يعاني من آلام الكلى والوحشة طفل فلسطيني افترق عن أسرته.. ويخشى ألا يراها ثانية
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
يخشى نسيم مهرة، البالغ من العمر عشرة أعوام والذي يحتاج لغسل الكلى بانتظام، ألا يرى أسرته مرة أخرى بعد أن اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والده في أثناء اصطحابه لابنه إلى مستشفى في جنوب غزة لغسل الكلى.
واصطحب أحد الجيران نسيم إلى مستشفى أبو يوسف النجار في رفح الأحد بعد أن انفصل الفتى عن ذويه في غمرة اشتداد القصف الإسرائيلي على غزة.
وقال نسيم، بينما كان متصلا بجهاز غسل الكلى، إنه يخشى أن يباغته الموت قبل أن يرى أسرته وأقاربه، وأضاف أنه لم ير والدته منذ أسابيع.
وعبر عن رغبته في أن تنتهي الحرب حتى يتمكن من العودة إلى منزله وحياته الطبيعية.
وقال جاره عادل هنية إنه رأى نسيم بينما كان متوجها إلى جنوب غزة مع أطفاله، ووافق على تولي رعايته. وأضاف أن والد نسيم اعتقل عند نقطة تفتيش للجيش الإسرائيلي.
وأضاف هنية أن حالة نسيم صعبة ويحتاج إلى طعام خاص، وتابع أنهم ينامون في المسجد ويذهبون إلى المستشفى بعربات تجرها الحمير. وتحدث عن وقوفهم في الطابور لساعات حتى يأتي دور الفتى في غسل الكلى.
ويقول الهلال الأحمر الفلسطيني إن القصف الإسرائيلي للطرق الرئيسية في غزة يعرقل بشدة سير سيارات الإسعاف ومركبات الطوارئ الأخرى.
وقال أطباء في المستشفى في رفح، بالقرب من الحدود المصرية، إن نقص الوقود وعدم كفاية الإمدادات الطبية يجعلان ظروف العمل هناك شديدة الصعوبة.
وقال الطبيب إيهاب المعشر المسؤول بقسم الكلى إن المستشفى به 17 سريرا لغسل الكلى تخدم عادة 120 مريضا لكن الآن يضطر 350 مريضا لاستخدام هذه الأسرة، مضيفا أن التحميل على الأجهزة بكثرة الاستخدام يتسبب في تعطلها يوميا.
وأضاف الطبيب أنهم يفقدون مرضى كل يوم ودعا الله أن ينتهي هذا الوضع وتتحسن الأحوال سريعا.
وتفرض إسرائيل حصارا مطبقا على قطاع غزة ودكت جزءا كبيرا منه منذ السابع من أكتوبر حين اجتاح مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جنوب إسرائيل وقتلوا، وفقا لإسرائيل، 1200 شخص واحتجزوا 240 رهينة.
وتقول السلطات في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس إنها تأكدت من استشهاد أكثر من 20400 شخص في العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع، ويُعتقد أن آلافا آخرين لقوا حتفهم.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطاع غزة غسل الكلى الاحتلال الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
بعد 25 عامًا على الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان.. هل تدخل "مزارع شبعا" مرحلة التفاوض؟
في 25 أيار 2000، انسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، لكنه أبقى على احتلاله لمزارع شبعا. وعلى مدى ربع قرن، شكل ملف المزارع بندًا ثابتًا في خطابات الصراع، لكنه ظل معلقًا في منطقة رمادية بين لبنان المتمسك بملكيتها، وإسرائيل التي تواصل احتلالها، وبين هذا وذاك نجد الالتباس الحدودي مع سوريا. اعلان
اليوم، وبالتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لـ"عيد التحرير"، تُطرح قضية مزارع شبعا مجددًا كأحد مفاتيح التوازن بين المواجهة العسكرية والمساومات السياسية، ولكن في سياق تغيّر جذري بالمشهد الإقليمي تبع اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
هذا التبدّل أفرز موازين قوى جديدة جعلت من الملف قابلًا لإعادة التوظيف سياسيًا، وربما أمنياً. ولعلّ الاهتمام الفرنسي المستجد بترسيم الحدود اللبنانية-السورية، يعكس بدوره محاولة لإعادة تنظيم الملفات العالقة على إيقاع المتغيرات الجديدة. ومن المرجَّح أن ترى إسرائيل في هذه اللحظة فرصة للضغط باتجاه ترتيبات تتجاوز مسألة الانسحاب. فهل نشهد تحوّلًا تدريجيًا في مقاربة هذا الملف؟
تقع مزارع شبعا في منطقة مثلثة بين لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية، وقد خلق موقعها الجغرافي التباسًا حول هويتها، وأتاحت هشاشة ترسيم الحدود لإسرائيل توظيفها كورقة أمنية استراتيجية.
ورغم أن لبنان يصرّ على أن هذه الأراضي لبنانية بالكامل، وتؤكد ذلك وثائق ملكية رسمية يحتفظ بها الأهالي، إلا أن الطعن بشرعية هذا الموقف ظل قائمًا. فالنظام السوري السابق، وإن دعم الرواية اللبنانية رسميًا، امتنع على مدى عقود عن اتخاذ أي خطوات عملية لتثبيت الحدود بين البلدين.
وأدى غياب هذا التعاون مع دمشق إلى ترك الملف عرضة للتأويل، وأبقى حجج إسرائيل قائمة، إذ تزعم الدولة العبرية أن هذه الأراضي كانت سورية عند احتلالها عام 1967. وهو ما يعني، بحسب رواية تل أبيب، أن القرار 425 الذي نصّ على الانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية لا ينطبق على هذه المنطقة، باعتبار أن مصيرها يجب أن يُبحث ضمن أي اتفاق سلام مستقبلي مع دمشق.
في المقابل، يرى الخبير العسكري واللواء الركن المتقاعد الدكتور عبد الرحمن شحيتلي أن لا مجال للشك في هوية المزارع: "هناك صكوك ملكية رسمية تؤكد لبنانية الأراضي، وهي بحوزة الأهالي".
ويُضيف شحيتلي في حديث إلى "يورونيوز": "آخر عملية نزوح من مزارع شبعا كانت في عام 1990، حين رفض الأهالي عروضًا إسرائيلية بالحصول على تعويض مالي مقابل التنازل عن أراضيهم، فاقتحمت الدبابات الإسرائيلية المنطقة فجرًا، وفتحت النار على السكان لإجبارهم على النزوح".
وبحسب شحيتلي، الذي ترأس الوفد اللبناني المفاوض لترسيم الحدود البرية لسنوات، تمددت السيطرة الإسرائيلية على المزارع تدريجيًا عبر ثلاث مراحل: الأولى عام 1967، والثانية خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ثم المرحلة الأخيرة التي سبقت الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000".
وأضفى الانقسام اللبناني الداخلي هو الآخر تعقيدًا إضافيًا على المشهد. إذ اعتبرت قوى سياسية معارضة لحزب الله أن فتح ملف مزارع شبعا بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب عام 2000، لم يكن بريئًا، بل خُلق كذريعة لتبرير استخدام سلاحه.
فرنسا تدخل على خط الترسيمفي تحول غير متوقع، أعادت باريس إحياء ملف ترسيم الحدود اللبنانية-السورية، ففي 28 آذار/ مارس 2025، إذ كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال استقباله رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون في باريس، عن امتلاك فرنسا خرائط تاريخية تعود إلى عهد الانتداب، توضح الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا، وتحديدًا في المنطقة الممتدة حتى مزارع شبعا.
الخرائط التي ظلّت لعقود مختبئة في أروقة الأرشيف، خرجت فجأة إلى الضوء، رغم أن مسألة السيادة على المزارع مطروحة منذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في أيار/ مايو 2000.
Relatedفيديو: مقتل مدنيين اثنين بقصف إسرائيلي وحزب الله يستهدف مواقع في مزارع شبعاإطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه مزارع شبعا والجيش الإسرائيلي يرد حزب الله يستهدف دورية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلةوقد استجابت بيروت سريعًا للمبادرة، وطلبت الاطلاع على هذه الخرائط بشكل رسمي، إلى جانب طلب المساعدة الفرنسية في دعم جهود ترسيم الحدود البرية مع سوريا. وترى باريس في تحريك هذا الملف فرصة لإعادة تثبيت حضورها في لبنان، وفرض نفسها كوسيط فاعل في إعادة تنظيم الحدود.
وسرعان ما تبلورت الخطوة الفرنسية بإعلان رسمي من وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي، أكد فيه تسلّم لبنان مجموعة من الوثائق والخرائط من الأرشيف الفرنسي، وقد نقلها إليه سفير باريس لدى بيروت هيرفيه ماغرو، وقال إن هذه الخرائط "من شأنها أن تُساعد لبنان في عملية ترسيم الحدود البرية مع سوريا"، بما قد يسهم في إزالة واحدة من أكبر العقد السيادية في ملف مزارع شبعا، وتحييد الذرائع التي استُخدمت إسرائيليًا للتشكيك في لبنانية الأرض.
مزارع شبعا ما بعد نصرالله والأسدإن التغيّرات العميقة في المشهد الإقليمي، بدءا من انهيار النظام السوري السابق إلى اغتيال نصرالله، فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول مصير مزارع شبعا. وفي هذا السياق، يرى شحيتلي أن التحول الجاري أوجد فرصة لإعادة طرح ملف المزارع من بوابة الترسيم، وربما استعادتها تدريجيًا إلى السيادة اللبنانية.
ويقول الخبير العسكري: "لدينا إثباتات كثيرة حول ملكية هذه الأراضي، وقد يكون بالإمكان استرجاع جزء كبير منها"، لكنّه يستبعد كليًا إمكانية استعادة سوريا لأي من أراضي الجولان المحتلة، في ظل واقع إقليمي تميل كفّته لصالح إسرائيل.
وفي تقديره، تحاول إسرائيل اغتنام اللحظة: اتفاق نهائي للحدود الشمالية بات هدفًا استراتيجيًا لها، والمشهد السوري يتيح لها فرض شروط تتعلّق بالجولان من دون مقاومة تُذكر. أما في لبنان، فالوضع يبدو أكثر تعقيدًا: بنية النظام السياسي الطوائفي وتعدد مراكز القرار تجعل أي تنازل عن الأرض شبه مستحيل. "لبنان لا يمكنه أن يوقّع على تنازل عن أراضيه، لأن من يفعل ذلك سيحمل وصمة تاريخية لا تزول"، يشرح لـ"يورونيوز".
وبحسب شحيتلي، فـ"إن إسرائيل باتت تدرك ذلك جيّدًا. وهي تعمل على فرض صيغة اتفاق يشبه الهدنة، لكن بشروط أقسى: ضبط السلاح، تحديد نوعيته، مراقبة تحرّكاته، وفرض توازن ردع جديد جنوب الليطاني وشمال الحدود".
وفي ضوء هذه التحوّلات، يبقى السؤال مطروحًا عمّا إذا كان ترسيم الحدود سيشكّل خطوة نحو إعادة تحديد دور سلاح حزب الله في الجنوب، وحدود مشروعيته ضمن المشهد الجديد، وسط تحوّلات أوسع في المشهد الاقليمي أمنيا وسياسيا.