منتدى «الاتحاد» العشرون يقرأ محددات النموذج الإماراتي في صناعة السلام
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
طه حسيب (أبوظبي)
الجلسة الافتتاحية.. السلام جوهر رسالة الإمارات الإنسانية
شهدت فعاليات الدورة العشرين من «منتدى الاتحاد السنوي»، مناقشة محاور ترتكز على الدور الريادي لدولة الإمارات في ترسيخ أطر السلام، وتعزيز الحوار والتعاون الإقليمي والدولي، وتقديم المساعدات الإنسانية في الأزمات.
وقال راشد القبيسي، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي للإعلام: «يأتي تنظيم الدورة العشرين من (منتدى الاتحاد السنوي)، تأكيداً على دور أبوظبي للإعلام في دعم مسيرة الدولة وريادتها العالمية في صناعة السلام، وانطلاقاً من شعار المنتدى لهذا العام (الإمارات.
وأضاف القبيسي: «من خلال منصاتنا الإعلامية المتنوعة، وعلى رأسها صحيفة الاتحاد، نواصل أداء رسالتنا الوطنية في إبراز الدور الحضاري والإنساني لدولة الإمارات، عبر تسليط الضوء على مكانتها كمنارة للحوار والبناء والتقارب بين الشعوب. كما يجسد المنتدى امتداداً لهذه الرسالة، إذ يجمع القادة والمفكرين وصنّاع القرار لمناقشة قضايا السلام والتنمية، بما يعزز مكانة الدولة كعاصمة عالمية للتفاهم والتعايش، ويسهم في تحقيق رؤيتها نحو مستقبل أكثر ازدهاراً للبشرية». كما أعرب القبيسي عن خالص شكره وتقديره على الدعم المستمر الذي يوليه معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، لمبادرات «أبوظبي للإعلام» من خلال مشاركته ومساهماته القيّمة التي تعزز مكانة المنتدى.
ووجَّه الدكتور حمد الكعبي، الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، خالص الشكر والتقدير لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، على اهتمامه بمنتدى الاتحاد السنوي، وقربه من الإعلاميين، ودوره البارز في المجتمع، وجهوده الثرية في نشر ثقافة التسامح والتعايش، وعلى كلمته الملهمة عن دور الإمارات في صناعة السلام، التي لامست قلوبنا وعقولنا كباحثين ومفكرين.
ورحب الكعبي في مستهل كلمته الترحيبية بضيوف المنتدى، مؤكداً دور هذه الفعالية في تعزيز الحوار وتبادل الأفكار وحشد الطاقات الفكرية، وأن منتدى الاتحاد يرسخ كل عام دوره التنويري عبر سجالات واعية، تعرض مختلف الآراء، وتواكب كل ما هو جديد، مؤكداً مكانته منصةً تثري الفكر الحضاري المنفتح الذي يبتكر الحلول، ويستشرف المستقبل.
وأشار الكعبي إلى أن «مركز الاتحاد للأخبار» اختار موضوع المنتدى، وهو «الإمارات صانعة السلام»، انطلاقاً من قراءة واعية ودقيقة لما تعيشه منطقتنا من تحديات، تؤكد حاجتها العاجلة للسلام الشامل والعادل، الذي يتيح فرصة أفضل للشعوب كي تُكرّس طاقاتِها للتنمية والتقدم الازدهار.
ووجَّه الكعبي الشكر للدكتور خليفة الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، على دعمه لمنتدى الاتحاد، وحرصه على المشاركة الفاعلة، وتسخيره الإمكانيات كافة في الجامعة لخدمة الفكر والدراسات في مجال السلام والتعايش. وقدم الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار الشكر أيضاً لطلبة جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، لحرصهم على حضور فعاليات المنتدى رغم جدولهم الأكاديمي وانشغالهم في التحصيل العلمي، ولدورهم الذي له أثر بارز في مناقشاتنا.
وقال الكعبي: «أقف أمامكم اليوم وكلي فخر؛ كوني أحد طلاب هذه الجامعة العريقة، فرغم حداثة وجودها، إلا أنها غزيرة بالفكر وعميقة في الإنجاز المعرفي والبحثي». وأضاف أنه من رحاب صرح أكاديمي ومعرفي شامخ يحمل اسم صاحب السمو رئيس الدولة، الذي يؤكد دوماً محورية السلام في سياسة الإمارات ورؤيتها للعالم، يناقش المنتدى جهود الإمارات ونجاحاتها في نقل رسالة السلام إلى العالم، ومساعيها المخلصة في تفعيل هذه الرسالة الإنسانية الكبرى بخطواتٍ عملية، تصنع من خلالها السلام عبر الوساطة في حل النزاعات، ونزع فتيل التوتر بمناطق الصراعات. وأضاف الكعبي أن المنتدى يقدم مقاربات عملية لخبراء ومسؤولين من روسيا والبرازيل وإثيوبيا، ومن قامات فكرية كبيرة من كُتاب صحيفة «الاتحاد»، يرصدون خطوات الإمارات ومبادراتها في نشر السلام.
وأكد الكعبي، في ختام كلمته، أنه ليس هناك أبلغ من كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عن السلام كنهج إماراتي راسخ، عندما قال: «هذهِ هيَ رؤيةُ زايد ونحنُ على هذا الطَّريقِ نسير..».
