جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-01@09:59:29 GMT

في غياب العدل الدولي

تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT

في غياب العدل الدولي

 

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

يبدو لي أنّ أكثر ما اتّسم به العام المنصرم هو الزلازل، كان عامًا كارثيًا ودمويًا بدرجة كبيرة، سجّل قتل الكثير من البشر بفعل زلازله الجيولوجية والآيديلوجية؛ فبالإضافة للضحايا الزلزالية في تركيا وسوريا وما تلتها من الهزات الأرضية في أجزاء مختلفة من العالم وما أحدثته من الموت والدمار.

غير أنّ هناك زلزالًا آيدلوجيًا ضرب منطقة الشرق الأوسط ووصلت تصدعاته كل جزء من أجزاء العالم، إنه زلزال السابع من أكتوبر، الذي زلزل الكيان وأظهر الحقائق ورفع بفيضانه منسوب الصدق وخفض منسوب الكذب وألصقه بالقاع أسفل المياه الراكدة، لقد أحدث هذا الزلزال تسونامي أغرق الكيان الصهيوني ودحض الكثير من الأيدلوجيا المسلّم بها في منطفة الشرق الأوسط والعالم؛ فأظهر مدى الهشاسة التي يركن إليها الكيان، ومدى اللعنة والشرذمة الأيدلوجية والجيوسياسية والبيولوجية التي هوعليها.

اتفق الكثير من الناس من بينهم السياسيون والمحللون على أن الكيان يستهدف المدنيين من النساء والأطفال دون الأهداف العسكرية، وأنه يحارب بعشوائية دون تخطيط؛ لكنّي اختلف هنا معهم وأرى أنّ استهداف المنشآت التعليمية والصحية والمساجد أمر يمشي وفق مخطّط مدروس ومنظّم؛ فقد تابعنا قصف المدارس المدرسة تلو الأخرى، والمستشفيات المستشفى تلو الآخر، كذلك بالنسبة للمساجد وبقية المنشآت التي يمكن أن تحتوي على الذخيرة، الذخيرة التي تتميز بها فلسطين عن غيرها من الدول التي شهدت وواجهت وخاضت الحروب.

إنهم تحديدًا يستهدفون مصانع الذخيرة الفلسطينية الفعليّة، يستهدفون الحرث والنسل، يعي الكيان جيدًا أن الأطفال هم ذخيرة فلسطين الباقية التي تشكّل لهم دائمًا القلق وترهق بقاءهم وتهدد وجودهم، وأن النساء مصانع هذه الذخيرة؛ لذلك يوجهون كامل عتادهم نحو هذه الذخيرة ومصانعها.

إنّ جثث الأطفال المتناثرة والمبعثرة على الأرض، لم تكن سوى آليات عسكرية وقوى نووية دمرها الاحتلال وعلى كلّ منها مكتوب اسم الآلة واسم المصنع الذي صنعت فيه.

يقول أحد المستشرقين: "إذا أردت هدم حضارة أمّة؛ فهناك ثلاث وسائل يجب هدمها، الأسرة، والتعليم، وإسقاط القدوات والمرجعيات".

الكثير من الثقافات الغربية تدلّت ومازالت تتدلى على الشرق الأوسط لهدم الأسرة لا يتسع لي ذكرها جميعها في هذا المقال، لعلّ آخرها وجود كريستيانو وجورجينا وأبنائهما في قبلة المسلمين منذ أكثر من عام، لم يكن كريستيانو لاعبًا فحسب؛ إنما مؤثر وربما جورجينا الأكثر تأثيرًا، تعرفنا من خلالهما على ثقافة التعايش مع مكون أسري مبني ونسله على الزواج غير الشرعي، برأيي فشلت كلّ الأفكار الغربية في استعمار النشء الفلسطيني بفضل الدور الأسري الواعي والمجاهد؛ لذلك يتم قتله.

رأينا هدم المدارس في فلسطين بلا هوادة وهذه الوسيلة الثانية التي أشار إليها المستشرق، ورأينا غياب الكثير من المرجعيات والقدوات وغياب رأيها وهذا يعني أنّهم صاروا في قبضة اليد؛ لهذا كشّر بايدن عن أنيابه وأعلن بكل وقاحة أنّه صهيوني وأنّ هذه الحرب دينية، وهذه الوسيلة الثالثة.

بناءً على المعطيات التي رأيناها سوياً منذ أكثر من مئة يوم، يجب أن ندرك أن الصهاينة يحاربون وفق مخطط هم يدركونه أكثر منّا، وأن المنطقة أمام منعطف تاريخي خطير وتحولات زلزالية خطيرة تقودها الدوافع الأمريكية الطامعة ودور الكيان الصهيوني مجرّد أداة أمريكية وبريطانية لتحقيق شرق أوسط جديد، كما ندرك أنّ هناك من يقاتل ومن يُقتل وعلى مقربه منهما من يتفرج غير مبالٍ، وبين الثلاثة من خان ويخون ويستفيد من الأحداث على قدر مهاراته والتواءاته.

لا شك أنّ هناك هزيمة عسكرية منكرة لهذه القوى في غزة، وثورة فكرية عالمية تندد بالعجرفة الغربية وجرائم الصهاينة؛ ولكن هناك خسائر كبيرة ومجاعة وقلق وكلّ ما يمكن أن يهدد استمرار الحياة والتعليم ويحارب الدين.

ثار المناهضون للإنسانية في مختلف أنحاء العالم؛ حيث أنكر الإنسان الغربي ما يحدث للآخر العربي وندّد بالقهر والظلم والقتل، وفي أمريكا نفسها ووقف الإنسانيون يهتفون: "تحيا فلسطين وتسقط الصهيونية"، كغيرهم من أنصار الإنسانية في أنحاء العالم، يقابل الحال في شرقنا الأوسط سكون مريب يشبه سكون الغروب، لا نجد له تفسير؛ المسلمون يسلّمون ويستسلمون!

أتساءل: هل شهد العالم ظلما أكبر مما حدث ويحدث الآن في فلسطين منذ بدء الاحتلال وإلى هذه اللحظة، هل شهد العرب خيانة كالتي تحدث الآن، أيّ خيانة هذه وأيّ عروبة تقتل العروبة!

لم يمت الأحرار في فلسطين؛ إنما انتحرت العروبة في قعر دارها، وغاب الحق وسط الظلم، وبرزت قرون الشياطين، وعمّ فساد الفاسدين، وتوغلّ إجرام المجرمين، سفك للدماء واستباحة للحرمات وهدم للمنجزات وهيمنة أيدولوجية وجيوساسية وعجرفة غربية، وتكاتل للظلم بأبشع صوره!

وماذا بعد قرار محكمة العدل الدولية؟

شرق أوسط جديد!

لم يتحقق العدل المتوقع، أتساءل إن لم تحقق المحاكم العدالة بالشكل الحازم والصارم  لدحر الظلم وإحقاق الحق؛ فماذا يمكن أن تحقق!

كان المتوقع أن يكون الأمر بوقف إطلاق النار ومحاكمة الصهاينة ومن والاهم هو العدل المحقق من محكمة العدل الدولية؛ لكنه كان قرارا، قابل الصهاينة القرار بالقرار وقابلت أمريكا القرار نفسه بالعزم والإصرار على مواصلة الحرب؛ وكأنه تبادل للأدوار والسلطة بين العدل والظلم؛ فجمدت تمويلها لدعم (الأونروا) وأرسلت عشرات المقاتلات من نوع F35 وF15 ومروحيات أباتشي.

أمريكا المهزومة عسكريًا في اليابان وفيتنام والعراق وأفغانستان لا تأبى للعدالة ولا للانتصارات الحقيقية؛ ما يعنيها الانتصار على طريقتها، السلب والنهب على نهج الاستعمار.

يتقبّل الإنسان بطبيعته الزلازل الجيولوجية مهما كان فتكها به؛ لكنّ فتك الزلازل الأيدلوجية هو الأعنف والأكثر تعقيدًا، إنّ قادة العالم المتجردون من الإنسانية لا يأبون لتفاقم خسائر الحروب؛ فهي جميعها مقابل الأهداف، ما يجب أن نفعله نحن كشعوب والشعوب عادة تناصر الشعوب، هو الاستمرار على المقاطعة، الحرب ليست في فلسطين وحدها؛ بل في كل بيت من بيوتنا، المقاطعة ليست منتجات فحسب، الحرب إعلامية بدرجة كبيرة، نستخدم الفيسبوك والأنستجرام والواتساب والماسنجر وجميعها تدعم الصهيونية، حُورِبنا بحذف منشوراتنا على وسائل التواصل وفرضت علينا قيودًا في النشر وإزالة ما لا يتوافق مع سياستها الآيديولوجية؛ فلم لا تتم مقاطعتها أو الاكتفاء منها بتطبيق أو تطبيقين على الأقل؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

يوم التضامن العالمي مع فلسطين.. الأردنيون يجددون العهد

عمّان- في مشهد يختزل نبض الشارع الأردني وارتباطه التاريخي بفلسطين، احتشد مئات الأردنيين ظهر اليوم الجمعة أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة عمّان، ليؤكدوا أن غزة ليست وحدها، وأن القضية الفلسطينية ستبقى حاضرة في الوجدان الشعبي مهما اشتدت الضغوط والتحولات السياسية.

وجاءت الوقفة الشعبية استجابة لدعوة الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن، وبمشاركة الجبهة الوطنية الشعبية الأردنية، في إطار فعاليات اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تحت شعار "الكيان الصهيوني تهديد وجودي للأمة".

ووسط أجواء مشحونة بالعاطفة الوطنية ومشاهد التضامن التي علت فيها الهتافات الغاضبة، واللافتات المطالبة بوقف العدوان، تعالت هتافات تندد بما وصفه المشاركون بـ"حرب الإبادة" في غزة، وتدعو العالم إلى تحمل مسؤوليته الإنسانية والقانونية تجاه المدنيين المحاصرين.

ومن بين الهتافات التي رددها المشاركون "وين النخوة وين الدين.. أهل بغزة بردانين"، و" 7 أكتوبر يا مجيد.. يوم العدالة الوحيد".

تجمع المشاركون في وقفة تضامنية مع غزة مطالبين بوقف العدوان وتحمل العالم لمسؤولياته الإنسانية (الجزيرة)صوت الشارع

كما ردد المشاركون في الوقفة هتافات تطالب العالم بالتحرك الفوري لوقف "حرب الإبادة" في غزة، وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية والطبية، وإطلاق جهود دولية لإعادة إعمار القطاع الذي يواجه واحدة من أقسى الكوارث الإنسانية في تاريخه.

وشارك في الوقفة رجال ونساء وشباب من مختلف المحافظات، في أجواء اتسمت بالحماسة والانضباط، وسط وجود أمني اعتيادي في محيط الفعالية.

وأكد المنظمون للجزيرة نت أن هذه الفعالية تأتي استمرارا للموقف الثابت للشعب الأردني في دعم حقوق الفلسطينيين، وتعبيرا عن رفض السياسات العدوانية التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ورفضا لمحاولات فرض أمر واقع جديد عبر القوة العسكرية والحصار.

إعلان

كما دعا المحتشدون الدول العربية والإسلامية إلى تحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه فلسطين، وعدم ترك الشعب الفلسطيني وحيدا في مواجهة آلة الاحتلال.

السقا (وسط) أكد أن القضية الفلسطينية أصبحت قضية إنسانية عالمية (الجزيرة)شرعية المقاومة

من جانبه، شدد الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، المهندس وائل السقا، على أن القضية الفلسطينية اليوم ليست شأنا فلسطينيا، ولا عربيا فقط، بل قضية إنسانية عالمية، وهو ما عكسته موجات التضامن الشعبي الضخمة التي اجتاحت عواصم العالم منذ بدء معركة طوفان الأقصى .

ورأى السقا في حديثه للجزيرة نت أن غزة "ليست شأنا غير أردني"، بل جزء من معادلة الأمن الوطني الأردني، مشيرا إلى أن الاعتراف المتسارع بالدولة الفلسطينية من دول حول العالم يؤكد عالمية القضية وعدالتها، في وقت تتجه فيه بعض الدول العربية نحو مزيد من خطوات التطبيع مع الاحتلال".

وشدد على أن الاحتلال لا يردعه إلا المقاومة، معتبرا أن الدعم الأميركي المستمر للاحتلال هو ما يغذي العدوان على غزة والضفة وجنوب لبنان، لافتا إلى أن الخطر التوسعي الذي يهدد المنطقة لا يستثني أحدا، وأن تصريحات الاحتلال الأخيرة حول الأردن ودول عربية أخرى "ليست تحليلات بل اعترافات".

كما أكد الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي أن الشعبين الأردني والفلسطيني "شعب واحد"، وأن كل محاولة لفصلهم أو تقييد حق الأردنيين في التعبير عن موقفهم خسرت مسبقا.

الوقفة الشعبية جاءت بدعوة من الملتقى الوطني لدعم المقاومة تحت شعار التضامن مع فلسطين (الجزيرة)تحذيرات سياسية

بدورها، قالت النائب في البرلمان الدكتورة ديمة طهبوب إن الفعاليات المناصرة لغزة وحملات الإغاثة لم تتوقف، حتى بعد إعلان ما يسمى بالهدنة ووقف إطلاق النار، مشيرة في حديثها للجزيرة نت إلى أن "الانتهاكات مستمرة والشهداء في ازدياد، إلى جانب التهديدات المتواصلة للأردن من أركان الكيان الغاصب والانتهاكات المستمرة للوصاية الهاشمية على القدس".

وأضافت طهبوب أن الملتقى الوطني لدعم المقاومة دعا اليوم -بمناسبة اليوم العالمي لمناصرة الشعب الفلسطيني- إلى تنظيم وقفة داعمة لفلسطين، للتأكيد على أن هذا الاحتلال الإسرائيلي يشكل خطرا ليس فقط على فلسطين، بل على كل العرب والمسلمين والمدافعين عن الحق الإنساني.

وفي كلمة له في الوقفة، أكد نائب الأمين العام لحزب "حشد"، خليل السيد، أن الشعب الفلسطيني أثبت بصموده أن ذكرى قرار التقسيم تحوّلت إلى محطة عالمية لتجديد التضامن مع الفلسطينيين وحقوقهم التاريخية، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير.

وأشار إلى أن الاحتلال يشن "أبشع حروب العصر" بدعم أميركي مباشر، بينما يقدم الشعب الفلسطيني ملاحم بطولية في الدفاع عن وطنه، مؤكدا أن المقاومة مشروعة وباقية، وأن محاولات نزع سلاحها أو فرض وصاية أميركية على المنطقة لن تنجح.

مسيرة حاشدة بالعاصمة الأردنية عمان نُصرة للفلسطينيين في قطاع غزة pic.twitter.com/7t0SKJLXeR

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) January 5, 2024

وحذر السيد من التدخلات الخارجية التي تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة، وضرب سيادة الدول العربية، والإطاحة بمنجزاتها الوطنية، في ظل ما يروج له من مشاريع "إسرائيل الكبرى"، واتساع رقعة الانتهاكات في دول عربية كلبنان وسوريا واليمن، إضافة إلى التهديد المعلن حول الأغوار الأردنية.

إعلان

ودعا إلى "مقاومة مجتمعية شاملة" تقوم على إنهاء التطبيع ووقف أي تبادل اقتصادي أو عسكري مع الاحتلال، وإخراج القواعد العسكرية الأجنبية من المنطقة، مؤكدا أن الإعلام الإسرائيلي يشن حربا على الوعي العربي، عبر بث ثقافة الهزيمة، ومحذرا من الأصوات المحلية التي تردد خطاب الاحتلال.

و-وفق مراقبين- فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول واندلاع معركة "طوفان الأقصى"، يواصل الشارع الأردني حراكه الشعبي بلا انقطاع، عبر مسيرات واعتصامات وفعاليات جماهيرية شبه أسبوعية، تؤكد أن التضامن مع فلسطين ليس ظرفيا ولا مرتبطا بموجات الغضب الآنية، بل هو امتداد تاريخي لوعي وطني يرى في الدفاع عن القدس وغزة والضفة دفاعا عن الأردن نفسه وعن هوية الأمة ومستقبلها.

مقالات مشابهة

  • تعرف إلى طائرة إيرباص إيه 320 التي أربكت حركة الطيران في العالم
  • التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة بالبلاد
  • مدرب فلسطين يتحدث عن تأثير غياب وسام أبو علي في كأس العرب
  • سوريا تدعو المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تهدد الأمن الإقليمي
  • دول العالم الثالث التي حظر ترامب استقبال المهاجرين منها:
  • بين حصار لا ينتهي وموت بطيء .. الحقيقة التي يحاول العالم تجاهلها في غزة
  • مركز دراسات: تصاعد الاعتقالات الجماعية في الضفة يؤكد استهتار الكيان الإسرائيلي بالقانون الدولي
  • يوم التضامن العالمي مع فلسطين.. الأردنيون يجددون العهد
  • الكشف عن "دول العالم الثالث" التي حظر ترامب استقبال مهاجريها
  • خطيب المسجد النبوي: اللهم انصر إخواننا في فلسطين على الصهاينة المعتدين