مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بدأت القنوات والوكالات العالمية والنشطاء بتوثيق معاناة أهالي غزة وما يتعرضون له من حرب إبادة ونزوح قسري في ظل القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ 113 يوما.

ولكنْ هناك قصص لا توثقها عدسات المصورين، فيدونها أصحابها عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي، فيكتبون يومياتهم مع حياتهم الجديدة في النزوح، والمعاناة التي يعيشونها في مسكنهم الجديد.

نور عاشور النازحة من شمال قطاع غزة إلى رفح تكتب يومياتها وما يصادفها خلال يومها من قصص النزوح اليومية عبر حسابها على منصت "إكس".

نور هذه المرة كتبت قصة صديقتها شيماء. وبدأت تغريدتها بالقول: "صديقتي شيماء من مخيمات النازحين كتبت"، وسردت نور معاناة صديقتها في رحلة النزوح وما تشعر به في ليالٍ عاصفة ماطرة شديدة البرودة، حتى بزوغ أول شعاع الشمس في مسكنها الجديد "الخيمة" في مكان نزوحها في رفح.

وتصف شيماء ساعاتها الأولى مع دخول الليل وغروب الشمس بالقول: "ساعاتٌ طويلة من الليل نقضيها في مكان مظلم وضيق، أجلس في زاوية الخيمة بعد أن افترشت ما تيسر من الأغطية التي لا تقي بردا، وفي حضني طفلاي الصغيران في محاولة مني تدفئة جسديهما الصغيرين، بعد يوم طويل صعب قضيناه في مخيم النزوح الذي يفتقر لأدنى مقومات الحياة".

إذن شيماء هي أم لطفلين، وكأي أم تحاول أن تهوّن عليهما حياتهما الجديدة التي لم يألفوها من قبل. وتقول شيماء: "طفلاي يختبران صبري بأسئلتهما المتكررة التي لا أملك لها إجابة. أين بيتنا؟ وماذا حل به؟ لم تم استهدافه؟ وهل بقيت ألعابنا؟ متى سنعود ولم نحن هنا؟ أهوِّن على قلوبهم الصغيرة، بل على نفسي بأن القادم أجمل".

صديقتي شيماء من مخيمات النزوح تكتب :

ليالٍ عاصفة ، ماطرة شديدة البرودة بل أشد منها سواداً.
بمجرد غروب الشمس يلوذ الجميع الى مكانه المخصص للمبيت ، حتى بزوغ أول شعاع شمس.
ساعاتٌ طويلة من الليل نقضيها في مكانٍ مظلمٍ وضيق ، أجلس في زاوية الخيمة بعد أن افترشت ما تيسر من الاغطية التي… pic.twitter.com/ku3CIEKC4H

— نور عاشور (@NoorMAshour) January 27, 2024

ومن أبسط حقوق الطفل أن يذهب إلى المدرسة واللعب مع أصدقائه، ولكن هذه الحياة الطبيعية أصبحت من الماضي والذكريات لدى أنس بن شيماء الأكبر. وقول الأم في يومياتها: "يبدأ ابني أنس بسرد ما يجول في ذاكرته من ذكريات عاشها قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. أصدقاؤه، مدرسته، مشاويرنا معا، يسرد ويتبعها بقول (بتتذكري يا ماما؟) أتذكر يا صغيري وكيف لي أن أنسى!. في الوقت الذي يتمنى فيه الأطفال امتلاك لعبة جديدة أو الذهاب إلى مدينة الملاهي، يطلب مني أنس "ماما أمانة بس تخلص الحرب بدي صينية دجاج بالخضار اللي كنتي تعمليلي ياها".

ويستمر الحديث بين الأم وابنها عن الماضي والذكريات والحياة الجميلة التي كانوا يعيشونها في بيتهم في شمال قطاع غزة، ولكن هناك صوت صغير قاطع حديثهما؛ إنه صوت أمير ابنها الأصغر الذي أنهكه البرد، حيث يخبرها بشعوره بالبرد بالقول: "ماما بردان". هنا يعيد أمير أمه لحياة النزوح القاسية، والواقع المرير في خيمة لا تقيهم الشتاء القارص، فتقول شيماء: "هنا أبدأ بفرك قدميه الباردتين حتى يدفأ وينام"، وتقصد أمير. وتكمل: "أعتذر منكم يا صغيري بالنيابة عن كل من خذلنا وتآمر علينا، أعتذر منكم على كل ما عشتموه، أعتذر على كل ذكرى مؤلمة طُبعت في ذاكرتكم، أعتذر لأني وقفتُ عاجزة أمام كل ما يجري، لا ذنب لكم سوى أنكم من بقعة جغرافية لا يراها ولا يسمع صوتها أحد.. وتكمل شيماء قصتها مع ليل النزوح وتقول: "ينام طفلاي الصغيران ولا أستطيع أن أغفو".

وبعد أن ينام الطفلان تجلس شيماء مع نفسها وبيدها هاتفها الذي يعيدها إلى حياتها التي كانت تعيشها مع أسرتها وأصدقائها قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تقلّب بين الصور، وتقول: "أقضي الوقت في تقليب صور الهاتف، أُحدّق في كل صورة، فتنهمر مني الدموع شوقا وحزنا ووجعا، يختلط تفكيري ما بين ماضٍ لم يبق منه شيء وبين مستقبل مجهول لا أعلم خفاياه، بعد أن توقف كل ما كنت أسعى لأجله".

وتكمل شيماء في كتابة ذكرياتها مع النزوح بالقول: "لم تكن خشونة العيش جديدةً علينا، ولكننا الآن نكتشف أبعادا جديدة للبؤس، إننا نفعل الآن ما لم نكن نتصور من قبل أننا سنفعله، إننا ننحدر بسرعة إلى حيثُ لا يبقى غير غريزة البقاء بأي ثمن. أنا وغيري في هذه المدينة المنكوبة لا حيلة لنا وليس بوسعنا شيء، ولكني على يقين بأنه إن تغافل عنا العالم بأسره فإن الله لن يضيعنا ولن ينسانا، وأن فرج الله ونصره قريبان وعوضه كبير كبير".

وتختتم شيماء رسالتها التي نقلتها نور عاشور بالسؤال: لمن يهمه حالنا؟، فتجيب: "نحن لا نزال أحياء، ولكن مات فينا كل شيء! والله عاش من مات ومات من نجا".

هذه قصة كتبتها نازحة من أهالي غزة التي هجرها الاحتلال الإسرائيلي قسرا من منزلها، إلى خيمة تسكنها لا توفر لها ولطفليها أدنى مقومات الحياة الكريمة.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

غولان: كان بالإمكان إعادة محتجزين بغزة أحياء لولا تعنت حكومة نتنياهو

انتقد المعارض الإسرائيلي يائير غولان، حكومة بنيامين نتنياهو ، على خلفية مقطع فيديو يُظهر 6 محتجزين كانوا أحياء قبل مقتلهم خلال الحرب على القطاع، وقال إنه "كان بالإمكان إعادتهم أحياء لولا تفضيل الحكومة النصر المطلق على حساب المحتجزين".

وقال غولان، على منصة "إكس"، إن مشاهدة الشبان الستة "أحياء على الشاشة" تُظهر حجم المأساة التي لحقت بهم وبعائلاتهم.

وقال إنه "كان بالإمكان إعادتهم أحياء لو اختارت الحكومة مسارا مختلفا"، في إشارة إلى إصرار الحكومة على استمرار الحرب على القطاع لمدة عامين.

واتهم غولان، نتنياهو بتفضيل شعار "النصر المطلق" على حساب حياة المحتجزين.

ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية "لا تقتصر على إخفاقات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بل تشمل أيضًا آلية اتخاذ القرار خلال الحرب"، والتي قال إنها أدت إلى مقتل المحتجزين الستة.

المصدر : التلفزيون العربي اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية هآرتس: واشنطن تعمل على بلورة رؤية لـ "غزة موحّدة" تُدار من قبل سكانها الكابينيت يصادق على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية واشنطن تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض والنفايات بقطاع غزة وتحمل التكلفة الأكثر قراءة مسؤول أمريكي يزور الأردن وإسرائيل لبحث تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة السفير البوريني يقدم نسخة من أوراق اعتماده سفيراً لفلسطين لدى البرازيل إسرائيل تريد إخضاع المنطقة - خالد مشعل: نرفض كل أشكال الوصاية على غزة رئيس الوزراء القطري: مفاوضات غزة تمر بمرحلة حرجة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • شيماء فوزي تعلق على انتهاء أزمة معجبة زوجها عمرو سعد
  • مستوطنون بنظمون مسيرة استفزازية بالخليل ويغلقون أحياء أمام المواطنين
  • العنف.. "الساكن فينا"
  • جامعة قنا تناقش رسالة دكتوراه للباحثة «شيماء مسلم» حول جراحة منظار الصدر بمستشفى قنا الجامعي
  • شاهد: انتقادات تلاحق نتنياهو بعد فيديو يظهر أسرى أحياء قبل مقتلهم في غزة
  • د. هبة عيد تكتب: نعيب زماننا والعيب فينا
  • غولان: كان بالإمكان إعادة محتجزين بغزة أحياء لولا تعنت حكومة نتنياهو
  • جورج عيد يفوز بلقب النزال الرئيسي في ” الطريق إلى أبوظبي” ضمن “محاربي الإمارات”
  • بولبينة:”علينا تصحيح الأخطاء و أعتذر لجمهورنا”
  • حسام موافي يكشف مفاجأة: كل واحد فينا ليه عُمرين