مدرسة اسمها "عبدالله البردوني" في تونس
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
تونس (عدن الغد) د. زينب علي درويش:
في إطار جهوده الاستثنائية بالتعريف بالأدب اليمني وأعلامه للأدباء والشعراء والمختصين خارج بلاده، قدّم الباحث الأكاديمي مجيب الرحمن الوصابي أستاذ الحضارة والنقد في اليمن والجامعة اللبنانية الدولية قراءة في شعر عبدالله البردوني الذي وصفه الوصابي بأنه شاعر اليمن الأول على مر العصور والأكبر، ويشكل أيضا ظاهرة متميزة في الشعر العربي الحديث متميزا بخصائص أسلوبية وشخصية شعريّة تشكل مدرسة خاصة في مزجه بين المعاصرة والأصالة بشكل متميز فهو من أبرز المجددين في إطار الشكل التقليدي العمودي للقصيدة العربية.
واستشهد الدكتور الوصابي على هذا التجديد بقصيدة البردوني الذي كتبها في مطلع السبعينات من القرن المنصرم في ديوان لعيني أمّ بلقيس بعنوان " عينة جديدة من الحزن" يقول فيها:
مثلما تعصر نهديها السحابة
تمطر الجدران صمتاً وكآبة
يسقط الظل على الظل كما
ترتمي فوق السآمات الذبابة
يمضغ السقف وأحداق الكوى
لغطاً ميتاً وأصداءً مصابة
مزقاً من ذكريات وهوى
وكؤوساً من جراحات مذابة
* * *
تبحث الأحزان في الأحزان عن
وترٍ باكٍ وعن حلق ربابة
عن نعاس يملك الأحلام عن
شجن أعمق من تيه الضبابة
تسعل الأشجار، تحسو ظلها
تجمد الساعات من برد الرتابة
* * *
ها هنا الحزن على عادته…
فلماذا اليوم للحزن غرابه؟
ينزوي كالبوم يهمي كالدبى
يرتخي، يمتد، يزداد رحابة
يلبس الأجفان، يمتص الرؤى
يمتطي للعنف أسراب الدعابة
يلتوي مثل الأفاعي، يغتلي
كالمدى العطشى ويسطو كالعصابة
يرتدي زي المرائي… ينكفي
عارياً كالصخر شوكي الصلابة
* * *
وبلا حس يغني وبلا
سبب يبكي ويستبكي الخطابة
يكتب الأقدار في ثانية
ثم في ثانية يمحو الكتابة
للثواني اليوم أيد وفم
مثلما تعدو على المذعور غابة
وعيون تغزل اللمح كما
تغزل الأشباح أنقاض الخرابة
* * *
من ينسّينا مرارات العدى؟
من يقوينا على حمل الصحابة؟
من يعيد الشجو للأحزان؟ من
يمنح التسهيد أوجاع الصبابة؟
من يرد اللون للألوان؟ من
يهب الأكفان شيئاً من خلابة
* * *
كان للمألوف لون وشذى
كان للمجهول شوق ومهابة!
* * *
من هنا...؟ أسئلة من قبل أن
تبتدي، تدري، غرابات الإجابة
وكان الباحث الوصابي في اليوم الأول من فعالية خمسة وعشرون ساعة شعر الذي نظمته جمعية منارة الأدب مؤخرا في (23/24) ديسمبر في فندق المأمونية بمدينة قليبية الساحلية على البحر المتوسط بتونس قد قدم للبردوني بقصيدة " ذات يوم " الخالدة للبردوني التي تصلح كما وصفها بأنها تتوافق مع يوم السابع من أكتوبر والمقاومة الفلسطينية وغزة التي قال فيها:
أفقنا على فجر يوم صبي
فيآ ضحوات المنى أطربي
* * *
أتدرين يا شمس ماذا جرى؟
سلبنا الدجى فجرنا المٌختبي!
وكان النعاس على مقلتيك
يوشوش، كالطائر الأزغبِ
أتدرين أنّا سبقنا الربيع
نبشر بالموسم الطيبِ؟
وماذا؟ سؤال على حاجبيك
تزنبق في همسك المذهبِ؟
وسرنا حشوداً تطير الدروب
بأفواج ميلادنا الأنجب
وشعباً يدوي: هي المعجزات
مهودي، وسيف (المثنى) أبي
غربت زماناً غروب النهار
وعدت، يقود الضحى موكبي
* * *
أضانا المدى، قبل أن تستشف
رؤى الفجر، أخيلة الكوكبِ
فولى زمانٌ، كعرض البغي
وأشرق عهدٌ، كقلب النبي
طلعنا ندلي الضحى ذات يوم
ونهتف: يا شمس لا تغربي
الجدير ذكره ان الناقد والمفكر اليمني الوصابي كان قد أثنى على تونس وفعالياتها الثقافية المختلفة ومساندتها لفلسطين وقضيته بحماس وايمان، وقال إن تونس تشهد في هذه الأيام وتعيش ازدهارا ثقافيا لا يدانيها في أي قطر عربي، ونحن في بقية العالم العربي نغبطكم عليه.
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
تونس.. إضراب عام في قابس احتجاجاً على «التلوث البيئي»
أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل عن تنظيم إضراب عام في ولاية قابس يوم الثلاثاء 21 أكتوبر الجاري، دعمًا لتحركات الأهالي واحتجاجاتهم المتواصلة ضد التلوث البيئي المتفاقم، الذي تصفه منظمات المجتمع المدني بأنه بلغ مستويات “كارثية”.
وقال الاتحاد في بيان رسمي إن الإضراب يأتي “تنفيذًا لقرار الهيئة الإدارية الجهوية، دفاعًا عن الحق الدستوري في بيئة سليمة، وحرصًا على إنجاح هذه المحطة النضالية التي تعبّر عن صرخة جماعية في وجه التهميش والإهمال المزمن للجهة”.
هذا وتقع ولاية قابس على الساحل الجنوبي الشرقي لتونس، وتُعد من أهم المدن الصناعية في البلاد. لكنها تدفع منذ عقود ثمن وجود المجمع الكيميائي التونسي، المتهم بتدمير البيئة والصحة العامة في المنطقة، وسط شكاوى من الإهمال الحكومي المستمر.
وتشهد المدينة منذ أكثر من أسبوع احتجاجات يومية، ازدادت حدتها بعد حالات اختناق جماعي مسجّلة في مدرسة شط السلام، الواقعة على مقربة من المجمع الصناعي. هذه الحوادث فجّرت موجة غضب عارمة وسط السكان، الذين عبّروا عن سخطهم من تفاقم الوضع الصحي والبيئي.
ويركّز المحتجون على مطلب أساسي يتمثل في تفعيل قرار حكومي صادر عام 2017، يقضي بتفكيك الوحدات الصناعية التابعة للمجمع الكيميائي أو نقلها خارج المدينة. ويرى الأهالي والمنظمات البيئية أن المجمع مسؤول مباشر عن:
ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
تدمير البيئة البحرية وتراجع الثروة السمكية في خليج قابس.
تدهور جودة الهواء وانتشار الروائح السامة في الأحياء القريبة.
تلويث المياه الجوفية وتردي الخدمات الصحية في الجهة.
وأكدت منظمات بيئية أن السلطات المركزية تتحمل مسؤولية مباشرة في تدهور الوضع، نتيجة “تقاعسها عن تنفيذ التعهدات السابقة”، محذّرة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه “يهدد بكارثة صحية وإنسانية وشيكة”.