سفر العتيبي

أصبحت روسيا من أوائل البلدان غير الإسلامية التي اعتمدت معاييرها الخاصة للمنتجات الحلال وفي عام 2023، وفي شهر نوفمبر، تم الاعتراف بشهادات الحلال الروسية في دول الخليج، مما يساعد في تسهيل توريد المنتجات من الاتحاد الروسي إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وعمان وقطر واليمن، ومن ثم إلى دول أخرى في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا.

سيسلط كبار الخبراء في مجال صناعات الحلال الضوء على الفرص التي سوف تكون متاحة أمام أسواق الدول الإسلامية اعتبارًا من عام 2024 في الذكرى السنوية الخامسة عشرة للمنتدى الاقتصادي الدولي “روسيا — العالم الإسلامي: منتدى قازان”، الذي سينعقد في مدينة قازان (الاتحاد الروسي، الجمهورية تتارستان) في الفترة من 14 إلى 19 مايو 2024.

صناعة الحلال تتطور بشكل ملحوظ في روسيا وفي العالم عمومًا، وبالتالي تم إدراجها ضمن قائمة المواضيع الأساسية في منتدى قازان السنوي، الذي يُعقد بمشاركة دول منظمة التعاون الإسلامي، وسوف تتمتع بأهمية خاصة على هوامش المنتدى القادم.

وفي السنوات الأخيرة، شهد حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول منظمة التعاون الإسلامي نموًا كبيرًا .إن التبادل التجاري بين الاتحاد الروسي ودول منظمة التعاون الإسلامي بلغ 113.3 مليار دولار في عام 2021، أي زاد بنسبة 43.2% بالقياس إلى عام 2017” — قال السيد حسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، في خطابه أمام المشاركين في منتدى قازان-2023. وفي رأيه بخصوص سوق الحلال والإمدادات المتبادلة للمنتجات التي تتوافق مع المعايير الإسلامية التي تتيح فرص جديدة.

“إن سوق الحلال العالمي ينمو بسرعة فائقة وتبلغ قيمته الآن 2.6 تريليون دولار. أتمنى أن تساهم أعمال المنتدى في تطوير صناعة وتجارة المنتجات الحلال في روسيا، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2028، سيصل حجم سوق الحلال إلى أكثر من 11 تريليون دولار”  — أفاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي في مايو 2023.

تم توسيع إمكانيات الإمدادات الجديدة من خلال إنشاء مركز الكفاءة الحلال الذي تم تأسيسه في الاتحاد الروسي، وهو يمثل هيئة معتمدة لإصدار شهادات المنتجات الحلال (وفقًا للمعايير الحكومية الموحدة التي تتوافق مع المعايير الوطنية والدولية) “روسكاتسيستفو – حلال”. وفي نوفمبر، حصل المركز على شهادة من مركز الاعتماد الخليجي (Gulf Cooperation Counsil Accreditation Center, GAC)، إذ تم اعترافه في المنطقة حيث بدأت صناعة الحلال ذات نظام إصدار الشهادات للمنتجات.

“نحن نعمل من أجل تحقيق الاعتراف المتبادل بنظام شهادات الحلال، وتبادل خبراتنا ومعرفتنا وتدريب زملائنا في جميع أنحاء العالم. نحتاج إلى أن تعمل جميع الوكالات بشكل صحيح، وتُحدّث معاييرها، وتحافظ  على  مؤهلات الموظفين العالية. نحن مستعدون للتعاون مع مثل هذه الشركات نيابة عن الحكومة في كل دولة”—  قال يوسف سالم الحربي، مدير المركز السعودي للحلال التابع للهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية (SFDA)، في منتدى قازان 2023.

هكذا ظهرت في روسيا أول هيئة لإصدار شهادات الحلال المعتمدة للعمل في أسواق دول الخليج العربي. ووفقًا  لتقييمات الخبراء، فإن هذا سييسر عملية التصدير ويخفض التكاليف ويعزز قدرات الشركات الموردة. ومن بين المنتجات الحلال الواعدة من الاتحاد الروسي: الدواجن ولحم البقر والحلويات ومنتجات الألبان. قد تزيد الإمدادات ليس فقط إلى دول الخليج، حيث تجري حاليًا عملية تدقيق من قبل مركز الكفاءة الحلال “روسكاتسيستفو – حلال” وعدد من الدول الإسلامية الأخرى. كما تتطور العلاقات في مجال إصدار الشهادات مع إيران وإندونيسيا وماليزيا وتركيا وكازاخستان وقيرغيزستان. في الأفق قد يتم الاعتراف تلقائيًا بالمنتجات المعتمدة في الاتحاد الروسي على أنها تلبي معايير الحلال العالمية.

