العم سليمان أيقونة الأخلاق والوفاء
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
يُعتبر العم سليمان عبدالله علي القفاري والذي انتقل إلى رحمة الله اليوم عن عمر يناهز الثمانين عامًا، شخصية مؤثرة ومحبوبة في مجتمعه عُرف بتفانيه في العمل، خاصةً خلال عمله في بداية حياته معلما للغة العريية في ريف رواق وحويلان ثم عمل في الوحدات الصحية في ضمن إدارة التعليم، حيث كان يُظهر جدية وإخلاصًا في خدمة الناس.
كان يتمتع بمحبة طلابه ومن يعرفه من الناس وكان يتسم بسلامة القلب وصدق اللسان، صفتان تُعدّان من أشرف الصفات التي يتفاضل بها الناس، ومن أعظم أسباب دخول الجنة.
قيل لرسول الله ﷺ: أي الناس أفضل؟ قال: "كل مخموم القلب، صدوق اللسان قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل، ولاا حسد"
تميّز العم سليمان، بتواضعه الجم وبساطته المتناهية في حياته اليومية واتسم بخصاله الرفيعة، فقد كان يحمل قلبًا سليمًا، متسمًا بالأصالة والعفة والكرم. كان معروفًا بعدم حمله للحقد، مما جعله نموذجًا يُحتذى به في الأخلاق والتسامح.
كانت حياة العم سليمان حافلة بالعطاء والإيثار والقدوة الحسنة في عمله وعبادته وصلته للارحام والحرص على حضور المتاسبات العامه مهما كلفه الأمر، وهذا كله كان له أثر إيجابي كبير على من حوله. نال تقديرًا ومحبة الكثيرين من أقاربه وأسرة القفاري جميعًا، بما في ذلك والدي رحمه الله، الذي كان يجلّه ويُقدّره ويُحبّه، مما يؤكد على مكانته الكبيرة في قلوبهم، رحمهم الله جميعًا.
يبقى إرث العم سليمان ذرية طيبة ومثالًا للخدمة الذاتية والحب الصادق في شخصيته، ويظل ذكراه محفورة في قلوب من عرفوه.
رحمك الله يا عمنا الكريم، وأسكنك فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين.
@DrAlqefari د عبدالله القفاري
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
د. نزار قبيلات يكتب: اللّسان والأخلاق
يقول البلاغيون، إن اللسان هوية وليس مجرد أداة تعبير خاصة، فحده حدّ السيف، به تتفوق وتتميز عن الآخرين، وإن حاد عن خصاله المعروفة وضعَ صاحبَه في خانة الكراهية، وأبعده عن قبول الناس، فمن وظائفه التي أوردها الحصري في كتابه «زَهر الآداب وثمر الألباب» أن اللسان أداة للبيان والكشف، وهو شاهدٌ على صاحبه لأنه يخبر عن الضمير، وهو الحَكم في فصل الجدل بينك وبين الآخرين، وبه تقنع الآخرين، وتعظهم وتنهاهم عن القبيح والفظيع، وهو الجواب حين السؤال، والشفيع لكي تدرك مرادك، ومن دونه لا يمكن أن تصف شيئاً، ولا تشكر من أحسن أليك، وهو العزاء ساعة الحزن، وهو الحمد لدرء الضغينة، وبه تلهي السامعين وتسحرهم بسرد الأخبار والأحداث، فاللسان أسرع من لحظة العين إن لم يؤخذ بالعناية والاحتراز، وهو القادر على أن يريح القلب من المشاعر والأفكار التي تأسره، فهو قبل اليد والورق والأقلام عند الكتابة، فالحرص كل الحرص قبل أن تطلق لسانك، فهو من سيرفع شأنك ويبدي أمرك.
فاللسان لكي يكون ذرباً، يلزم أن يستند إلى معرفة واطلاع وثقافة عمادها القراءة والمطالعة قبل كل شيء، فلكي تدرّعه وتحصّنه، يلزم أن يمتلك صاحبُه شغفَ التوسع في شتى المعارف، فاللسان محاط بثنائية التمهل والإسراع في الكلام، وبينهما تربصٌ وعقل وازن، والشاهد هنا أن الحصول على ثقة الناس ومحبتهم تكمن فيما تقوله لهم ومتى وكيف، فليس كل كلام جميل وعذب يجذب الآخرين، ما لم يُغلّف بالحجة والمقام المناسبين، فالناس يسمعون للإنسان المتهذّب والمتخلّق في أي وقت، بعيداً عن وفرة لغته وخصب خياله ومتى يقول، فليس من طبع صاحب اللسان المتخلّق الإسراف في القول، فالناس تألف ما يفهم من القول، وتركن للقائل الذي ينوب عنهم بالحديث المفحم والشافي.
فقد سئل بشار بن برد عن سبب تفوقه، فقال: «بحسن معاني الشعر، وتهذيب ألفاظه، ذلك لأنني لم أقبل كل ما تورده عليّ قريحتي، ويناجيني به طبعي، ويبعثه فكري، فقد نظرت إلى مغارس الفطن، ومعادن الحقائق، ولطائف التشبيهات، فسرت إليها بفهم جيد، وغريزة قوية، فأحكمت سبرها، وانتقيت حُرها، وكشفت عن حقائقها، واحترزت من متكلفها»، ويضيف بأن الإعجاب لم يأخذه بما أتى به، لأنه ظل حريصاً على أن يجوّد ما يكتبه للناس، همّه إعجابهم هم واستحسانهم لما ينشره، فهذا دليل على أن الكلام لا يمكن أن يرفع صاحبه، ما لم يكن موجها للآخرين، يبرز تخلي صاحبه عن ذاته المنتفخة، ويريحهم بفضائل الأخلاق والخصال الكريمة، ولا يتم ذلك إلا بالخلق الوعر وليس سواه مهما امتلك صاحبه من فصاحة وبلاغة.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية