حماد صبح: الساحة الفلسطينية تتفجر غضباً وخلافات.. ما المخرج؟!
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
حماد صبح تتفجر الساحة الفلسطينية غضبا وخلافات منذ انتهاء معركة جنين . المقاومة غاضبة من خذلان السلطة لها الذي بدأ بانسحاب عناصرها من المنطقة قبل تقدم القوات الإسرائيلية بقليل، وبدلا من أن تفعل السلطة ما يطفىء غضب المقاومة أو يخففه ؛ اندفعت في اعتقال بعض عناصرها في جبع بتهمة حرق مقرات أجهزتها الأمنية فيها .
وزار الرئيس عباس المنطقة في حراسة مكثفة مشددة، وهدد بقطع يد من يمس الوحدة الوطنية من جذورها . وكل ما قاله كان بعيدا عن بطولة المقاومة ودماء شهدائها، وعن الواقع الذي قاد إلى المعركة، واقع الاحتلال الاستيطاني الذي يتسارع في التهام الأرض وقتل الفلسطينيين وهدم بيوتهم وتخريب مزارعهم، وقطع طرقهم، وتأخير تنقلاتهم، وترويعهم ليل نهار، والجدية العنيفة المتحدية في إقصائهم من وطنهم في ظاهرة لا وجود لها في العالم اليوم . وتسترا على موقف السلطة الخاذل للمقاومة ؛ دعا عباس إلى اجتماع الأمناء العامين للفصائل في القاهرة آخر الشهر، وما من فصيل سوى فتح مقتنع بهذه الدعوة ولو تظاهرا، وبدأت تحيط بها موجبات إلغائها، ومن بينها موجب إجرائي، وهو أن عباس لم يوجهها حتى الآن إلى حماس والجهاد، وأخطر هذه الموجبات أن الفصائل تشترط وقف إجراءات السلطة ضد المقاومة، وإطلاق سراح من اعتقلتهم من عناصرها . وتدخلت فتح في الخلاف بين السلطة والفصائل الأخرى، والسلطة في حقيقتها فتحاوية، فأصدرت بيانا زعمت فيه أن اعتقالات جبع جنائية الخلفية لا سياسيتها مستشهدة باعتقال عناصر من فتح نفسها، ولكن يظل بيانها تصالحيا، ونأخذ عليه الإشارة إلى من يعملون بأجندات “فارسية”، ومعروف المقصود بها، ونذكر بما لا ينساه أو ينكره منصف أن إيران طردت أعضاء السفارة الإسرائيلية بعد ثورتها الإسلامية في 1979، وحولتها سفارة فلسطينية، واستقبلت عرفات استقبال بطل وطني وإسلامي . الانفعال لا يجب أن يحجب الأفضال . وفي اتجاه معاكس صريح ؛ أصدرت كتائب شهداء الأقصى، مجموعة الرد السريع أو كتيبة طولكرم بيانا أعلنت فيه ” براءتها من الاعتقالات والملاحقات التي تنفذها السلطة الفلسطينية بحق المقاومين . “،وتابعت في نبرة حكمة : “إن إعانة الظالم على ظلمه أشد مرارة على قلوبنا من الظالم نفسه” . والغضب يوالي تفجره، والخلافات تتدافع تدفقا بما هو أبعد وأعمق مما حدث ويحدث في جنين بحيث يبدو ما حدث على خطورته عرضا من أعراض حقيقة مؤلمة كبرى، هي أن الحال الفلسطينية في كل أبعادها وظواهرها في مفترق سبل حاسم لم تعد تنفع في التعامل معه تهدئة هنا، وملاينة هنا، ومراوغة هنا، ومخادعة هنا. المفترق الحاسم يوجب التصرف فلسطينيا وبصورة وطنية جماعية انطلاقا من واقع أننا تحت احتلال استيطاني إحلالي لا يريد أن يرانا في وطننا لاقتناعه بأننا النقيض المهلك لوجوده، وأن استمرار وجودنا في هذا الوطن لا يعني سوى شيء واحد، هو استمرار مضيه المحتوم صوب زواله بحكم حراك الواقع نفسه، ومن ثم هو يفعل كل ما يفعله من فظائع الإبادة لوجودنا أملا في النجاة من ذلك الزوال . 30 عاما انصرمت على اتفاق أوسلو أو وهمه فلسطينيا، ثلث قرن تقريبا، تغير فيه الكثير من واقع العالم سياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا وإعلاميا ومعرفيا وأخلاقيا وتقاربا أو تباعدا بين مكوناته البشرية المختلفة، والخطير الذي جرى في فلسطين أن الاستيطان توسع وترسخ في الضفة والقدس مستوطنين وعمرانا، ولولا منجز تحرير غزة منه لكان الشعب الفلسطيني فارغ اليدين في مدى السنين الثلاثين . وفي وجه الجانب المأساوي من هذه الحقيقة ؛ ما فتئت السلطة تعدو وراء سراب الحل السلمي الآبق المتنائي، وتبتهج وتصيح طربا كلما صدرت عبارة من جهة دولية تتحدث عنه مجسدا في دولة فلسطينية، وتسرف في ابتهاجها وصياحها إذا كان مصدر العبارة أميركا، وتتجاهل كليا رفض إسرائيل سياسيا وقانونيا وعمليا لهذا الحل، وهذا من مفجرات غضب الشعب الفلسطيني، وشعوره المستنكر أن السلطة في واد وواقع حياته في واد مختلف بعيد . وكلما حدث ما يؤكد هذا التباعد، وما أكثر ما يحدث من طرف إسرائيل، اشتد الغضب تفجرا، واحتد الشعور استنكارا مثلما حدث في معركة جنين . أعمار الشبان المجاهدين تشهد أنهم ولدوا في خراب أوسلو وخيبته فلسطينيا، وتمردهم على هذا الخراب وهذه الخيبة شهادة شعبية على رفضه والقنوط من مآله، وحين لا تسير السلطة في مسار هذا التمرد، بل تحاربه، يتجه الغضب إليها، وإسرائيل هائلة السخاء في إيقاده بحديثها عن أهمية السلطة للأمن الإسرائيلي، وأي شعب يرضى عن سلطة منه مهمة لأمن عدوه ؟! المخرج من هذه الدوامة الفلسطينية المهلكة لنا جميعا أن نصدق مع الله _ جل قدره _ ومع أنفسنا، ونتجه على قلب رجل واحد إلى وحدة وطنية تجمع قوانا وطنا وشتاتا بقيادة مختارة جماعيا تنطلق في كل مخططاتها وخطاها من حقيقة أننا شعب ضحية احتلال استيطاني إحلالي همجي متخلف إنسانيا وأخلاقيا وزمنيا، ولا حق قانونيا له في وطننا، وأننا _ بحمد الله وعدله _ أكثرية في هذا الوطن، وأننا باقون مستقبلا فيه جيلا خلف جيل ما بقيت السموات والأرض مثلما كنا ماضيا، وأن من جاءه معتديا مستوطنا أولى بالانقلاع منه، والعودة إلى البلاد التي قدم منها مثقلا بأكاذيبه وأوهامه وإجرامه، وكلها ترحب به بما فيها بلاد عربية، والمغرب مثل على هذا الترحيب الحار الودود . كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: "مطلوب" مراكز للتميز !!
أصبح لدينا حاجة ملحة جدا – لتصور جديد – نحو مستقبل أبناء هذا الوطن !! أعتقد أننا يجب أن نفكر – كقيادة سياسية في توجية الحكومة والمجتمع المدني – بمؤسساتة أن نهتم ونتابع بإلحاح– تلك الفكرة – إن كانت لها وجاهتها – بأن ننشئ فورًا في مصر – مراكز للتميز، وهذه المراكز تعتني بالنابغين والنابهين من أبناء وبنات هذا الوطن،في العلوم والفنون والأداب والتكنولوجيا وحتي في إعداد ربات بيوت صالحات نافعات وليس بالمعنى الديني – وإخنزال ذلك بالحجاب أو الفروض الدينية سوء كانت إسلامية أو مسيحية – فهذه مسئولية البيت والمسجد والكنيسة.
ولكن ما أعنيه، هو مراكز للتميز – لخلق جيل منتمي لوطنه وعالم بأدوات تخصصه- ومتاح له في المراكز المتخصصة كل ما يلزمه من أدوات التعليم والبحث والتربية العلمية علي أصول مهنية محددة، فليس بالتعليم الذي تعيش فيه الأمه – يمكننا أن نطمأن علي مستقبل هذا الوطن، وليس بإصلاح التعليم
أو بوضع خطط خمسية. ومئوية للنهوض بالبحث العلمي، يمكننا تحقيق الهدف ولكن بالتوازي مع تلك الخطط (السلحفية )- يجب أن نبدأ فورًا ودون إنتظار تكثيف الجهود – للبدئ في إنشاء عشرة مراكز للتميز – نستطيع أن نجلب إليهم عشرة الآف شاب وشابة – يتولاهما جهاز تابع لرئاسة الجمهورية لكي تكون نواة – لقادة مستقبل هذا البلد – ولا يمكن في ظل تلك الفكرة أن يكون هناك تصور لإستثناء أو مجاملة أو مراعاة لشعور مسئول أو إبن أحد الكبار في البلد بأن يحتل مكان في تلك المراكز فيجب أن ينتقي لإدارة هذه المراكز – أعلى الخبرات المهنية المصرية والحاصلة علي درجاتها العلمية – دون أي شك في أصلها أو فصلها ولعل الفكرة بتبعية هذه المراكز لإدارة ديوان الرئاسة حيث أنني أمتلك كثير من الثقة فى النظام المؤسسى لتلك الإدارة – لقربها من صانع قرار مستقبل هذا الوطن ! أري بأن إنشاء مراكز للتميز لا يتعارض علي الإطلاق مع ما ننادي به – ونطمح إليه نحو سياسات أكثر (جرئة) وأكثر شفافية، في تطوير ألة التعليم الجامعي وما قبله والتعليم الفني والمهاري في مصر حيث أننا لو فكرنا قليلًا – سنجد أنفسنا مقبلين علي (مصيبة كبري ) في مستقبل هذا الوطن – في أبنائه -في أجيالة القادمة،،،،،
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد