يصلح لمشهد هوليودي.. الدويري يعلق على استدراج القسام قوة إسرائيلية داخل نفق
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن الكمين الذي نفذته كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- ضد قوة إسرائيلية داخل أحد أنفاق مدينة غزة، يظهر إدارة المقاومة المعركة بكفاءة واقتدار.
وأوضح الدويري -خلال تحليله للجزيرة- أن الفيديو يُظهر أن عناصر جيش الاحتلال اتخذوا كل الإجراءات الاحترازية وبدقة كبيرة، منبها إلى الاستعانة بطائرة مسيرة قادرة على التصوير، وإدخال كلاب مدربة تحمل كاميرات وأجهزة إرسال، بالإضافة إلى إنزال كاميرا مراقبة وأجهزة إنارة داخل النفق بحي الشيخ رضوان شمالي غزة.
وبيّن أن جنود الاحتلال اتخذوا 3 خطوات فاعلة وكان دخولهم بمنتهى الحذر، ومع ذلك كان عناصر القسام أكثر ذكاء، واصفا ما يحدث بأنه يصلح بأن يكون جزءا من أفلام هوليود.
وأشار إلى هدوء أعصاب القيادي بالقسام الذي كان يوجّه رفاقه عبر شبكة الاتصالات الخاصة بالكتائب، مؤكدا أن أنفاق غزة صُممت بطريقة هندسية لتحقيق غايات محددة، ومَن صمّمها كان يعرف ماذا يريد، وبُنيت على أساس أسوأ الاحتمالات.
وأكد أن إسرائيل لم تحسب حسابا لأنفاق المقاومة، منبها إلى أن مشكلة الاحتلال في الضعف الاستخباري وإدارة المعركة، كما استحضر تقارير تتحدث عن حالة تململ وتذمر في صفوف الجنود؛ بسبب نقص الذخيرة والإسناد.
وحول أسباب إصرار الاحتلال على دخول الأنفاق بدلا من قصفها، أشار الخبير الإستراتيجي إلى أنها تعدّ الصندوق الأسود، وقد تقوده إلى شبكة الأنفاق الهجومية "لذلك يتكرر الخطأ نفسه"، مبينا أن تفجير فتحات الأنفاق مختلف؛ لأن الجنود يكونون خارجها.
أما بشأن عدد الأنفاق المكتشفة إسرائيليا في غزة، قال الدويري إن الحديث عن عشرات الأنفاق، ما يعني أن الحد الأقصى يصل إلى 100، بينما يوجد بالقطاع 1300 نفق طولها ما بين 500 و570 كيلو مترا، وبمستويات وأعماق مختلفة قد تصل لـ80 مترا.
وأضاف أن الاحتلال نجح بتدمير بعض الأنفاق بعد تدمير مربعات سكنية كاملة، قبل أن يشيد بنجاح فصائل المقاومة في إدارة المعركة الدفاعية، بعد إخفاق الاحتلال في تحييد الأنفاق رغم اللجوء لإغراقها بالمياه واستخدام كلاب مدربة، وأجهزة "روبوت" وأساليب أخرى.
وأشار إلى أن واشنطن نصحت تل أبيب بعدم دخول غزة بريا، ولكن الأخيرة لم تنصع، مؤكدا أن إسرائيل عليها أن تقتنع أن تدمير حركة حماس "أقرب للخيال من الواقع"، وعليها قبول ما تطرحه إدارة بايدن.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
كيان الاحتلال في مواجهة خصم لا يُرى.. المعركة مع اليمن تخرج عن السيطرة
يمانيون | تحليل
في الوقت الذي يتخبّط فيه الكيان الصهيوني على أكثر من جبهة، تعود الجبهة اليمنية إلى واجهة الاهتمام الاستراتيجي الصهيوني، بعدما تحوّلت من ساحة يُستخف بها في الحسابات الأمنية، إلى مصدر تهديد فعلي ومباشر على العمق الإسرائيلي.. ووفقًا لتحليلات بثّتها القناة 12 العبرية، فإن “إسرائيل” باتت تتعامل مع اليمن باعتباره جبهة منفصلة، معقّدة، وقابلة للاشتعال في أي لحظة.
