لجريدة عمان:
2025-05-21@16:53:10 GMT

التطرف من النهر إلى البحر

تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT

لقد تجاوزت الحصيلة التي تم الإعلان عنها للقتلى الفلسطينيين في غزة حتى الآن 25 ألف قتيل، ولا تظهر في الأفق أي إشارة على وقف القتال كما لا يوجد وضوح بشأن الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل مع تزايد حدة المناقشات حول ما الذي يتوجب فعله بعد انتهاء الحرب في نهاية المطاف. لقد كثّفت الولايات المتحدة الأمريكية من تصريحاتها التي دعت من خلالها الى بذل المزيد من الجهود من أجل التوصل لحل الدولتين، وهي سياسة الاتحاد الأوروبي نفسها ومعظم المجتمع الدولي لسنوات عديدة، كما تهدف مبادرة السلام العربية إلى إقامة دولتين للشعبين اللذين يقيمان بين البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن مرة أخرى معارضته الصريحة، حيث قال: «لن أتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على كل الأراضي الواقعة غرب الأردن ــ وهذا يتعارض مع الدولة الفلسطينية». إن هذا الطرح يؤكد ظنون الكثيرين منذ فترة طويلة أن سياسات نتانياهو لسنوات عديدة سعت لتعطيل أي تحرك من أجل التوصل لحل الدولتين وهي السياسات التي نجحت إلى حد كبير.

للأسف فإن أنصار حل الدولتين لا يشغلون موقعًا مهيمنًا ضمن الخطاب العام الحالي سواء في إسرائيل أو في الأراضي الفلسطينية، ومع احتدام الحرب زادت حدة المشاعر. إنَّ هناك شعورًا متزايدًا بالعداء المتبادل مع اهتمام لا يكاد يذكر باحتمالات السلام على المدى الطويل، لكن هذا سوف يتغير في نهاية المطاف، مما قد يسمح بأشكال أكثر بناءة من الخطاب.

إن من المؤكد أن الانتقال من الحرب الحالية نحو مستقبل الدولتين لن يكون بالأمر السهل، ولابد من تسوية قضايا الحدود، إلى جانب وضع القدس (وربما هو الجانب الأكثر حساسية في النزاع بالنسبة لكلا الجانبين) كما تظل المستوطنات اليهودية غير القانونية الواسعة النطاق في الأراضي المحتلة واحدة من أكبر العوائق التي تعترض تحقيق تقدم وأكثرها وضوحًا.

لكن حل الدولتين في نهاية المطاف ليس حلاً لا يمكن تصوره أو حدوثه كما يشير المنتقدون، بل على العكس من ذلك فهناك الكثير من المخططات التي تم وضعها بالفعل، حيث نشرت مؤسسة راند الأمريكية للأبحاث قبل بضع سنوات موجزًا بحثيًا يتضمن رؤية لمدن فلسطينية على شكل «قوس» تربطها سكك حديدية حديثة بكل من غزة في الجنوب وميناء حيفا في الشمال.

إنَّ المشكلة بطبيعة الحال هي أن حل الدولتين ليس هو الحل الوحيد المتاح، وعلى أقصى طرفي الطيف السياسي الإسرائيلي والفلسطيني، فإن الخيار المفضل هو إنشاء دولة واحدة «من النهر إلى البحر»، وحسب من هو الجانب الذي سوف ينتصر، فإن هذا يعني إما دولة فلسطينية تحل مكان (وبالتالي تقضي على) دولة إسرائيل، أو دولة يهودية رفضت فكرة إقامة دولة فلسطينية في المنطقة.

نعم، من الناحية النظرية، يمكن للمرء أيضًا أن يتصور وجود دولة واحدة يعيش فيها اليهود والفلسطينيون بسلام معاً في ظل نظام سياسي ديمقراطي يضمن حقوقًا متساويةً للجميع، ولكن من الناحية العملية، ربما يستغرق تحقيق هذه النتيجة قرونًا من الزمن، وبما أنه ليس لدينا كل هذا الوقت، فإن مثل هذا الحل غير ذي صلة في واقع الأمر.

