المادة تدل على انعقاد النية والتوجه إلى قصد الفعل ومعاناته؛ فالتشبه المنهي عنه لا يتحقق معناه إلا إذا قصده المتشبِّه وتعمَّده.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه لا ينبغي أن ينكر أحد على غيره ثقافاتٍ فقهيةً استقرَّت في بلد معين وفرض رأي واحد فقط عليهم، بل يجب ترك كل مجتمع على ما استقروا عليه من رأي أو مذهب فقهي ارتضَوه، ما دام متوافقًا مع الشرع الشريف.

وأشاد بقول الشيخ الإمام محمود شلتوت أن أمر اللباس والهيئات الشخصية من العادات التي ينبغي أن ينزل المرء فيها على استحسان البيئة، ومَن دَرَجت بيئته على استحسان شيء منها كان عليه أن يساير بيئته. مشيرًا فضيلته إلى أن ذلك من قبيل العادات عند جمهور الفقهاء، وكذلك الأمر ينطبق على كافة العادات من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من العادات كلبس دبلة الخطوبة والزواج أو نقاب المرأة.

وشدد المفتي، على أن المتشددين يريدون إبعاد كل شيء عن المسلم، وكأن الإسلام جاء ليضيِّق على الإنسان ويعزله عن العالم برغم أن الإسلام رسالة عالمية، فنجد البعض يترك عادات مجتمعه ويخرج إلى ثقافات أخرى ويحاول التمسك بها وكأنها شرع، وليس عليها في الحقيقة دليل في التمسك بها بذاتها دون غيرها، ولا معيار لهذا إلا الهوى، بل تناسى هؤلاء احترام الدين للعُرف كما في قوله عز وجل: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} [الأعراف: 199] وتناسَوا مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لبيئة الآخرين وثقافاتهم وعاداتهم.

وأشار إلى أن المسلمين عندما فتحوا البلدان لم يقفوا مكتوفي الأيدي وتعاملوا بمبدأ منفتح وتقبلوا كثيرًا من تلك الأنظمة؛ وذلك لأن العادة مُحَكَّمة، وكذلك تقاليد الناس وأنظمتهم ما دامت لا تخالف الشريعة فإنه يعمل بها؛ فالتجارب الإنسانية ينبغي اعتبارها والعمل بها ما دامت لا تخالف الشريعة الإسلامية.

وأكد مفتي الجمهورية أن القول بحرمة التشبه بغير المسلمين في الأمور المباحة غير المخالفة للشرع هي أقوال وأفكار لا علاقة لها بالإسلام ولا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بحضارة الإسلام، بل إن ما نراه من مظاهر يشترك في فعلها المسلمون وغيرهم من الأمور المباحة وشئون العادات والأعراف هي أمور مشروعة لا ممنوعة، مشيرًا إلى أن التشبه المذموم شرعًا لا يكون إلا بعد توافر ضوابط شرعية، منها على سبيل المثال لا الحصر أن يكون محل التشبه حرامًا في نفسه، كارتكاب المحرمات والمنهيات وترك المأمورات والواجبات، وهذا لا ينطبق على لبس البرنيطة على سبيل المثال، وهي إحدى المسائل التي أجاب عنها الإمام محمد عبده فيما يُعرف بالفتوى الترانسفالية.

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أنه من المقرَّر أَنَّ الأمور بمقاصدها، وأن درء المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح، ومقاصد الشريعة الإسلامية خمسة، هي: حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، وجعلت الشريعةُ كلَّ ما يحفظ هذه المقاصد مصلحة، وكل ما يضيعها مفسدة يكون دفعها في ذاته مصلحة مشيرًا إلى أن دائرة المباح أو الحلال في الشرع أكبر وأوسع من دائرة المنع أو الحرام.

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على أن الشرع الشريف يقوم على مراعاة التيسير ورفع الحرج وإزالة الضرر عن المكلفين، وهذا ظاهر مبثوث في عموم المقاصد والأدلة والأحكام، حتى أصبح الاعتدال سمة ملازمة للمسلم ومكونًا من مكونات شخصيته؛ وهذه المنهجية المبنية على التيسير ليست اتباعًا للهوى، بل هي مأخوذة من مسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان سمحًا وليس فظًّا غليظًا، وكذلك مأخوذة من سيرة الصحابة الكرام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتی الجمهوریة إلى أن

إقرأ أيضاً:

مفتي القاعدة السابق يروي أسباب خروجه من التنظيم

 

ووفقا لما قاله المفتي السابق للقاعدة محفوظ ولد الوالد، في برنامج "مع تيسير" فإن بن لادن لم يستشر مجلس شورى التنظيم في هذا الاندماج، ولو من باب العلم بالشيء.

وقبل هذا الاندماج، كان زعيم القاعدة قد أفصح للمقربين منه عن نيته تنفيد عملية كبرى لجلب الولايات المتحدة إلى حرب في أفغانستان كان يعتقد أنها ستنتهي بتفكيكها كما حدث مع الاتحاد السوفياتي.

وفي هذا التوقيت كانت الاعتراضات قد تزايدت على سلوك بن لادن الذي حمل تجاهلا كبيرا لحركة طالبان الحاكمة لأفغانستان ولما يمكن أن تتعرض له البلاد كلها جراء هذه الخطوة، كما يقول ولد الوالد.

وكان رأي ولد الوالد الشرعي أن موافقة طالبان شرط للقيام بأي عمل عسكري ينطلق من أفغانستان، لكنه كان يعرف أن بن لادن لن يتراجع عما قرر المضي فيه، كما يقول.

رفض هجمات 11 سبتمبر

ورغم هذا الرفض الواسع في صفوف التنظيم الذي أعرب كثير من قادته (ومنهم أبو محمد المصري وأبو عبيدة الموريتاني) عن رفضهم تدريب مقاتلين على أمر يرونه غير شرعي، وهو ما عرضه ولد الوالد، على بن لادن، الذي قرر الاستماع لهم.

وخلال هذا اللقاء، طلب زعيم القاعدة من الحاضرين طرح ما لديهم من اعتراضات فكان رأيهم أنه لا يجوز القيام بعمل قررت لجنة الفتوى أنه غير شرعي، حسب ما قاله ولد الوالد.

وفي المرحلة نفسها، سمح زعيم طالبان الملا عمر لبن لادن بالعمل ضد اليهود بدلا من العمل ضد الولايات المتحدة، وكان هدفه من هذا الأمر توجيه طاقة زعيم القاعدة الجهادية ضد خصوم لا يشنون حربا على أفغانستان.

لكن بن لادن كان قد وصل إلى مرحلة متقدمة جدا من الإعداد لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وقد حاول توجيهها إلى ضرب أهداف يهودية داخل أميركا لكنه وجد أن الأمر سيكون أكثر صعوبة وأقل مكاسب، حسب ولد الوالد.

والغريب -كما يقول ولد الوالد- أن بن لادن كان يعتقد أن الولايات المتحدة أجبن من أن ترد على أحداث 11 سبتمبر/أيلول، بعمل عسكري واسع.

إعلان

مبررات بن لادن

وكان مبرر زعيم القاعدة في هذا أن واشنطن لم ترد على استهداف حاملة الطائرات "يو إس إس كول" في خليج عدن، وأن أفغانستان ليس بها مواقع يمكن ضربها، فضلا عن أن الرئيس بيل كلينتون كان في نهاية ولايته ومن ثم فلن ينهيها بشن حرب.

بيد أن ولد الوالد يقول إن الولايات المتحدة لم ترد على ضرب "يو إس إس كول"، لأنها كانت تخطط لاعتقال بن لادن نفسه لكنها لم تنجح في ذلك.

