نواب المغرب يناقشون اقتراحا بإغلاق تيك توك.. وجدل بين الناشطين
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
يناقش البرلمان المغربي، اقتراحاً بشأن إغلاق منصة "تيك توك" في البلاد، بسبب تأثيره على بعض الفئات العمرية لا سيما الشباب والمراهقين.
تأتي الخطوة بعد دعوات متكررة لحظر التطبيق من قبل من اعتبروا المحتوى المعروض مسيئاً لقيم المغاربة خاصة مع مشاركة أشخاص أغلبهم من الشباب فيديوهات وهم يرقصون أو ينفذون تحديات تتضمن مشاهدة عنيفة، أو ذات إيحاءات جنسية، حسب المنتقدين للمنصة.
وفي الوقت الذي يصعب على السلطات المغربية فرض رقابة على هذا المحتوى المعروض على المنصة الرقمية، قالت الحكومة إنها ستدرس مقترح الحظر.
ولحماية الشباب والناشئة وصغار السن من التأثيرات السلبية لتلك التطبيقات، ناقشت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب اقتراحا بشأن حظر تيك توك في المغرب وغيرها من التطبيقات التي لا تتوافر في شأنها سياسات ومعايير سلامة الاستخدام لاسيما في قطاع الشباب والطفولة.
وعبّر العديد من النواب عن قلقهم واستنكارهم الشديد من المستوى الذي وصل إليه بعض مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي وتحديدا تيك توك.
بعد انتشار "محتوى صادم" وظاهرة "كبسو".. حظر #تيك_توك قيد النقاش في #المغرب pic.twitter.com/f7VEMBl6AS
— blinx (@BlinxNow) January 4, 2024اقرأ أيضاً
الأزهر يعلق على فتوى تحريم استخدام تيك توك
ووجهت حنان أتركين عضو الفريق النيابي لحزب "الأصالة والمعاصرة"، سؤالا كتابيا إلى وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، في شأن حماية مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي من تأثيراتها السلبية، خاصة القاصرين منهم.
وقالت أتركين إن "العديد من التطبيقات المتنافسة على استقطاب أوسع جمهور، تنتشر فيها ممارسات وسلوكيات مجرّمة بمقتضى القوانين السارية، لكنها تنفلت من الرقابة لارتكابها بالفضاء الأزرق، الذي يعرف انتشار ظواهر التسول، والتحرش، والاتجار دون التقيد بالمقتضيات القانونية، وتقديم الاستشارات الطبية دون ترخيص وغيرها من الظواهر التي يصعب حصرها".
من جهته، وجه البرلماني نبيل الدخش سؤالا كتابيا لوزير الثقافة والشباب والتواصل المهدي بنسعيد، بهدف التدخل لتقنين التطبيق المثير للجدل.
وجاء في السؤال "انتشر استخدام منصة تيك توك في الآونة الأخيرة مما دفع بالعديد من الدول لاتخاذ إجراءات سواء بتقنين المنصة أو منعها نهائيا، وذلك حماية للأطفال والمراهقين والشباب والمواطنين الذين أدمنوا على الولوج إليها".
وحذر الدخش من المخاطر الاجتماعية والصحية للتيك توك وباقي المنصات، وانعكاساتها النفسية والمعرفية على مستخدميها، مطالبا وزير الثقافة والتواصل باتخاذ إجراءات لتقنين استعمالها.
تحركات برلمانية لحجب تيك توك بالمغرب#المغرب#تيك_توك #قناة_اليوم#اليوم_PLAY pic.twitter.com/PZjihRHQ3u
— قناة اليوم (@alyaum_news) January 1, 2024اقرأ أيضاً
لماذا يعتبر الجيل Z مؤيدًا جدًا لفلسطين ومعاديًا لإسرائيل؟.. كاتب أمريكي يتهم تيك توك
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا وسما بعنوان "لا لتيك توك بالمغرب"، أعرب من خلاله ناشطون عن رغبتهم في حجب الموقع بالمغرب، صوناً لصورة المغاربة.
وأشار متابعون إلى أن وتيرة الفيديوهات المسيئة ازدادت مؤخرا بشكل كبير بعد أن أتاح تيك توك خاصية المكافآت في العروض المباشرة، وهو ما سمح للمتابعين بطلب عدد من الأمور الغريبة والدخيلة على البشرية بشكل عام، وعلى المجتمع المغربي بشكل خاص.