إن نسخة حماس بشعار «من النهر إلى البحر» لا يمكن أن تنجح أيضًا فإسرائيل لا تتمتع بالحق في الدفاع عن نفسها فحسب، بل إن وجودها يحظى كذلك بدعم قوي من جانب المجتمع الدولي، فضلاً عن قسم كبير من العالم العربي، وبينما يستمر الجناح العسكري لحماس في الدفاع عن خياره، يتحدث قادة حماس من السياسيين في بعض الأحيان عن قبول وقف إطلاق النار طويل الأمد («الهدنة»)، وهو ما يعني ضمنًا الاعتراف الفعلي بـ«الكيان الصهيوني».

إن النسخة الإسرائيلية المتطرفة من عبارة «من النهر إلى البحر»، التي يفضلها الآن صراحة عناصر في حكومة نتانياهو، تدعو إلى اتخاذ تدابير «لتشجيع» أكثر من 5 ملايين فلسطيني يعيشون في غزة والضفة الغربية على الرحيل، ومع استمرار حرمان القلة المتبقية من حقوقهم السياسية، فإن النتيجة ستكون دولة مبنية على مزيج من التطهير العرقي والفصل العنصري الصريح، ولكن هذا المسار من شأنه أن يؤدي في الأرجح إلى تجدد أعمال العنف والصراع، وهو ما من شأنه أن يغرق المنطقة في المزيد من الفوضى.

وفي حين أعرب نتانياهو عن معارضته لحل الدولتين، فإنه لم يلمح على الاطلاق إلى النتيجة التي يفضلها، ومع افتقاره إلى أي اتجاه وانتقاله من أزمة إلى أخرى، فإنه -سواء عن قصد أو بغير قصد- يأخذ إسرائيل إلى طريق الدولة الواحدة التي يفضلها أكثر حلفائه تطرفًا، وبالتالي يبتعد أكثر فأكثر عن السلام المحتمل.

ونظرًا للبدائل -التي لا يمكن حتى أن نطلق عليها «حلولًا»- فإن نتيجة حل الدولتين تظل الخيار الوحيد القابل للتطبيق من أجل تحقيق السلام، وبمجرد انتهاء الحرب الحالية (كلما كان ذلك أسرع، كلما كان ذلك أفضل)، فلا بد أن تركّز كل الجهود الدبلوماسية وجهود إعادة الإعمار على إعادة المنطقة إلى مسار الدولتين علمًا أنه ستكون هناك مقاومة من جانب الذين يهتفون «من النهر إلى البحر»، ولكن المرء يأمل بأن تكون الغلبة في نهاية المطاف للمعتدلين من الطرفين بدعم من لاعبين رئيسيين مثل: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، وهم وحدهم قادرون على القول بشكل ينطوي على المصداقية بأنهم يعرفون الطريق الذي سيؤدي إلى تحقيق السلام.

كان كارل بيلت وزيرا لخارجية السويد من عام 2006 إلى عام 2014 ورئيسا للوزراء من عام 1991 إلى عام 1994، وشغل منصب المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى يوغوسلافيا السابقة.

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من النهر إلى البحر فی نهایة المطاف حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

إيكونوميست: انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" من البحر الأحمر.. ما المشاكل والاخفاقات التي واجهتها؟ (ترجمة خاصة)

كشفت تقارير غربية عن انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان من البحر الأحمر بعد خسارتها ثلاث طائرات مقاتلة.

 

ونقل موقع بيزنس إنسايدر الأمريكي مسؤول دفاعي أمريكي قوله إن حاملة الطائرات موجودة حاليًا في البحر الأبيض المتوسط، على الرغم من أن التاريخ الدقيق لعودتها إلى ميناءها لا يزال غير مؤكد.