إمارات السَّلامِ والوِئامِ
وقدم الدكتور خليفة الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، في كلمته الرئيسية، الشكر وعظيم التقدير إلى صحيفةِ الاتحادِ العريقةِ، وإلى منتدى الاتحادِ، قائلاً: «أصبح المنتدى اليومَ منبراً وطنيّاً رائداً للفكرِ، ومساحةً للحوارِ الراقي». وأوضح الظاهري أنه عندما نتحدّثُ عن السَّلامِ، تتّجهُ البصيرةُ نحو الإماراتِ، إماراتِ السَّلامِ والوِئامِ، إماراتِ الحضارةِ والتسامحِ والتعايشِ، إماراتِ العطاءِ الذي لا يعرفُ حدوداً، والخيرِ الذي يمتدُّ حيثما وُجدَ إنسانٌ يستظلُّ بظلِّها أو يحتاجُ إلى سندٍ ورحمةٍ».
وأضاف خليفة الظاهري: «في رُبوعِ الإماراتِ يسكنُ السَّلامُ روحاً حيّةً في الأرضِ والإنسانِ، ويجري في مفاصلِ الحياةِ كما يجري الماءُ في الجداولِ الصافيةِ رقّةً وصفاءً. لقد نشأَ هذا المعنى مع لحظةِ التأسيسِ، حين أرسى المغفورُ له الشيخُ زايدُ بن سلطانٍ آل نهيان، طيَّبَ اللهُ ثراه، قواعدَ دولةٍ آمنت بأنَّ السَّلامَ هو أصلُ البناءِ، وأنَّ الاستقرارَ يولَدُ من قلوبٍ مؤمنةٍ بحبِّ الوطنِ، وموقنةٍ بأنَّ السلامَ هو طريقُ الازدهارِ وركيزةُ العمرانِ الإنسانيِّ».
وأوضح الظاهري أن السَّلام في الإماراتِ ينطلق من كلِّ زاويةٍ من زوايا الحياةِ، من مساجدِها التي تُعانقُ مآذنُها السماءَ بنداءِ الرحمةِ، ومن مدارسِها التي تُنشئُ الأجيالَ على قيمِ التسامحِ والانفتاحِ، ومن شوارعِها التي تمتدُّ كأذرعٍ مفتوحةٍ لكلِّ قادمٍ إليها من أصقاعِ الأرضِ. فكلُّ ركنٍ في هذا الوطنِ يروي حكايةَ سلامٍ، وكلُّ مؤسّسةٍ فيه تُسهمُ في بناءِ إنسانٍ يُدرِكُ أنَّه هو القيمةُ الأسمى في الوجودِ، ورسالةُ حياةٍ تُترجِمُها الإماراتُ فعلاً وسلوكاً كلَّ يومٍ.
وقال الظاهري: «تُواصِلُ الإماراتِ مَسيرتَها المُضيئةَ في صِناعةِ السَّلامِ وترسيخِ القِيَمِ الإنسانيّةِ النبيلةِ، مُستنيرةً برؤيةِ سيدي صاحبِ السُّموِّ الشيخِ محمّدِ بن زايدٍ آل نهيان، رئيسِ الدولةِ، حفظهُ اللهُ، الذي جعلَ من السَّلامِ مبدأً ثابتاً، ومنهجاً راسخاً في بناءِ الوطنِ».
وأكد الظاهري أن الإماراتِ، بفضلِ جهود صاحبِ السُّموِّ رئيسِ الدولةِ، أصبحت مقصداً للسَّلامِ والتَّسامحِ، وموئلاً للأُخوّةِ الإنسانيّةِ الصادقةِ، تحتضنُ الجميعَ بروحِ المحبّةِ والاحترامِ، وتفتحُ ذراعَيْها للتعاونِ والعطاءِ، مؤكداً أنه في عالمٍ يموجُ بالأزماتِ والتوتّراتِ، ترفعُ الإماراتُ رايتَها عاليةً لتقولَ للعالمِ: إنَّ السَّلامَ رسالةُ وجودٍ وهُويّةٌ حضاريّةٌ. وأوضح الظاهري خلال كلمته أن الإمارات تتقدم في ميدانِ الوساطةِ الدوليّةِ برؤيةٍ تعبِّرُ عن جوهرِ نهجِها الإنسانيِّ الرشيدِ، إذ تُؤمنُ بأنَّ التفاهمَ سبيلُ الأمنِ الحقيقيِّ، وأنَّ الحوارَ أداةُ البناءِ والاستقرارِ المستدامِ. تمتدُّ جُسورُها نحوَ الأطرافِ المتنازعةِ لتقرِّبَ وجهاتِ النظرِ، وتُعزِّزَ ثقافةَ السَّلامِ، وتدعمَ مساراتِ الاستقرارِ الإقليميِّ والعالَميِّ.
خطوات عملية لنشر السلام
وأشار الظاهري إلى خطوات الإمارات العملية في نشر السلام، موضحاً أن الدولة أسهمت بدورٍ فاعلٍ في ترسيخِ الدبلوماسيّةِ الهادئةِ وصِناعةِ التفاهمِ بين الشُّعوبِ، وشاركت في إبرامِ اتفاقِ السَّلامِ بين إثيوبيا وإريتريا عامَ 2018، فأنهت سنواتٍ من القطيعةِ، وأعادت إلى القرنِ الأفريقيِّ روحَ التلاقي والاستقرارِ. كما ساهمت في الوساطةِ بين روسيا وأوكرانيا لتبادلِ الأسرى. وسَعَت كذلك إلى تجسيرِ الهوّةِ بين أرمينيا وأذربيجان عبر الحوارِ والدّعمِ الدبلوماسيِّ، إدراكاً منها لأهميّةِ استقرارِ منطقةِ جنوبِ القوقازِ وما تُمثِّلُهُ من توازنٍ جيوسياسيٍّ واستراتيجي.