هذه الجبهة التي ظلت لسنوات في هامش الاهتمام العسكري الصهيوني، أظهرت في الأشهر الأخيرة فاعلية غير مسبوقة، سواء على المستوى البحري أو من خلال الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي تخترق العمق الصهيوني، وتفرض معادلات جديدة لا يستطيع الاحتلال القفز فوقها.
ما يثير القلق أكثر لدى صانع القرار الإسرائيلي أن هذه الجبهة لا تعمل بردود أفعال مؤقتة، بل تتصرف وفق استراتيجية استنزاف طويلة الأمد، تثبت فعاليتها يومًا بعد يوم.
وضع عملياتي معقّد وخيارات مفتوحة.. قراءة في تكتيك الغموض اليمني
أشار محللون عسكريون صهاينة عبر القناة 12 إلى أن “الوضع العملياتي الذي تحتفظ به إسرائيل تجاه اليمن لا يقل تعقيدًا عن ساحات أخرى، وربما يفوقها غموضًا وصعوبة”..
التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن الجيش الصهيوني يحتفظ بخطط وأدوات كان أُعدّت في الأصل لمواجهة إيران، لكنها قد تُستخدم أو يُعاد توظيفها في مواجهة القوات المسلحة اليمنية، إذا ما تم اتخاذ القرار السياسي بذلك.
غير أن المعضلة الحقيقية، كما تعكسها التحليلات، لا تتعلق بغياب الخطط، بل بعدم جدوى هذه الخطط أمام خصم لا يُظهر نقاط ضعف واضحة، ولا يعتمد على منظومات عسكرية تقليدية يمكن استهدافها.
ولذلك يقول أحد المحللين الصهاينة: “إذا شهدنا غدًا عملية إسرائيلية كبيرة في اليمن، فهذا لم يعد مستبعدًا من الناحية التقنية، لكننا لا نضمن إطلاقًا أن تكون نتائجها مضمونة أو حاسمة”.
المرونة اليمنية، وقدرتها على توزيع مصادر القوة بين البحر والجو، وإخفاء مراكز القيادة والقرار، جعلت من أي ضربة إسرائيلية مغامرة محفوفة بالردود النوعية، وربما المفاجآت التي لم تُحتسب.
كيان الاحتلال تحت الحصار.. استنزاف اقتصادي وأمني وارتباك في العمق
مع استمرار الضربات اليمنية البحرية والصاروخية، باتت الجبهة الداخلية الصهيونية تعاني من حالة استنزاف مزمنة.
فقد أظهرت تقارير القناة 12 أن شركات الطيران العالمية، وحتى تلك التي كانت قريبة من استئناف رحلاتها إلى تل أبيب، لا تزال مترددة، بسبب غياب الضمانات الأمنية واستمرار التهديد الجوي القادم من اليمن.
الرسالة التي يحملها هذا التردد واضحة: العدو فقد سيطرته الجوية، ولم يعد بمقدوره حماية مجاله الحيوي.. وقد عبّر أحد المحللين عن ذلك بقوله: “الضربات اليمنية تجاوزت الرمزية، وأثرت مباشرة في الثقة بالنظام الأمني الإسرائيلي”.
وهذه الخسارة لا يمكن تعويضها بسهولة، لأنها تمس صورة “الدولة الحامية” التي طالما تاجر بها العدو أمام مستوطنيه.
الولايات المتحدة تتراجع… والكيان يُترك وحيدًا في مواجهة اليمن
من أكثر النقاط حساسية في النقاشات داخل الكيان، بحسب تغطية القناة 12، هو غياب الدور الأمريكي المباشر في ملف المواجهة مع اليمن. وبرز سؤال محوري على لسان أحد المحللين: “أين الولايات المتحدة؟ لقد تُركنا وحدنا في مواجهة اليمن، بينما تنشغل واشنطن بأولويات أخرى”.
وقد أثار هذا الغياب الكثير من التساؤلات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي كشفت عن استمرار قدرات اليمن في إطلاق الصواريخ البعيدة المدى.