 

وحسب مجلة " إيكونوميست" فإن حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان عادت أخيرًا إلى موطنها بعد مهمة طويلة وصعبة في البحر الأحمر.

 

وذكرت أن حاملة الطائرات التي شاركت في عمليات قتالية ضد الحوثيين في اليمن، فقدت ثلاث طائرات مقاتلة خلال مهمتها، كما تعرضت لاصطدام مع سفينة تجارية. والآن، وبعد أشهر في البحر وحوادث متعددة، غادرت ترومان البحر الأحمر، وهي تبحر عبره في طريق عودتها إلى نورفولك بولاية فرجينيا.

 

وسلطت المجلة البريطانية الضوء على المشاكل والصعوبات التي واجهت حاملة الطائرات "ترومان" في البحر الأحمر:

 

ماذا حدث خلال مهمة حاملة الطائرات هاري إس ترومان في البحر الأحمر؟

 

كان نشر حاملة الطائرات هاري إس ترومان جزءًا من الجهود العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، وخاصةً في دعم عملية "راف رايدر" - وهي حملة قصف استهدفت قوات الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن. كانت ترومان واحدة من حاملتي طائرات شاركتا في العملية، التي بدأت في وقت سابق من هذا العام واستمرت عدة أسابيع قبل أن تقرر إدارة بايدن تعليق المهمة في أوائل مايو.

 

خلال فترة وجودها في المنطقة، شاركت حاملة الطائرات في عمليات مكثفة، حيث شنت مهام جوية وحافظت على وجود بحري في منطقة صراع حرجة. لكن المهمة لم تخلُ من انتكاسات.

 

كيف فقدت حاملة الطائرات الأمريكية ترومان ثلاث طائرات مقاتلة؟

 

تحول انتشار حاملة الطائرات ترومان إلى كارثة عندما فقدت السفينة ثلاث طائرات مقاتلة من طراز F/A-18 في حوادث منفصلة، ​​مما أثار مخاوف أمنية خطيرة.

 

1. تصادم في البحر الأبيض المتوسط: في منتصف فبراير، اصطدمت حاملة الطائرات بسفينة تجارية كبيرة بالقرب من بورسعيد، مصر. تسبب الاصطدام في أضرار للسفينة، مما أجبرها على التوجه إلى قاعدة بحرية أمريكية لإجراء إصلاحات. أدى هذا الحادث إلى إقالة قائد حاملة الطائرات ترومان، على الرغم من أن تفاصيل التصادم لا تزال محدودة.

 

2. سقوط طائرة نفاثة وجرار سحب في البحر: في وقت لاحق، في أبريل، أثناء عودة السفينة إلى البحر الأحمر، سقطت طائرة مقاتلة وجرار سحب في المحيط. كانت طائرة F/A-18 تُنقل في حظيرة الطائرات عندما وقع الحادث. نجا بحار بأعجوبة من الإصابة بعد أن قفز من قمرة القيادة قبل لحظات من انزلاق الطائرة في البحر. أشارت التقارير إلى أن السفينة كانت تتخذ إجراءات مراوغة في ذلك الوقت، مما قد يكون ساهم في الحادث.

 

3. فشل كابل التوقف: بعد أكثر من أسبوع بقليل، تحطمت طائرة F/A-18 أخرى في البحر أثناء محاولة هبوط. انقطع كابل الإيقاف - وهو نظام أمان رئيسي يُستخدم لإيقاف الطائرات عند هبوطها على سطح السفينة - بعد أن فشل في الإمساك بخطاف ذيل الطائرة المقاتلة. ولحسن الحظ، قفز الطياران بالمظلة وأُنقذا بطائرة هليكوبتر.