ويصف "تيك توك" هذه المكافآت بأنها "عناصر افتراضية يمكن إرسالها لإظهار تقديرك للمبدعين المفضلين لديك على المنصة".
نشطاء مغاربة يطلقون حملة رقمية عبر المنصات، تدعو الهيئات المعنية إلى حجب تطبيق "تيك توك" بعد ذيوع محتويات اعتبرت غير لائقة في المنصة.
وطالب هؤلاء بسن قانون يجرم المحتوى المسيء إلى صورة البلاد، رافعين شعار "لا لتيك توك بالمغرب" pic.twitter.com/gDeQgbGav4
إغلاق كل ما يشكل خطرا على الأمة المغربية ، من ذلك مثلا : محاربة الفاسدين الذين اغتنوا بسرعة البرق ، ورفع قيمة المواطن المثقف ومنحه حق الحرية والتعبير عن آرائه دون مضايقات ، ويبقى التعليم أساس قوي وحبل متين للنهوض بالمغرب افتصاديا وسياسيا وغير ذلك ..شكرا
— Semlali Abdeslam (@SemlaliAbdesla1) December 31, 2023أحسن حاجة يديروها هي إغلاق هاد المنصة لان الأمر خرج عن السيطرة
— fatimazahra ait el faqih (@AitFaqih) December 31, 2023اقرأ أيضاً
فيديوهات تيك توك تكذب الادعاءات الإسرائيلية بتعذيب أسرى حماس
كما طالب الناشطون بضرورة تطبيق قانون جديد يجرّم محتوى تيك توك المسيء إلى صورة البلاد، مع ضرورة ضبطه وإخضاعه لإطار قانوني زجري صارم، يعاقب كل من ينشر "التفاهة" أو يسيء إلى سمعة البلاد، إضافة إلى محاسبة أصحاب الأموال الطائلة عبر تقنية البث المباشر.
كلام في الصميم ????
هذا حال الذين يسمونهم مؤثرين في تيك توك وأنستغرام وسناب شات عقولهم في مؤخراتهم الكبيرة جدا جدا.
فالمغرب اكثر من 90% من مشهورين سوشل ميديا ينطبق عليهم هذا الكلام.#تيك_توك #المغرب https://t.co/holsgp1Fxx
الأمر اصبح ضرورة ملحة وينبغي تجريم المحتويات المخلة بالحياء والاداب العامة باقصى سرعة ممكنة.
القانون ينبغي ان يطال صانع المحتوى ثم المنصة ولكن ينبغي ان تسبقه حملة تحسيسية.
يجب متابعة من ينشرون محتوايات مخلة بالحياء والهادمة سواء على تيك توك او غيره، اما اغلاقه نهائيا فهو ظلم في بعض الناشطين على هذا التطبيق ويكسبةن منه اموال طائلة الا اذا كان الهدف هو عدم كسب الناس للمال من جهة لخرى والابقاء على العمل داخل الشركات العبودية
— mohamed (@MohamedBaou) January 1, 2024اقرأ أيضاً
بلطجي "التيك توك" يتحكم بمصير نتنياهو ودولة الاحتلال
لكن حظر التطبيق في المغرب "ليس بالسهولة المتخيّلة"، وهو ما يؤكده مصطفى ملوي، رئيس المرصد المغربي للسيادة الرقمية، معتبراً أن "الأمر مستبعد بالنظر إلى اختيارات المغرب في مجال الحقوق والحريات".
وأضاف ملوي، في تصريح لموقع "هسبريس" المغربي، أن "هناك ضرورة مستعجلة لإحداث ترسانة قانونية صارمة في مواجهة المحتويات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام، والرقابة على المحتوى المسيء للمغرب والمغاربة، بالموازاة مع التوعية بثقافة تبليغ المواطن عمّا يراه مسيئاً لصورة المغرب من أجل تحقيق أرباح مادية".
وذكّر بأن المرصد المغربي للسيادة الرقمية "كان من الأوائل الذين دقوا ناقوس الخطر بشأن الانحدار الخطير الذي تشهده محتويات منصات التواصل الافتراضي بالمغرب”، كما دعا إلى “تدخل عاجل للسلطات الحكومية والأمنية من أجل وقف تداعياتها على الصحة النفسية للأفراد بالمجتمع المغربي والسمعة الرقمية للمغرب".
ويرى الناشط في المجال الرقمي، أن حظر منصة "تيك توك" ليس هو الحل، لأن هذه المنصات مبنية على حرية التعبير.
اقرأ أيضاً
«تيك توك»! «تيك توك»!
واتفق معه الخبير في الإعلام الجديد والتسويق الرقمي حسين ساف، حين قال إن سهولة استخدام منصة "تيك توك"، إضافة الى العائد المادي، أديا إلى التهافت على صناعة مضامين تافهة.
وأضاف ساف أن "المضامين التافهة المدرّة للربح المباشر والمفتوح على شبكة الإنترنت طغت على عقول الصغار والكبار، مقابل غياب مطلق لأي هدف فكري أو بعد ثقافي أو علمي يقوده صناع محتوى جاد وجيد وله جدوى اقتصادية مباشرة، عبر مشاريع ابتكارية تشاركية في مجال صناعة المحتوى".
ودعا الخبير في التسويق الرقمي، إلى معالجة الخلل بوضع استراتيجية وطنية رقمية مبنية على "اقتصاد صناعة المحتوى"، تعمل على تشجيع الشباب ومنحهم فرص ريادة الأعمال في صناعة مضامين جادة ومجدية مُوجهة لصناعات المستقبل.
في المقابل، عارض ناشطون حقوقيون الخطوة واعتبروها تضييقاً على الحريات في البلاد.
اقرأ أيضاً
واشنطن تُنذر شركة "بايت دانس" بالحظر إذا لم تنسحب من تيك توك
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: المغرب تيك توك حظر قيم المجتمع حرية الرأي التواصل الاجتماعی اقرأ أیضا تیک توک
إقرأ أيضاً:
الهويات الخليجية والأسئلة الحائرة
تناولنا في الجزء الأول من هذه المقالة الأسئلة الحائرة التي يثيرها واقع الهويات الاجتماعية في مجتمعات دول الخليج العربية، التي تنبعُ من عناصر الخطر المحدقة بها، سواء في اتصالها الثقافي، أو في بنية المجتمعات الديموغرافية وما تفرضه من تحولات في نمط نقل الهوية عبر الأجيال، أو في سياق بيئة العولمة الثقافية والاتصالية ككل وما تحدده من مسارات لنمو وتلاشي وضمور أو تطور تلك الهويات. ويعنينا في هذا الجزء أن نستعرض السبل والممكنات التي يمكن من خلالها لهذه المجتمعات أن تحافظ على هوياتها في ظل مشهد عالمي يتسم بـ (هوياتٍ هشة fragile identities). سمة هذه الهويات في كونها معرضة بشكل مباشر للاستهداف المتعدد وغير المنضبط في فضاءات اتصالية وتربوية ومفاهيمية غير محدودة، وفي المقابل يتم استدعاء بعض عناصر هذه الهويات وتوظيفها أيديولوجيًا في سياق صراعات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
إن من السبل الممكنة لحفظ واستدامة الهويات في هذه المجتمعات هو إدماجها في الدورة الاقتصادية؛ فمع إمكانيات الإنتاج وخطط التوسع والتنوع الاقتصادي التي تقودها هذه الدول، يشكل تنشيط الاقتصاد الثقافي فرصة كبيرة على مستوى تنوع الاقتصاد، ويحقق في الآن ذاته وظيفة اجتماعية من خلال المساهمة في حفظ بعض عناصر الهوية واستدامتها وجعلها حاضرة في الوجدان الاجتماعي. إن المنتجات من السلع والخدمات التي تخدم من عناصر ثقافية (مادية / غير مادية) محلية بما في ذلك الإنتاج التلفزيوني والسينمائي والترفيه الرقمي والسياحة القائمة على الإرث المحلي والمزارات التاريخية والمصنوعات الحرفية المحلية والأطعمة وأنماط اللباس التي يمكن أن تتحول لعلامات تجارية، وحتى أدوات الزينة وسواها التي تنتج وتخدم من العناصر المحلية ترسخ هذه الهويات بشكل مباشر وغير مباشر، ويزداد دورها في ترسيخ تلك الهويات كلما غدت قادرة على عبور الأسواق المحلية إلى الإقليمية والعالمية، ومنها يتشكل ارتباطها بعناصر الفخر والحضور والرمزية الاجتماعية والهوياتية، وفي المقابل تصبح داعمة لرحلة تنوع الاقتصادات؛ فالاقتصاد الثقافي بحسب التقديرات يسهم اليوم بأكثر من 4% من حجم الاقتصاد العالمي، ويسهم في الآن ذاته في توظيف نحو 7% من القوى العاملة العالمية، وهو ما يشكل منفعة اقتصادية واجتماعية في الآن ذاته.
ويعتبر الحضور الرقمي للهوية سبيلًا رئيسيًا لتعزيزها في عالمنا المعاصر، في ظل مجتمعات تتواصل رقميًا، وتنشط معرفيًا وفكريًا بشكل رقمي، وتتبادل الأفكار والقيم والاتجاهات وفق أدوات رقمية. لا يزال حضور المنطقة في إنتاج المحتوى على شبكة المعلومات محدودًا جدًا، رغم معدلات الاستهلاك العالية للشبكة، ومعدلات النشاط العالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن هنا يتوجب وضع استراتيجيات لتعزيز الحضور الخليجي في إنتاج المعرفة والمحتوى عمومًا في كل المجالات، والقادر على تسويق وتعزيز الهوية من ناحية، والعبور بها كقوة ناعمة لهذه المجتمعات من ناحية أخرى، فلو أخذنا على سبيل المثال المحتوى المرتبط بـ (الترفيه الرقمي)، وهو من أشكال المحتوى الأكثر استهلاكًا في منطقة الخليج العربي، حيث تشير التقارير إلى أن قيمته بلغت في المنطقة نحو 11.75 مليار دولار في عام 2024، مع توقعات بالوصول إلى 76.81 مليار دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 21.5%. لكن في المقابل ما نسبة المحتوى الخليجي في سياق هذا السوق المتكامل، الذي تستهلكه فئات عمرية واسعة، مع التركيز على الفئة العمرية الحرجة - اتصالًا بتعزيز الهوية - وهي فئة الشباب بين (15 - 39)، عوضًا عن شريحة الأطفال التي تتماس كذلك بشكل مباشر مع محددات التنشئة الأولى للهوية وتركيبها ضمن سياق التنشئة الاجتماعية. إن إنتاج محتوى رقمي متكامل في كافة المجالات، والاستفادة من فرص سوق الترفيه الرقمي تحديدًا في تعزيز حضور الهوية، وبث الرسائل المتصلة بها، وتجسيد الرمزيات النابعة منها، ومراعاة قيمها عبر هذه الأدوات يشكل سبيلًا يتواءم مع طبيعة المرحلة ومتغيراتها وطبيعة الفاعلين فيها.
يمكن كذلك تطوير بعض المبادرات المبتكرة والجزئية، فعلى سبيل المثال تطبق بعض الدول ما يُعرف بـ (البعثات المدنية Civil missions)، وذلك لأغراض التعرف وصيانة وتطوير التراث الثقافي المادي وغير المادي داخل محيط الدولة، ويمكن الاستفادة من مثل هذه التجربة في تطوير برامج مماثلة للطلبة من خريجي التعليم العام، أو الجامعات والكليات، حيث يمكن إشراكهم في رحلات استكشافية للتراث الثقافي المادي وغير المادي داخل الدولة، وتطوير مشروعات لصيانته والمحافظة عليه، أو تسويقه أو بناء المحتوى حوله. وهو ما يسهم في زيادة رقعة الاهتمام به كعنصر أصيل من عناصر الهوية. كل هذه سبل يعضدها أيضًا إعادة تصور الدور التقليدي للتعليم في نقل وترسيخ الهوية، وإنتاج محتوى إعلامي مبتكر ومقبول وجاذب لترسيخ الهوية وتصديرها، وتوسيع مناطق النقاش الجادة حول مستقبل الهوية، وألا يكون حوار الهويات حوارًا هامشيًا أو استعراضيًا تحويه معارض الكتب أو النوادي الثقافية أو الجلسات الفكرية البعيدة عن حياة الشارع وما يدور فيه، والاستفادة من بزوغ ما يُعرف بالاقتصاد الإبداعي ومنتجاته وتجاربه العالمية، والتي شكلت اليوم لبعض الدول أحد أهم مواردها الاستراتيجية.
وفي كل الأحوال فإن الحفاظ على الهوية يبقى ليس مجرد شعار وطني أو استحضار حضاري يترافق مع الخطط والاستراتيجيات والرؤى السياسية والتنموية، بل هو رأس مال استراتيجي رئيسي لا يمكن للتنمية أن تستديم إلا بحضوره، ولا يمكن أن تستقر المجتمعات وتحفظ اتصال أجيالها إلا به، ولا يمكن أن يتحقق التوازن الاجتماعي إلا بتحقيق شرطياته.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان