(CNN)-- قبل أسابيع فقط من انتخابات عام 2020، ضغطت النائب الديمقراطية عن ولاية ميشيغان، رشيدة طليب، على الناخبين المترددين في ميشيغان ليقفوا خلف جو بايدن ويدعموه.

وفي تجمع افتراضي إلى جانب مشرعين آخرين، كانت أول امرأة أميركية من أصل فلسطيني في الكونغرس واضحة في حماسها لبايدن، معتبرة أنه سيخلق مستقبلاً أفضل للأميركيين.

وبعد أكثر من ثلاث سنوات، فإن صمت طليب وغيرها من الزعماء المسلمين بشأن محاولة إعادة انتخاب الرئيس عام 2024 يبيّن الكثير حيث يواصل بايدن دعم إسرائيل في حربها ضد حماس في غزة.

طليب – وهي ليبرالية مثيرة للجدل وتمثل أجزاء من ديترويت وضواحيها – اتهمت الرئيس في نوفمبر بدعم “إبادة جماعية” للفلسطينيين، مما أدى إلى توتر علاقتها مع بايدن. ورفض مكتبها طلبات متعددة للتعليق على ما إذا كانت ستدعم الرئيس في محاولته إعادة انتخابه.

تعكس المسافة بين طليب والبيت الأبيض العمل الذي يجب على بايدن القيام به لإصلاح العلاقة مع جزء رئيسي من ائتلافه. يقول العديد من الناخبين العرب الأمريكيين والمسلمين الذين تحدثوا إلى شبكة CNN إنهم لن يدعموا جهود إعادة انتخاب بايدن بسبب دعمه الثابت لإسرائيل وفشله في الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة. لكن المشاكل تتجاوز ذلك، إذ يحذر الاستراتيجيون الديمقراطيون الذين تحدثوا إلى شبكة CNN من أن الرئيس قد يواجه صعوبة في العثور على بدائل على استعداد لتولي مهمة التحدث إلى مجموعات الناخبين الرئيسية مثل المسلمين والأمريكيين العرب والتقدميين الغاضبين.

ويبدو أن الإدارة تكافح من أجل العثور على قادة أميركيين عرب ومسلمين مستعدين حتى للقاء مسؤولي البيت الأبيض، ولم تؤيد أي مجموعة إسلامية أو عربية أميركية محاولة إعادة انتخاب بايدن.

لكن العديد من القادة المحليين رفضوا الدعوات للقاء جولي تشافيز رودريغيز، مديرة حملة بايدن. وقال، عبدالله حمود، أول عربي أمريكي ومسلم يتبوأ منصب رئاسة بلدية ديربورن ويمثل واحدة من أكبر التجمعات السكانية المسلمة في البلاد، لشبكة CNN يوم الجمعة إنه رفض الاجتماع لأن "هذا ليس وقت السياسات الانتخابية" وأن الحديث حول التغيير سيكون "مع صناع السياسات. وليس موظفي الحملة".

وقال حمود لـCNN: "إذا كان الرئيس بايدن يريد أن يأتي ويجري محادثة حقيقية حول كيفية تغيير مساره، وحول أفعاله، والقرارات التي اتخذها في الخارج عند الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، فيمكننا استضافته واجراء مثل هذه المحادثة".

وفي مقابلة سابقة مع CNN، قال حمود إنه سيكون على استعداد للقاء الرئيس إذا كانت هناك "فرصة لإجراء حوار بناء حقيقي حول كيفية المضي قدما".

وأضاف: "لكن إذا كانت مجرد فرصة لالتقاط الصور والقول إننا استمعنا، ولكن لم يتغير شيء، فهذه ليست طاولة تستحق الجلوس عليها".

وقال متحدث باسم البيت الأبيض لشبكة CNN إن مسؤوليه "أجروا أكثر من 100 محادثة مع القادة على المستوى المحلي ومستوى الولايات فيما يتعلق بالنزاع والمساعدات الإنسانية لشعب غزة".

بالإضافة إلى ذلك، أضاف المتحدث أن مكاتب الشؤون الحكومية الدولية والمشاركة العامة بالبيت الأبيض تعاونت باستمرار مع قادة المجتمع والمسؤولين المنتخبين منذ هجمات 7 أكتوبر.

في الآونة الأخيرة، تواصل أحد العاملين في مكتب نائب الرئيس كامالا هاريس مع شخصية بارزة داخل الجالية العربية الأمريكية في ميشيغان لمعرفة ما إذا كانوا سيجتمعون مع هاريس لأن نائب الرئيس تريد التحدث مع قادة المجتمع، وفقًا لشخص مطلع على هذه الأمور.

وقد رفض هذا الشخص الطلب، مشيراً إلى أن الإدارة واصلت "تجاهل" الأمريكيين العرب بعد هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول. وقال مكتب هاريس في بيان لـ CNN إن “الرئيس ونائب الرئيس جعلا من أولوياتهما الاستماع مباشرة إلى المجتمعات الفلسطينية والعربية والمسلمة في أمريكا بشأن الصراع في غزة”.

الخلاف أصبح واضحًا جدًا

لم يتمكن بايدن من تجاهل الخلاف داخل حزبه، حيث لاحقته صيحات "الإبادة الجماعية جو" و"وقف إطلاق النار الآن" طوال الحملة الانتخابية.

وقال الخبير الاستراتيجي الديمقراطي أدريان هيموند إن الرئيس يجب أن يشعر بالقلق إزاء نقص الدعم الذي يتلقاه بين هذه المجتمعات، خاصة في ميشيغان، التي تعد موطناً لأكثر من 200 ألف ناخب أمريكي مسلم.

تأتي دعوات وقف إطلاق النار من مجموعة متنوعة من المجموعات التقدمية، بما في ذلك تلك التي تمثل الناخبين اليهود والناخبين الملونين والشباب – وهم يشكلون أجزاء رئيسية من ائتلاف بايدن الفائز عام 2020.

وقال مصدر إن اجتماعات شافيز رودريغيز في ميشيغان هي جزء من حوار روتيني مع مجموعات الناخبين و"كانت قيد الإعداد لعدة أسابيع" حيث تتطلع حملة بايدن إلى التعامل مع القادة الشعبيين.

وقال أسعد تورف، مسؤول تنفيذي بمقاطعة واين، إن الحملة كانت على اتصال به منذ حوالي ثلاثة أسابيع لقياس مشاعر المجتمع. تواصلت الحملة مرة أخرى هذا الأسبوع وسألت عما إذا كان سيساعد في تنظيم لقاء بين أعضاء المجتمع وشافيز رودريغيز يوم الجمعة.

وكان يعمل على عقد اجتماع يضم 10 إلى 15 عضوًا من الجالية العربية الأمريكية والمسلمة، بمن في ذلك بعض المسؤولين المنتخبين المحليين، بعد ظهر يوم الجمعة، لكنهم قرروا في النهاية عدم المضي قدمًا.

وأضاف "لقد قمت بقياس نبض المجتمع، وكانت الحرب في غزة مستمرة منذ 111 يومًا. هناك 30 ألف قتيل. ويعيش 50% من السكان في حالة جوع. لا توجد مستشفيات عاملة وفي نهاية المطاف كان هناك 111 يوما لتتم الدعوة إلى وقف إطلاق النار”. وتابع "في نهاية المطاف، ينظر الناس إلينا كقادة، وعلينا أن نتخذ قرارًا قياديًا وعلينا أن نفعل ما هو في مصلحة مجتمعنا."

الداعمون المحتملون يظلون صامتين

حاول البيت الأبيض تهدئة الانتقادات الموجهة لتعامل الرئيس مع الصراع بين إسرائيل وحماس من خلال عقد جلسات استماع لمجموعات من داخل الحكومة وخارجها. كما أرسل ديلاوار سيد – الممثل الخاص لشؤون التجارة والأعمال وأحد كبار المسؤولين المسلمين في إدارة بايدن – للمشاركة في وقفة احتجاجية خاصة بطفل أمريكي من أصل فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات، طعن حتى الموت لأنه مسلم.

لكن هذه الجهود فشلت في تهدئة الإحباط بين أقسام ائتلاف بايدن لعام 2020.

وفي الدورة الانتخابية الرئاسية الأخيرة، حصل بايدن على دعم العديد من المسؤولين المنتخبين الأمريكيين المسلمين البارزين وقادة المجتمع. ولكن هذه المرة، كثيرون متشككون وغاضبون.

يقول القادة المسلمون داخل حركة التخلي عن بايدن، وهي حملة وطنية تعمل ضد جهود إعادة انتخاب بايدن، إنهم يسعون في ولايات متأرجحة حاسمة مثل ميشيغان ومينيسوتا وفلوريدا وجورجيا ونيفادا وبنسلفانيا لدفع الناخبين إلى عدم دعم بايدن.

وقالت نبيلة طه، المقيمة في ولاية بنسلفانيا والتي تحدثت في مؤتمر صحفي لحركة "التخلي عن بايدن" في واشنطن العاصمة، هذا الشهر، إنها ستبذل كل ما في وسعها لضمان عدم فوز بايدن في عام 2024.

وأضافت طه: "سنطرق كل باب… ونخبرهم قصة المليارات التي يرسلونها لقتل إخواننا وأخواتنا بدلاً من إنفاقها هنا على مدارسنا، وبينما يناضل كبار السن لدينا للاختيار بين الطعام أو دفع ثمن الأدوية."

التخلي عن الرئيس

تم إنشاء حملة التخلي عن بايدن في ولاية مينيسوتا بعد أن طالبت مجموعة من الأمريكيين المسلمين الرئيس أن يدعو لوقف إطلاق النار بحلول 31 أكتوبر. وعندما لم يستجب بايدن لهذه الدعوات لدعم وقف دائم للقتال، تعهدت المجموعة بشن حملة ضده.

وعندما سأل أحد الصحفيين بايدن عما إذا كان يشعر بالقلق إزاء الناخبين الأمريكيين العرب الذين قالوا إنهم لن يدعموه، أجاب: "الرئيس السابق يريد فرض حظر على دخول العرب إلى البلاد… نحن نفهم من يهتم بالسكان العرب”.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بايدن أو هاريس يخططان لزيارة ميشيغان أو ولايات أخرى للتواصل مع الناخبين الأمريكيين العرب والمسلمين على وجه التحديد. يقول بعض الناخبين العرب الأمريكيين والمسلمين إنه حتى لو كثفت حملة بايدن انتشارها، فسيكون قد فات الأوان.

وقالت أريانا أفشار، 27 عاماً، وهي منشئة محتوى مقيمة في كاليفورنيا: "أشعر بأنني مُستخدمة كناخبة مسلمة.. لقد استخدم أشخاصًا مثلي من أجل انتخابه، وهو الآن يفعل كل ما يخدمه في منصبه".

وقال حسن عبدالسلام، أستاذ حقوق الإنسان بجامعة مينيسوتا والمؤسس المشارك لحملة "التخلي عن بايدن"، إن "التوعية لن تنجح هنا.. عندما تقوم بهذا النوع من حملة الموت، وتستمر أكثر من 100 يوم، فلا توجد طريقة يمكن لأي تواصل من خلالها عكس القرارات التي اتخذوها".

وقال داود وليد، المدير التنفيذي لفرع ميشيغان لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية: “لا توجد إمكانية للإصلاح بينما هو يدعم عمل إبادة جماعية.. لا يوجد سبب لإجراء اتصالات”.

وقال بعض الناخبين في ميشيغان لشبكة CNN إنهم يفضلون دعم مرشح طرف ثالث أو ترامب إذا كان ذلك يعني خسارة بايدن في عام 2024.

أمريكاإسرائيلالإدارة الأمريكيةالفلسطينيونالكونغرس الأمريكيتحليلاتجو بايدندونالد ترامبغزةنشر الأحد، 28 يناير / كانون الثاني 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الإدارة الأمريكية الفلسطينيون الكونغرس الأمريكي تحليلات جو بايدن دونالد ترامب غزة الأمریکیین العرب التخلی عن بایدن وقف إطلاق النار إعادة انتخاب فی میشیغان ما إذا کان فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل تتعلّم سوريا السر من ألمانيا وكوريا؟

حين تُرفع العقوبات، لا تُفتح فقط الأبواب أمام المال والمشاريع، بل تُطرح أسئلة عميقة: هل يمكن إعادة بناء بلد خرج بعد عقد من الحرب، دون إعادة إنتاج الأسباب التي أوصلته إلى الانهيار؟

إن ما تحتاجه سوريا اليوم ليس مجردَ إعمار للبنية التحتية، بل تعافيًا سياسيًا ومجتمعيًا يضع الأسس لدولة حديثة عادلة ومشتركة.

إنّ التحولات العميقة في رواندا، وألمانيا، وكوريا، وأميركا، لا تمنحنا وصفات جاهزة، لكنها تكشف كيف يمكن للدول أن تنهض من تحت الركام إذا امتلكت إرادة جماعية ورؤية واضحة. فهي تساعدنا على تمييز ما يُصلح الدول بعد الصراع، وما يُعيدها إلى الدوامة. ومن هنا، نفهم أن الإعمار لا يبدأ من المال، بل من الإصلاح والمؤسسات.

تجارب الفشل: حين يُبنى الإعمار على الطائفية والإنكار العراق

بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، خُصصت مبالغ ضخمة لإعادة الإعمار، لكن النتائج كانت كارثية. غابت الرؤية الوطنية، وهيمنت المرجعيات الدينية على المشهد السياسي، وتشكّلت مليشيات طائفية موازية لمؤسسات الدولة تُدار من الخارج، ما أدى إلى تآكل السلطة المركزية.

تزامن ذلك مع انتشار واسع للفساد المالي والإداري، وغياب أي مساءلة حقيقية، مما حوّل الإعمار إلى أداة تعميق للانقسام بدل أن يكون وسيلة لتجاوزه.

إعلان لبنان

تجربة إعادة الإعمار بقيادة الرئيس رفيق الحريري بعد الحرب الأهلية بدت واعدة في بدايتها، لكنها افتقرت إلى استقلالية القرار الوطني، الذي كانت تهيمن عليه آنذاك أجهزة المخابرات السورية، بالإضافة إلى غياب إصلاح جذري في بنية الدولة.

تركّز الجهد بشكل مفرط على دور الحريري كمحرّك للإعمار، على حساب بناء مؤسسات فاعلة ومستقلة. تم التركيز على البنيان العمراني، فيما غابت المحاسبة والشفافية، واستُبدلت الدولة بشبكات مصالح طائفية، ما أدى لاحقًا إلى انهيار شامل في مؤسسات الدولة ومقوماتها الاقتصادية.

كما تكشف لنا التجارب السابقة: لا يمكن بناء دولة عادلة ما لم تتوفر مصالحة وطنية شاملة، وعدالة انتقالية، وهوية وطنية جامعة، وفي حال التغاضي عما سبق فإن أي مشروع إعمار لن يكون إلا استراحة قصيرة في طريق أزمة أعمق.

تجارب النجاح: من رماد الدمار إلى نهضة الدول.. كيف نجحت رواندا وكوريا وألمانيا وأميركا؟ رواندا

خرجت من إحدى أفظع الإبادات في القرن العشرين، لكنها اختارت طريق المصالحة الجماعية بدل الثأر. أنشأت محاكم شعبية (غاتشاكا)، وركزت على التعليم، وتمكين المرأة، واستخدام التقنية والحكومة الإلكترونية. فنجحت في التحول من دولة فاشلة إلى واحدة من أكثر الدول كفاءة في أفريقيا.

ألمانيا الغربية

بعد الحرب العالمية الثانية، كانت البلاد مدمرة اقتصاديًا وسياسيًا. لكن تجربة مشروع مارشال فيها لم تكن ناجحة بسبب المال، علمًا بأنها ليست أكثر المستفيدين أوروبيًا منها، بل لأن الشعب الألماني امتلك مشروعًا للإصلاح وإعادة البناء. ارتبط الدعم الخارجي بحكومة شرعية، ومؤسسات منتخبة، وقانون صارم ضد الفساد. ويُعزى تميز النجاح الألماني مقارنة بدول أوروبية أخرى إلى عدة عوامل:

وجود قاعدة صناعية وتعليمية متقدمة نسبيًا قبل الحرب. تمكين القيادة المحلية من إدارة الدعم بدل فرضه من الخارج. البيروقراطية الفعالة. الإرادة الشعبية الواضحة للنهوض من جديد. إعلان كوريا الجنوبية

بعد الحرب الكورية، كانت من بين أفقر دول العالم. لكنها اختارت طريق التنمية من خلال التعليم، والإصلاح الزراعي، والتصنيع الموجه للتصدير. بدعم من الدولة، نشأت شركات وطنية كبرى واستثمرت في الإنسان قبل البنيان، مما مهّد لتحولها إلى قوة اقتصادية عالمية.

ما تعلّمناه من التحولات الكبرى الناجحة: التنمية ليست منحة خارجية، بل رؤية داخلية. إعادة الإعمار الناجحة تبدأ من الإنسان، ومن الثقة بين الدولة والمجتمع، ومن العدالة، قبل أن تبدأ من التمويل أو العقود.

ما الذي تحتاجه سوريا؟

سوريا لا تحتاج فقط إلى أموال أو مؤتمرات، بل إلى رؤية وطنية جذرية تُرسي أسس الدولة الجديدة على أربعة محاور مترابطة:

هيئة وطنية مستقلة لإدارة الإعمار: تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة، وتخضع لمجلس رقابي متعدد التمثيل وبرلمان محترف فاعل، مما يضمن الشفافية التامة في التمويل والتنفيذ. مصالحة وطنية عميقة: لا تستند إلى تسويات فوقية، بل إلى حوار مجتمعي شامل يشمل جميع الضحايا والفاعلين، وتؤطره آليات العدالة الانتقالية والمساءلة. اقتصاد إنتاجي وتنمية متوازنة: يقوم على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والتعليم المهني، والزراعة والصناعة، والانتقال إلى اقتصاد حيوي لا رَيعي. سيادة وطنية وشراكات نزيهة: الانفتاح على التمويل الخارجي يجب ألا يتحول إلى وصاية سياسية، بل إلى شراكات إستراتيجية تحفظ القرار الوطني.

وفي الوقت ذاته، من الضروري أن يعي كل من يعوّل على الخارج أو يراهن على تدخلاته، أن هذا الخيار لم يكن يومًا مسارًا ناجحًا لبناء الأوطان. فالتجارب القاسية في الإقليم والعالم أثبتت أن الاستقرار لا يُستورد، وأن التنمية الحقيقية لا تُبنى على انتظار الخارج، بل على إرادة الداخل.

خاتمة

رفع العقوبات لا يعني بالضرورة بداية التعافي، بل هو فرصة مشروطة. نجاحها يتوقف على خيارات الداخل أكثر من الخارج. سوريا اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تختار طريق رواندا، وألمانيا، وكوريا في لحظاتها التحولية، فتنهض ببطء ولكن بثقة، أو تعيد تكرار أخطاء العراق، ولبنان فتُغرق نفسها في دوامة جديدة.

إعلان

لكن ما تحقق حتى الآن ليس بالقليل: من التحرير العسكري لأجزاء واسعة من البلاد، إلى تعزيز الانفتاح الإقليمي، وصولًا إلى رفع العقوبات. كلها مؤشرات على أن مشروع الدولة السورية الجديدة يسير بثبات نحو استعادة السيادة والفاعلية.

وتبقى إحدى المهام المصيرية أمام القيادة اليوم هي استكمال استعادة وحدة الأراضي السورية، لا سيما في شمال شرق البلاد، وتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية، وتشكيل البرلمان الفاعل، بما يعزز الشعور الوطني ويؤسس لبيئة سياسية واقتصادية مستقرة.

ويبقى السؤال: هل تنجح القيادة؟ وفي مقدمتها الرئيس الشرع في إنجاز المهام الكبرى القادمة من إعادة بناء المؤسسات، وتحقيق العدالة إلى إطلاق تنمية حقيقية؟

إنها لحظة كتابة التاريخ مجددًا لا ترميمه، إعادة الإعمار ليست إعادة بناء لما كان، بل رؤية إبداعية لما يجب أن يكون.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • إيهود باراك: إعادة احتلال غزة كارثة إستراتيجية
  • مقتل تسعة من القاعدة في ضربات يعتقد أنها أميركية جنوبي اليمن
  • العقوبات الأوروبية لم تؤثر كثيرا على الاقتصاد الروسي لكن التضخم حاضر وبقوة
  • إجماع في جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية على إمكانية التوصل لصفقة مع حماس
  • واشنطن: رفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع
  • برج العذراء حظك اليوم السبت 24 مايو 2025 .. استقرار أعمق مع الشريك
  • وفاة شخص وفقدان 3 جراء فيضانات قياسية تضرب شرق أستراليا
  • هل تتعلّم سوريا السر من ألمانيا وكوريا؟
  • استشهاد 3 متطوعين من فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني جراء انفجار لغم بريف حماة
  • صحة غزة: 16 ألفا و503 أطفال استشهدوا بالقطاع جراء الحرب الإسرائيلية