الجدير بالذكر أنه ظهرت أول معايير الحلال الوطنية في روسيا نتيجة للقرار الذي تم اتخاذه في عام 2017 في إطار منتدى قازان لإنشاء لجنة فنية معنية بتوحيد معايير الحلال.

من الممكن أن منتدى قازان 2024 سيصبح منصة لاتخاذ قرارات جديدة وعقد اتفاقيات دولية من شأنها أن تؤثر على تطوير السوق العالمية للمنتجات الحلال.

وسيناقش ضيوف المنتدى بما في ذلك الخبراء والمشاركون في السوق تطوير نظام اعتماد الحلال في روسيا وآليّة الاعتراف المتبادل بالمنتجات مع الدول الإسلامية وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال البنية التحتية الحلال. ومن بين المواضيع ذات الأهمية أيضًا: تشكيل نظام حديث لتدريب المتخصصين في صناعة الحلال، التي تتطور بسرعة وتشمل العديد من المجالات: إنتاج الغذاء، والتمويل، والسياحة، والطب.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: التعاون الإسلامی الدول الإسلامیة المنتجات الحلال الاتحاد الروسی الإسلامیة ا فی روسیا الحلال ا

إقرأ أيضاً:

باكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي!

اليوم سأحدثكم عن قصة حصول باكستان على السلاح النووي وإحداثها لمعجزة سياسية-علمية في العالم الإسلامي، فدولة التي لم تكن تملك شيئا بل حتى لا تستطيع صناعة مسامير وبراغي كيف لها أن تصنع سلاحا نوويا معقدا جدا في فترة قصيرة جدا، حتى الغرب لم يستطع مجاراتها؟ لا بد أن يكون وراء ذلك سر عظيم جدا ألا وهي الإرادة والعزيمة التي صنعت المستحيل.

بدأ كل شيء عام 1971 عندما تعرضت باكستان لهزيمة قاسية ومذلة أمام الهند، العدو الأول والأزلي، انتهت بانفصال بنغلادش عن باكستان، وبعد ثلاث سنوات فجّرت الهند أول قنبلة نووية له بمساعدة الكيان وخرجت للعالم تتبجح وصرّح الهنود: "نحن الآن صرنا قوة نووية".

في تلك اللحظة المفصلية في التاريخ كانت باكستان تراقب الوضع وشعرت بأن عدوها قد اكتسب ما سيمكنه من التفوق عليها، وهذا ما استفز كبرياء الشعب والحكومة هناك، حينها وقف رئيس وزراء باكستان ذو الفقار علي بوتو وقال عبارته الشهيرة: "لو اضطررنا لأكل العشب أو التراب، سنصنع قنبلة نووية". لم يأخذه الغرب ولا حتى الهند على محمل الجد، وظن الكل أنه مجرد هرطقة سياسية فقط وشعبوية معتادة للإلهاب حماس الجماهير هناك.. لكن تأكد لا حقا أن الرجل كان يعني ما يقوله بالحرف الواحد!

وبدأ التخطيط الفعلي لامتلاك برنامج نووي سري دون أن يثيروا ريبة أعين الغرب والعدو الأزلي الحاقدة.. وانطلق جمع المعلومات من طرف أجهزة المخابرات الباكستانية باحثة عن كل من يستطيع أن يقدم لهم يد العون من دول وحكومات ومنظمات سرية وجماعات تهريب وقبل ذلك البحث عن علماء نووي موثوقين ومستعدين للتضحية من أجل ذلك، وكان الاختيار على أحد الرجال الذين صنعوا المعجزة بأتم معنى الكلمة، ألا وهو الدكتور عبد القدير خان، وهو عالم الباكستاني شاب كان يعمل حينها في منشأة تخصيب أوروبية (URENCO – هولندا). اتصلت به المخابرات الباكستانية وقالت له بالحرف الواحد: "سيد عبد القدير أنت مستدعى في مهمة وطنية نبيلة هل ستلبي الدعاء أم نذهب لخيارات أخرى؟".

وكان الجواب: "لا مجال للتردد أمام نداء الوطن!" لم يتردد هذا الرجل الوطني المخلص للحظة في تلبية نداء الواجب، وترك كل الامتيازات الممنوحة له والرفاهية وجودة الحياة وحقول الورود والياسمين في هولندا؛ البلد الساحر من حيث الطبيعة الخلابة وجودة الحياة، وعاد متخفيا ليعمل في ظروف قاسية في مناطق وعرة غير موصولة حتى بطرق معبدة وبعيدة كل البعد عن المدن في باكستان. كل هذه التضحية من أجل هدف واحد ونبيل ألا وهو أن تمتلك بلده سلاحا نوويا يمكنها من استعاده التوازن أمام عدو أزلي يتربص على الحدود في كشمير..

استغل هذا الرجل الذكي منصبه هناك لجمع كل ما يمكنه من معلومات حول تقنية الطرد المركزي، ونجح في نسخ تصاميمها وخزنها في ذاكرته في عام 1975. وكما سبق وذكرت، عاد إلى باكستان سرّا حاملا مخططات علمية وتقنية ثمينة، ومعه حتى قائمة موردين دوليين وأسرار لا تُقدّر بثمن.

أسّس "مختبرات خان" في منطقة كاهوتا، وبدأ العمل بصمت رفقة علماء آخرين قام هو بنفسه بإقناعهم في العمل معه وكفاءات وطنية كوّنها هو بنفسه. وفي الخفاء تم إنشاء منشآت التخصيب الذي هو أصعب شيء في أي برنامج نووي، واستُخدمت شبكة تهريب دولية لاقتناء القطع والتكنولوجيا من أوروبا وماليزيا والصين، وكل ذلك تم بسرّية مذهلة وبمساعدة جزئية من الصين التي زوّدت باكستان ببعض التصاميم والمكونات النووية والتي فيما بعد تحولت إلى الحليف الأول للباكستان. والآن 80 في المئة من واردات السلاح إلى باكستان هي من التنين الصيني، مستغلة وبذكاء خلاف الصين الحدودي مع الهند مما قرب تلقائيا بينهما وفق المعادلة الشهيرة "عدو عدوي صديقي"، أضف إلى ذلك أن الظروف الإقليمية آنذاك خدمت المشروع النووي بطريقة غير مباشرة، ففي الوقت الذي كانت فيه أمريكا مشغولة بدعم باكستان في حربها ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، غضّت الطرف عن تقدمها النووي، أو لنقل أن واشنطن لم تكن تتصور أن باكستان بلغت أشواطا متقدمة جدا في الحصول على سلاح نووي كامل.

في عام 1998 فجّرت الهند سلسلة تجارب نووية وبعد أقل من ثلاثة أسابيع، وفي يوم 28 أيار/ أمايو ردّت باكستان بتفجير خمس قنابل نووية دفعة واحدة في جبال بلوشستان. وهنا كان العالم مذهولا، والغرب في حالة صدمة واضحة، ولعل الصدمة الأكبر كانت في نيودلهي حين علم الهنود أن تفوقهم النوعي على عدوهم الأزلي قد زال وحدث التوازن بين القوى!

دخلت باكستان رسميا نادي القوى النووية إلى جانب القوى العظمى في العالم، وأصبحت أول دولة إسلامية تمتلك السلاح النووي. حاول شرطي العالم تدارك الأمر، ففرضت أمريكا عقوبات اقتصادية علها تثنيها عن ذلك، لكن يبدو أن الرجال فعلوها أخيرا والردع النووي قد تحقّق، فالبرنامج اكتمل ورسالة رئيس الوزراء قد وصلت فعلا، كل كلمة قالها كان يعنيها، لا شيء سيثني باكستان عن امتلاك سلاح نووي.

أما بالعودة للحديث عن البطل القومي عبد القدير خان الذي قام عليه المشروع، فقد وُضع لاحقا تحت الإقامة الجبرية بعد اتهامه بتهريب تكنولوجيا نووية إلى دول أخرى ككوريا الشمالية وإيران وليبيا، ومع ذلك بقي في أعين شعبه "أبو القنبلة الإسلامية".

قصة المشروع النووي في دولة باكستان تظهر مدى حجم التأثير حين تجتمع الإرادة والعزيمة السياسية مع إرادة الشعب، ومدى أهمية العقول العلمية وحب الوطن الخالص الذي يمكن أن يغير موازين القوى بشكل كامل وإحداث المعجزات!

مقالات مشابهة

  • روسيا والسعودية تسجلان رقما قياسيا في نمو التبادل التجاري
  • وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي يبحثون في نهاية الأسبوع العدوان الإسرائيلي على إيران
  • نائب رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية روسيا – العالم الإسلامي يزور جامعة الأزهر
  • “الشؤون الإسلامية” تنهي توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين من المصحف الشريف عبر ميناء جدة الإسلامي
  • باكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي!
  • زاخاروفا: روسيا تبذل كل ما بوسعها لدرء الكارثة
  • لافروف: “روساتوم” مستعدة للمشاركة في بناء محطة نووية في إندونيسيا
  • منتدى الشارقة الإسلامي يطلق السبت دورته العلمية الـ 25
  • السفير الإيراني لدى روسيا: إيران لن تنسى الدول التي وقفت إلى جانبها
  • المفوضية الأوروبية تؤكد أن أوروبا لن تعود أبدًا إلى الغاز الروسي