 

لماذا أُرسلت حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس. ترومان إلى البحر الأحمر؟

 

أُرسلت حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس. ترومان إلى البحر الأحمر كجزء من استراتيجية أمريكية أوسع لمواجهة التهديدات في الشرق الأوسط. وكان الهدف من وجودها إظهار القوة والحفاظ على الاستقرار في المياه التي شهدت تزايدًا في هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة من قِبل قوات الحوثيين. دعمت عمليات السفينة الغارات الجوية خلال عملية "الراكب الخشن"، حيث استهدفت القوات الأمريكية مواقع الإطلاق وأنظمة الرادار وغيرها من الأصول العسكرية في اليمن.

 

وضعت هذه المهمة طاقم السفينة تحت ضغط كبير لأشهر، خاصة مع تصاعد التوترات وتكثيف الهجمات على السفن التجارية في المنطقة. وقد أبرز إرسال حاملة الطائرات ترومان المخاطر التي تواجهها القوات البحرية الأمريكية خلال مثل هذه العمليات القتالية.

 

ما هو التالي لحاملة الطائرات الأمريكية هاري إس. ترومان؟

 

الآن، وبعد عودة حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان إلى نورفولك، يُرجّح أن تُجري البحرية مراجعة شاملة لانتشارها، بما في ذلك خسائر الطائرات وحادث الاصطدام السابق. ومن المتوقع أن تدرس التحقيقات تسلسل الحوادث، واتخاذ القرارات التشغيلية، وما إذا كانت بروتوكولات السلامة بحاجة إلى تحسين.

 

بعودة حاملة الطائرات ترومان، تُصبح حاملة الطائرات الأمريكية كارل فينسون هي الوحيدة العاملة حاليًا في المنطقة. وقد جُهزت فينسون بمقاتلة الشبح F-35C، وهي طائرة أحدث وأكثر تطورًا مُصممة لعمليات حاملات الطائرات، مما قد يؤثر على قرارات نشر حاملات الطائرات في المستقبل.

 

ماذا يعني هذا لعمليات البحرية الأمريكية المستقبلية؟

 

قد يكون لنشر حاملة الطائرات ترومان المضطرب آثار طويلة المدى. فخسارة ثلاث طائرات مقاتلة - تُقدر قيمة كل منها بعشرات الملايين من الدولارات - والأضرار التي لحقت بحاملة طائرات بقيمة 6 مليارات دولار، تُثير مخاوف بشأن الجاهزية التشغيلية والسلامة في البحر. كما تُسلط الضوء على تحديات الحفاظ على وجود عسكري قوي في المياه المُعرّضة للصراعات مثل البحر الأحمر.

 

مع استمرار تطور الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، قد تُعدّل البحرية دورات الانتشار، ومعايير التدريب، وأساليب التعامل مع المعدات لمنع وقوع حوادث مماثلة. في الوقت الحالي، ينصبّ التركيز على إعادة ترومان وطاقمها إلى الوطن بأمان بعد واحدة من أكثر عمليات الانتشار أهمية في التاريخ الحديث.

 


مقالات مشابهة

  • نورة الكعبي تشارك في اجتماع تحالف تنفيذ حل الدولتين بالمغرب
  • المبعوث الخاص للاتحاد الأوربي إلى الخليج يشيد بدور المغرب في تعزيز حل الدولتين
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • وزيرة الخارجية الفلسطينية تشكر  الملك محمد السادس لدعمه القضية الفلسطينية والدفع نحو حل الدولتين
  • إيكونوميست: انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" من البحر الأحمر.. ما المشاكل والاخفاقات التي واجهتها؟ (ترجمة خاصة)
  • المغرب يجدد التأكيد على حل الدولتين كمفتاح أساسي للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
  • الرباط تحتضن أشغال الاجتماع الخامس للتحالف العالمي من أجل تنفيذ حل الدولتين
  • اجتماع دولي في الرباط لدعم حل الدولتين.. هل تنجح الدبلوماسية في تحريك السلام؟
  • الرباط تحتضن اجتماعاً دولياً لدعم حل الدولتين وإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط
  • دعامي يحكي أنّ ظلمَ المليشيا بات أكثرُ فداحةً مِنْ ظلم الدولة التي قاتلها