ما حكم الصيام والصدقة بنية الشكر لله؟.. «الإفتاء» تجيب
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
يعمد بعض المسلمين على الصيام والتصدق لله سبحانه وتعالى بنية الشكر على النعم والخيرات التي أنعم بها عليهم، وتساءل البعض خلال الفترة الماضية عن صحة الصيام والتصدق بنية الشكر لله سبحانه وتعالى؟ وذلك بهدف التعرف والاسترشاد.
حكم الصيام والتصدقوتستعرض «الوطن» خلال السطور الأتية حكم الصيام والتصدق، وفقا لما نشرته دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، حيث قالت الدار صيام الشكر وصدقة الشُّكر، وكذلك سائر القُرَب العملية: «مندوبٌ إليها؛ فالشُّكر لا يقتصر على قول اللسان، بل يَشمل عمل الجوارح والأركان، من صلاةٍ وصدقةٍ وصيامٍ، وغيرها من سائر القُرَب والطاعات، وهو أحد درجات الشُّكر».
وتابعت الدار: «الشُّكْرُ هو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافًا، وعلى قلبه شهودًا ومحبَّةً، وعلى جوارحه انقيادًا وطاعةً».
وقد أوجب الله تعالى على العبد أن يشكره سبحانه على عظيم نعمته عليه، وقرن سبحانه الذكر بالشكر في كتابه الكريم حيث قال: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، مع علو مكانة الذكر التي قال الله تعالى فيها: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دار الإفتاء الصيام
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الكلمةُ مسئوليةٌ في دين الله تجعل المسلم حريصا على ألا يصدُر عنه إلا الخير
تحدث الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك عن مسئولية الكلمة وقال:يقول ربنا سبحانه وتعالى: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }.
وعن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قال: «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ. ثُمَّ تَلَا: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} حَتَّى بَلَغَ: {يَعْمَلُونَ}. ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ. ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، فَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ – أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ – إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» [سنن الترمذي].
مسئولية الكلمة
وأشار إلى أن من أجل مسئوليّة الكلمة حرَّم الشرعُ الشريفُ الكذبَ، وحرَّم اليمينَ الغَمُوسَ الذي يَغْمِسُ صاحبَه في النار، وحرَّم شهادةَ الزور، وحرَّم الغيبةَ والنميمة.
وربنا سبحانه وتعالى يقول: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، ويقول تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [الإسراء: 53].
ولقت إلى أن مسئولية الكلمة نراها مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، عندما أراد أن يُحَدِّد للناس المهور، فإذا بامرأةٍ تقوم فتستدلُّ عليه بكتاب الله، فينتهي ويقول: «كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنْ عُمَرَ!» – مرتين أو ثلاثًا – ثم رجع إلى المنبر فقال للناس:
«إنِّي كنتُ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تُغَالُوا في صَدَاقِ النِّسَاءِ، أَلَا فَلْيَفْعَلْ رَجُلٌ في مَالِهِ مَا بَدَا لَهُ».
وكان عمر رضي الله تعالى عنه وَقَّافًا عند كتاب الله وعند سنة رسول الله ﷺ، ويقول: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ مَنْ رَفَعَ إِلَيَّ عُيُوبِي».
ومسئولية الكلمة تجعل الإنسان دائمًا حريصًا على ألّا تخرج من فمه كلمةٌ تُغضِب الله، أو تُخالِف ما كان عليه رسول الله ﷺ.
ومسئولية الكلمة أمرٌ مهمٌّ في حياة الناس، وأمرٌ مهمٌّ تنعقد به عقودُ البيع، وعقودُ الزواج، وعقودُ الطلاق، وتنعقد به الهِبَةُ والوصيّة.
ومسئولية الكلمة هي التي تجعل المسلم محترمًا أمام نفسه، محترمًا أمام الناس، وجيهًا عند ربِّه؛ إذا ما مدَّ يديه إلى السماء يقول: «يا ربّ، يا ربّ» استجاب الله له.
فالكلمةُ مسئوليةٌ في دين الله. يقول سبحانه وتعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: 22–27].
ويقول سبحانه: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].
ويقول ربنا سبحانه وتعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34].
فقد علَّمنا سبحانه وتعالى معنى كلمة المسئولية كما علَّمنا مسئولية الكلمة؛ فالمسلم حريصٌ على ألّا يصدُر عنه إلا الخير، وحريصٌ على أن يشغل أوقاته كلَّها بما ينفع الناس، وبما ينفع نفسه عند ربِّه.
وخلاصةُ الأمرِ أنَّ مسئوليَّةَ الكلمةِ هي التزامُ المؤمنِ ومُحاسبتُهُ لنفسِه على ما يخرجُ من فمِه من قولٍ، مراقبةً لله تعالى وخشيةً من حسابِه؛ وأمَّا كلمةُ المسئوليَّةِ فهي هذا المعنى الكبيرُ نفسُه، الذي يملأُ قلبَه شعورًا بالتَّبِعةِ أمام اللهِ وأمامَ الخلق. فإذا استقرَّت كلمةُ المسئوليَّة في القلب، أثمرت مسئوليَّةَ الكلمة على اللسانِ والجوارح، وصار العبدُ ميزانًا للحقِّ في قولِه، ووفائِه، وعهوده، وتصرفاتِه.