نهج إنساني نبيل
قال خليفة الظاهري: «يمتدُّ هذا النَّهجُ الإنسانيُّ النبيلُ إلى العالمِ كلِّه من خلالِ مبادرةِ (مستشفياتِ الإماراتِ حولَ العالمِ)، التي تهدفُ إلى إنشاءِ عشرةِ مستشفياتٍ متخصِّصةٍ في الدُّولِ التي تحتاج إلى الرعايةِ الصحيّةِ». وأضاف الظاهري: «هكذا يتجلّى الارتباطُ الوثيقُ بين العملِ الإنسانيِّ وصناعةِ السَّلامِ في فكرِ دولةِ الإماراتِ العربيّةِ المتّحدةِ، فكلُّ مستشفى يُبنى، وكلُّ طفلٍ يُعالج، وكلُّ قريةٍ تُغاث، خطوةٌ واثقةٌ في طريقٍ نحوَ سلامٍ إنسانيٍّ شاملٍ. فالمساعداتُ الإماراتيّةُ رسالةُ سلامٍ حيّةٌ تُترجِمُها الأفعالُ قبلَ الأقوالِ، تُؤمنُ بأنَّ من يمدّ يدَه بالعونِ يُطفِئ نارَ الصِّراعِ». وحسب الظاهري يمتدُّ هذا النَّهجُ الإنسانيُّ النبيلُ إلى العالمِ كلِّه من خلالِ مبادرةِ «مستشفياتِ الإماراتِ حولَ العالمِ»، التي تهدفُ إلى إنشاءِ عشرةِ مستشفياتٍ متخصِّصةٍ في الدُّولِ التي تحتاج إلى الرعايةِ الصحيّةِ. وأضاف الظاهري: «هكذا يتجلّى الارتباطُ الوثيقُ بين العملِ الإنسانيِّ وصناعةِ السَّلامِ في فكرِ دولةِ الإماراتِ العربيّةِ المتّحدةِ، فكلُّ مستشفى يُبنى، وكلُّ طفلٍ يُعالج، وكلُّ قريةٍ تُغاث، خطوةٌ واثقةٌ في طريقٍ نحوَ سلامٍ إنسانيٍّ شاملٍ. فالمساعداتُ الإماراتيّةُ رسالةُ سلامٍ حيّةٌ تُترجِمُها الأفعالُ قبلَ الأقوالِ، تُؤمنُ بأنَّ من يمدّ يدَه بالعونِ يُطفِئ نارَ الصِّراعِ».
قوة توازن وعقلانية
وقدم الدكتور محمد إبراهيم الظاهري، نائب مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، ورقة تحت عنوان «كيف تصنع الإمارات السلام»، مؤكداً أن الاحتفاء بذكرى مرور 56 عاماً على صدور صحيفة «الاتحاد» مناسبة تحمل معاني الاعتزاز والوفاء، بصحيفة تعتبر ذاكرة وطنٍ وضمير مرحلة، واكبت مسيرة بناء الدولة، ونقلت إلى العالم صورة الإمارات كما هي: دولة تؤمن بأن الكلمة الصادقة ليست للتعبير فحسب، بل لبناء السلام والتنمية معاً.
وأوضح محمد الظاهري أن منتدى الاتحاد العشرين عن «الإمارات.. صانعة السلام»، يؤكد أن السلام بالنسبة لدولتنا ليس شعاراً أو حدثاً عابراً، بل ممارسةٌ مستمرة ومنهج عملٍ راسخٍ في سياستها الخارجية.
وأكد محمد الظاهري أننا أمام عالمٍ تتزايد فيه النزاعات وتتراجع فيه الثقة، لكن الإمارات اختارت أن تكون قوة توازنٍ وعقلانية تبني لا تهدم، وتجمع لا تفرّق، وتغرس الأمل في زمنٍ أنهكته الانقسامات.
وقال محمد الظاهري: «بينما نحتفي اليوم بدور صحيفة (الاتحاد) ومسيرتها المهنية، نحتفي أيضاً بالفكر الذي تمثله هذه المنصة، فكر يؤمن بأن الكلمة يمكن أن تكون بدايةَ سلام، وأن الحوار هو الطريق نحو مستقبلٍ أكثر استقراراً وعدلاً. فالسلام بالنسبة لدولتنا ليس حدثاً نحتفل به، بل هو مشروع نعيشه، ورسالة نُقدّمها للعالم عبر أفعالٍ صادقةٍ ومواقف متزنة».
وأضاف الظاهري أن الإمارات آمنت بأن التنمية لا يمكن أن تزدهر في بيئةٍ مضطربة، وأن الازدهار الإنساني لا يتحقق إلا حين تسود العدالة والاستقرار، ومن هنا، اتخذت الدولة منذ تأسيسها خيار السلام نهجاً ثابتاً، تُبنى عليه شراكاتها، وتُصاغ على أساسه مبادراتها الإقليمية والدولية.
وأكد الظاهري أن الدبلوماسية الإماراتية لم تسعَ يوماً إلى الظهور الإعلامي، بل إلى تحقيق نتائج ملموسةٍ تحفظ كرامة الإنسان، وتمنح الأمل لمجتمعاتٍ أنهكتها الصراعات؛ فبينما يرى البعض في الحياد عزلة، تراه الإمارات مسؤوليةً تُمارَس بالحكمة، لفتح قنوات الحوار وبناء جسور الثقة بين الأطراف.
دور إنساني في الأزمة الأوكرانية
وخلال كلمته بمنتدى الاتحاد السنوي، أكد سيرجي بابورين، رئيس الرابطة الدولية لمؤسسات السلام، المستشار العلمي لمركز التكامل والدراسات الحضارية بمعهد الدولة والقانون التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، أستاذ العلوم القانونية، أنه شارك خلال مسيرته السياسية في جهود إحلال السلام في عدد من النزاعات الدولية، وقال: «يشرفني اليوم أن أتناول في حديثي الدور المهم الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حفظ السلام، إلى جانب التحديات الحضارية العميقة التي تواجه البشرية».
وقال بابورين: «أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، لما تبذله من جهود عظيمة في دعم السلام، ليس فقط في أوكرانيا، بل على مستوى الساحة الدولية ككل». وأعرب بابورين عن شكره وامتنانه للإمارات على جهودها في معالجة القضايا الإنسانية المرتبطة بالأزمة الأوكرانية، خاصة في ملف تبادل الأسرى، وأشاد بالشراكة الاستراتيجية بين روسيا والإمارات التي تأسست رسمياً عبر الإعلان المشترك بين البلدين الصادر في الأول من يونيو 2018.
وأكد بابورين أن الإمارات شريك موثوق في السعي نحو تحقيق العدالة وترسيخ الشرعية الدولية، وأن المبادرات التي قامت بها في مجال حفظ السلام، خاصة في أوكرانيا، خلال السنوات الأخيرة، تحظى بتقدير بالغ من الجانب الروسي.
وأضاف «لقد كانت جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حفظ السلام خلال الفترة من 2022 إلى 2025 متعددة الأبعاد وذات تأثير ملموس. فقد لمسنا مراراً، خلال تلك السنوات، الرغبة الصادقة لدى الإمارات في منع تفاقم الأزمة الأوكرانية، والعمل على التخفيف من آثارها الإنسانية.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى الدور المهم الذي لعبته الإمارات في استئناف المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في مايو 2025، بعد توقفها في ربيع عام 2022. وقد أسفرت هذه الجهود عن نتائج ملموسة، حيث عاد نحو 2000 جندي من الجانبين إلى أوطانهم خلال شهري مايو ويوليو من العام نفسه».
الجلسة الأولى.. السلام محور سياسة الإمارات التنموية
تحت عنوان «السلام محور سياسة الإمارات التنموية»، انطلقت الجلسة الأولى من المنتدى التي أدارها حمدان الجنيبي، وبدأت بمداخلة للأستاذ الدكتور رضوان السيد، عميد الدراسات العليا بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، عن «مبادرات الإمارات التنموية بروح السلام»، استنتج خلالها أن الإمارات نجحت في وضع أطر مؤسسية تجعل من رؤيتها للسلام والتعايش واقعاً يتحقق ويستفيد منه المجتمع. وأوضح السيد أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بذل جهداً استثنائياً في تدشين الدولة عبر السلام المؤدي إلى الاتحاد، وحقق السلام مع الجوار. وحسب السيد: «نجح مشروع زايد للسلام من طريق الدولة الاتحادية. نجح من كل الوجوه بالإرادة الصلبة والشجاعة في التصدي لدعاة الانقسام والحروب، وصناعة السلام والاستقرار بالتنمية والتقدم».
دولة مؤسسات
وقال السيد: «لكي تكون الدولة صانعةً للسلام وليست مسالمةً فقط، ينبغي أن تكون دولة مؤسسات». واستنتج السيد أن القيادة الإماراتية تمتلك زمام المبادرة، وتنتهج سياساتها السلمية عبر مؤسسات، ولذلك رسخت الاستمرارية في سياساتها وإنجازاتها.
ولحماية الدين والدولة، طوَّرت الإمارات مؤسسات وبرامج لمكافحة التطرف، حمايةً للدين وللاستقرار الاجتماعي والثقافي. ومن ذلك «منتدى تعزيز السلم» و«مجلس حكماء المسلمين» و«هداية»، وجهات أُخرى كثيرة، وإلى برامج في المدارس والجامعات وفي المؤسسات الدينية. إنّ هذه الجهات جميعاً، وخلال العقدين الماضيين، وبدعم الدولة، أقامت ندوات ومؤتمرات وشراكات مع الأديان الأُخرى، ومنتديات واسعة للحوار، سواء بالداخل الوطني أو مع الديانات العالمية، وهو ما يتمثل في وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقّعها بأبوظبي عام 2019 كلٌّ من شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان السابق فرنسيس، وهي وثيقةٌ مهمةٌ للشراكة بين أكبر ديانتين عالميتين لمأسسة الحوار وصنع السلم بين الأديان، ونشر ثقافة التسامح والتعايش.
في العقول قبل الميدان
وتحت عنوان «قيم السلام .. رهان استراتيجي»، شارك في الجلسة الأولى السيد ولد أباه، الأكاديمي الموريتاني، مستنتجاً أن الإمارات جعلت من التسامح والتفاهم والأخوة الإنسانية إطاراً إنسانياً شاملاً يحكم منظورها لكل مكونات المجتمع البشري. وتطرق ولد أباه إلى قانون مكافحة التمييز والكراهية الصادر في الإمارات عام 2015 والذي يضع عقوبات صارمة على من يتطاول على الديانات والمعتقدات أو يتعدى على الرسل ودور العبادة، وهو قانون يضمن السكينة والتعايش السلمي بين الأفراد بمختلف دياناتهم ومعتقداتهم، وبذلت الإمارات جهوداً لتطوير هذا القانون إلى اتفاقية دولية ملزمة تمنع الكراهية والإساءة للأديان. ويرى ولد أباه أن الإمارات تضع السلم إطاراً ضابطاً لتوجهاتها الدبلوماسية، وضمن هذا الإطار تدعو الإمارات إلى تفعيل القانون الدولي ومبادرة السلام العربية لحل القضية الفلسطينية.