ويقول محلل في القناة 12: “كنا نظن أننا أنهينا مرحلة تحديث الصواريخ اليمنية، لكنهم فاجأونا مجددًا، وهذا يعكس خللًا في التقديرات الاستخباراتية التي نُبني عليها خياراتنا”.
في هذا السياق، نقلت القناة 12 عن اللواء احتياط إلي عازر شاين ميروم، الذي كان من أوائل المحذّرين من تصاعد التهديد اليمني، تأكيده أن “إسرائيل لا يمكنها تجاهل هذه الجبهة أكثر، وإذا لم نتحرك سنجد أنفسنا نتلقى الضربات بشكل يومي”.
مأزق جيش متطور أمام خصم غير تقليدي
تطرّق المحللون في القناة 12 إلى مفهوم أسموه بـ”قوة الضعيف”، وهو مصطلح يلخّص المأزق الذي يواجهه جيش الاحتلال أمام خصم لا يمتلك تقنيات متقدمة، لكنه يملك الإرادة والقدرة على إيلام الخصم بطرق غير متوقعة.
أحد المحللين لخّص هذه المفارقة بقوله: “عندما يكون خصمك ضعيفًا، من الصعب جدًا الانتصار عليه. هو لا يملك نقاط ضعف تقليدية، ولا يخضع لقواعد الاشتباك التي درّبنا أنفسنا عليها. نحن أمام خصم لا يُظهر نفسه، لكنه يضربك في أكثر أماكنك هشاشة”.
هذا النمط من المواجهة، بحسب المحللين، يشل قدرة الجيش الإسرائيلي على المبادرة، ويجعله في موقع الدفاع الدائم، ما يؤدي إلى تآكل الردع وضرب هيبة الاحتلال في عيون الرأي العام الداخلي والخارجي.
بنك أهداف يتشكّل… لكن النصر لا يُرى في الأفق
بحسب التقارير العبرية، فإن إسرائيل بدأت بالفعل بتجميع بنك أهداف في اليمن، تحضيرًا لضربات مستقبلية، إذا ما توفرت التغطية السياسية والإقليمية لذلك.. إلا أن محللي القناة 12 لا يبدون حماسًا كبيرًا لهذا الخيار، حيث أكد أحدهم أن “تحقيق نصر حاسم في اليمن غير وارد حاليًا، لأن طبيعة المعركة تختلف جذريًا عما اعتدناه”.
ويضيف محلل آخر: “أولئك الذين يرون المشهد بشكل أبيض وأسود، ويعتقدون بإمكانية القضاء على التهديد اليمني بضربة واحدة، يعيشون في وهم كبير. نحن أمام عدو راكم خبرة قتالية، ويعرف كيف يستثمر صبره وموارده المحدودة لإنتاج نتائج كبيرة”.
جبهة لا يمكن تجاوزها بعد اليوم
بات واضحًا أن الكيان الصهيوني يواجه جبهة يمنية متماسكة، تملك إرادة سياسية وعسكرية حرة، وتتمتع بقدرة متزايدة على توجيه الضربات الدقيقة والمؤثرة في عمق الكيان. ورغم التهديدات المتصاعدة، تبدو إسرائيل عاجزة عن الحسم، لأنها ببساطة تواجه خصمًا لا يشبه أي عدو واجهته سابقًا.
اليمن لم يعد مجرد طرف في المقاومة، بل تحوّل إلى فاعل إقليمي مستقل، يفرض حضوره على المعادلات الكبرى، ويغيّر حسابات العدو بشكل يومي. وفي هذا السياق، لم تعد المسألة متعلقة بصواريخ أو طائرات مسيّرة، بل بمنظومة صمود استثنائية، تُعيد تعريف معنى النصر والهزيمة في الشرق الأوسط.
في الخلاصة، ساحة اليمن لم تعد جبهة يمكن تجاهلها، أو اختصارها في توصيفات عابرة. إنها جبهة باتت تُحسب ألف حساب، وتفرض على المحتل معادلة جديدة: “اضربني إن استطعت، لكنك ستتلقى الرد من حيث لا تحتسب”.