وحاول بعض قادة القاعدة توجيه ضربة 11 سبتمبر/أيلول، إلى إسرائيل لكنهم فشلوا في ذلك، ومن ثم أعلن هؤلاء بوضوح رفضهم لكل المسوغات الشرعية التي ساقها بن لادن لتبرير عمله. وبعد هذا الموقف -كما يقول ولد الوالد- فقد امتنع عن حضور الجلسات الأسبوعية لقادة التنظيم.

وفي تلك الفترة، فقد بن لادن الكثير من حلمه وصبره وتغير على من حوله بسبب الضغوط الإعلامية والداخلية والخارجية عليه، حتى دب الخلاف بينه وبين بعض المجاهدين القدامى، وفق ولد الوالد.

كما بدأت الانتقادات توجه لبن لادن من مؤسسي جمعية الوفاء التي كانت تعمل في المجال الإنساني حصرا دون العمل العسكري، حيث حاول هؤلاء إثناءه عن أي عمل يجلب الحرب لأفغانستان، وهو ما أشعل غضبه عليهم، حسب ولد الوالد.

الخروج من التنظيم

وعند هذا الحد، بدأ ولد الوالد ترتيب أمور انسحابه من التنظيم وقد حاول الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري ومحمد صلاح، إقناعه بالتراجع عن قراره وإعادة علاقته ببن لادن، لكنه أكد لهم رفضه البقاء في تنظيم تحول لشركة خاصة.

وبنى ولد الوالد موقفه على أن بن لادن انفرد بكل قرارات التنظيم التي يتحمل الأعضاء توابعها، وأن انضمامه للعمل الجهادي عموما كان مناطه وجود بلد إسلامي يحكمه أمير يقطع في أمر السلم والحرب، وهو أمر لم يعد موجودا في ظل عدم التزام زعيم القاعدة بقرارات الملا عمر، الذي كان في حكم الأمير آنذاك، وفق قوله.

وفي بداية أغسطس/آب 2001، طلب ولد الوالد لقاء بن لادن بعد فترة من الغياب وأبلغه بأن الدور الذي انضم من أجله للقاعدة لم يعد موجودا، وصارحه بأنه يأخذ التنظيم كله ومعه أفغانستان إلى الهاوية، طالبا منه إعفاءه من منصبه.

ولم يتمكن بن لادن من إثنائه عن قراره فطلب منه تسليم مهامه لأيمن الظواهري، وطلب منه ألا تنقطع الأخوة التي جمعتهما سنوات، لكن هذا اللقاء -الذى جرى قبل أسابيع قليلة من هجمات 11 سبتمبر/أيلول- كان الأخير بين الرجلين، كما يقول ولد الوالد، الذي أكد عدم وجود الحد الأدنى من الاستعداد للحرب التي اندلعت جراء هذه الهجمات.

1/7/2025-|آخر تحديث: 18:07 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • مفتي عُمان يُهيب بالوقوف بحزم تجاه الجرائم الصهيونية في غزة
  • رئاسة الشؤون الدينية تعلن تنظيم الدورة الصيفية التأصيلية بالمسجد الحرام
  • وزير الأوقاف يلتقي وزيرة التجارة والصناعة بدولة الفلبين
  • مفتي الجمهورية: الأزهر هبة إلهية ومنارة حضارية تجسد رسالة الإسلام الوسطية
  • مصر والفلبين تتطلعان إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية والدينية
  • احذر هذه العادات.. أخطاء يومية تُزيد دهون البطن مع التقدم في العمر
  • برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء: المملكة سخرت إمكاناتها حجاج بيت الله الحرام
  • مفتي القاعدة السابق يروي أسباب خروجه من التنظيم
  • جبل ثور جنوب المسجد الحرام.. شاهد خالد على ملحمة الهجرة النبوية
  • تعلن محكمة التعزية الابتدائية بأن على المدعى عليه/ توفيق الحلال الحضور إلى المحكمة