وأشار ولد أباه إلى أن السلام لدى الإمارات قيمة مرجعية أساسية وجوهرية تدخل في صلب الممارسة السياسية والاستراتيجية للدولة. لقد رفضت الإمارات بشدة كل محاولة لحسم الخلافات والنزاعات بالقوة والعنف. وأضاف أن الإمارات واجهت بحزم كل التيارات التي تنشر الكراهية والتعصب، وتتبنى العنف والعدوان، مؤمنة بالشعار الذي اعتمدته منظمة اليونسكو «الحروب تنشأ في العقول قبل الميدان»، ولذلك سعت الإمارات إلى نشر ثقافة السلم والتسامح بكل الوسائل، ورأت فيها الطريق الصحيح إلى بناء عالم آمن خالٍ من الحروب والصراعات.
السلم والتضامن
واستنتج ولد أباه أن السلم لا يقوم دون التضامن الحقيقي، الذي له دلالات أربع كبرى هي: الوعي بوحدة الإنسانية ووحدة مصيرها في عالم متشابك المصالح، الإيمان بقيم كونية عليا لا تخلو منها منظومة دينية ولا عقدية كبرى، والتزام معايير العدالة والإنصاف في ضبط العلاقة بين الأفراد والمجتمعات، تقديم العون والمساعدة للمحتاج في إطار مفهوم إنساني شامل للتنمية بأبعادها الاجتماعية المستدامة.
مرتكزات سياسة التضامن الإماراتية جعلتها أكثر دولة في العالم تقدم مساعدات اقتصادية وخيرية لبقية دول العالم (بحسب الناتج القومي). لقد استفادت من هذه المساعدات 120 دولة في العالم، ووصلت إلى قرابة 10 مليارات دولار، دون تمييز في الانتماء الديني أو القومي أو الإقليمي.
ولدى السيد ولد أباه قناعة بأن التضامن بالنسبة للقيادة الإماراتية هو الوجه الآخر للسلم، وهو ضمانته العملية، فقد أثبتت التجارب الملموسة أن الحروب والنزاعات عادة ما تتفجر في مناخ المجاعات والأزمات الاقتصادية والاحتقان الاجتماعي، ومن ثم فإن أنجع مسلك للسلم هو إعانة المحتاج وإطعام الجائع وعلاج المريض ودمج المشرد، وتلك من ثوابت السلوك الإماراتي.
وأوضح ولد أباه أنه لا بد من الإشارة هنا إلى جانب أساسي من سياسة التضامن التي تعتمدها الإمارات، يتعلق بطبيعة إدارة العلاقة فيما يخص العمالة الوافدة والجاليات المستقرة في البلاد التي تجاوزت 200 جنسية مقيمة. وأكد ولد أباه أن الإمارات لا تتعامل مع الوافدين بأنهم أجانب، بل تقدم لهم الرعاية الكاملة والضيافة الشاملة، وتضمن لهم حقوقهم التامة، من منظور تضامني صلب وجاد.
واختتم ولد أباه مداخلته، مؤكداً أن قيم السلم هي نقطة ارتكاز المقاربة الإنسانية والسياسية والاستراتيجية الإماراتية في مختلف المجالات والميادين.
السلام والحضارة علاقة جوهرية
وتحت عنوان «الحضارة تولد من السلام»، قدم الكاتب والباحث السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي مداخلة، أكد خلالها أنه لا تنمية تبدأ أو تزدهر إلا في بيئة السلام والاستقرار. وطرح العتيبي مفارقة مثيرة أنه في عام 2005، بدأت فكرة منتدى الاتحاد في الظهور، وفي العام نفسه ظهرت فكرة تدشين جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، والآن بعد 20 عاماً من طرح الفكرة، ها هو منتدى «الاتحاد» ينعقد في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، فالأفكار تحولت إلى واقع.
وأوضح العتيبي أن العلاقة بين السلام والحضارة علاقة جوهرية، حيث لا يمكن للحضارة أن تزدهر وتتطور إلا في ظل السلام، ولا يمكن للسلام أن يستمر دون حضارة تدعمه. وحسب العتيبي، فقد عبّر العديد من المفكرين والفلاسفة على مر التاريخ عن هذه العلاقة بكلمات موحية، على سبيل المثال قال فيكتور هوغو: «السلام هو فضيلة الحضارة، والحرب هي جريمتها»، وقال ألبرت أينشتاين: «لا يمكن الحفاظ على السلام بالقوة، بل يمكن تحقيقه بالتفاهم فقط»، وتناول قول فرانكلين روزفلت: «إذا كان للحضارة أن تبقى، فيجب علينا أن ننمي علم العلاقات الإنسانية - قدرة جميع الشعوب، على اختلاف أنواعهم، على العيش معاً في نفس العالم بسلام». وأوضح العتيبي أن الإمارات نموذج في العالم العربي في العلاقة بين السلام والتنمية والحضارة، فالسلام يوفر مناخاً ملائماً للشركات والأفراد للازدهار، واستثمار الموارد لغياب الصراع وكلفته الإنسانية والمادية. وأكد العتيبي أن لدى الإمارات وعياً متقدماً بالسلام بدأ من اختيار السلام خياراً استراتيجياً انعكس على الرؤية والقرار والسياسات.
السلام مستقبل العالم
وتحت عنوان «السلام مستقبل العالم»، أكد الدكتور عيسى العميري، الأكاديمي والكاتب الكويتي، أننا في عالم تزداد فيه التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية تعقيداً، ولذلك يبقى السلام هو الأمل الأكبر، والمبدأ الأسمى الذي تتطلع إليه البشرية جمعاء، فهو الطريق الوحيد نحو الاستقرار والازدهار المشترك. وقال العميري: «بمنطق الاقتصاديين الخاص بتكلفة الفرصة الضائعة، فإن البعد عن السلام والانزلاق في أتون الصراعات والحروب يحرم الشعوب من فرصة التنمية، ويضع المجتمعات أمام خطر الفقر والتطرف، ويجعلها تتخلف عن ركب التقدم والتنمية والازدهار».
