موقع فرنسي: هل تنتهي حرب السودان بعد تسعة شهور من الدمار والبؤس؟
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
نشر موقع "أوريون 21" الفرنسي تقريرا سلّط فيه الضوء على الوضع الحالي في السودان بعد تسعة أشهر من الحرب.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ نيسان/ أبريل 2023، أدّى الاشتباك بين الجيش النظامي لعبد الفتاح البرهان والقوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع لمحمد حمدان دقلو - الملقب بحميدتي - إلى تدهور الوضع في السودان وإجبار عدة ملايين من السودانيين على الفرار من منازلهم أو حتى اللجوء إلى الخارج وسط لامبالاة المجتمع الدولي.
ونقل الموقع قصة كل من نسيم وإبراهيم، وهي أسماء مستعارة بهدف حمايتهم. قبل الحرب، كان نسيم يعيش في أحد أحياء الطبقة العاملة في الخرطوم. كان طالبا ماجستير يعيش مع والديه، وهما موظفان حكوميان من الطبقة المتوسطة ناضلا من أجل الحفاظ على مستوى معيشي لائق إلى حد ما على الرغم من التضخم المرتفع.
كان نسيم ينتمي إلى النواة الصلبة للجنة المقاومة في حيه أيام الثورة الشعبية، وهي هيئة أساسية في الثورة الشعبية سنة 2018-2019. ولكن بعد الارتفاع الكبير للحماسة خلال الانتفاضة، ابتعد قليلا عن الساحة السياسية، محبَطا من عودة الأحزاب القديمة العالقة في خلافاتها المتبادلة ومعارك غرورها.
قبل الحرب، تعاون إبراهيم مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الكبيرة، حيث فتح لها أبواب بلاده التي يعرفها في كل زاوية وركن. كما شارك في الثورة وفي هذا الزخم الفكري الذي وعد بإعادة بناء السودان وجعله دولة لكل مواطنيه. كان يكافح ضد أزمة اقتصادية مدمرة تركت الشعب بأكمله فاقدا للحيوية، باستثناء النخبة المفترسة في النظام القديم.
الفرار من الخرطوم
صمد نسيم وإبراهيم في وجه تقلبات فترة ما بعد الثورة. خاطرا، مع ملايين آخرين، بحياتهم حتى لا يستسلموا للجنود ورجال الميليشيات. ولم يتراجعوا أمام انقلاب تشرين الأول/أكتوبر 2021، الذي توحد خلاله الجيش النظامي (القوات المسلحة السودانية) والقوات شبه العسكرية (قوات الدعم السريع) لوضع حد للتجربة الديمقراطية. ومنذ 15 نيسان/أبريل يحظى عبد الفتاح البرهان، القائد العام للجيش، والزعيم الفعلي للبلاد، بدعم إسلاميي النظام القديم ضد محمد حمدان دقلو، على رأس قوات الدعم السريع.
على غرار الملايين من السودانيين، غيّر يوم 15 نيسان/أبريل 2023 مصير نسيم وإبراهيم. قام إبراهيم برحلات متعددة في سيارته المتهالكة لإجلاء عائلته أولا، ثم أصدقائه الأعزاء، ثم معارفه. لقد فروا جميعا من الاشتباكات في الخرطوم، بعضهم باتجاه الحدود المصرية، والبعض الآخر باتجاه شرق البلاد.
وذكر الموقع أن سكان العاصمة عانوا من أعمال النهب والاغتصاب والقتل على يد قوات الدعم السريع التابعة للجنرال حميدتي. وفي الوقت نفسه، تعرض سكان الخرطوم لقصف مدفعي ثقيل وطيران الجيش النظامي. لذلك انتهى الأمر بإبراهيم بالمغادرة أيضا باتجاه مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وهي مقاطعة زراعية شاسعة تقع على بعد 185 كيلومترا جنوب شرق الخرطوم.
وتجدر الاشارة إلى أن سبعة ملايين ونصف المليون شخص نزحوا داخل البلاد وخارجها، وذلك وفقا لأرقام مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في 14 كانون الثاني/ يناير 2024، دون أن ننسى مقتل 12 ألف شخص، وهو تقدير تم الاستهانة به بالتأكيد.
يمر الجميع بنفس المأساة: العثور على سكن، واستعادة أموالهم بعد نهب وانهيار المؤسسات المصرفية، والتعويض عن غياب المدارس المغلقة منذ أبريل/نيسان، والتعويض عن التدمير الفعلي للبنية التحتية الطبية... باختصار، البقاء على قيد الحياة في بلد فقير بالفعل وضعيف الموارد منذ فترة ما قبل الحرب.
"فيلات الأشباح"
في كانون الأول/ ديسمبر 2023، كانت الصورة واضحة تماما: السودان منقسم إلى قسمين في الاتجاه الشرقي الغربي. تسيطر مليشيا حميدتي على جزء كبير من العاصمة، بينما ينحصر الجيش النظامي في عدد قليل من القواعد وعدد قليل من الأحياء في أم درمان. ويسيطر رجال حميدتي أيضا على غرب دارفور وجزء من كردفان. وهذا ليس مفاجئا: فقد تم تجنيد قوات الدعم السريع بشكل رئيسي من القبائل العربية في المقاطعة الغربية الكبيرة، التي تعرف التضاريس بشكل جيد، واستولوا على المدن الرئيسية دون صعوبة كبيرة.
وأضاف الموقع أن لجان السلام المكونة من شخصيات دينية وعلمانية حاولت الحفاظ على وقف إطلاق النار، لكنها انهارت الواحدة تلو الأخرى. أصبحت مهمة قوات الدعم السريع أسهل بسبب افتقار الجيش النظامي إلى الرغبة في قتالهم، حيث فضل الأخير التراجع إلى معسكراته. وفي كل مكان في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، يتم الإبلاغ عن انتهاكات خطيرة للغاية لحقوق الإنسان، تُرتكب إما بشكل مباشر من قبل رجال حميدتي، أو من قبل الميليشيات العربية المحلية المرتبطة بقوات الدعم السريع من خلال الأسرة أو القبيلة.
من جهة أخرى، انتقل الجيش النظامي، بقيادة البرهان، والمدعوم إلى حد كبير من الإسلاميين التابعين لنظام عمر البشير، إلى بورتسودان. ويسيطر هؤلاء الرجال على شرق البلاد وشمالها، أي وادي النيل، حيث تنحدر الطبقات الاقتصادية والعسكرية والسياسية للحكومات المتعاقبة منذ استقلال البلاد. وكما هو الحال في النظام القديم، فإنهم يتبعون سياسة قمعية ضد أي معارض. وفي هذا السياق، يتم إحياء الذاكرة المريرة لـ "فيلات الأشباح"، وهي أماكن الاحتجاز السرية.
ونقل الموقع عن المحللة السياسية السودانية التي تعيش الآن في المنفى خلود خير أنه "حتى منتصف كانون الأول/ديسمبر، بدا أننا نتجه نحو سيناريو على النمط الليبي مع تقسيم البلاد وقيادتها من قبل كيانين معاديين، كل منهما مدعوم من رعاة أجانب: قوات الدعم السريع تدعمها دولة الإمارات العربية المتحدة والقوات المسلحة السودانية مدعومة من قبل مصر. لكن هذا السيناريو عفا عليه الزمن".
"الانسحاب المشبوه للجيش النظامي"
في فجر يوم 15 كانون الأول/ديسمبر، هاجم رجال حميدتي ضواحي مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، التي توافد إليها مثل إبراهيم مئات الآلاف من سكان الخرطوم. وأصبحت المدينة ملجأً للنازحين، كما أصبحت مركزا لتخزين المساعدات الغذائية والأدوية. في المقابل، انسحبت القوات النظامية دون قتال تقريبا. وفي 18 كانون الأول/ ديسمبر، كانت ود مدني في أيدي قوات الدعم السريع. وتؤكد خلود خير: "داخل قوات الدعم السريع، يشعر الضباط ذوي الرتب المتوسطة بالغضب، لأنهم تلقوا أوامر بمغادرة المدينة دون قتال".
وأورد الموقع أن سقوط ود مدني أحدث صدمة ونقطة تحول لا يمكن إنكارها. وتم كسر القفل الذي يحصن بورتسودان في الشرق وسنار وكوستي في الجنوب، ليفر 300 ألف شخص، من بينهم إبراهيم، من ود مدني في الساعات الأولى لهجوم قوات الدعم السريع، و200 ألف آخرين في الأيام التالية، وذلك وفقا للأمم المتحدة.
وبسقوط ود مدني، استسلم نسيم الذي كان مسؤولا عن والديه المسنين وبعض إخوته وأخواته، وانتهى به الأمر باختيار المنفى، فقامت الأسرة بالرحلة من كوستي إلى دنقلا شمال الخرطوم، ومن هناك دفع المال للمهربين وهو اليوم في مصر.
قمع كافة أشكال المقاومة المدنية
في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع تسعى المنظمات الثورية ولجان المقاومة ولجان الأحياء فضلا عن المنظمات النسائية والنقابات إلى إنقاذ الدولة التي على وشك الإنهيار. لكن تواجه المنظمات تحديات في كل مكان. وهذا هو القاسم المشترك بين الجنرالين حميدتي والبرهان. ورغم مواقفهما المتعارضة، فإن هدفهما واحد وهو وضع حد للثورة.
في هذا الصدد، تقول خلود خير: "كلا الطرفين مقتنع بانتصاره. لذلك يريد كل منهما قمع جميع أشكال المقاومة المدنية قبل غزو البلاد. وبخلاف ذلك، تعلم هذه الأطراف أن القوة التي يعلقون عليها آمالا كبيرة ستكون هشة للغاية. لذلك يستخدم كلاهما ستار الحرب لاغتصاب ما تبقى من الثورة عن طريق اغتيال الأطباء والصحفيين والناشطين والاعتقال والسجن والتعذيب".
دفن نية اتفاق
في ظل هذه الفوضى، ظهرت صورة لحميدتي وهو يصافح عبد الله حمدوك، الذي تولى منصب رئيس الوزراء بين أيلول/ سبتمبر 2019 وتشرين الأول أكتوبر 2021. وفي الوقت الراهن، يترأس رئيس الحكومة السابق تحالف القوى الديمقراطية أو التقدّم الذي تم إنشاؤه في أديس أبابا سنة 2023، وهو تجمع بين الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني التي تريد التأثير على الأطراف الفاعلة في الصراع من أجل وقف الأعمال العدائية، وربما الحصول على ضمانات لما بعد الصراع.
في الثاني من كانون الثاني/يناير، وقّع تحالف التقدم اتفاقًا مع أحد الطرفين المتحاربين. على حسابه على موقع إكس، أعرب عبد الله حمدوك عن سروره لتواجد قوات الدعم السريع من أجل الوقف الفوري وغير مشروط لإطلاق النار واتخاذ تدابير لحماية المدنيين وتسهيل عودة المواطنين إلى ديارهم وإيصال المساعدات الإنسانية والتعاون مع لجنة التحقيق. وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي، أثر الإسلاميون الغاضبون من النظام القديم على الجنرال البرهان مما جعله يرفض أي لقاء مع تحالف التقدم وحميدتي.
ترى خلود خير أن هذا يعكس مدى انقسام المدنيين، موضحةً "فقد التقدم مصداقيته بتوقيعه اتفاقا مع حميدتي رغم كل الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع. ويعتقد البعض داخل التحالف أنهم قادرون على السيطرة على حميدتي بمجرد توليه السلطة".
في هذه الأثناء، لم يتم الوفاء بالوعود الواردة في إعلان أديس أبابا، الذي تباهى به عبد الله حمدوك، بحيث تؤكد الشهادات أن استئناف "الحياة الطبيعية" الذي روّجت له قوات الدعم السريع في ود مدني يتم تحت تهديد السلاح في ظل إجبار الأطباء على العودة إلى وظائفهم تحت التهديد وابتزاز التجار. وقد سمحت المصافحة لحميدتي باكتساب مزيد من الاحترام، ليتم استقباله كمحاور موثوق ومثير للاهتمام في عديد العواصم الأفريقية خلال جولة أداها إلى بريتوريا وجيبوتي مرورا بنيروبي وكمبالا وكيغالي، حيث زار النصب التذكاري للإبادة الجماعية.
تتنبأ خلود خير بأن حميدتي "حتى لو نجح في التقدم شرقا وشمالا، والاستيلاء على بورتسودان والسيطرة على البلاد بأكملها، فلن يكون قد انتصر في الحرب"، لأن المقاومة الشعبية توزّع الأسلحة على سكان وادي النيل الذين يريدون الدفاع عن مدنهم وقراهم. ومن الواضح أن الشرخ القديم بين وادي النيل والضواحي وخاصة دارفور، لم يختفِ في صراع الأسلحة، بل على العكس من ذلك ظهر من جديد.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السودان الخرطوم حميدتي السودان الخرطوم حميدتي صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع النظام القدیم کانون الأول ود مدنی من قبل
إقرأ أيضاً:
بمشاركة السعودية والإمارات ومصر.. أمريكا تستضيف مؤتمراً وزارياً لبحث الأزمة السودانية
أعلن مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الأفريقية، عن تنظيم مؤتمر على المستوى الوزاري في واشنطن قريباً لبحث الأزمة في السودان، بمشاركة وزراء خارجية السعودية والإمارات ومصر، بالإضافة إلى وزير الخارجية الأمريكي.
وأكد بولس في تصريح نقلته صحيفة “سودان تربيون” أن المؤتمر يهدف إلى إعادة إحياء المبادرة الرباعية التي تسعى لإيجاد حل سلمي للنزاع الدائر في السودان.
وأوضح أن الولايات المتحدة تواصل اتصالاتها المباشرة وغير المباشرة مع جميع أطراف الصراع، مع التشديد على الموقف الأمريكي الرافض لأي حل عسكري.
وأشار مستشار الرئيس الأمريكي إلى أن “الحل الوحيد الممكن هو الحل السلمي الذي يتطلب قبولاً من جميع الأطراف”، مؤكداً على أهمية وقف الأعمال العدائية والعودة إلى المفاوضات.
ويأتي هذا الإعلان بعد أشهر من اجتماعات نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو مع سفراء السعودية والإمارات ومصر في واشنطن، حيث جرى مناقشة جهود الرباعية لإقناع الأطراف السودانية بوقف القتال واستئناف الحوار.
في سياق متصل، كشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن عودة أكثر من 803 آلاف سوداني من دول الجوار عقب سيطرة الجيش السوداني على مناطق الجزيرة والخرطوم، بينما لا يزال آلاف المدنيين يفرون إلى دول مجاورة مثل تشاد وليبيا بسبب استمرار النزاع في شمال دارفور.
كما سجلت منظمة الهجرة الدولية عودة أكثر من 1.1 مليون نازح داخلي إلى منازلهم منذ ديسمبر 2024، مع تركيز كبير للعودة في ولاية الجزيرة والخرطوم.
تحذيرات من كارثة إنسانية في الفاشر وسط تصاعد العنف وانقطاع المساعدات
حذّر برنامج الأغذية العالمي من كارثة إنسانية وشيكة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث تحاصر نيران القذائف والرصاص نحو 300 ألف مدني في ظل الجوع المتفاقم وغياب الإمدادات الأساسية، وسط تصاعد العمليات العسكرية.
وفي ظل استمرار القتال، فرّ أكثر من 400 ألف شخص إلى منطقة طويلة، الخاضعة لسيطرة حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، ما يعكس حجم الكارثة التي تلوح في أفق الإقليم المضطرب.
وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في السودان إن البرنامج يعمل بالتنسيق مع شركاء إنسانيين ووكالات دولية لمحاولة إدخال المساعدات الإنسانية إلى داخل الفاشر، مشيرة إلى أن ممرات الإمداد مقطوعة على نحو واسع نتيجة القتال وغياب الضمانات الأمنية.
وأضافت أن أسعار المواد الغذائية تضاعفت ثلاث مرات، فيما يعتمد حوالي 250 ألف شخص داخل المدينة على مساعدات نقدية يوزعها البرنامج عبر تطبيقات بنكية، بهدف تمكينهم من شراء الطعام من الأسواق المحدودة التي لا تزال تعمل بصعوبة.
من جهته، قال محمد إسماعيل، مدير منظمة “هيومنس هيل” لحقوق الإنسان، إن الأزمة الإنسانية في الفاشر تفاقمت بسبب الحصار المستمر منذ أكثر من 15 شهرا، متهماً قوات الدعم السريع بـ”استخدام الجوع كسلاح” لمنع الإمدادات وفرض الاستسلام على القوات المساندة للجيش.
وأكد إسماعيل أن جميع الطرق المؤدية إلى المدينة مغلقة، وأن قوافل المساعدات تُمنع من الدخول، مشدداً على أن “المجتمع الدولي مطالب بتحرك عاجل، لكن لم نرَ سوى إدانات وتحذيرات لا تغير من الواقع شيئاً”.
وفي السياق ذاته، قالت الناشطة الحقوقية رشيدة شمس الدين إن الفاشر تعاني من انعدام تام في الإمدادات الغذائية والطبية والاحتياجات الأساسية منذ بداية الحرب. وأضافت أن الهدنة الإنسانية التي أعلنها الجيش لم تلقَ استجابة من الدعم السريع، مؤكدة أن المدينة “خالية تماماً من كل مقومات الحياة”.
الكاتب الصحفي سراج النعيم اعتبر أن تعليق المساعدات الإنسانية يزيد من مأساوية الوضع، في ظل اعتماد السكان شبه الكامل على المساعدات منذ بداية الحرب. ولفت إلى أن الدعم السريع ردّ على مطالب الأمم المتحدة بهدنة إنسانية بتكثيف القصف العشوائي، ما تسبب في موجات نزوح جماعي متواصلة.
وأكد النعيم أن استمرار هذه الظروف يهدد بمزيد من التدهور الإنساني، ويحول دون قدرة المدنيين على مواصلة حياتهم بشكل طبيعي، محذراً من أن المدينة تواجه “وضعاً كارثياً” بكل المقاييس في ظل صمت المجتمع الدولي.
الخارجية السودانية تستدعي سفيرتها لدى الجزائر بشكل مفاجئ وتُنهـي مهامها دون توضيح الأسباب
أنهت وزارة الخارجية السودانية بشكل مفاجئ مهام سفيرة السودان لدى الجزائر، نادية محمد خير عثمان، واستدعتها على وجه السرعة إلى مقر الوزارة في العاصمة الإدارية بورتسودان، بحسب ما أفادت صحيفة “السوداني”.
وأوضحت الصحيفة أنه تم تكليف دبلوماسي آخر بإدارة السفارة بشكل مؤقت، دون صدور أي إعلان رسمي من الوزارة بشأن دوافع القرار أو خلفياته، ما أثار تساؤلات في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية عن أسبابه، سواء كانت نتيجة تطورات دبلوماسية أو اعتبارات داخلية.
وتعد نادية محمد خير من الكوادر الدبلوماسية المخضرمة، وقد أمضت سنوات في العمل الخارجي، وتولت مهام تمثيلية في محطات دبلوماسية حساسة.
يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه المشهد السوداني تصاعدًا في التوترات السياسية والعسكرية، خاصة مع إعلان “تحالف السودان التأسيسي” عن تشكيل هيئة قيادية برئاسة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، وسط انتقادات دولية متزايدة لدور هذه القوات في مناطق النزاع.
وكانت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أفريقيا، مارثا بوبي، قد أبلغت مجلس الأمن مؤخرا بأن قوات “الدعم السريع” تجند مقاتلين داخل أفريقيا الوسطى، كما تزايد نشاطها في منطقة أبيي المتنازع عليها.
وفي السياق ذاته، دان مجلس الأمن الدولي هجومًا استهدف قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة في أفريقيا الوسطى (مينوسكا)، واتُّهمت مجموعات مسلحة سودانية بتنفيذه.
التطورات الأخيرة، بما فيها الإقالات الدبلوماسية المفاجئة والتحركات العسكرية على الأرض، تعكس حالة من التداخل بين المسارين الدبلوماسي والعسكري في الأزمة السودانية المستمرة منذ أكثر من عام.
إثيوبيا توجه دعوة رسمية لمصر والسودان لحضور افتتاح سد النهضة في سبتمبر
وجّه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، اليوم الخميس، دعوة رسمية إلى قادة مصر والسودان ودول أخرى من دول حوض النيل، لحضور مراسم افتتاح سد النهضة المقررة في سبتمبر المقبل، وذلك خلال جلسة نقاش برلمانية ركزت على القضايا الاقتصادية والجيوسياسية.
وقال آبي أحمد إن الافتتاح سيتزامن مع انحسار الأمطار في أواخر سبتمبر، مؤكدًا أن “مصر لم تفقد حتى لتراً واحداً من المياه بسبب السد”، مجدداً موقف حكومته بأن المشروع لا يهدف إلى الإضرار بدول المصب، بل يمثل ركيزة للتنمية الوطنية في إثيوبيا.
ويعد سد النهضة، الذي بلغت تكلفته نحو 5 مليارات دولار، واحداً من أضخم مشاريع البنية التحتية في إفريقيا، ويهدف إلى توليد 5,175 ميغاوات من الكهرباء. وكانت أعمال بنائه قد انطلقت عام 2011 على نهر “أباي”، أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل.
وعلى الرغم من توقيع اتفاق “إعلان المبادئ” عام 2015 بين مصر والسودان وإثيوبيا، الذي نص على التعاون والإخطار المسبق بمراحل تنفيذ المشروع، فإن القاهرة والخرطوم طالما أعربتا عن مخاوفهما من الأثر المحتمل للسد على حصتيهما التاريخية من مياه النيل، بينما تتمسك أديس أبابا بحقها في استغلال الموارد المائية لتحقيق التنمية.
وفي سياق متصل، يُنتظر أن تسهم “اتفاقية الإطار التعاوني” التي صادقت عليها معظم دول حوض النيل مؤخرًا – باستثناء مصر والسودان – في تشكيل هيئة حكومية رفيعة المستوى تعنى بإدارة وتوزيع مياه النيل بطريقة “عادلة ومعقولة”، في خطوة يرى مراقبون أنها قد تعيد تشكيل التوازنات المائية في المنطقة.
وتواجه مصر والسودان انتقادات من بعض دول الحوض بشأن ما تعتبره تلك الدول “هيمنة تاريخية” على موارد النهر، استنادًا إلى اتفاقيتي 1929 و1959، اللتين تمنحان الدولتين النصيب الأكبر من المياه.
السودان يصدر أحكاماً بالإعدام والسجن على متهمين بالتعاون مع قوات “الدعم السريع”
قضت محكمتان سودانيتان، الأربعاء، بإعدام وسجن عدة أشخاص متهمين بالتعاون مع قوات “الدعم السريع”.
وأفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية “سونا” بأن محكمة جنايات بحري شمال بالدروشاب أصدرت حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت (تعزيراً) مع مصادرة المعروضات لصالح الحكومة، ضد المتهم (م. هـ. ص. ع.) بعد إدانته بمخالفة مواد من القانون الجنائي بتعاونه مع “الدعم السريع”.
وفي ذات السياق، أصدرت محكمة سنار حكما بالإعدام شنقاً حتى الموت لمتهم أول (أ. ب.) تعاون مع استخبارات “الدعم السريع” بمنطقة النورانية، حيث كان يجمع معلومات عن تسليح الجيش في مناطق متقدمة ويرسلها لقوات “الدعم السريع”.
كما حكمت المحكمة بالسجن 10 سنوات على متهم آخر بتهمة شراء المنهوبات وإعادة بيعها لصالح “الدعم السريع”، بالإضافة إلى توفير الوقود للقوات عبر جلبه من الخرطوم وبيعه لهم.