ضرورة إنسانية
واستنتج العميري أن مستقبل العالم لا يمكن أن يبنى على الصراعات والنزاعات، بل على قيم التفاهم والاحترام المتبادل والتعاون بين الشعوب والدول. لذلك، فإن التمسك بمبدأ السلام وعدم التخلي عنه يعد ضرورة إنسانية وأخلاقية، وليس مجرد خيار سياسي عابر. وأكد العميري أن الإمارات أصبحت نموذجاً عالمياً في دعم الحوار والتسامح وتعزيز التفاهم بين الشعوب. ونجحت الإمارات في نقل رسالة السلام للعالم من خلال تجربتها التنموية الرائدة، وأيضاً من خلال حرصها على استيعاب التنوع الثقافي داخل مجتمعها الذي يعيش فيه 200 جنسية من ثقافات ولغات وأديان متنوعة.
ومن خلال رؤيتها الواضحة التي تؤمن بأن السلام هو الأساس لأي تقدم أو تنمية، كرّست الإمارات علاقاتها الدولية لخدمة هذا الهدف النبيل، وجعلت من دبلوماسيتها جسراً يربط بين المختلفين. من أبرز الأمثلة على جهودها في هذا المجال، دورها في اتفاق تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا الذي جرى قبل فترة وجيزة.
وأوضح العميري أن مستقبل العالم، في ضوء كل هذه المعطيات، سيظل رهيناً بقدرة الدول على حماية هذا المبدأ النبيل من التراجع أو الاستغلال، وعلى تعزيز ثقافة السلام في مؤسساتها ومجتمعاتها.
وأضاف «إن كان هناك من نموذج يحتذى به في هذا المجال، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تجسد اليوم هذا النموذج، بسياساتها المعتدلة، ورؤيتها العالمية، ومبادراتها المستمرة التي تضع السلام في صميم مستقبل الإنسانية».
واستنتج العميري أن السلام هو مستقبل العالم، والطريق الذي لا بديل عنه لضمان الأمان والرخاء لكل الشعوب، وأن المحافظة على هذا المبدأ، مسؤولية جماعية تتجاوز الحدود والمصالح، لأن بقاء الحضارة الإنسانية مرهون ببقاء السلام حياً في ضمائرنا وسياساتنا.
الجلسة الثانية.. الإمارات أدوار واضحة في نشر السلام
تحت عنوان «الإمارات أدوار واضحة في نشر السلام»، خصص المنتدى الجلسة الثانية لتقديم مداخلات عن الخطوات العملية التي قامت بها الإمارات في مناطق النزاعات. الجلسة التي أدارتها ميثاء الكعبي، استضافت سلمون موتشيه، الكاتب والصحفي الإثيوبي والمحاضر بجامعة أديس أبابا، وتحدث عن «جهود الإمارات لإحلال السلام في القرن الأفريقي».
وأكدت ميثاء الكعبي أن الإمارات تعمل على نشر السلام ضمن دورها في تعزيز الاستقرار والتعايش السلمي، وأن الدبلوماسية لا بد أن تكون مدعومة بالخطوات والإجراءات.
وأوضح سلمون موتشيه أن الإمارات توسطت في إبرام معاهدة السلام بين إريتريا وإثيوبيا، وذلك بعدما تعثرت جهود الوساطة الأفريقية لإحلال السلام بين البلدين، ما يقدم دروساً من بينها أن ثمة دوراً مهماً للشركاء في التأثير على أطراف النزاعات، وأن بناء السلام عملية مستمرة.
وأشار موتشيه إلى أن الإمارات قدمت الدعم الاقتصادي لإثيوبيا، وفي الوقت نفسه عملت على تعزيز البنية التحتية في إريتريا، ومدت يد العون لإثيوبيا في مواجهة «كوفيد - 19»، وقدمت قوافل طبية.
وأوضح موتشيه أن وساطة دولة الإمارات العربية المتحدة كانت حاسمة في إنهاء عقدين من العداء بين إثيوبيا وإريتريا، ويُظهر التقارب بين إثيوبيا وإريتريا كيف يمكن للجهات الفاعلة الإقليمية إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في أفريقيا. وأضاف أن مشاركة الإمارات العربية المتحدة جمعت بين دبلوماسية السلام والمصلحة الاستراتيجية والدعم الإنساني.
ومن مرحلة المواجهة بين البلدين الأفريقيين إلى مرحلة التعاون، يثبت هذا النموذج أن كسر الجمود يتطلب إرادة سياسية حقيقية ومنفعة متبادلة.
وحسب موتشيه، يظل اتفاق السلام عام 2018 بين إريتريا وإثيوبيا أحد أهم الإنجازات الدبلوماسية في تاريخ أفريقيا الحديث، وذلك بفضل الدور الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف موتشيه أن دور الإمارات في تشجيع السلام ظهر من خلال منح الزعيمين الإثيوبي والإريتري «وسام زايد» في أبوظبي- وهو أعلى وسام تمنحه الإمارات لقادة الدول - تقديراً لجهودهما في تحقيق المصالحة، كما حصل رئيس الوزراء الإثيوبي على جائزة نوبل للسلام 2019.
وأصبحت هذه العملية نموذجاً أفريقياً ناجحاً لحل النزاعات من خلال وساطة خليجية.
ومن النقاط التي أود التأكيد عليها، أنه على الرغم من وجود عدد من المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي ومنظمة (IGAD) وغيرها، فإن الجمود بين إثيوبيا وإريتريا استمر لما يقارب عقدين، ولم تتمكن تلك المنظمات من تسهيل التقارب بين البلدين الشقيقين.
في المقابل، برزت جهود دولة الإمارات بشكل لافت في محاولة كسر هذا الجمود، وإنهاء حالة «اللاحرب واللاسلم»، لتصبح مصدراً رئيسياً للتشجيع على إرساء السلام والاستقرار بين الدولتين.
وأضاف موتشيه إلى أن جامع النجاشي في إثيوبيا يحافظ على العلاقات التاريخية بين إثيوبيا ودول المنطقة العربية، موضحاً أن لدى إثيوبيا 80 مجموعة إثنية، وإدارة هذا التنوع مهمة صعبة لا تحقق إلا من خلال التعايش والتسامح، وهو ما نجحت فيه الإمارات.
شراكة استراتيجية
وفي مداخلته بالجلسة الثانية، أشار سانتانا جوبيرتو، مستشار الرئيس البرازيلي السابق، إلى أن العلاقات بين البرازيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، تطورت في السنوات الأخيرة، لتصبح شراكة استراتيجية تتسم بالثقة والواقعية والرؤية المستقبلية. هذه العلاقة تتجاوز حدود التجارة أو الدبلوماسية، فهي تعكس تفاعلاً متعدد الأوجه يربط بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني والمواطنين في إطار تعاون طويل الأمد.
وأضاف جوبيرتو «على صعيد التعاون الدولي متعدد الأطراف، أظهرت البرازيل ودولة الإمارات توافقاً متزايداً. فكلا البلدين يتشارك الالتزامات في محافل مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، ومؤخراً في مفاوضات المناخ. وقد كان للدعم الحاسم الذي قدمته الإمارات للبرازيل لاستضافة مؤتمر الأطراف الثلاثين (كوب30) في مدينة بيليم، إلى جانب العمل المشترك في المنتديات البيئية والطاقة مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، دور في إظهار مدى التقارب بين البلدين في القضايا العالمية التي تتطلب تعاوناً طويل الأمد».
وأشار جوبيرتو إلى مؤشرات التعاون بين البلدين، من بينها برنامج تبادل الخبرات الحكومية كدليل على كيفية استفادة البلدين من تجارب بعضهما بعضاً في مجالات مثل الابتكار في الخدمات العامة، والحوكمة الرقمية، وسياسات التنمية.
وربما تتجلى أهمية هذه الشراكة بوضوح في المجال الإنساني والتنمية المستدامة. فلدولة الإمارات العربية المتحدة تاريخ عريق في التضامن الإنساني، يُترجم من خلال إجراءات ملموسة تجاه البرازيل، تضمنت مساعدات في مواجهة الفيضانات، وكذلك أثناء جائحة كوفيد19.
وأكدت «تتاتانيا كوخاريفا»، الصحفية والإعلامية الروسية، في مداخلتها بالجلسة الثانية، أن العالم يسمع الكثير عن مساعي السلام، لكن الإمارات قدمت خطوات عملية في هذا المجال. وأوضخت أن دبلوماسية الإمارات تدعم الحوار الإنساني، وجديرة بأن تلعب دور الوساطة الحقيقية، لأن الوسيط يجب أن يكون نزيهاً وأميناً ومخلصاً لقيمه، وهو ما تتمتع به الإمارات. وأشارت كوخاريفا إلى أنه في عالم يعج بالاستقطابات وتتراكم فيه صور نمطية، فإن العالم في أمس الحاجة للسلام عبر مواقف وخطوات شجاعة، ومن خلال الإرادة السياسية، والإمارات مثال رائع لذلك بما لديها من رؤية واضحة والتزام بالقيم. وأشادت «كوخاريفا» بوساطة الإمارات في تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، حيث عاد 4400 شخص إلى أسرهم بمساعدة الإمارات.
مقابلة «الاتحاد»
وقال جوبيرتو: «أكتوبر 2024، محطة بارزة في هذه العلاقة. فقد أجرت صحيفة الاتحاد أول مقابلة للرئيس (لويس إيناسيو لولا دا سيلفا) مع وسيلة إعلام عربية، موسعين بذلك الحضور الدولي للبرازيل في قضايا مثل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي والبنية التحتية».
وأكد جوبيرتو أن البرازيل والإمارات لا تتشاركان المصالح فحسب، بل القيم أيضاً. فكلا البلدين يتمتع برؤية لبناء الجسور - بين الثقافات، وبين المناطق، وبين أجندات التنمية. وتتوافق هذه الرؤية مع استراتيجية الإمارات العربية المتحدة طويلة المدى، التي تتطلع إلى المستقبل والأجيال القادمة في إطار خطة مئوية الإمارات 2071. وتتشارك البرازيل في هذا الطموح نفسه: الابتكار والريادة، على أساس من التضامن والاستدامة.
ودعا جوبيرتو إلى مواصلة تعميق هذه العلاقة. فقد أثبتت التجربة أن العمل المشترك بين البرازيل والإمارات العربية المتحدة لا يقتصر على التعاون الثنائي فحسب، بل يمتد ليشمل العالم أجمع. إنه مساهمة من دولتين تؤمنان بالسلام والتضامن والازدهار كسبيل لمواجهة تحديات عصرنا.
الجلسة الثالثة.. دور الشباب في بناء ثقافة السلام
تحت عنوان «دور الشباب في بناء ثقافة السلام»، خصص المنتدى جلسته الأخيرة لاستطلاع رأي مجموعة من طلاب جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية. الجلسة التي أدارتها دعاء الحمادي، ناقشت ثقافة السلام في دولة الإمارات.. هل تنبع من القيم أم من خلال سياسات حكومية؟
خليفة خالد يوسف، أحد طلاب الجامعة، يرى أن قيمة السلام بدأت من منظومة تشريعية ذات بعد إنساني، فالقانون ضامن للازدهار، ففي 5 سنوات تم تحديث 55 قانوناً ما بين جديد ومعدل، وتتعلق التحديثات بالإعلام والذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن النظام التشريعي مساهم في وضع إطار مؤسسي لثقافة السلام. وأكد أنه لا يوجد خطاب كراهية في الدولة، والتعلم يبني أجيالاً تنتهج أسلوب حياة قائماً على التسامح، واستنتج أن قيم السلام عملية متكاملة تستفيد من السياسات والتشريعات.
وقالت ميرة البلوشي إن دور الشباب يتم تحفيزه من خلال القيادة الرشيدة التي وضعت لنا الخطة والأهداف والأفكار، وتحفزنا على تقديم المبادرات، وضمن هذا الإطار يأتي مجلس شباب أبوظبي ليقدم فعاليات لتحفيز دور الشباب وتشجيعهم على التقدم.
أما عبدالرحمن محمد حسن، فيقول «لدينا وزير ذكاء اصطناعي عمره 27 عاماً، ما يؤكد أن قيادتنا الرشيدة تؤمن بقدرة الشباب على تحقيق التنمية والتطور».
وأكد خليفة خالد يوسف أن دولة الإمارات نجحت في الاستفادة من مكاسب السلام، وانتقلت من بيئة صحراوية إلى مركز للأعمال هو الأول في الشرق الأوسط، ومن 9 موانئ صيد، أصبحت الإمارات تدير 77 ميناء حول العالم، ولديها مطارات تستقبل أكبر عدد من المسافرين حول العالم. نموذج الإمارات التنموي ناتج عن قيم السلام والتعايش.
وتتساءل دعاء الحمادي عن عناصر التميز في دولة الإمارات، وطرحت خيارات للإجابة تتضمن كلمة واحدة فقط، فاختار خليفة يوسف الابتكار قائلاً إن المغفور له الشيخ زايد كان مبتكراً، حيث ابتكر دولة الاتحاد، ومن بعد جاء المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ليعزز التنوع الاقتصادي، ثم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أطلق طفرة في التعليم والثقافة والاقتصاد، والإمارات دولة مبتكرة، وهذا هو سر تميزها.
عبدالرحمن محمد اختار الرؤية كسر من أسرار الإمارات، مؤكداً أن المغفور له الشيخ زايد تبنى رؤية ما تزال قائمة حتى الآن، وهي تضمن الاهتمام بالشعب، وتعزيز دوره في مسيرة التنمية.
أما ميرة البلوشي، فقد اختارت الانتماء كسر من أسرار تميز الإمارات، فالانتماء شعور يغير المعادلة من خلال حفز الطاقات وتشجيع الابتكار، ومواجهة التحديات.
أما خليفة، فقال لا توجد تحديات في مجال الهوية الإماراتية، فهذه الهوية تتجدد ولا يتم فقدانها.
وتحدث عبدالله برهان عن درجة الأمان التي حققت فيها الإمارات تميزاً عالمياً، حيث أصبحت أبوظبي المدنية الأكثر أماناً في العالم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: السلام نهيان بن مبارك منتدى الاتحاد الإمارات صحيفة الاتحاد محمد بن زايد جامعة محمد بن زاید للعلوم الإنسانیة دولة الإمارات العربیة المتحدة بین إثیوبیا وإریتریا بین روسیا وأوکرانیا التسامح والتعایش المغفور له الشیخ الجلسة الثانیة خلیفة الظاهری مستقبل العالم فی نشر السلام ثقافة السلام أن الإمارات بین البلدین الإمارات فی هذه العلاقة ة الإنسانی العمیری أن م الإنسانی دور الشباب إلى العالم السلام هو فی العالم السلام فی أن السلام آل نهیان من خلال فی بناء لا یمکن فی عالم فی مجال أن تکون لام فی فی هذا التی ت من الس إلى أن أن الس
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي يؤكد أهمية إعادة الإعمار بعد توقف النزاعات وتفعيل سياسات الاتحاد الأفريقي
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أهمية إعادة الإعمار والتنمية بعد توقف النزاعات وتفعيل سياسات الاتحاد الأفريقي لتحقيق السلام والتنمية المستدامة.
وقال الرئيس السيسي، خلال كلمته بفعاليات منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين في نسخته الخامسة بمدينة أسوان اليوم الأحد:« إن أفريقيا تقف في صدارة المتأثرين من الظروف الدولية بما يسهم في تأجيج العنف وزيادة التحديات التنموية»، متابعا: « انعقاد منتدى أسوان هذا العام يعكس أن أفريقيا في قلب ما يشهده العالم من اختبارات عسيرة».
وأضاف:« أفريقيا لديها القدرة لتكون في طليعة المشاركين لاستعادة النظام العالمي رغم التحديات».
وأشار إلى أن المنتدى سوف يتناول موضوعات الاستثمار في البنية التحتية والممرات الاستراتيجية ودور المجتمع الخاص في التنمية.
وأكد أن منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين نجح في ترسيخ مكانته كمنصة أفريقية فريدة ومحفل جامع يناقش فيه التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه القارة.
اقرأ أيضاً«السيسي» يُعيد تشكيل الشرق الأوسط.. 7 إنجازات في أكتوبر 2025
الرئيس السيسي يستعرض مع رئيس وزراء ماليزيا جهود مصر المكثفة لتنفيذ خطة السلام بغزة